هل يجوز الترحم على الشيعي ، من الأسئلة التي يبحث عنها الكثير من الناس؛ لأنّ طبيعة المؤمن يحزن على موت أحبّته، ويشتاق لمن فقدهم، وأفضل ما يُقدّمه المؤمن للميت أن يترحم عليه ويدعو له كما أوصانا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما يمكن أن يتصدّق عليه، ومن أفضل الأدعية التي يمكن أن يقدمها للميت: اللهمّ أبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النّار، اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسُن أولئك رفيقًا، هذه الأدعية يقدمها المسلم لأخيه المسلم عند موته؛ لينال رحمة الله تعالى، وفي هذا المقال سيتم بيان حكم الدعاء والترحم على غير المسلم.
هل يجوز الترحم على الشيعي
إذا كان الشيعي بدعته مكفرة فلا يجوز الترحم عليه والعكس صحيح، فإذا كان مسلمًا مؤكد أنه كان موحدًا لله ومسلمًا يؤمن بأركان الإيمان؛ كالإيمان بالله واليوم الآخر، ولكن خاض العديد من المعاصي كونه شيعي فلا مانع من الدعاء له لأنّ ذلك أحوج إليه، والله هو الغفور حيث يغفر لجميع المسلمين، مما يعني جواز الدعاء له بالمغفرة والرحمة؛ لأن المعاصي لا تخرجه من الإسلام، فالخمر والزنا وأشباه ذلك لا يخرجه عند أهل السنة والجماعة لكن يكون ضعيف الإيمان، أما إن كان مشهورًا بشيء آخر يدل على كفره مثل سب الدين، أو إنكار فرائض الله وأحكامه، كإنكار وجوب الزكاة، والاستهزاء بالدين، هذا كافر لا يجوز الدعاء له أو الترحم عليه، أما إذا كان موحدًا ويحب الإسلام، وأنه مسلم يصلي وموحد لا ينكر بالله شيئًا، ولكن بُلي بهذه المعاصي فهذا يدعى له وأمر رحمته والمغفرة له إلى الله.
هل الشيعي مسلم
هل يجوز الترحم على المنتحر
أنَّ المنتحرُ ليس بكافر، فقد أباح الشرع تغسيل المنتحر وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ومن باب أولى أنَّه يجوز الترحم على المنتحر، لأنَّه يعامل مثل معاملة سائر أموات المسلمين، فالصلاة في النهاية ما هي إلا الدعاء للميت وطلب المغفرة والرحمة له من الله تعالى، وأمَّا من قال من الفقهاء بعدم الصلاة على المسلم المنتحر وعدم الترحم عليه إنَّما قال ذلك زجرًا وتغليظًا وليس بسبب كفره ولا بسبب خروجه عن الدين.
وكما وردَ عن ابن البطال في شرح صحيح البخاري أنَّ الفقهاء من أهل السنة قد أجمعوا على أنَّ من قتل نفسه لا يخرج عن الإسلام بذلك، ويجوز أن يُصلَّى عليه مثل سائر المسلمين، وكما قال مالك إثمه على نفسه، ولم يكره أحد الصلاة عليه سوى عمر بن عبد العزيز والأوزاعي في خاصة أنفسهما فقط، والصواب هو قول الجماعة من أهل العلم والفقه، ولأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنَّ الصلاة على المسلمين ولم يستثن منهم أحدًا أبدًا، فجب أن يصلى على جميعهم الأخيار منهم والأشرار، وإلى مثل ذلك ذهب الحنابلة، لذلك فإنَّه يجوز الترحم على المنتحر وهذا هو جواب السؤال السابق: هل يجوز الترحم على المنتحر بالتفصيل.
هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين
إنّ الترحم على أموات غير المسلمين لا يجوز، سواء كانوا من اليهود والنصارى، أو كانوا من غيرهم، لقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، ولقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “والذي نفسي بيده؛ لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، ولا يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار”، ومن الجدير بالذّكر أنّ خلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعاملته الطيبة وأسلوبه الحسن لأهل الكتاب، وعطفه للخلق وغيرها من الأوصاف الطيبة التي كان عليها محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يعدّ سببًا للقول بجواز الترحم على أموات غير المسلمين، لأن الله تعالى وهو القادر على كل شيء وهو أرحم الراحمين قد نهى رسوله وأمّته من بعده أن يدعوا للمشركين ولو كانوا من ذويهم وأقاربهم، وهذا مغاير للدعاء للكافرين بالهداية حال حياتهم للدخول إلى الدين الإسلامي، فإن ذلك جائز.
إلى هنا نكون قد أجبنا على سؤال: هل يجوز الترحم على الشيعي ؟ كما بينا إذا كان الشيعي مسلم أم كافر، وتبين أنّ الحكم عليه عائد على أفعاله، بالإضافة إلى الإجابة على الأسئلة المتعلقة بذلك، كجواز الترحم علي غير المسلمين من عدمه، وجواز الترحم على المنتحر من عدمه.