من الأمور الهامة بشكل كبير في حياة كل فرد من أفراد المجتمع التعرف على اساليب التحفيز الذاتي، ليس التعرف عليها فقط بل اتباعها أيضاً لما لذلك من دور عظيم في تنمية المجتمعات فهو يعد أحد أبرز الأمور التي يمكن للمرء الاعتماد عليها لبلوغ مراتب النجاح والتطور ومواجهة ما قد يمر به من تحديات ومعوقات أثناء طريقه لتحقيق أهدافه.
كما يعد التحفيز الذاتي علاجاً فعالاً للتخلص من حالة الإحباط التي قد يعاني منها الفرد في أياً من مجالات الحياة سواء على الصعيد الشخصي أو العملي والتي إن لم يتمكن من الوقوف على حل جذري لها يقضي على تلك الحالة ويعيده إلى نشاطه ومقدرته على العمل والإنتاج سوف تكون العواقب وخيمة يصعب السيطرة عليها فيما بعد ولذلك تعرفوا معنا في المقال التالي حول أهمية التحفيز الذاتي والأساليب التي يمكن من خلالها اتباعه وتطبيقه في الحياة.
مقدمة عن التحفيز الذاتي
لكي يتم التعرف على أساليب التحفيز الذاتي لا بد أولاً من فهم المقصود منه حيث إنه عبارة عن عملية يتم بها اكتساب قدر من الطاقة ممثلة في الأحاسيس والمشاعر الإيجابية التي تدفع بالفرد نحو تحقيق غاياته وأهدافه في أقل وقت ممكن لذلك وأقل جهد يتعين عليه أن يبذله من أجل بلوغ تلك الغايات.
يكون التحفيز على صورتين إما تحفيز داخلي ينبع من داخل الإنسان وذاته ما يدور في خلده من أفكار شخصية تنجم عن ما يحمله على عاتقه من مسؤوليات، أو تحفيز خارجي يستمد ممن يحيط به من أشخاص كالأصدقاء والأقارب، ولإيضاح المقصود من التحفيز الخارجي يمكن ذكر مثال عليه وهو أن يقوم شخص ما بتحفيز شخص آخر لكي يتمكن الأخير من إنجاز أمر ما فيجعل له مكافأة أو هدية مثل الحصول على ترقية بالعمل إن تمكن من القيام بذلك العمل وإنجازه على الوجه الأكمل.
ويمكن القول أن التحفيز الذاتي هو النوع الأمثل من كلا النوعين، إذ أنه نابع من داخل الإنسان يسعى من خلاله على تحقيق مبتغاه وهدفه بالحياة، والتغلب على ما يواجهه عقبات قد يتعرض إليها بما يساعده على تغيير النظرة التشاؤمية وجعلها إيجابية أكثر بما يجعله على قناعة أي هدف مهما كان يبدو صعب يمكنه مع المثابرة تحقيقه بما يساعده على اتخاذ القرارات الصائبة والتفكير فيما هو قادم وليس فيما مضى.
اساليب التحفيز الذاتي
تحفيز الذات والعقل وجهان لعملة واحدة وهو ما يمكن القيام به وتحقيقه من خلال اتباع الخطوات الآتية:
إيجاد الدافع
- يقصد بذلك تحديد الإنسان الهدف الذي يصبو ويسعى أن يصل إليه هل هو النجاح بالدراسة، أم الحصول على الترقية بالعمل، جمع قدر من المال في فترة محددة، أم تحقيق الشهرة، حيث إن الأحلام والطموحات متنوعة ومتعددة تختلف من شخص إلى آخر ولكن الأمر المشترك هو الحلم والهدف في حد ذاته.
- ولا يعد الحماس وحده كافياً في ذلك الصدد إذ كثيراً ما سمعنا عن أشخاص كانوا في غاية الحماس بالبداية ولكنهم سرعان ما يأسوا وأصابهم الإحباط الذي أدى بهم للاستسلام، بل لا بد من وجود دافع يقود إلى النجاح ويمنح الشخص التحفيز النابع من داخله.
تحديد الأهداف
- لا بد من إيجاد أهداف موضوعة ومحددة يسعى الفرد إلى تحقيقها على ضوء خطة محددة يتم إنجازها في وقت محدد من أجل الوصول إلى طريق النجاح بالحياة، لذا من قبيل الأمور الهامة وضع جدول زمني يتم به بلوغ الهدف المنشود والذي يتم من خلال وضع خطة عمل محكمة تشمل ذلك العمل من كافة الجوانب.
