القرآن الكريم

تفسير اية فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد

سورة ق

سورة ق إحدى سور القران الكريم المكيّة التي نزلت على رسول الله قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، ما عدا الآية الثامنة والثّلاثين منها فهي مدنيّة نزلت على رسول الله بعد هجرته إلى المدينة المنوّرة، وقد نزلت هذه السّورة الكريمة بعد سورة المرسلات، وتحتل الترتيب الخمسين بين سور القرآن الكريم البالغ عددها أربع عشرة سورة بعد المئة، وهي من السّور التي بدأت بحرف مقطّع يتبعه صيغة قسم بالقرآن المجيد، ويبلغ عدد آياتها خمس وأربعين آية، وتقع في الجزء السادس والعشرين من مجمل أجزاء القرآن الكريم البالغ عددها ثلاثين جزءًا.

أمّا من فضائل سورة ق، أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأها في صلاة الفجر وكان يخفّف في الرّكعة التالية، فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: “إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِـ ” ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ” وَكَانَ صَلَاتُهُ بَعْدُ تَخْفِيفًا”، وكذلك كان صلّى الله عليه وسلّم قد قرأ بها في العيدين: الأضحى والفطر، فعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: “أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ: مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)، وَ(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)”، وأيضًا كان النبي صلى الله عليه وسلم يردّدها كثيرًا على المنبر يوم الجمعة، حتى أنّ الصحابة رضوان الله عليهم حفظوها من كثرة ترديده لها، فعَنْ أم هشام بِنْتٍ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ: “(مَا حَفِظْتُ ق، إِلَّا مِنْ فِيّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ)، قَالَتْ: وَكَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا”.

تفسير آية فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد

الآية رقم 22 من سورة ق قال الله سبحانه وتعالى فيها: “لقد كنت في غفلةٍ من هذا”، وقد اختلف المفسّرون بالمقصود بالخطاب في هذه الآية، فقال بعضهم إنّ الخطاب موجّه للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، أي أنّه قبل أن يُبعث كان في غفلة من هذا الدّين، وعندما أُنزلت عليه رسالة الإسلام نفذ بصره بالإيمان، وبعضهم قال إن المقصود بالخطاب هو الكافر الذي كان في حياته الدّنيا يُنكر البعث، ولا يؤمن بأهوال يوم القيامة، والبعض الآخر رجّح أن المقصود هم جميع الخلق من الجنّ والإنس.

أمّا قوله عزّ وجل: “… فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ”، فقد ذهب المفسّرون الذين رجّحوا كون المخاطب هو رسول الله، أنّ الله قد أذهب الغفلة والغشاء عن رسول الله ونوّر بصيرته بالرّسالة الإسلاميّة والمعجزات التي أجراها الله سبحانه وتعالى للرّسول، أمّا المفسّرون الذين ذهبوا إلى أنّ المخاطب خلق الله جميعهم من الإنس والجن فقالوا في تفسيرها إنّ الله يوم القيامة يكشف الغطاء عن المؤمن والفاجر فيرى كل منهما مآل أمره وكلّ ما يصير إليه، أمّا المخاطب الكافر الغافل فيقف بين يديّ الديّان ويرى كلّ ما أنكره من الدّين الإسلامي واقعًا ملموسًا، وكذلك يرى جميع أعماله أمام عينيه، ويعاين الحقائق التي لم يصدّق بها في الدّنيا، فقد ورد في التفسير الكبير للرازي:”……والخطاب عام أما الكافر فمعلوم الدخول في هذا الحكم وأما المؤمن فإنه يزداد علما ويظهر له ما كان مخفيًا عنه ويرى علمه يقينًا… فيكون بالنسبة إلى تلك الأحوال وشدة الأهوال كالغافل”.

سبب تسمية سورة ق

من الطّرق المعتمدة في تسمية سور القرآن الكريم، تسميتها إثر قصّة ذُكرت فيها مثل سورة البقرة وسورة الفيل وغيرها، أو لصفة وردت في السّورة، مثل الفاتحة التي افتتح بها الله جلّ وعلا كتابه، أو قصّة قوم أو نبي مثل سورة يوسف أو سورة يونس وغيرها، أو لورود اللّفظ فيها مثل سورة ق، إذ بدأت السّورة الكريمة بحرف “القاف”، وهو حرف أصيل في اللّغة العربيّة، ويعدّ حرفًا قويًا من أحرف الاستعلاء، ثمّ أتبع الله تبارك وتعالى حرف “القاف” القوي بالقسم بالقرآن الكريم، تعظيمًا لشأنه، وقوّة الدّلائل والمعجزات التي جاءت فيه، التي لا يستطيع كل ذي عقل أن ينكرها.

مواضيع سورة ق

سورة ق سورة مكيّة، نزلت في فترة الدّعوة إلى الإسلام، فمن البديهي أن تتناول الأمور التي تدلّل على صحّة هذا الدّين، وإبراز معجزات الله تبارك وتعالى واستحقاقه للعبوديّة، وعليه تناولت سورة ق الموضوعات الآتية:

  • الإشارة إلى وحدانيّة الله تبارك وتعالى، وتفرّده بالألوهيّة.
  • ذكر أهوال يوم القيامة، والجنّة والنّار، والثّواب والعقاب.
  • إعجاز المولى جلّ وعلا في خلق السموات والأرض وما بينهنّ.
  • إعجازه تبارك وتعالى في إعادة بعث جميع الخلائق بعد أن أصبحوا ترابًا، وإحيائهم بعد موتهم، وكيفيّة مناداة ملك الموت لجميع من في القبور.
  • الموازنة بين أسلوبي الترهيب والترغيب، فذكر النّعيم الذي ينتظر المؤمين، والعذاب الذي ينتظر الكفّار، وكيف أنّهم سيندمون يوم القيامة عندما يرون ما كفروا به وجحدوه حقيقةً أمام أعينهم.
  • التأكيد على أنّ النّبي صلى الله عليه وسلّم بُعث هاديًا للخلق عامّة، ولم يكن جبّارًا.

أهم ما يميز السور المكية

من خلال الاطلاع على النقاط الآتية، بالإمكان التعرف على أبرز الخصائص التي تميز السور المكية في القرآن الكريم، وهي:

  • جميع السور التي يكون بها سجدة هي سورة مكية.
  • لم ترد كلمة “كلا” إلا في السور المكية، ولم ترد كذلك في النصف الأخير من القرآن الكريم.
  • عبارة “يا أيُّها الناس” ذُكرت فقط في السور المكيَّة، ولم ترد عبارة “يا أيُّها الذين آمنوا” إلا في السور المدنيَّة، باستثناء سورة الحج المكيَّة، فقد ذُكِرَ في أواخرها “يا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا”.
  • ذُكِرت قصص النبي آدم وإبليس في السور المكية، باستثناء سورة البقرة.
  • ذُكرت قصص الرسل والأنبياء والأمم السابقة في السور المكيَّة، باستثناء سورة البقرة.
  • بيّن الله تبارك وتعالى أعمال المشركين من سفك الدماء، ووأد البنات وأكل أموال اليتامى في السور المكية.
  • تبدأ أغلبها بحروف مثل الر أو الم أو حم، باستثناء سورة البقرة وسورة آل عمران.
السابق
طريقة اخراج الغازات من البطن
التالي
نكت رمضان 2021 مضحكة وأجمل نكت عن الصيام

اترك تعليقاً