القرآن الكريم

فوائد سورة الرحمن على ماء

سورةُ الرحمن

سورةُ الرّحمن هي سورةٌ مكية،عدد آياتها 78 آيةً، وعدد كلماتها 352 كلمةً، ويبلغُ عدد حروفها 1585 حرفًا، يقع ترتيبها بين سور القرآن الكريم الخامسة والخمسين، في الجزء السابع والعشرين، والحزب الرابع والخمسين، جاء نزولها على الرّسول صلى الله عليه وسلم بعد نزول سورة الرّعد مباشرةً، وقد اتخذت اسمها من أوّل آياتها التي ذكرت اسم الجلالة (الرحمن)، إذ تميزت هذه السورة عن بقية سور القرآن الكريم بذكر اسم من أسماء الله في بدايتها وهو الرحمن الذي يعدّ اسمًا من أسماء الله الحسنى وصفة من صفات الله عز وجل، وهي صفة لا يتصف بها أهل قريش، فقلوبهم قاسية.

وتتسم سورة الرحمن بأنها ذاتَ نسقٍ خاصٍّ؛ فهي إعلام عن آلاء الله الباهرة في جميل صنعه، وفيض نعمائه، وإبداع خلقه، وفي تدبيره للوجود وما فيه، وتمتازُ سورة الرحمن بقصر آياتها وتناغم نهاياتها، وقد عالجت القضايا المتعلقة بأصول العقيدة، وأظهرت نعم الله -عز وجل- على الإنسان وأكدت عليها، وذلك عن طريق تكرار آية {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان}.

فوائد قراءة سورة الرحمن على الماء

في القرآن هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين بصورة عامة، قال عز وجل: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ }.هو شفاء لأمراض القلوب والأبدان، وقد قال الشوكاني رحمه الله: “اختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين: الأول أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله سبحانه، والقول الثاني: أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى والتعوذ ونحو ذلك ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين”.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “تأثير قراءة القرآن في المرضى أمرٌ لا ينكر، قال عز وجل: { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا }، ويشمل الشفاء هنا أمراض القلوب وأمراض الأبدان”، وقد جاءت الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثبات فضائل زائدة لبعض سور القرآن الكريم، وتأثيرها في حدوث الشفاء من الأمراض، مثل سورة الفاتحة التي تعدّ أعظم سور القرآن الكريم، وسورة الإخلاص التي تعادل ثلث القرآن الكريم، وسورة الفلق وسورة الناس.

ولا يوجد حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على أن لسورة الرحمن فضلًا ليس لغيرها في علاج الأمراض، وما ينتشر في هذا السياق في بعض المواقع أقرب إلى البدعة والكذب، وذلك لأن مثل هذا التحديد الدقيق كتحديد سورة محددة، وقراءتها لعدد محدد من المرات، ولفترة محددة، ولأمراض معينة لا يمكن علمه إلا من جهة الوحي؛ لذلك فإن تخصيص آيات معينة لعلاج بعض الأمراض بلا دليل شرعي لا يجوز، فإن في القرآن كله شفاءً، وهو خير للمؤمنين.

ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم لم ينزل ليكون دواءً لأمراض الناس البدنية فقط، بل نزل لأمر عظيم وخطب جليل، ليكون نذيرًا للعالمين وهاديًا لهم إلى صراط الله المستقيم، وحاكمًا بينهم في الأمور التي يختلفون فيها، وينفع الله تعالى به عباده المؤمنين من أسقامهم البدنية والروحية.

لا يوجد حديث صحيح ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لسورة الرحمن فضلًا خاصًا في الشفاء، خاصة إذا انضاف إلى الاستشفاء بها بعض الشروط والتقييدات كادعاء أن سماعها بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد له تأثير أكبر في العلاج،حيث أن الالتزام بذلك والدوام عليه أمرٌغير مشروع، ويدخل صاحبه في البدعة؛ حيث أن في القرآن كله شفاء ورحمة للمؤمنين، وهذا الشفاء عام يضم الأمراض الحسية والمعنوية، وقد ورد أحاديث ضعيفة في فضل سورة الرحمن، منها ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن علي – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [لكل شيء عروس، وعروس القرآن الرحمن]..

العلاج بالماء المقروء بالقرآن

يُعدّ العلاجُ بالماء المقروء عليه آيات قرآنية واحدًا من العلاجات المكمّلة، ويجري ذلك من خلال ملء كوب من الماء، ويستعيذُ القارئ بالله من الشّيطان الرّجيم ويسمّي الله، ثم يبدأ بقراءة الآيات القرانية باتّجاه كوب الماء، أو قراءة رقية شرعية، أو آيات الشّفاء، أو مجموعة من الأدعية المأثورة، بصوت واضح ومرتفع نوعًا ما، من ثمّ يشرب الشّخص الماء أو يمسح به الوجه، أو يمسح به مكان الألم ليشفى بإذن الله من المرض والعين والحسد أو السّحر بإذن الله تعالى، ويُفضّل أن يكون الماء المستخدم من ماء زمزم، فهو ماء مبارك.

