الامارات

كل ما تود معرفته حول الاكتناز القهري

كل ما تود معرفته حول الاكتناز القهري

ما هو الاكتناز القهري؟

يشير مفهوم الاكتناز القهري Hoarding Disorder/Compulsive Hoarding إلى الامتناع عن التخلص من المقتنيات أو الأشياء المادية التي لا تحمل قيمة كبيرة بنظر الناس العاديين، وقد يصل الأمر بالمصابين بهذا المرض النفسي إلى حد الاحتفاظ بكل شيء إلى درجة ملئ المنزل وغرف المعيشة بالأشياء عديمة القيمة، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل حياتية وصعوبة في ممارسة الأعمال العادية بسبب تزاحم الأشياء، فضلًا عن الانعكاسات الاجتماعية، والمالية، والقانونية التي تلازم هذا الأمر، وعادةً فإن المصابون بهذا النوع من الأفعال يعلمون داخل أنفسهم أن ذلك غير منطقي، لكنهم لا يستطيعون التخلص من العلاقة العاطفية الغريبة التي بنوها مع الأشياء المادية التي بحوزتهم، وقد كشف العلماء عن وجود سلوكيات اكتنازية عند 2-5% من البالغين، وقالوا بأن هذه السلوكيات تنشأ غالبًا في سنوات المراهقة الأولى، لكن الكثير من المصابين بهذه السلوكيات لا يخضعون إلى العلاج إلا بعد وصولهم إلى الخمسينات من العمر، وقد يرتبط هذا السلوك بأمراض نفسية أخرى مثل الوساس القهري.

تعرف على أهم أعراض الاكتناز القهري

يُمكن لك ملاحظة الاكتناز القهري عند الآخرين عندما تبدأ برؤية الكثير من المقتنيات المادية المتراكمة بصورة فوضوية في أماكن المعيشة أو البيوت الخاصة بهم، فضلًا عن تصريحهم بصعوبة التخلص من هذه المقتنيات، وهذا الأمر عادةً يظهر في سنوات المراهقة والشباب الأولى، ثم ومع التقدم بالعمر يبدأ هؤلاء الأفراد بالرغبة بالحصول على المزيد من المقتنيات التي ليس هنالك حاجة ماسة لها أو حتى مكان كافٍ لوضعها فيه، وهذا بالطبع يزيد أكثر من الفوضى وقلة المساحة الخاصة بالمعيشة مع مرور الوقت، ويُمكن لأعراض الاكتناز أن تتضمن كذلك ما يلي:

  • السعي إلى الحصول على المزيد من الأشياء التي لا حاجة لها أو التي لا يوجد أصلًا مساحة لها في مكان المعيشة.
  • مواجهة صعوبة في التخلص من الأشياء أو الانفصال عنها بغض النظر عن قيمتها الحقيقية أي سواء كانت ذات قيمة مرتفعة أو لا تحمل أي قيمة.
  • الشعور برغبة عارمة في الاحتفاظ بالأشياء والشعور بالسخط لمجرد التفكير في التخلص منها.
  • التحلي بالصفات المثالية والميل أكثر نحو المماطلة وعدم القدرة على تخطيط وتنظيم شؤون الحياة والتحلي بصفة التردد دائمًا.
  • تراكم أكوام من الأشياء التي قد تكون عديمة القيمة؛ كالصحف، أو الملابس، أو الكتب القديمة.
  • تراكم المقتنيات في غرف المنزل إلى درجة يُصبح من المستحيل استعمال الغرف للعيش أو لممارسة أي نشاط فيها.
  • تراكم الأشياء في غرف حيوية من المنزل؛ كالمطبخ والحمام، وهذا بالطبع سيؤدي إلى مواجهة صعوبات في طبخ الطعام أو الاستحمام.
  • تراكم بقايا الطعام أو النفايات والقمامة بكميات كبيرة في المنزل وإلى مستويات ضارة وبعيدة عن أبسط قواعد النظافة.
  • الدخول في مناوشات مع أفراد العائلة الأخرين الذين يحاولون التخلص من المقتنيات غير الضرورية.
  • فقدان القدرة على ترتيب المنزل ومواجهة مشكلة في إيجاد الأشياء المهمة بسبب الفوضى العارمة.
  • السعي للاحتفاظ بالأشياء نتيجة الاعتقاد بأن هذه الأشياء لها قيمة وسيأتي الوقت الذي ستظهر فيها قيمة هذه الأشياء في المستقبل.
  • السعي للاحتفاظ بالأشياء نتيجة للشعور بمستوى أكثر من الأمن عند إحاطة النفس بهذه الأشياء.
  • الإصرار على عدم التخلص من أي شيء مهما كان.
  • رفض القيام بأي إصلاحات في المنزل ناجمة عن الفوضى الكبيرة ورفض حتى السماح للعمال والحرفيين بالدخول إلى المنزل لإصلاح أي شيء.
  • عدم استقبال الزوار في المنزل بسبب الخجل والاحراج من تراكم الأغراض.

