الامارات

الوحدة المزمنة وأخطارها على صحتك

الوحدة المزمنة وأخطارها على صحتك

ماذا نعني بالوحدة المزمنة؟

يخشى الناس عادةً من الوحدة لأنهم اجتماعيون يحبون الحديث والمحاورة مع الآخرين ومشاركتهم لمبادئهم ومخططاتهم، لكن أحيانًا ينطوي البعض في وحدة مزمنة أو مفرطة تجعلهم منعزلين عن الناس وتزيد من شعورهم بالاكتئاب، والحزن، والأفكار الانتحارية، كما قد تؤدي إلى دمار صحتهم البدنية وضعف قواهم المناعية، ولقد حاول بعض الخبراء تحديد المعالم الجوهرية للوحدة المزمنة عبر القول بأنها تحدث عندما يبدأ الشخص بالشعور بالانعزال أو الانفصال عن المقربين له، والتحلي بالحذر الشديد عند الاختلاط بالآخرين، والتحلي بالسلبية ورفض الآخرين، وغيرها من العلامات السيئة، ولقد أرجع الباحثون أسباب الوحدة المزمنة إلى مرور بعض الناس بتجارب مريرة تدفع بهم إلى الانطواء على أنفسهم ومنع الآخرين من الاقتراب منهم، وهذا قد يحدث بعد التعرض –مثلًا- لتجربة الانفصال عن شريك الحياة، أو موت أحد المقربين، أو حتى بسبب الانتقال إلى مكان جديد يصعب تكوين علاقات فيه.

مخاطر الوحدة المزمنة

ينظر بعض الخبراء إلى الوحدة المزمنة بصفتها علامة دالة على فشل الإنسان بالتأقلم أو التكيف مع الأحداث التي يمر بها، ولقد لاحظ الباحثون أن للوحدة المزمنة آثارًا ومخاطر سلبية عند الأطفال تحديدًا، وقالوا بأن فشل الأطفال في إنشاء علاقات اجتماعية مع أقرانهم يجعلهم أكثر عرضة لترك المدرسة وتطوير صفات وأفكار معادية للمجتمع، بينما يتهم الخبراء الوحدة بأنها أحد أهم العوامل المؤدية إلى الشعور بالاكتئاب والإدمان على المشروبات الكحولية عند البالغين، ولقد حاول بعض علماء النفس تحري آثار ومخاطر الوحدة ومن بين النتائج التي توصلوا إليها:

  • اعتراف الأطباء بأن العلاجات التي يقدمونها للمرضى الذين لديهم عائلة وبعيدون عن الوحدة تؤدي إلى ثمار ونتائج ملحوظة أكثر مقارنة بالأفراد الوحيدين أو المنعزلين اجتماعيًا.
  • تزداد فرص الانتحار عند الشباب وكبار السن الذين يعيشون بانعزالية أو لوحدهم.
  • يشكو الأفراد الذين يُعانون من الوحدة من شعورهم بمستوى عالٍ من التوتر، حتى وإن كانوا في وضعية الراحة.
  • يمتاز الانخراط الاجتماعي للأفراد الذين يشعرون بالوحدة بمستوى أقل من الإيجابية، وهذا يجعل علاقاتهم أقل فائدة أو مقدرة على إبعادهم عن التوتر كما هو حال الناس الآخرين.
  • تتسبب الوحدة في رفع مستويات هرمونات التوتر في جسمك وضغط الدم أيضًا، وهذا يؤثر سلبًا على وظائف الجهاز الدوراني.
  • تزيد الوحدة من فرص إصابتك بالأمراض المزمنة، بما في ذلك السكري وارتفاع الكوليسترول.
  • تتسبب الوحدة في حدوث اختلال في دورات النوم الطبيعية لديك، وقد تُعاني من الاستيقاظ في الليل باستمرار بسببها.

علامات الوحدة المزمنة

ليس من الغريب أن تجعلك الوحدة تشعر بالفراغ الداخلي والحزن، ومن الممكن أن تشعر بأعراض أخرى بجانب هذه الأمور، مثل:

  • فقدان الطاقة والحيوية.
  • فقدان القدرة على التركيز.
  • المعاناة من الأرق ومشاكل النوم.
  • انسداد الشهية.
  • الشعور بفقدان قيمة الذات والأمل.
  • تكرار الإصابة بالأمراض.
  • الشعور بآلام وتشنجات جسمية.
  • الشعور بعدم الراحة والقلق.
  • زيادة الرغبة بالتسوق.
  • إدمان المخدرات أو الكحول.
  • زيادة الرغبة بمشاهدة الأفلام.
  • الرغبة بالشعور بالحرارة والدفء، سواء عبر الاستحمام بالماء الدافئ أو ارتداء الملابس الدافئة.