القضايا التي عالجتها السورة

تعدّدت الموضوعات التي ناقشتها سورة الرّحمن، وهي كالآتي:

  • ورد عن البقاعي أن مقصود سورة الرحمن بالتحديد إثبات الاتصاف بعموم الرحمة؛ وذلك ترغيبًا في نعمه عز وجل بمزيد امتنانه، وترهيبًا من انتقامه، بقطع إحسانه.
  • قال الزمخشري في “الكشاف”: “أراد الله أن يقدم في عدد آلائه أول شيء ما هو أسبق قدمًا من ضروب آلائه، وأصناف نعمائه، وهي نعمة الدين، فقدم من نعمة الدين ما هو أعلى مراتبها، وأقصى مراقبها، وهو إنعامه بالقرآن، وتنزيله، وتعليمه، وأخَّر ذكر خلق الإنسان عن ذكره، ثم أتبعه إياه، ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان”.
  • التنويه بأن الله عز وجل هو من علّم الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن، وذلك ردًا على ادعاءات المشركين الذين يقولون: (إنما يعلمه بشر) وردًا على ادعآتهم أن القرآن أساطير الأولين، أو أنه سحر، أو كلام كاهن، أو شعر.
  • التذكير بالأمور الدالة على قدرة الله تعالى فيما أتقن صنعه، بما في ذلك نعمه على الناس كافة، وخلق الجن وإثبات جزائهم.
  • الإشارة إلى العدل، والأمر بإرجاع الحقوق إلى أصحابها، وحاجة الناس إلى رحمة الله فيما خلق لهم، ومن أهم تلك النعم؛ نعمة العلم، ونعمة البيان، وما أعد من الجزاء للكافرين، ومن الثواب للمتقين.
  • بين عز وجل حال المؤمنين، فذكر أنهم نوعان؛ أحدهما أرفع درجة من الآخر؛ فأولهما: له جنتان في الدرجات العليا من الجنة، وثانيهما: له جنتان أدنى من السابقتين، ووصف هذه الجنان وصفاً دقيقًا، إذ بيّن ما فيهن من جلائل النعم التي يتنعم بها الصنفين. بينت السورة أن كل من على الأرض فانٍ، وأنه عز وجل وحده الباقي الدائم ذا الجلال والإكرام.
  • بينت السورة أنه تعالى سيقصد مجازاة خلقه يوم القيامة، وليس له شاغل يشغله عن ذلك، وهناك ينادي المنادي: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض) هربًا من الحساب والعقاب (فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان)ولا سلطان لهم، فالمُلك والحكم يوم القيامة لله الواحد القهار.
  • ناقشت مسائل أصول العقيدة والإيمان بالله عزّ وجل.
  • تطرقت السورة إلى التأكيد على عظيم نعم الله سبحانه وتعالى الظاهرة والباطنة التي لا يمكن للإنسان أن يحصيها؛ وذلك لكثرتها، إذ إنها لا تعد ولا تحصى، كما أكدت على قدرته عز وجل في الخلق.
  • تكرر فيها الإعلام عن نعم الله الظاهرة، إذ تكررت فيها آية: (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان) إحدى وثلاثين مرةً.
  • تميّزت بأسلوب الخطاب والتّحدي للإنس والجن على حدٍّ سواء.
  • وضّحت السّورة قدرة الله تعالى في تسيير الشّمس والقمر عبر نظام كوني دقيق غير عشوائي.
  • ذكرت السّورة قدرة الله عز وجل في تعاقب الليل والنهار، وتعاقب فصول السنة واختلاف الطّقس في كل منها.
  • عالجت السورة قضيّة الحساب يوم القيامة، فكلُّ مخلوق يحاسب حسب عمله سواء كان من الإنس أو الجن، فقد وصفت الآيات حال المؤمنين الصالحين في الجنة بإسهاب وتفصيل، كذلك تحدثت الآيات عن حال الأشقياء في النار وفي هذا ترهيب للكفار ولذلك تنوعت هذه السورة في آياتها بين الترغيب والترهيب.
  • ناقشت السورة أحداثَ يوم القيامة وأهوالها.

سبب نزول سورة الرحمن

نزلت الآية القرآنية الكريمة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا}، إذ تحدّثت عن جماعة من المشركين تعجّبوا من اسم الرحمن، فنزلت الآية القرآنية الأولى من سورة الرّحمن (الرحمن)، لتكون إثباتًا لصفة الله الرحمن ردًا عليهم، كما كانوا يتّهمون الرّسول عليه السلام بأنَّ أحدًا من البشر علمه القرآن الكريم، كما ورد في الآية الكريمة: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}، فنزل الرّد في قوله تعالى: {علّم القرآن}، وقد روي أيضًا أنّ أبا بكر الصديق رضي الله عنه ذكر ذات يوم، يوم القيامة والموازين والجنة والنار، فتمنى لو لم يكن من البشر، فقال: [وددت أني كنتُ خضراء من هذه الخضر تأتي على بهيمة تأكلني، وأني لم أخلق]، فنزل الرد في قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.

السابق
فوائد سورة يس في الزواج
التالي
المؤسسة العامة للتدريب الفني والتدريب المهني.

اترك تعليقاً