كيف يتم تشخيص الاكتناز القهري؟

من النادر أن يُبادر المصابون بالاكتناز القهري إلى الذهاب للأطباء للكشف عن مشاكلهم، وللأسف فإن الكثير من الاختبارات النفسية لا تحتوي أساسًا على أسئلة صريحة حول مشكلة الاكتناز، مما يجعل الاكتناز أحد أبرز المشاكل النفسية التي تمر دون ملاحظة أو تشخيص،لكن إن تمكن الطبيب من الاطلاع على حالة المصاب فإنه قد يبادر في إجراء فحوصاتٍ نفسية له وسؤاله حول عادات الاحتفاظ بالأشياء في حياته، وقد يطلب الطبيب كذلك إذن المصاب للحديث مع أفراد العائلة الآخرون الذين يتشاركون المنزل مع المصاب، وقد يطلب منهم إحضار صور أو تصوير مقاطع للفيديو لإظهار حجم الفوضى والأشياء المتراكمة في المنزل، وعادةً فإن أطباء النفس المتمرسون لديهم القدرة على تشخيص الاكتناز من خلال اتباع معايير نفسية محددة قد وردت فيما يُعرف بالدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية؛ والذي تصدره الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، وعلى العموم فإن الطبيب لن يجازف بالحكم على وجود الاكتناز القهري إلا بعد أن يتأكد من وجود الأعراض التالية:

  • مواجهة المصاب لصعوبة في التخلص من المقتنيات المادية بغض النظر عن قيمتها الفعلية.
  • الشعور بالقلق أو الإحباط نتيجة للتخلص من هذه المقتنيات.
  • تراكم المقتنيات المادية غير المفيدة في أمكنة المعيشة العادية.

عوامل خطورة الاكتناز القهري

لم يتمكن العلماء من حديد الأسباب الحقيقة وراء الإصابة بالاكتناز القهري، لكن هنالك دراسات وأبحاث علمية حاولت الربط بين الإصابة بهذا المرض وبين التعرض لمواقف الحياة المؤسفة، والقابلية الجينية، ومشاكل الوظائف الدماغية، كما نجح العلماء في تحديد بعض عوامل الخطورة التي تزيد من فرص الإصابة بالاكتناز القهري، وكان من بين هذه العوامل ما يلي:

  • وجود أنماط أو طباع شخصية محددة: لاحظ العلماء زيادة في فرص ظهور الاكتناز القهري لدى الأشخاص الذين لديهم طباع شخصية معينة؛ ككثرة الحيرة أو التردد مثلًا.
  • التعرض لمواقع حياتية مؤسفة: تبدأ أعراض الاكتناز بالظهور على بعض الناس بعد مرورهم بأحد المواقف أو المنعطفات الحياتية المؤسفة؛ كالطلاق، أو موت أحد الأحباء، أو خسارة المقتنيات المادية في حريقٍ ما، أو هجر المنزل.
  • وجود تاريخ للمرض في العائلة: أكد الباحثون على وجود رابطٍ قوي بين ظهور الاكتناز القهري لدى شخص ما وبين وجود شخص في عائلته قد عانى من قبل من هذه المشكلة.
  • عوامل إضافية: يتحدث البعض عن وجود علاقة بين الاكتناز القهري وبين التعرض لإصابات مباشرة على الرأس أو الدماغ، أو حدوث مشاكل في وظائف الدماغ، أو الإصابة من الأساس ببعض المشاكل النفسية؛ فمن المعروف أن الاكتناز هو أساسًا علامة مرتبطة بأمراض نفسية كثيرة؛ كالوسواس القهري، والاكتئاب، واضطراب فرط الحركة مع تشتت الانتباه.

من المهم التذكير هنا بأن الاكتناز القهري يُصيب الرجال والنساء بنسب متساوية، ولا يوجد دراسات علمية أثبتت أي علاقة للثقافات العرقية في نشوء هذا المرض، لكن العمر يبقى أحد العوامل المهمة في نشوء هذا المرض؛ إذ إن البالغين بعمر 55 سنة وأكثر هم أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض بنحو ثلاث أضعاف، لكن بالطبع تبقى احتمالية ظهور هذا المرض في فترات المراهقة أمرًا واردًا أيضًا.

