الامارات

ما هو اضطراب الشخصية الحدية وما أعراضه

ما هو اضطراب الشخصية الحدية وما أعراضه

ما هو اضطراب الشخصية الحدية ؟

ينتمي اضطراب الشخصية الحدية Borderline Personality Disorder إلى فئة اضطرابات الشخصية التي يُعاني المصابين بها من مشاكل في تنظيم استجاباتهم العاطفية ومعاناتهم من نوبات العاطفة الجياشة والصعوبة في الرجوع إلى مستوى عاطفي متزن بعد المرور بأحد المواقف العاطفية، وهذا بالطبع سينعكس على علاقاتهم الاجتماعية ونظرتهم نحو ذاتهم، بل وقد يدفع ذلك البعض منهم إلى اتباع سلوكيات مؤذية بحق أنفسهم، وقد قدر الباحثون نسبة وجود هذا الاضطراب عند 1.4% من البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وللأسف فإن 75% من حالات هذا الاضطرابات تظهر عند النساء، في حين أن آخرون يرون أن نسب الإصابة به متساوية بين الرجال والنساء، لكن قد تختلط أعراض هذا الاضطراب على أخصائيين النفس مع أعراض الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة.

تعرف على أهم أعراض اضطراب الشخصية الحدية

يؤثر اضطراب الشخصية الحدية في نظرتك نحو نفسك وفي طريقة تعاملك أو تصرفك مع الآخرين، ويُمكن لأهم أعراضه أن تتضمن الآتي:

  • الشعور بخوفٍ شديد من هجر الآخرين لك أو انفصالهم عنك أو تخليهم عنك.
  • الدخول في علاقات متوترة أو غير مستقرة مع الآخرين نتيجة لمنح الطرف الآخر مرتبة عالية ومثالية في لحظة ما، ثم الانقلاب عليه في لحظة أخرى بحجة أنه غير جدير بالاهتمام أو أنه سيء التصرف.
  • حدوث تغيرات متسارعة في نظرتك نحو ذاتك ونحو كيانك الشخصي بالتزامن مع تغير أهدافك وقيمك العليا، والبدء بالنظر إلى نفسك بصورة سلبية أو إهمال وجودك كاملًا.
  • المرور بفترات من الارتياب أو الشك الشديد المرتبط بالتوتر إلى درجة فقدان الاتصال بالواقع، ويُمكن لهذه الفترات أن تدوم لبضعة دقائق أو حتى ساعات أحيانًا.
  • الاقدام على ممارسة سلوكيات خطرة أو مندفعة؛ كالقيادة المتهورة، أو القمار، أو أكل الأشياء السيئة، أو تناول المخدرات، أو ترك العمل فجأة دون داع، أو انهاء علاقة طيبة مع شخص آخر.
  • التهديد بالانتحار أو بإيذاء النفس نتيجة للخوف المفرط من الانفصال عن الآخرين.
  • الدخول في فترات من التقلبات المزاجية التي يُمكن أن تدوم من ساعات إلى أيام طويلة، ويُمكن لهذه التقلبات أن تتضمن مشاعر متنوعة؛ كالسعادة، أو القلق، أو حدة الطباع والعصبية.
  • الدخول في فترات من العصبية الشديدة التي قد تصل لدرجة فقدان السيطرة على الأعصاب بالتزامن مع إظهار بعض السخرية وربما الانخراط في القتال الجسدي.
  • الشعور المستمر بالفراغ أو الضياع الداخلي.

من الضروري الإشارة هنا إلى أن أعراض اضطراب الشخصية الحدية تتباين كثيرًا بين أصحابها وقد لا تظهر جميعها لدى نفس المصاب؛ فيمكن للبعض أن يمروا بأعراض محدودة، في حين أن آخرين قد يُعانون من أعراض أوسع وأكثر تنوعًا، كما من المهم الإشارة كذلك إلى الدور المحوري الذي تلعبه المواقف الاجتماعية والعاطفية في ظهور الأعراض من عدمها؛ فيُمكن مثلًا أن تبدأ أعراض الغضب والتوتر بالظهور بمجرد وصول بعض التلميحات للمصاب حول ترك الآخرين له لداعي السفر أو الرحلات الجماعية.