- يجب في تلك الأهداف أن تكون واضحة ومحددة قابلة للتحقيق لها موعد محدد ينبغي أن يتم إنجازها به، كذلك يفضل كتابة تلك الأهداف وتدوينها بورقة تظل أمام نظر الفرد تذكره بما عليه إنجازه وتحفزه باستمرار على تحقيقها.
ترديد الأقوال والحكم المحفزة
- يقصد بتلك الحكم الأقوال المأثورة التي تؤدي دور هام في توليد الطاقة داخل النفس التي تحفزها على النجاح بما يخلق للإنسان الدافع على الاستمرارية كلما شعر بالعجز واليأس أو التعب في منتصف الطريق، كأن يقول لنفسه (لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد)، أو ما ينصح به خبراء التنمية البشرية وعلوم الطاقة من النظر بالمرآة وقول (أنت تقدر) حيث يساعد ذلك على إنجاز العمل في أقل وقت ممكن لذلك دون الإصابة بالإحباط في حالة الوقوع بخطأ ما، بل سيكون هناك مقدرة على المحاولة مرات عديدة إلى أن يتم الوصول للنجاح.
انعدم التأثر بالعوامل الخارجية
- يكمن انعدام التأثر بالعوامل الخارجية المحيطة بالفرد في عدم تأثره بآراء من حوله وما يتم ترديده من آراء وأقوال سلبية محبطة فلا يدع لنفسه أو عقله مجالاً للاستماع إليها أو التأثر بها، فلا يوجد من لا يحيط به شخص أو اثنين يبثون الإحباط والطاقة السلبية في نفوس من حولهم محاولين التثبيط من عزيمتهم ورغبته في تحقيق النجاح.
- فلا ينبغي أن ينتظر الإنسان التحفيز من شخص آخر إذ أن التحفيز الخارجي أضعف تأثيراً من التحفيز الذاتي إلى حد كبير، فلا يعد من الصواب أنتظار أحد ما لكي يبث في نفسك روح المثابرة والسعي في العمل والإصرار على تحقيق الهدف إذ أنه حتما إن تم الحصول على ذلك التحفيز فإن تأثيره وقته سرعان ما يزول وكأن لم يكن، ولكن الأفضل هنا هو الاعتماد على النفس دون الاعتماد على الآخرين.
التعلم من الخطأ
- من يرغب في تحقيق النجاح عليه أن يتغلب على الخوف من الوقوع في الخطأ فلا يوجد من هو معصوم منه، بل ينبغي أن يدرك المرء أن الخطأ ليس سوى درس يتعلم منه ويستفيد ألا يقع به ثانية، كما أنه الفشل أو الإخفاق لا يمثل نهاية الطريق، وهناك مقولة شهيرة تقول (لا يوجد إلا أمر واحد هو ما يجعل من تحقق الحلم مستحيل ألا وهو خشية الإخفاق والفشل).
العمل بجد وإصرار
- لا تعد مجرد الأحلام والأمنيات كافية لبلوغ ما يتمناه المرء من أحلام وطموحات فإن كان الأمر كذلك لما وجد أحد غير ناجح بل إنه الأمر ليس بالسهولة تلك، لذلك قبل البدء في تنفيذ ما يضعه المرء أمامه من خطة لتحقيق حلمه عليه أولاً أن يكون على أتم استعداد لبذل قصارى جهده والعمل بأقصى طاقة وقوة مملوكة لديه دون أن يدع مجالاً لليأس والإحباط من الوصول إليه، وبالطريقة تلك يمكن للمرء أن يحفز نفسه ويكون على استعداد تام لمواجهة أياً ما قد يعترض طريقه من عقبات في طريق النجاح.
الثقة بالنفس
- الوثوق بالنفس من أولى سبل التحفيز الذاتي وإيمان الفرد بما يملكه من مقدرة تساعده على بلوغ هدفه، إذ أنه حينما يمتلك الفرد الثقة بنفسه ومقدرته ومهاراته والوقوف على نقاط القوة والضعف لديه سوف يحصل بلا شك على الشخصية الواثقة بقوة أنها قادرة على تحقيق ما تبتغيه من نجاح.
- والشخص الواثق في نفسه هو وحده القادر على التفكير بشكل صائب وهو من يعلم أي الطريق يرغب في الذهاب إليه، واضعاً أهدافه نصب عينيه، يردد دائماً (ليس من الهام مطلقاً عدد مرات السقوط أو الخطأ بينما الهام هو امتلاك المقدرة على الوقوف ثانيةً والبدء من حيث توقفت مرة أخرى).