أسباب الوحدة المزمنة

من الصعب أن تجد إنسانًا لم يُعاني من الوحدة في حياته كلها، فالشعور بالوحدة كان وما زال ملازمًا للكثير من البشر منذ وجودهم على الأرض، لكن عادةً ما يمر الإنسان بالوحدة عندما ينتقل من مرحلة ما في حياته إلى مرحلة أخرى جديدة، كما هو حاصل -مثلًا- عندما ينفصل عن شريك حياته، أو عندما يموت شخص مقرب له كثيرًا، أو عندما ينتقل إلى مكان جديد، وفي حال استمرت الوحدة ولم تتغير الحال، فإن الإنسان سينتقل إلى مرحلة الوحدة المزمنة، التي ينظر إلى البعض إليها بصفتها كنوع من العذاب الوجودي، التي تنشأ إما عن افتقاد الإنسان للناحية العاطفية أو المادية للذهاب خارج منزله وإشباع رغباته الاجتماعية أو بسبب عدم وجود دائرة اجتماعية أصلًا حوله لتزويده بهذه الحاجات والرغبات، ومن بين الأسباب الأخرى التي يُمكن أن تؤدي إلى معاناتك من الوحدة:

  • أن تؤدي العمل من المنزل.
  • العيش بمفردك للمرة الأولى.
  • إصابتك بأحد الأمراض النفسية؛ كالاكتئاب مثلًا.
  • انحدار مستوى ثقتك بنفسك.

علاج الوحدة المزمنة

أكدت الدراسات العلمية على انخفاض مستوى الشعور بالوحدة عند المتزوجين، وأصحاب الدخل المرتفع، والمتعلمين، بينما أكدت الدراسات على ارتفاع فرص الإصابة بالوحدة عند الأفراد الذين يُعانون من أعراض بدنية، والذين يعيشون لوحدهم، والذين لديهم علاقات اجتماعية محدودة، ومن الجدير بالذكر أن الباحثين قد لاحظوا ارتفاعًا في نسب الإصابة بمشاكل الوحدة لدى الناس في الآونة الأخيرة، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولقد أرجع البعض ذلك إلى انتشار وسائل التوصل الاجتماعية والإنترنت، لكن على أية حال، يبقى بوسعك مجابهة الشعور بالوحدة عبر اتخاذ بعض الخطوات المناسبة، مثل:

  • حاول الانخراط في أحد النشاطات المجتمعية التي تجدها ممتعة بالنسبة لك؛ فهذه النشاطات توفر بيئة خصبة لمقابلة الناس والتعرف عليهم.
  • تمسك بالإيجابية وتوقع الأفضل وليس الأسوأ من الآخرين.
  • حاول إنشاء علاقات مع أناس يُشاركونك نفس المواقف والاهتمامات والقيم أيضًا.
  • اعتبر الوحدة دليلًا على أن هنالك شيئًا لا بد من تغييره في حياتك.
  • ابحث عن أحد الحيوانات الأليفة أو اللطيفة وتبناها داخل منزلك؛ كالقطط مثلًا.
  • كن صريحًا مع نفسك حول آثار الوحدة على حياتك.
  • استكشف إحدى الهوايات الجديدة وأنشئ علاقات مع الأفراد الذين تهمهم هذه الهوايات أيضًا.

متى تحتاج إلى زيارة الطبيب؟

يُصبح من الضروري لك التواصل مع أحد الأخصائيين النفسيين في حال[٣]:

  • انعكس الشعور بالوحدة سلبًا على حياتك اليومية إلى درجة منعك من أداء الأمور التي ترغب بأداها.
  • إذا تطور الشعور بالوحدة إلى شعور بالاكتئاب وسوء المزاج.
  • ظهور علامات أخرى مرتبطة بأحد الأمراض النفسية؛ كالقلق مثلًا.
  • استمرار ظهور الأعراض البدنية أو المرضية لأسابيع عديدة.

مَعْلومَة

اعتمد بقاء الإنسان على قيد الحياة منذ آلاف السنين على تعاضده مع أقرانه لهزيمة أهوال البيئة الموحشة التي وجد نفسه فيها، وهذا جعل البشر ينحازون أكثر نحو الاجتماعية ونبذ العزلة والوحدة حتى في المجتمعات الحديثة او المعاصرة؛ فإحدى المراجعات العلمية عام 2010 قد تحدثت عن أن حوالي 80% من ساعات الحياة اليومية يقضيها الإنسان مع الآخرين وليس وحيدًا، كما أشارت هذه المراجعة أيضًا إلى العلاقات المميزة أو غير النمطية التي يُمكن للإنسان تكوينها مع أشياء ليست على تواصل مباشر معه؛ كالعلاقة مثلًا بين القارئ والمؤلف أثناء قراءة أحد الكتب، أو العلاقة بين الإنسان والله، أو حتى علاقة المشاهد مع الشخصيات التي يشاهدها على شاشة التلفاز.

السابق
هل هناك علاقة بين الغضب والإصابة بالقلق
التالي
أشياء لا تعرفها عن مرض جنون الارتياب

اترك تعليقاً