ما هي أسباب الأصابة باضطراب الشخصية الحدية ؟

ينفي الخبراء وجود سبب واحد أو محدد لنشوء الشخصية الحدية، ويميلون أكثر إلى الاعتقاد بوجود مجموعة من العوامل التي تلعب دورًا في ظهور هذا النمط من الشخصيات أو اضطراباتها، وتتضمن هذه العوامل الآتي:

  • الوراثة: يُمكن للجينات القادمة من الأب والأم أن تزيد من فرص إصابتك باضطراب الشخصية الحدية، وهنالك بعض الدراسات التي وثقت صحة هذا الأمر، لكن لا يوجد إلى الآن دليل قاطع يساعد على تحديد الجين وراثي المرتبط بالشخصية الحدية.
  • مشاكل النواقل العصبية: حاول بعض الباحثون تفسير الأعراض المرتبطة بالشخصية الحدية عبر اقتراح وجود مشاكل في اتزان بعض المركبات الكيميائية أو النواقل العصبية في الدماغ، خاصة الناقل العصبي المعروف باسم السيروتونين، وهذا قد لا يكون مفاجئًا أصلًا لإن الأبحاث قد بينت من قبل أن للنواقل العصبية دورٌ محتمل في نشوء أعراض الاكتئاب والعدوانية.
  • مشاكل نمو وتطور الدماغ: من المثير للاهتمام أن بعض الدراسات قد لاحظت صغر في حجم بعض أجزاء الدماغ لدى أصحاب الشخصية الحدية، خاصة في المناطق الدماغية المعروفة تشريحيًا باسم اللوزة الدماغية، والحصين، والقشرة الجبهية الحجابية، وهذا الأمر حذا بالبعض إلى استنتاج احتمالية أن يكون النمو غير الكامل للدماغ في المراحل المبكرة من العمر هو السبب في نشوء الشخصية الحدية.
  • عوامل البيئة المحيطة: يتحدث بعض الباحثون كذلك عن وجود بعض الأحداث أو العوامل البيئية التي يُمكن أن تكون سبب في نشوء الشخصية الحدية خلال المراحل المبكرة من العمر؛ مثل التعرض لاعتداء جنسي أو عاطفي أو بدني، أو التعرض لفترة طويلة من الخوف والتوتر المستمر أثناء الطفولة، أو المعاناة من عدم اكتراث أحد أبوين أو كلاهما، أو العيش مع طفل آخر ذو مشاكل عقلية أو نفسية.

كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية ؟

يلجأ الطبيب إلى تقييم أعراض المصاب ومراجعة جميع حيثيات تاريخه الطبي من أجل الوصول إلى تشخيص سليم لاضطراب الشخصية الحدية، وسيحاول الطبيب في البداية استبعاد الإصابة بالأمراض النفسية الأخرى التي لها أعراض شبيهة بالشخصية الحدية؛ كالوسواس القهري، واضطراب الشخصية الهستيرية، والشخصية النرجسية أيضًا، وقد يكون من المفيد كذلك إجراء فحوصات بدنية وربما مخبرية أيضًا من أجل استبعاد الإصابة بالأمراض البدنية المسببة للأعراض التي يعاني منها المصاب، وعادةً فإن الطبيب لن يجازف بإعطاء تشخيص اضطراب الشخصية الحدية إلا في حال ظهرت على المصاب على الأقل خمسة أعراض من الأعراض التالية:

  • بذل المصاب لمجهود كبير لتجنب هجر أو ترك الناس له.
  • معاناته من عدم الاستقرار العاطفي.
  • شعوره المتكرر بالفراغ الداخلي.
  • ممارسته للسلوكيات المتهورة أو الاندفاعية.
  • تحليه بالغضب الشديد وغير المناسب.
  • انخراطه في علاقات غير مستقرة مع الآخرين.
  • اقدامه على سلوكيات انتحارية أو مؤذية لنفسه.
  • ظهور أعراض الارتياب والفصام عليه.

إليك أهم مضاعفات اضطراب الشخصية الحدية

تنعكس الشخصية الحدية سلبًا على الكثير من مناحي الحياة الشخصية، وتجلب معها مضاعفات سيئة لطريقة تعامل المصاب مع الآخرين، خاصة في بيئة العمل والمدرسة، وهذا الأمر يُمكن أن يتخذ الأشكال التالية:

  • الانخراط في المشاكل القانونية وربما الذهاب إلى السجن نتيجة للسلوكيات المتهورة.
  • الانخراط في علاقات عاطفية يسودها الصراعات والمشاكل، وبالتالي زيادة فرص الطلاق والانفصال.
  • إيذاء النفس وبأساليب بشعة أحيانًا؛ كتقطيع الجسد أو جرحه أو حرقه، وبالتالي كثرة الذهاب إلى المستشفى.
  • زيادة فرص الإصابة بمشاكل نفسية أخرى؛ كالاكتئاب، ومشاكل الأكل، والوسواس القهري، ومشاكل الإدمان.
  • الوقوع كضحية للحمل غير المشروع أو غير المخطط له نتيجة للانخراط بالممارسات الجنسية غير المسؤولة، فضلًا عن زيادة فرص الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا.
  • الانخراط في النزاعات البدنية أو القتال مع الآخرين.
  • ترك العمل وتغييره أكثر من مرة.
  • عدم إكمال التعليم كما يجب.
  • الإقدام على الانتحار.

