ادبيات

قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب

قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب

قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب تلك العزيزة على قلوب القرّاء في المملكة العربية السعودية ومختلف قرّاء العالم العربي، لما فيها من صور بلاغية ونفحات شعرية بليغة، فالشعر عندما يكون صادقًا، فأنّه يتفوّق على دور الدراما والسينما والموسيقا، وفي ذلك يحرص ويهتم الموقع أيّما اهتمام بالذاكرة الشعرية العربية، ومستودع الثقافة الشعري للغة، وبين سطور هذا المقال سنحرص على سرد قصيدة حديقة الغروب وباقة من كلمات تدور حول ديوان الشاعر غازي القصيبي الأخير.

قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب

وخير ما نبدأ به مطلع قصيدته المميزة، هو كلمات من قلوه عن نفسه، فقد قال: أنا إنسان طفا على سطح الحياة، فرأى الكثير الكثير من الدموع والقليل القليل من الابتسامات ، فحاول أن يمسح من الدموع دمعة ، وأن يضيف إلى الابتسامات ابتسامة ، وأن يتحدث عمّا مرّ به شعرًا ، فنجح حيناً ، وأخفق أحياناً، وممّا لا شك فيه حالة الحزن الكبيرة التي عاشت فيه منذ الطفولة، هي من صقلت روحه ليصير شاعرًا فذًّا وأديبًا أحبّه كلّ من لمس روح الصدق في كتاباته، وفي هذا الصدد فقد كانت قصيدة حديقة الغروب مرثية شخصية، رثى فيها الشاعر نفسه، وفي ذلك نسرد لكم نص القصيدة:

خمسٌ وستُون في أجفانِ إعْصَارِ   أما سَئِمتَ ارْتِحالاً أيّها السَّاري؟
أما مَلَلْتَ من الأسفارِ ما هَدَأتْ   إلاَّ وألقتكَ في وَعْثَاءِ أسْفَارِ؟

أما تَعِبتَ من الأعداءِ. مَا برحوا  يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ
والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ  سِوى ثُمالةِ أيامٍ. وَتِذْكَارِ

بَلَى! اكتفيتُ. وأضنَانِي السُّرَى وَشَكَا   قلبي العناءَ ولكنْ تلكَ أقدَارِي
أيا رفيقةَ دربي، لو لديَّ سِوَى  عُمْرِي.. لقلت: فَدَى عينيكِ أعْمَاري

أحببتنِي وَشَبَابي في فُتُوّتهِ   وما تغيّرتِ والأوجاعُ سُمَّاري
منحِتني من كنوزِ الحُبِّ. أنفَسَها  وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري

ماذا أقولُ؟ وَدَدتُ البحر قافيتي  والغيمَ محبرَتي.. والأفقَ أشعاري
إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يَعْشقني   بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصْرَارِ

وكانَ يأوي إلى قلبي ويَسكْنُهُ   وكان يَحْمِلُ في أضْلاعهِ دَاري
وإنْ مَضَيْتُ فقولي: لم يكنْ بَطَلاً   لكنه لم يقبّلْ جبهةَ العارِ

وأنتِ. يا بِنْتَ فَجْرٍ في تنفِّسِهِ  ما في الأنوثة.. من سِحْرٍ وأسْرَارِ
ماذا تُريدينَ مِنِّي إنَّني شَبَحٌ   يَهيمُ ما بين أغْلاَلٍ. وأسْوَارِ

هذي حديقةُ عُمْرِي في الغروبِ كَمَا   رَأيتِ مَرْعَى خَريفٍ جائعٍ ضارِ
الطيرُ هَاجَرَ. والأغصانُ شاحِبَةٌ  والوَرْدُ أطرقَ يبكي عَهْدَ آذارِ

لا تتبعيني عيني واقْرئي كتبي    فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري
وإنْ مَضَيْتُ فقولي: لم يكنْ بَطَلاً   وكان يمزج أطْوَاراً بأطْوَارِ

ويا بلاداً نَذَرْتُ العمْرَ. زَهرتَهُ   لعزّها دُمْتِ إنّي حان إبْحَاري
تركتُ بينَ رِمالِ البيدِ أغنيتِي  وعندَ شاطئك المسحورِ. أسْمَاري

إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي  ولم أدنِّس بسوقِ الزيفِ أفكاري
وإن مضيتُ فقولي لم يكنْ بَطَلاً  وكان طِفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري

