ادبيات

خصائص المدرسة الكلاسيكية في الأدب العربي

خصائص المدرسة الكلاسيكية في الأدب العربي

تقليد القدماء

لقد كان الأدباء القدماء ينظرون إلى القدماء نظرة احترام وتبجيل، ويعتبرونهم بمثابة الأساتذة الشرعيين، ولذلك عمدت المدرسة الكلاسيكيّة إلى محاكاة القدماء وتقليدهم، وهذا ما أكده (ماليرب) و(بلزاك) وكُتّابُ المأساة الكبار، إذ بلغ احترام القدماء والتعويل عليهم أقصى درجاته عند (راسين) و(لافونتين) و(بوالو)، أما (موليير) فقد كان أكثر استقلالاً، ويرى (بوالو) أن تقليد ودراسة القدماء هي الأفضل؛ وذلك بسبب اقترابهم من الطبيعة، وتحليلهم للطبيعة بطريقة بسيطة وواقعيّة، كما استطاعت مؤلفاتهم القديمة الصمود أمام التغيرات السياسيّة والأخلاقيّة والفنيّة، ويتحدد سبب صمودها بإحتوائها على الكونيّ والأساسيّ، ويقول (لافونتين): (إنك إذا اخترت طريقاً آخر غير طريق القدماء فسوف تضلّ)، وبالتالي فإنَّ الاستمراريّة تتطلب تقليد القدماء.

العقلانية

يُعتبر العقل هو الأساس الذي يوجه العقل للتمييز بين الحقيقيّ والمزيف، والنسبيّ والمطلق، والخاص والعام، وهو الذي يمنع من الانسياق إلى نزوات الخيال، والأمور الخياليّة، والتعابير المبالغ فيها، كما ويُرادف العقل الحس السليم، ويعتمد على ما هو شامل وبسيط في الطبيعة الإنسانيّة، ومن هذا المنطلق فقد غاب خيال والأحلام والعواطف القويّة عن الأدب الكلاسيكي.

الإتقان الفني

تلتزم الكلاسيكيّة القواعد ولا تخرج عنها، وبالتالي فإنَّ الكاتب يُتقن فنه وصولاً إلى درجة الكمال، ولكنّه يُحافظ على البساطة، ولا يتكلف، ولا يتصنّع في فنّه، وخير مثال على هذا هو فن التراجيديا الكلاسيكيّة، التي تقيّد إبداعها بنظرية الأجناس، والوحدات الثلاث، وبالتالي فإنَّ الجمال الفني ينبع من العمل الجاد والمخلص الذي لا يتجاوز القواعد الصحيحة والمعمول بها.

التعويل على الحقيقة

تختص الكلاسيكيّة بالجنوح إلى الحقيقة أو ما يشببها، ويعني هذا الاهتمام بالواقع، والابتعاد عن الخيال، والوهم، فالحقيقيّ هو الشيء الطبيعيّ والجميل، والأدب الكلاسيكيّ هو أدب سيكولوجيّ يهتم بداخل الإنسان، وتتجلّى غايته في البحث عن الملامح المشتركة التي يشترك فيها البشر في عصورهم المختلفة.

القيم الأخلاقية

تقوم المدرسة الكلاسيكيّة على صياغة مثال جماليّ وأخلاقيّ موحدين، حيث ينطلقان من وحدة الذوق الشعريّ والنثريّ، ولذلك لا بد من اجتماع الإنسانيّ والأخلاقيّ في النص الأدبيّ الكلاسيكيّ، والفصاحة هي هبة من الله، ويجب استخدامها في الحث على فعل الخيرات، ولذلك عالج الكُتَّابُ الكلاسيكيون في أدبهم الأحوال الإنسانية المختلفة، مثل: الحُبّ والبغض والهوى والغيرة والعقل والواجب والعاطفة والرياء، وبالتالي فإن الاتجاه العام للكلاسيكية يهدف إلى صياغة مثال جمالي وأخلاقي على حد السواء.

التعبير باللغة المحلية

ابتعد الكلاسيكيون الأوائل عن الكتابة باللغة اللاتينيّة، واستخدموا اللغة المحليّة في كتاباتهم، وأغنوا هذه اللغة بالمفردات بطرق متعددة، وهذا ما ساعد اللغة على أنْ تُصبح غنيّة، ومُعبرّة عن مختلف المقاصد، ولكنَّ هذه اللغة المحليّة تختلف من كاتب إلى آخر، باختلاف الشخصيّة اللغويّة، ومن ناحية الأسلوب فقد تخلّصت الكلاسيكيّة من النحو اللاتيني، وأصبح أكثر وضوحاً وبساطة، ولم يصل إلى مستوى العاميّة.

الأدب غير الشخصي

يبتعد الأديب الكلاسيكيّ عن آرائه ومشاعره المباشرة، ويتبع المنهج التعليميّ أو الدراميّ، فالذات تبدو كأنها غائبة في هذا الأدب، ويعتمد التعبير على خارج الذات، أو على اتحاد الذات بالموضوع، وهنا شخصيات المسرحية هي التي تتكلم وتعبر عن مقاصد الأديب بطريقة غير مباشرة، ومع ذلك فإنَّ الذات لا تغيب تماماً، وتظهر من خلال الأشخاص.

الأدب الإنساني

يُعد الأدب الإنسانيّ أحد خصائص المدرسة الكلاسيكيّة، حيث يرجع الأدب الكلاسيكيّ في نشأته إلى الإنسان، حيث يقول بيير جانيه: (إن أَدبنا الكلاسيكيّ أدب إنسانيّ مطلقاً، نشأ من الإنساني وتوجّه لتلبية حاجات الإنسان)، ويُشار إلى أنَّ الأدباء على اختلاف أنواعهم الأدبية ينطلقون من النفس الإنسانية، ويتجهون إليها أيضاً.

المذهب الكلاسيكي

يُعرف المذهب الكلاسيكيّ على أنَّه مذهب أدبيّ، ويُطلق عليه مسميات متعددة، ومنها: المذهب الإتباعيّ، أو المذهب المدرسيّ، وهو الأدب الذي يُبلوّر المثل الإنسانيّة المتمثلة بالحق والجمال والخير، وهذا على اعتبار أنَّ هذه المثل لا تتغير بتغير الزمان، والمكان، والطبقة الاجتماعيّة، وله خصائص أخرى مميزة، ومنها:

  • العناية بالأسلوب.
  • الحرص على فصاحة اللغة، وأناقة العبارة.
  • مخاطبة الجمهور المثقف.
  • التعبير عن العواطف الإنسانيّة العامة.
  • توظيف الأدب لخدمة الأغراض التعليميّة، واحترام التقاليد الاجتماعيّة.
السابق
خصائص الشعر في العصر الأموي
التالي
مظاهر التجديد في الشعر العربي الحديث

اترك تعليقاً