ما عوامل خطورة اضطراب الشخصية الحدية ؟

لاحظ الباحثون أن موعد ظهور أعراض الشخصية الحديثة يبدأ عادةً في العشرينات من العمر، وتميل هذه الأعراض إلى الظهور عند النساء أكثر من عند الرجال،وبما أن السبب الدقيق للإصابة باضطراب الشخصية الحدية هو غير معروف من الأساس، فإن الأمور المتبقية التي ناقشها الخبراء يُمكن اعتبارها عوامل تزيد من خطر الإصابة باضطراب الشخصية الحدية، وهذه العوامل هي:

  • العوامل العائلية أو الوراثية: في حال كان هنالك فرد في العائلة قد أصيب من قبل باضطراب الشخصية الحدية، فإن فرص إصابة أفراد آخرين في العائلة تُصبح أكبر.
  • العوامل الدماغية: على الرغم من أن الدراسات قد أوضحت أن هنالك علاقة بين التغيرات الحاصلة في الدماغ وبين زيادة فرص الإصابة باضطراب الشخصية الحدية، إلا أن الخبراء يؤكدون على أن الفصل في هذا الأمر ليس بالأمر السهل بتاتًا؛ لإن من غير الواضح ما إذا كانت هذه التغيرات هي التي أدت إلى اضطراب الشخصية الحدية أو العكس وأن اضطراب الشخصية الحدية هو الذي أدى إلى هذه التغيرات بالأساس.
  • العوامل البيئية والثقافية: كشف الكثير من المصابين باضطراب الشخصية الحدية عن تعرضهم في الأساس لمواقف حياتية سيئة؛ كالاعتداء والإهمال أثناء سنوات طفولتهم.

ما طرق علاج اضطراب الشخصية الحدية؟

لا يوجد علاج نهائي للتخلص من اضطراب الشخصية الحدية، لكن عادةً ما تنخفض حدة أعراض هذه المشكلة مع مرور الوقت والتقدم بالعمر، فضلًا عن أخذ العلاجات المتوفرة للتعامل معها،وهنالك في المناسبة ثلاثة خيارات علاجية رئيسية للتعامل مع المصابين بالشخصية الحدية؛ وهي العلاجات النفسية، والأدوية، والمكوث في المستشفيات النفسية، ويُمكن ذكر هذه العلاجات وغيرها بمزيدٍ من التفصيل على النحو الآتي:

  • العلاج النفسي: ينظر الخبراء إلى العلاج النفسي بصفته العلاج الرئيسي الأول للتعامل مع أصحاب الشخصية الحدية؛ وذلك لتوفر الكثير من الأساليب النفسية التي تصلح لكبح أعراض الشخصية الحدية، منها ما يُعرف بالعلاج السلوكي الجدلي، والعلاج المشهور باسم العلاج المعرفي السلوكي، وغيرها الكثير من العلاجات والأساليب التي ينتقيها أطباء النفس بعناية من أجل التعامل مع أصحاب الشخصية الحدية، لكن يبقى العلاج المعرفي السلوكي أحد أكثر العلاجات شيوعًا لعلاج هذه الحالات؛ وذلك لقدرته الكبيرة على تحديد وتغيير الأفكار السيئة التي يحملها المصاب عن نفسه أو عن الآخرين، كما أنه قادرٌ على تعليم المصاب لبعض الطرق الصحية والمناسبة أثناء المرور بلحظات الغضب أو القلق أو الريبة، أما بالنسبة للعلاج السلوكي الجدلي، فإن بوسعه تعريف المصاب بمعتقداته وسلوكياته وكيفية قبولها أو الاستجابات المناسبة للتعامل معها.
  • الأدوية: قبل طرح أي اسم لدواء لعلاج اضطراب الشخصية الحدية يجب التنويه أولًا على عدم وجود أي دواء بوسعه علاج هذه المشكلة تمامًا، وإنما فقط يُمكن للأدوية تخفيف حدة الأعراض النفسية السيئة التي يُعاني منها المصاب، كما من الشائع أن يصف الطبيب هذه الأدوية بالتزامن مع إخضاع المصاب لجلسات العلاج النفسي، وليس وصف الأدوية وحدها، وعلى العموم فإن الأدوية الموصوفة قد تتضمن بعض أنواع مضادات الاكتئاب التي تركز أساسًا على علاج أعراض الاكتئاب، وبعض أنواع الأدوية المضادة للذهان التي تحاول تخفيف حدة الأعراض العدوانية والهيجان، فضلًا عن بعض الأدوية المضادة للقلق، والتي تهدف دون شك إلى علاج أعراض القلق.
  • المكوث في المشافي النفسية: يضطر الأطباء إلى تحويل بعض أصحاب الشخصية الحدية إلى المشافي النفسية في حال تطورت الأعراض لديهم كثيرًا وزادت حدتها إلى درجة إقدامهم على إيذاء أنفسهم أو الانتحار أو إيذاء الأفراد الآخرين، لكن بالطبع ستكون فترة المكوث في هذه المشافي محدودة وتحت إشراف الطبيب لغاية استقرار الحالة النفسية.
  • العلاجات البديلة: بات بعض الأطباء والخبراء يتحدثون عن كون أحماض أوميغا 3 مفيدة لتخفيف أعراض الاكتئاب والعدوانية لدى المصابين باضطراب الشخصية الحدية، لكن بالطبع تبقى الأدلة العلمية المؤيدة لهذا الأمر محدودة نوعًا ما ويصعب الأخذ بها على محمل الجدية.