يا عالِمَ الغيبِ ذنبي أنتَ تعرفهُ  وأنت تعلمُ إعْلاَني.. وإسْراري
وأنتَ أَدرى بإيمانٍ مَنَنْتَ بِهِ   عَلَيَّ ما خَدَشَتْهُ كُلّ أوْزَاري
أحببتُ لقياكَ، حُسْنُ الظنِ يَشْفَعُ لِي   أيرتُجَى العفُو إلاّ عندَ غَفَّارِ؟

تحليل قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب

بالعودة إلى نص القصيدة في الفقرة السابقة، وبقراءة موضوعية دقيقة، نستشعر كميّة لشاعرية الطافحة بين حروف تلك الكلمات التي تم اختياراها وانتقاءها بحرفية الشاعر الفنان، ونجد أن الحزن قد أعطى القصيدة الصبغة الأساسية التي تدور حولها الأفكار الأخر، وفي نص القصدة قام بعدد من الصور والتشابيه البلاغية التي تنم عن شاعر فذ قلّ نظيره.

وفيه ومن سطور وأبيات القصيدة التي تنزف ألمًا، نستنتج وأنّه كان يقرأ الرحيل منذ ذلك الحين (الأحد 14 ربيع الآخر 1426هـ – 22 مايو 2005م العدد 11924) حينما أعلن الرثاء، فامتلأت الدنيا واشتعلت الصفحات، فانتقلت هذه الحديقة الرثائية من الجزيرة إلى معظم الصحف المحلية والعربية، وكان على أثرها الإجماع بصوت القلب الواحد: وإن مضيت، فقولي: لم يكن بطلاً لكنّه لم يقبّل جبهة العار، بل بصوت الحب الخالد: مضى بطلاً.. وبقي علماً وعملاً، وسيمتد أثراً.. (رحم الله غازي القصيبي)

ديوان حديقة الغروب غازي القصيبي

يعد الديوان الشعري المسمى حديقة الغروب للشاعر السعودي غازي القصيبي من الروائع الشعرية العربية، التي تفيض بالشحن والحب والالم، فقد كان الديوان مرثية ذاتية قام الشاعر على كتابتها بنفسه، وكأنه كان فيها ينعى نفسه إلى نفسه وإلى زوجته وابنته ووطنه.

فالديوان الشعري الذي انطوى بين أوراقه على إحدى عشر قصيدة، كان ولا يزال مثار حوار في كثير من المنتديات الثقافية العربية، ولم تكاد لتخلو جلسة شعرية أدبية من الإشادة بالشاعر غازي القصيبي، الذي كان يطرح الشعر العميق بحزن الفيلسوف الذي أدمت قلبه أحزانه الماضية، طارحًا أسئلة الفلسفة والحكمة، وقد سرد الشاعر في ديوانه مجموعة قصائد كما أسلفنا وهي:

  • قصيدة حديقة الغروب: تلك التي اجمع القرّاء في شاعريتها وحزنها، وهي القصيدة الشهيرة التي رثى فيها الشاعر بها نفسه.
  • قصيدة بدر الرياض: وهي قصيدة من روائع ما قدمه الشاعر.
  • ثم قصيدة دمع الخيل: وهي في رثاء أحمد بن سلمان بن عبد العزيز.
  • ثم قصيدة محسون: وهي في وداع الدكتور محسون جلال.
  • أما الخامسة فهي حياة: وقد كانت حروف القصيدة تنزف شقيقته حياة.
  • السادسة لبنان:
  • السابعة عادل: وهي قصيدة في رثاء شقيقه عادل.
  • أمَّا الثامنة فهي بعنوان شاعر البحرين: وكانت تلك الأبيات في تكريم الشاعر الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة.
  • بعدها قصيدة عن امرأة نارية:
  • أمَّا الأخيرة فهي يا أعز الرجال: وهي في رثاء يوسف الشبراوي، وكما يلاحظ أن الديوان جاء مرثية طويلة حضرت فيها مناقب الراحلين من أعزاء على قلب الشاعر، خلدهم بكلمات عذبة المعنى والمقصد.