التحدث إلى النفس بإيجابية
- يكمن ذلك في التخلص من الإيحاءات والأفكار الداخلية التي تحمل طاقة ومشاعر سلبية إذ أنها تمثل أبرز عوامل الفشل، بل إن الأفضل هو التمتع بالأفكار الإيجابية التي تعد أحد أنواع البرمجة النفسية الذاتية التي تجعل من الفرد شخصاً ناجحاً سعيداً غير يائس من تحقيق النجاح.
- وهناك مبدأ في علم البرمجة العصبية اللغوية يقول (أنا مسؤول عن عقلي، إذاً أنا مسؤول عن نتيجة ما أقوم به من أفعال)، فمن حق كل إنسان وباستطاعته أن يفكر بالطريقة التي تحلو له والشيء الذي يود القيام به، وبذلك لا يوجد من يمكنه أن يقوم بتوجيه أفكار شخص غيره بالاتجاه الذي يرغب به، بل إن كل إنسان هو وحد المسيطر على أفكاره وبالتالي أفعاله.
تطوير الذات
- لكي يتمكن الإنسان من التغلب على ما يصيبه في بعض الأحيان من حالات ركود وضعف فهو بحاجة دائمة إلى القيام بتحفيز نفسه وهو ما يمكنه القيام به عن طريق تحسين مهاراته والتطوير من نفسه من خلال تعلم استغلال كافة الفرص التي قد تتاح أمامه لكي يتعلم منها ما هو مفيد له، يساعده على تطوير خبرته واكتسابه لمهارات جديدة، ومن ثم تحقيق ما قام بتعلمه من خبرات في كلاً من الحياة الشخصية والعملية.
- يجدر الإشارة إلا أنه كلما تمكن المرء من التعلم باستمرارية وتطوير نفسه والبحث عن كل جديد في كافة الاختصاصات والمجالات سوف يمتلك حينها الخبرة والمعرفة التي تسهمان في التحفيز تجاه تحقيق قدر أكبر من النجاح والمزيد من التقدم.
- ومن أمثلة تطوير الذات اكتساب المهارات الجديدة التي تساعد الفرد في الحصول على ترقية بالعمل والانتقال من مستوى إلى مستوى أعلى، مثل حضور ورشة عمل تتعلق بالتطوير في مجال ذلك العمل تحديداً، حضور الدروس التي يترتب عليها اكتساب خبرة أو مهارة جديدة كما قد يتمثل تطوير الذات في حضور الدورات التدريبية.
تقدير الذات
- يقصد بذلك ألا يقف المرء منتظراً من غيره أن يبدي له التقدير حول ما يقوم به من إنجاز أو إبداء الإعجاب نحو ذلك، بل عليه أن يثق في أهمية ما قام به والسعادة بتحقيقه من هدف، فهو أول المقدرين لذاته وإن لم يجد من يقدر إنجازه فإن تقديره لنفسه يكون كافياً بل ويكافئ نفسه على ذلك الإنجاز أيضاً، فلا ينبغي مطلقاً على أحد أن يستهين بقدراته أو يقلل من شأنه مهما كان ما قام بإنجازه بسيطاً، بما سيجعل لديه المقدرة على بلوغ الشعور بالثقة في النفس والمقدرة على مواصلة السعي نحو النجاح.
- ومن الأكيد دون شك أن الإنسان ما إن وجد الدافع وقام برسم الخطة الصحيحة المناسبة واجتهد في العمل على تحقيقها سيصبح لديه الحافز الذاتي لكي يحقق ذلك النجاح مهما واجهه من صعاب حيث سيتمكن حينها من تخطيها وحلها بنفسه دون الحاجة إلى تشجيع أو دعم من شخص آخر.
تذكر الماضي مع التفكير في المستقبل
- من خلال تذكر ما مر به الإنسان في الماضي من صعوبات ومعاناة وكيف قد تمكن اليوم من تخطيها والتغلب عليها عن طريق تحفيز ذاته وتقوية إرادته وعزيمته، واليوم أصبح يمضي بالطريق الصحيح نحو النجاح سوف يمتلك حينها الوسائل والأدوات التي تساعده على تحقيق أهدافه التي قام بالتخطيط إليها للمستقبل بما سيجعله قاد على تغيير حياته وأوضاعه الحالية والوصول إلى مسعاه ومبتغاه.