في حال بدأت بالتساؤل الآن عن مآل ونهاية اضطراب الشخصية الحدية، فإن عليك أن تعلم بأن الدراسات العلمية قد بشرت بنتائج جيدة لأصحاب الشخصية الحدية في حال التزموا فعلًا بالعلاجات التي وضعها الأطباء لهم، وفي الحقيقة يُمكن لمعظم المصابين باضطراب الشخصية الحدية أن يلاحظوا انخفاضًا ملموسًا في حدة الأعراض لديهم، فضلًا عن تحسن جودة حياتهم أيضًا، لكن هذا بالطبع لا ينطبق على الجميع، كما أن فرص ظهور الأعراض مجددًا تبقى واردة، خاصة بعد التعرض لمواقف سيئة، لكن على العموم فإن السلوكيات المتهورة للشخصية الحدية تميل إلى الانخفاض حال وصول صاحبها إلى الأربعينيات من العمر.

مَعْلومَة: ما هو اختبار اضطراب الشخصية الحدية؟

لا يوجد اختبار طبي معتمد لتشخيص الإصابة باضطراب الشخصية الحدية، كما أن تشخيص هذا الاضطراب لا يعتمد على عرض واحد فقط، لذا يُفضل دائمًا الاستعانة بخبير بالأمراض النفسية للتشخيص هذا الاضطراب، وغالبًا ما سيلجأ هذا الخبير إلى إجراء مقابلة سريرية وشاملة للحديث مباشرة مع المصاب لجمع مزيدٍ من المعلومات حول الأعراض التي يُعاني منها، بل وقد يضطر أحيانًا إلى اجراء مقابلات مع الأصدقاء أو العائلة لجمع مزيدٍ من المعلومات منهم، لكن هذا الأمر بالطبع لم يمنع بعض المواقع الطبية من إنشاء اختبارات سريعة لتقييم الإصابة باضطراب الشخصية الحدية مبدئيًا، وفي الحقيقة يُمكن إيجاد الكثير من هذه الاختبارات المفتوحة للعامة والتي بوسع أيًا كان خوضها لأخذ فكرة عن احتمالية إصابته باضطراب الشخصية الحدية، لكن هذه الاختبارات تبقى في النهاية نتاج اجتهادات شخصية وليست ذات قواعد علمية راسخة لأخذها على محمل الجد، وعلى العموم فإن بعض هذه الاختبارات يتضمن أسئلة مباشرة لفحص إمكانية وجود هذا الاضطراب لدى الفرد، ويُمكن الإجابة على هذه الأسئلة بنعم، أو لا، أو أحيانًا، وقد تتضمن هذه الأسئلة ما يلي:

  • هل أنت منخرط بعلاقة غير مستقرة أو فيها تبادل بين الحب والكراهية؟
  • هل لديك نظرة غير مستقرة نحو ذاتك؟
  • هل لديك إحساس مزمن بالفراغ الداخلي؟
  • هل تمارس سلوكيات اندفاعية أو مدمرة لذاتك؟
  • هل تنتابك أفكار انتحارية أو أفكار لإيذاء نفسك؟
  • هل تبذل جهودًا مفرطة لتجنب إهمال الآخرين لك؟
  • هل تُعاني من تقلبات مزاجية شديدة أو تُظهر استجابات عاطفية مفرطة؟
  • على لديك مشكلة في التحكم بالغضب أو إظهار الكثير من الغضب المبالغ فيه؟
  • هل تنتابك فترات من الارتياب أو الشك الشديد أو فقدان الاتصال بالواقع؟
السابق
علاج التهاب الجلد التأتبي
التالي
التهاب الجلد التأتبي – Atopic Dermatitis

اترك تعليقاً