من هو الشاعر والاديب غازي القصيبي

بعد أن مررنا على قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب وبعد ان تعرّفنا بشاعريته الطافحة، وانسانيته التي عصرها فوق أوراقه ليري قلوب قراءه شعرًا وأدبًا، لا بدّ لنا من الوقوف مع تعريف بالشاعر والوزير غازي القصيبي، وهو شاعر وأديب وسفير دبلوماسي ووزير سعودي، ولد في بيئة مشبعة بالكآبة كما يصفها القصيبي، فقد كانت ولادته التي وافقت اليوم الثاني من شهر مارس عام 1940 ذلك الجو الكئيب كانت له مسبباته، فبعد تسعة أشهر من ولادة غازي توفيت والدته.

ومضات مع مشوار حياة الشاعر غازي القصيبي

بعد أن مررنا على قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب، لا بد أن ننوّه أنّه من الجدير بالذكر أنَّ الشاعر والوزير السابق، الدكتور غازي القصيبي قد تولّى مناصب مهمة في المملكة العربية السعودية، ونذكر لكم منها :

  • أستاذ مساعد في كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود في الرياض 1965 – 1385هـ.
  • مستشار قانوني في مكاتب استشارية وفي وزارة الدفاع والطيران (وزارة الدفاع حاليا) ووزارة المالية ومعهد الإدارة العامة.
  • منصب عميد كلية التجارة بجامعة الملك سعود 1971 – 1391هـ.
  • مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية 1973 – 1393 هـ.
  • وزير الصناعة والكهرباء 1976 – 1396 هـ.
  • وزير الصحة 1982 – 1402هـ.
  • سفير السعودية لدى البحرين 1984 – 1404 هـ.
  • سفير السعودية لدى بريطانيا 1992 – 1412هـ.
  • ليعود وزير المياه والكهرباء 2003 – 1423هـ.
  • ومن ثم وزير العمل 2005 – 1425 هـ.

وكما مُنح وسام الكويت ذو الوشاح من الطبقة الممتازة عام 1992 ومُنح وسام الملك عبد العزيز وعدداً من الأوسمة الأخرى من دول عربية وغير عربية، كما لديه اهتمامات اجتماعية مثل عضويته في جمعية الأطفال المعوقين السعودية حيث كان أحد مؤسسيها وكان عضواً فعالاً في مجالس وهيئات حكومية، وصاحب فكرة تأسيس جمعية الأطفال المعاقين بالمملكة العربية السعودية، كما عمل بلا مُرتب في آخر 30 سنة من حياته حيث تم تحويل مرتباته إلى جمعية الأطفال المعاقين.

اقتباسات من فكر الشاعر غازي القصيبي

بعد ان مررنا على قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب، وانتقلنا للتعريف بذلك الإنسان الشهم، لا بدّ لنا من الوقوف قليلًا مع قائمة من الاقتباسات عنه، وهي مجموعة عبارات قام بتلخيصها بنفسه عن أحداث وأمور وجد أنها محورية وذات قيمة:

  • عندما قرر الصهاينة إنشاء دولة لهم كانت اللغة العبرية لغة ميتة بعثوها بعثاً من المعاجم واستخدموا مفرداتها حتى أصبحت لغة حية! أما نحن فقد ورثنا أكثر اللغات حياة فبذلنا أعظم جهد لقتلها.
  • إن أي نجاح لا يتحقق إلا بفشل الآخرين هو في حقيقته هزيمة ترتدي ثياب النصر.
  • محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكارًا قديمة هي مضيعة للجهد والوقت.
  • الكرامة البشرية مرتبطة ارتباطا عضويا بالعقل البشري، إذا ذهب العقل ذهبت معه الكرامة.
  • الفرق بين الشعر والرواية، الشعر شفرة، والرواية مذكرة، الشعر تلميح، والرواية تصريح. الشعر ومضة، والرواية نور كاشف. الشعر موسيقى، والرواية كلام. الشعر ترف لعقول الخاصة، والرواية طعام دسم لعقول العامة.
  • كنت أقول للطلبة في المحاضرة الأولى إنَّ رسوب أي منهم يعني فشلي في تدريس المادة قبل أن يعني فشله في استيعابها.

إلى هنا نكون قد وصلنا على نهاية المقال الذي تناولنا فيه قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب وانتقلنا عبر سطور المقال للتعريف بديوان الشاعر الذي رثى فيه أقرب أحبابه، لننتقل بعد ذلك للتعريف بالشاعر ولنختم أخيرًا مع اقتباسات عنه رحمه الله وأحسن مثواه.

السابق
اكلت فلفل فتفلفل فمي كم فاء في ذلك
التالي
هل يجوز الافطار بسبب الم الاسنان

اترك تعليقاً