هل الاكتناز جزء من الوسواس القهري؟

على الرغم من إفساح العلماء لحيز خاص بالاكتناز القهري في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (المرجع الأول في الطب النفسي)، فإن الكثير من العلماء والباحثين أصروا على أن علامات الاكتناز القهري هي جزء فرعي من الوسواس القهري، وسبب ذلك هو أن التحريات والدراسات الأولية في الماضي وجدت أن ثلث المصابين بالوسواس القهري لديهم أعراض اكتناز أيضًا، لكن الدراسات الحديثة أكدت بأن من الضروري عدم اعتبار الاكتناز القهري جزءًا من الوسواس القهري؛ وذلك لإن الترابط الموجود بين علامات الاكتناز وعلامات الوسواس القهري هو ترابط ضعيف، كما أن الصور الدماغية للمصابين بالاكتناز كانت مختلفة عن تلك الخاصة بالمصابين بالوسواس القهري، ولاحظ العلماء كذلك اختلافات كبيرة في الاستجابة العلاجية بين المصابين بهاتين المشكلتين.

تعرف على أساليب علاج الاكتناز القهري

يشتهر الاكتناز القهري بصعوبة علاجه أو التعامل معه، سواء كان مقترنًا بالوسواس القهري أو كان ظاهرًا لوحده، وقد حاولت الكثير من الدراسات تحري فاعلية بعض الأدوية لعلاج الاكتناز، ووقد أظهرت بالنهاية أن ثلث المصابين فقط أظهروا نتائج إيجابية بعد أخذهم لهذه الأدوية، والمشكلة كذلك أن فاعلية العلاجات النفسية كالعلاج السلوكي المعرفي هي أيضًا محل الكثير من الشكوك بين أطباء النفس فيما يخص هذه المسألة تحديدًا، لكن هذا الأمر لم يمنع العلماء والباحثين من تطوير بروتكولات علاجية للتعامل مع مصابي الاكتناز بناءً على المبادئ الأساسية للعلاجات النفسية، وتكمن المصيبة الأكبر في الاكتناز أن المصابين به قد يرفضوا العلاج نتيجة لاعتقادهم بأن مشكلتهم هي أمر طبيعي، وقد يستمروا بالرفض والعناد حتى يؤدي الاكتناز إلى طردهم من البيوت أو مطالبة الناس لهم بإخلاء منازلهم نتيجة للفوضى العارمة التي تسببوا بها، وحين إذ قد يخضعون للعلاج لكن هدفهم من ذلك يُمكن أن يكون مجرد تجنب التبعات القانونية والاجتماعية وليس من أجل العلاج فعلًا، وبغض النظر عن صعوبة علاج الاكتناز فإن أحد البروتكولات الشهيرة التي وضعها العلماء قد سعت إلى علاج الاكتناز عبر التركيز على أربع جوانب أو عناصر أساسية، هي:

  • ترتيب المعلومات: بما أن المصابين بالاكتناز غالبًا ما يُعانون من مشاكل في التنظيم والترتيب والوصول إلى القرارات السليمة، فإن المعالجين قد يسعون إلى التركيز على تعليم هؤلاء المصابين مهارات الترتيب وأخذ القرارات السليمة لمحاولة إعادة المياه إلى مجاريها ومساعدتهم على ترتيب المعلومات والمفاهيم لديهم بالطريقة الأنسب.
  • فك الترابط العاطفي مع المقتنيات: يطور المصابون بالاكتناز علاقة حميمية وعاطفية غريبة مع مقتنياتهم، وهذا يزيد من صعوبة تخليهم عنها بسهولة على الرغم من عدم امتلاكها لقيمة كبيرة في أعين الآخرين، وهنا يُحاول أطباء النفس الاستعانة بأساليب نفسية لتحدي هذه العلاقة وإعادة الهيكلة المعرفية لاستكشاف عواقب التخلي عن هذه المقتنيات وقيمتها الحقيقية.
  • دحر المعتقدات المرتبطة بالمقتنيات المادية: يستند الاكتناز أساسًا في عقل المصاب على الاعتقاد بأن السيطرة على المقتنيات هو شيء ضروري وأن هنالك مسؤولية لا بد من الالتزام بها اتجاه هذه المقتنيات من أجل عدم تبديدها أو رميها في القمامة، وهنا يأتي دور العلاج في إعادة الهيكلة المعرفية وتعرية المعتقدات المرتبطة بهذه المقتنيات.
  • التجنب السلوكي: سيصبح من المحتم على المصاب بالاكتناز القهري تغيير سلوكياته أو تجنب القيام ببعض عادات الاكتناز الغريبة بعد أن يظهر له بوضوح تأثير هذه السلوكيات على علاقاته بالآخرين وكيف أدت إلى دمار حياته ودمار منزله، وهذا في النهاية سيجعله يميل أكثر إلى تجنب هذه السلوكيات، واتخاذ قرارات أفضل لحياته، والبدء بالتعامل بصورة أكثر منطقية مع الأشياء التي تراكمت في منزله.

