اسلاميات

كيفية الرقية الشرعية

الرقية الشرعية

كثرت في عصرنا هذا الأمراض الجسدية والنفسية المستعصية، وكما نعلم فإن لكلّ مرض علاجه، وقد جعل الله تعالى القران الكريم علاجًا، إذ قال تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج نفسه بالرقية الشرعية، فما هي الرقية الشرعية؟ وما هو حكم التشافي بها؟ الرقية الشرعية هي ما يُرقى به صاحب الآفة، وقال العدوي: (هيَ الْعُوْذَةُ، ما يُرْقَى بهِ من الدُّعاءِ لطَلَبِ الشِّفَاءِ)، فالرقية الشرعية هي مجموعة من الآيات القرانية ووالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ يُمكنكَ أن تقرأها على نفسك أو ولدك أو أهلك، للعلاج، فهي تحصين للنفس، فما انتشر القلق والاضطراب والأرق والاكتئاب وكثر المس والسحر والعين إلا عندما غفل الكثير من الناس عن الله تعالى وأهملوا أنفسهم عن الحصانة الشرعية.

أما حكم الرقية الشرعية فقد قال الحافظ ابن حجر (قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند إجتماع ثلاث شروط، أن يكون بكلام الله وبلسان عربي وأن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى)، كما وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: [أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَنْفِثُ علَى نَفْسِهِ في مَرَضِهِ الذي قُبِضَ فيه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أنَا أنْفِثُ عليه بهِنَّ، فأمْسَحُ بيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: كيفَ كانَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: يَنْفِثُ علَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ]، فقد دل هذا الحديث على جواز الرقية سواء لدفع البلاء قبل وقوعه أو لرفعه بعد وقوعه، وللرقية الشرعية ضوابط عامة وهي؛ سلامة الاعتقاد، وتصحيح الأعمال القلبية، وإخلاص النية، وسلامة المقصد، وصدق التوكل على الله والاعتماد عليه، واعتقاد طالب الرقية أن النفع والضر بيد الله، والإقبال على الله مع التوبة النصوح والتخلص من المعاصي والآثام والمظالم، والعمل بالقران الكريم، والدعاء وأثره العظيم على الرقية.

كيفية الرقية الشرعية

لا يوجد للرقية الشرعية كيفية معينة حددها الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال عليه السلام : [لا بأسَ بالرقَى ما لم تكنْ شركًا]، ولكن اشتُرط للرقية الشرعية عدة أمور يجب أن تتوفر في الرقية حتى تصبح شرعية وصحيحة، وهذه الشروط هي:

  • أن تكون الرقية الشرعية بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، أو ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
  • أن تكون الرقية باللغة العربية، إذ ذكر ابن تيمية شرطًا في الرقية الشرعية، وهي أن تكون بلسان عربي، وبألفاظ يعرف معناها.
  • أن يعتقد بأن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله عز وجل، فالله تعالى هو الشافي وليس الراقي أو الكلام.

فوائد الرقية الشرعية

الرقية الشرعية هي باب من أبواب الخير والنفع والبركة، ومن أبواب الرحمة الإلهية، فهو باب للتشافي من الأمراض، قال ابن القيم رحمه الله (القران هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية)، وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي (الشفاء الذي تضمنه القران عام لشفاء القلوب ولشفاء الأبدان من ألامها وأسقامها)، فمن فوائد الرقية الشرعية أنها شفاء للأمراض النفسية كالتوتر والاكتئاب وغيرها، والأمراض العضوية مثل الحمى وآلام البطن والعيون وجميع الأمراض، والدليل على ذلك ما ورد عن عبد الله بن مسعود [إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلةَ شِركٌ قالَت: قلتُ: لِمَ تقولُ هذا؟ واللَّهِ لقد كانَت عيني تقذفُ وَكُنتُ أختلفُ إلى فلانٍ اليَهوديِّ يرقيني فإذا رقاني سَكَنت، فقالَ عبدُ اللَّهِ: إنَّما ذاكَ عمَلُ الشَّيطانِ كانَ ينخسُها بيدِهِ فإذا رقاها كفَّ عنها، إنَّما كانَ يَكْفيكِ أن تَقولي كما كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ: أذهِبِ الباسَ ربَّ النَّاسِ، اشفِ أنتَ الشَّافي، لا شفاءَ إلَّا شفاؤُكَ شفاءً لا يغادرُ سَقمًا]، كما وأن الرقية الشرعية شفاء من الأمراض الروحية كالسحر والعين والحسد وغيرها التي تصيب الإنسان، فكلّ هذه الأمراض موجودة وليست مجرد خزعبلات، وذلك لقول النبي عليه السلام [العَيْنُ حَقٌّ]، وهذا شيء معروف.

مَعْلومَة

للرقية أنواع كثيرة، فمنها ما يكون شرعيًا يرضي الله ورسوله، ومنها ما يكون شركيًا يغضب الله، وهذه الأنواع هي:

  • الرقية الشرعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الرقية لا يدخل إلا ما صحت به السنة وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع من الرقى مستحب.
  • الرقية العادية التي لا تستند على نص شرعي، ويدخل فيها مطلق الدعاء وما يستخدمه بعض الناس من أعشاب ونباتات مجرّبة، وهذا النوع من الرقية جائز ما لم يكن فيه شرك أو مخالفة شرعية، ويدخل فيها أيضًا ما يستخدمه الأطباء من أدوية وعقاقير ثبت نفعها بالتجربة.
  • رقية بدعية؛ وهي الرقية التي يستخدم فيها أحراز وأوراد لا أصل لها، ويخلط فيها بين الصحيح والسقيم، ولا يأمن في هذه الرقية دخول السحر فيها والسحرة والدجل والدجالين والمشعوذين، ويدخل فيها بعض الأمور كالأوراق التي يطلقون عليها العهود السليمانية، والأوراق التي يطلب من الناس تصويرها وتوزيعها بعدد معين؛ كالأوراق التي تنسب للسيدة زينب والشيخ أحمد خادم الحجرة النبوية، وما شابه من هذه الأمور.
  • الرقية الشركية؛ وهي الرقية التي يُدعى فيها غير الله عز وجل، ويستخدم فيها الشياطين والسحر والسحرة، قال تعالى : {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، ويدخل في هذه الرقية أيضًا عمل الكهان والعرافين، كما وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً]، فاحذر من هذا النوع من الرقية حتى لا تقع في الشرك.
السابق
كيف تكون سعيدا في حياتك مع الله
التالي
نمي مهاراة التخطيط لدبك

اترك تعليقاً