مما لا شك فيه أن موضوع الاتحاد أو التعاون، من الموضوعات الهامة جداً والتى لها تأثير كبير فى تحقيق الأهداف والوصول إلى النجاح، فالاتحاد هو أساس القوة والصلابة، الاتحاد يشجع الجميع ويمنحهم الرغبة فى تحقيق المزيد، فبالتعاون والاتحاد لن يقدر العدو على إلحاق الأذى والضرر بنا، كما لا يستطيع أن ينشر الفرقة بيننا، التعاون والاتحاد كان سبب تحقق النصر للعديد من الدول والجماعات على مر التاريخ، فتجد أن الدول التى تقف فى وجه العدو بمفردها دائماً تنهزم أما اتحادها مع غيرها فيزيدها صلابة وقوة لتتمكن من الإنتصار، بالتعاون نستطيع أن ننجح فى الأنشطة والرياضات ونحقق الفوز، فتخيل معى إن كان هناك لاعب كرة يستأثر بها طوال المباراة ولا يعطيها لغيره، فهل يكون بإمكانه أن يسجل الهدف؟، بالطبع لا.
قصة عن الاتحاد والتعاون:
من القصص الحقيقة التى تحثنا على أهمية التعاون والاتحاد هى قصة الشيخ الكبير، الذى طلب من أولاده أن يجلب كل واحد منهم عصا رفيعة ويحاول كسرها، وبالفعل قام الأولاد بكسر العصا، ثم طلب منهم أن يأتوا بمجموعة من العصى ويحاولوا كسرها، فلم تنكسر، فقال لهم الشيخ هذا درس لكم لتتعلموا أن الاتحاد والتعاون هو أساس البقاء والقوة، فإذا كان كل منكم بمفرده ستجدوا من يبث الفرقة بينكم ثم يحاول أن يكسركم مثلما انكسرت العصا، أما إن كنتم يد واحدة فى مواجهة الأعداء، والمشكلات والأزمات، فلن يهزمكم شئ مهما كان.
اشكال الاتحاد والتعاون:
هناك عدة نماذج وأشكال للاتحاد والتعاون، فهناك اتحاد وتعاون بين الأفراد وهذا الاتحاد يكون فى الدراسة أو فى العمل، وربما بين الأهل والأصدقاء، تتآلف فى هذا الاتحاد قلوب الأشخاص وأرواحهم ويجدون أنهم يعملوا بقلب رجل واحد، يدافعون عن بعضهم البعض، ويشجع كل منهم الآخر للوصول إلى النجاح، يأخذ فيه القوى بيد الضعيف ليقوى ويتغلب على الفشل، وهناك تعاون واتحاد بين الجماعات فتجد كل جماعة تدافع عن الأخرى وتحميها من هجوم الأعداء عليها، كما تمدها بما ينقصها من الموارد وتساعدها على النهوض ليشكلوا معاً مجموعة من الجماعات القوية التى تحمى نفسها من الأخطار، وهناك اتحاد بين الدول فى الحروب والأزمات فتجد الإتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى والآسيوى وغيرها من الإتحادات التى كانت تتكون من مجموعة من الدول من أجل حماية بعضها البعض والحفاظ على خيراتها وثرواتها من الأعداء، كما تتحد مصالحها وأهدافها مما يرفع من شأنها أمام العالم ويحقق لها المزيد من القوة والنصر.
أهمية الاتحاد والتعاون فى القرآن:
إن خير ما يستدل به الحديث هو القرآن الكريم إذ يقول المولى فى كتابه العزيز وهو أصدق القائلين،”وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” سورة المائدة.
كما أمرنا رسولنا الكريم بضرورة الإتحاد والقوة، والتعاون على الخير والبر والإحسان، ونبذ الفرقة والتشتت من بيننا فقال صلى الله عليه وسلم”من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ومن ستر مسلماً ستره الله فى الدنيا والآخرة والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه”.
كما ذكر صلاة الله عليه وتسليمه عن التعاون بين المسلمين فى الشدائد “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”.
لذا فإننا نجد أنه من خلال تلك الآيات والأحاديث النبوية السابقة التى تحثنا على ضرورة التعاون والاتحاد فيما بيننا، أن الاتحاد والتعاون لن يجلب الخير فى الدنيا فقط بل على العكس فالاتحاد والتعاون يعنى اتباع منهج الله تعالى فى الأرض، وتنفيذ سنة رسولنا الكريم التى أوصانا بها، مما يجعلنا ننال الثواب الكبير فى الآخرة، ونفوز برضا الله ونبيه بإذن الله، كما أن نهى الله تعالى عن الفرقة والتشتت دليل قوى على أن هذه الفرقة قد تصيبنا وتلحق الضرر بنا، فيد الله دائماً تكون مع الجمع المتحد المتعاون بين بعضه البعض.
كما أنه يذكر فى السنة النبوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان دائماً ينصح أصحابة بالاتحاد والتعاون، فكان يرشدهم إلى أن تكون دائماً كلمتهم واحدة ورأيهم واحد، لأن هذا يمنع انتشار الفتن والفرقة بينهم التى لا تنتهى إلا بالفشل والهزيمة.
أهمية التعاون والاتحاد للأفراد والجماعات:
كل ما أمرنا الله ورسوله به يأتى دائماً بالخير والنفع على الجميع سواء على الفرد أو المجتمع لذا فإن الاتحاد والتعاون لهم أهمية كبيرة تتمثل فى أن الالتزام بالاتحاد والتعاون بين الناس ينشر الود والحب بينهم، فتجتمع قلوبهم على شئ واحد ورأى واحد، كما تجتمع عقولهم على تحقيق المصلحة العامة للجميع، ويساعد التعاون والاتحاد على البعد عن الكراهية والأنانية التى يتصف بها البعض، كما يختفى العنف والشر بين الناس، ولا يسمح الأفراد المتعاونون بأى شكل من أشكال التشتت أو الفرقة بينهم.
وينعكس اتحاد وتعاون الأفراد على الجماعات أو الدول، حيث يساعدها ذلك كثيراً فى تحقيق النهضة والتقدم والرخاء، والحفاظ على الثروات والخيرات، والبعد عن الفتنة والتشتت، والتغلب على الأعداء الذين يريدون نشر الفتن.
الإنسان المتعاون:
ليتحقق الإتحاد والتعاون لابد من أن يكون بين الجماعة الأفراد الذين يقدرون على تحمل المسؤوليات، أن يتصفوا بالإيثار وتفضيل الغير على النفس، كما من الضرورى أن يتمتعوا بالحزم وقوة الشخصية لإبعاد أى فرقة أو تشتت قد يصيب الجماعة، ومن الهام جداً أن يتصف هؤلاء بالحكمة ورجاحة العقل حتى يتمكنوا من تقديم الرأى الصائب والمشورة السليمة، وعليهم أن يتصفوا بصفات القادة أو الزعماء الذين يحبهم الناس ويثقون فيهم وينفذون كل ما يطلبوه منهم.
خاتمة :
الاتحاد والتعاون يساعد على نشر الخيرات بين الناس، وتشتت الآلام والأحزان، وظهور القوة والسعادة، لذا فإنه من الضرورى أن نلتزم بالاتحاد والتعاون فى حياتنا وأن نجعل ذلك منهجاً لحياة أولادنا فى المستقبل.