تعرف على الفرق بين الاكتناز القهري وبين هواية جمع الأشياء

يخلط الناس كثيرًا بين الاكتناز القهري من جهة وبين هواية جمع الأشياء النادرة أو الغريبة الموجودة لدى الكثير من الناس من جهة أخرى، والفرق هو أن أصحاب هواية جمع الأشياء غالبًا ما يسعون إلى الحصول على أشياء أو مقتنيات مادية معينة من أجل التباهي بها والحديث عنها مع الآخرين، كما أنهم يحرصون عادةً على تنظيم هذه المقتنيات بطريقة مرتبة ونظيفة عند الاحتفاظ بها ويأخذون بعين الاعتبار طريقة الحصول عليها والميزانية المطلوبة لذلك، في حين أن المصابون بالاكتناز القهري يشعرون عادةً بالخجل من مقتنياتهم البالية ولا يشعرون بالراحة عند عرضها على الآخرين، كما أنهم لا يهتمون بطريقة ترتيب مقتنياتهم ويميلون إلى جعلها متراكمة على حساب المساحة الخاصة بمعيشتهم داخل بيوتهم، ويُمكن أن يلجؤوا إلى أخذ الديون المادية من أجل الحصول على المزيد من المقتنيات المادية،وليتوضح هذا الأمر أكثر يُمكن طرح مثال يتردد كثيرًا بين الناس، ألا وهو موضوع جمع الصحف:

  • لدى هواة جمع الأشياء: يسعى هؤلاء الهواة إلى جمع الصحف، ثم قراءتها واختيار القصص أو المقالات الموجودة بها، ثم قصها بدقة متناهية وجمعها في سجل خاصة بهذه القصاصات من أجل الاحتفاظ بها بترتيب وتناسق ومن دون فوضى.
  • لدى المصابين بالاكتناز القهري: يسعى المصابون بالاكتناز القهري إلى جمع الصحف أيضًا، لكنهم لن ينتقوا صحف معينة وإنما سيجمعون الصحف بكميات كبيرة عبر وضعها في أكياس كبيرة الحجم والاحتفاظ بها بكميات مهولة لتعبئة المنزل بالكامل، ولن يتمكنوا بالطبع من قراءة أي مقالة من المقالات التي رغبوا بجمعها أساسًا.

قد يُهِمُّكَ: مضاعفات الاكتناز القهري

يحمل الاكتناز القهري عواقب ومضاعفات سيئة للغاية في حال جرى إهمال علاجه أو عدم التعامل معه بحكمة، ويُمكن لهذه العواقب أن تمس الجوانب العاطفية، والاجتماعية، والبدنية، والمالية، والقانونية في حياة المصاب وعائلته؛ فتراكم المقتنيات البالية والقديمة في المنزل سيؤدي لا محالة إلى سد مخارج المنزل وصعوبة مرور الأشخاص، وعدم استخدام المساحات الفارغة للعمل أو لأداء أي شيء مفيد، فضلًا عن مشاكل وانعكاسات سيئة أخرى، مثل:

  • تدهور مستوى النظافة الشخصية نتيجة لتراكم النفايات والقمامة والأشياء البالية وغير النظيفة.
  • العيش في بيئة خطرة نتيجة لتراكم الأشياء البالية التي تزيد من فرص التعثر والوقوع أو خطر نشوب الحرائق.
  • حصول مشاكل عائلية أو فقدان التواصل مع أفراد آخرين في العائلة أو في البيئة المحيطة.
  • فقدان العمل أو مصدر الدخل.
  • الوقوع في شرك الديون ومواجهة المشكلات المادية.
  • الوقوع في خانة العزلة والوحدة.
  • ممانعة دخول الآخرين إلى المنزل أو حيز المعيشة.
  • الوقوع في المشاكل القانونية لها علاقة بحضانة الأطفال أو حقوق الحيوانات.
  • خسارة المنزل أو مطالبة المالك بإخلاء المنزل.
  • زيادة فرص الإصابة ببعض المشاكل النفسية السيئة؛ كالاكتئاب، أو القلق، أو مشاكل الإدمان.
  • تدهور الحالة الغذائية أو الإصابة بسوء التغذية.
السابق
التقران السفعي – Actinic keratosis
التالي
النخالة الوردية – Pityriasis rosea

اترك تعليقاً