أهمية التحفيز الذاتي
لا يوجد من لا يحتاج إلى التحفيز الذاتي بالحياة مهما كان مجال عمله أو علاقاته الشخصية فيمن حوله من أشخاص حيث يمتد دوره ليشمل كافة النواحي الإنسانية وتتمثل أهميته في الأمور الآتية:
- يساعد التحفيز الذاتي الإنسان على اتخاذ القرار الصائب والتفكير في تحقيق النجاح بالأيام المقبلة عن طريق وضع الخطط لذلك بهدف الوصول إلى النتاج المبهرة التي ترضي صاحبها، لذا يتعين أن يكون التحفيز نابع من الذات ومستمر بغير انقطاع أو توقف لتحقيق النجاح والتقدم.
- التحفيز الذاتي يعد بمثابة البطارية التي يقوم الإنسان من خلالها بشحن طاقته وأفكاره الإيجابية بما يمثل الدافع لكي يغير من وجهات نظره السابقة أنه لا يملك المقدرة على النجاح، بل يمتلك القناعة أن جميع طموحاته وأحلامه قابلة للتحقق.
- هو المحرك الرئيسي تجاه النجاح كما يصنف التحفيز الذاتي هو الأفضل من بين جميع أنواع التحفيز لكونه نابع من نفس الفرد فهو من يرغب في النجاح وليس مرغم على ذلك، كما أنه هام إلى حد كبير حينما يكون هناك مهمة لا بد أن يتم إنجازها مع الشعور أنها مستحيلة أو صعبة فيكون حينها أداة للتغلب على مشاعر اليأس والإحباط تلك.
- علاج لحالة الاكتئاب التي أحياناً ما تصيب الإنسان وتجعله فاقد الأمل في النجاح والرغبة في القيام بأي عمل، كما أنه يساعد في التغلب على اللامبالاة والملل فيما يتعلق بتنفيذ الخطط الموضوعة للمستقبل.
- يستعين به من يرغب في مضاعفة جهده وتشجيع نفسه على تحقيق خططه وأهدافه المستقبلية، كذلك يساعد في الحالة التي يشعر بها الإنسان بفقد الحماس والنشاط للقيام بعمل ما وإنجازه في وقت قصير.
عناصر التحفيز الذاتي
تنقسم عناصر التحفيز الذاتي إلى ثلاث عناصر وهي:
- الجهد: يقصد به مقدار الوقت والطاقة المبذولين من أجل تحقيق ما يضعه المرء نصب عينيه من أهداف عليه أن يقوم بتحقيقها، فلا تعد الطاقة وحدها كافية من أجل نجاح المرء فيما يطلب منه إنجازه بل إنه في حاجة إلى الوقت الكافي لذلك أيضاً.
- الرغبة: تتمثل في شعور الإنسان بالرغبة إلى بلوغ وتحقيق أهدافه وخططه الموضوعة حيث إن افتقار المرء للرغبة يضعف كثيراً من فرص تحقيق النجاح وتنفيذ تلك الخطط في وقت وجيز.
- المقدرة: بما يجعل المرء مؤهلاً وقادراً على القيام بنشاط أو سلوك ما مطلوب منه، والذي عن طريقه يمكن رفع الكفاءة في أداء العمل على العكس من الأشخاص الغير مؤهلة.
خاتمة عن التحفيز الذاتي
في ختام الحديث عن أهمية تحفيز الذات والأساليب التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك يذكر أن تحفيز الذات من أبرز الموضوعات التي تعرض لها خبراء علم التنمية البشرية واضعين الكثير من الطرق التي تساعد على ذلك ولعل من أكثر ما ذكروه في هذا الصدد مدى ما تحققه قراءة الكتب من دور خاصة الكتب المفيدة التي تخص مسألة تحفيز الذات والدفع بالنفس تجاه تحقيق النجاح والأهداف، ومن أنواع تلك الكتب قصص نجاح مشاهير العالم الناجحين في مختلف المجالات.
تساعد قراءة تلك الكتب على الاستفادة من تجارب الناجحين والحصول على المشاعر والطاقة الإيجابية وأخذ العبرة من المواقف التي قد مروا بها، والاستفادة من الأخطاء التي وقعوا بها لتجنبها، بما يكسب الشخص المزيد من الخبرات الحياتية كما تمنحه الإصرار والعزيمة في تحقيق حلمه.