حسان بن ثابت الأنصاري هو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، برع بكتابة الشعر قبل إسلامه وإستمر بالكتابه، من أكثر ما يميز شعره الحيوية والرقة والسلاسة، وجزالة اللفظ وفخامة المعنى، لهذا إليكم هنا ببعضاً من ديوانه.
ديوان حسان بن ثابت الأنصاري
عرفت ديار زينب بالكثيب
عرفت ديار زينب بالكثيب
كخطّ الوحي في الرقّ القشيب
تعاورها الرياح وكلّ جون
من الوسميّ منهمر سكوب
فأمسى رسمها خلقاً وأمست
يباباً بعد ساكنها الحبيب
فدع عنك التذكّر كلّ يوم
وردّ حرارة الصّدر الكئيب
وخبّر بالّذي لا عيب فيه
بصدق، غير إخبار الكذوب
بما صنع المليك غداة بدر
لنا في المشركين من النصيب
غداة كأنّ جمعهم حراء
بدت أركانه جنح الغروب
فوافيناهم منّا بجمع
كأسد الغاب مردان وشيب
أمام محمّد قد آزروه
على الأعداء في وهج الحروب
بأيديهم صوارم مرهفات
وكلّ مجرب خاظي الكعوب
بنو الأوس الغطارف آزرتها
بنو النّجّار في الدّين الصّليب
فغادرنا أبا جهل صريعاً
وعتبة قد تركنا بالجبوب
وشيبة قد تركنا في رجال
ذوي حسب إذا نسبوا نسيب
يناديهم رسول الله لما
قذفناهم كباكب في القليب
ألم تجدو حديثي كان حقّاً
وأمر الله يأخذ بالقلوب
فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا
صدقت وكنت ذا رأي مصيب
قالت لهً يوماً تخاطبه
قالت لهً يوماً تخاطبه
نفج الحقيبة غادة الصّلب
أما الوسامة والمروءة أو رأي
الرّجال فقد بداء حسبي
فوددت أنك لو تخبرنا
من والداك ومنصب الشعب
فضحكت ثمّ رفعت متّصلاً
صوتي أوان المنطق الشّغب
جدّي أبو ليلى، ووالده
عمرو وأخوالي بنو كعب
وأنا من القوم الذين إذا
أزم الشّتاء محالف الجدب
أعطى ذوو الأموال معسرهم
والضّاربين بموطن الرّعب
أبوك أبوك وأنت ابنه
أبوك أبوك وأنت ابنه
فبئس البنيّ وبئس الأب
وأمّك سوداء مودونة
كأنّ أناملها الحنظب
يبيت أبوك بها معرساً
كما ساور الهوّة الثّعلب
فما منك أعجب يا ابن استها
ولكنني من أولى أعجب
إذا سمعوا الغيّ آدوا له
تيوس تنبّ إذا تضر
ترى التّيس عندهم كالجواد
بل التيس وسطهم أنجب
فلا تدعهم لقراع الكماة
وناد إلى سوءة يركبوا
رقاق النعال طيب حجزاتهم
رقاق النعال طيب حجزاتهم
يحيّون بالرّيحان يوم السّباسب
تحييهم بيض الولائد بينهم
وأكسية الأضريج فوق المشاجب
يصونون أجساداً قديماً نعيمها
بخالصة الأردان، خضر المناكب
ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده
ولا يحسبون الشرّ ضربة لازب
حبوت بها غسّان إذ كنت لاحقاً
بقومي وإذ أعيت عليّ مذاهبي
آليت ما في جميع النّاس مجتهداً
آليت ما في جميع النّاس مجتهداً
مني ألية برّ، غير إفناد
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت
مثل النّبيّ، رسول الرّحمة الهادي
ولا برا الله خلقاً من بريته
أوفى بذمّة جار أو بميعاد
من الذي كان نوراً يستضاء به
مبارك الأمر ذا عدل وإرشاد
مصدّقاً للنّبيّين الألى سلفوا
وأبذل الناس للمعروف للجادي
يا أفضل الناس، إني كنت في نهر
أصبحت منه كمثل المفرد الصادي
أمسى نساؤك عطلن البيوت فما
يضربن فوق قفا ستر بأوتاد
مثل الرواهب يلبسن المسوح وقد
أيقنّ بالبؤس بعد النعمة البادي
عفت ذات الأصابع فالجواء
عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء
ديار من بني الحسحاس قفر تعفيها الروامس والسماء
وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاء
فدع هذا ولكن من لطيف يؤرّقني إذا ذهب العشاء
لشعثاء التي قد تيمته فليس لقلبه منها شفاء
كأنّ خبيأة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء
على أنيابها أو طعم غضّ من التفاح هصره الجناء
إذا ما الأسربات ذكرن يوماً فهنّ لطيّب الراح الفداء
نولّيها الملامة إن ألمنا إذا ما كان مغث أو لحاء
ونشربها فتتركنا ملوكاً وأسداً ما ينهنهنا اللقاء
عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النّقع موعدها كداء
يبارين الأسنّة مصعدات على أكتافها الأسل الظّماء
تظلّ جيادنا متمطّرات تلطمهنّ بالخمر النساء
فإما تعرضوا عنا إعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يوم يعزّ الله فيه من يشاء
وجبريل أمين اللّه فينا وروح القدس ليس له كفاء
وقال اللّه قد أرسلت عبداً يقول الحقّ إن نفع البلاء
شهدت به فقوموا صدّقوه فقلتم لا نقوم ولا نشاء
وقال اللّه قد يسّرت جنداً هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كلّ يوم من معدّ سباب أو قتال أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدماء
ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء
وأن سيوفنا تركتك عبداً وعبد الدار سادتها الإماء
كأنّ سبيئة ً من بيت رأس تعفيّها الرّوامس والسّماء
هجوت محمداً فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء فشرّكما لخيركما الفداء
هجوت مباركاً براً حنيفاً أمين الله شيمته الوفاء
فمن يهجو رسول اللّه منكم ويمدحه وينصره سواء
فإنّ أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
فإما تثقفنّ بنو لؤي جذيمة إنّ قتلهم شفاء
أولئك معشر نصروا علينا ففي أظفارنا منهم دماء
وحلف الحارث بن أبي ضرار وحلف قريظة منّا براء
لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدّره الّدلاء
لعمرك ما أوصى أميّة بكره
لعمرك ما أوصى أميّة بكره
بوصيّة أوصى بها يعقوب
أوصاهم لمّا تولّى مدبراً
بخطيئة عند الإله وحوب
أبنيّ إن حاولتم أن تسرقوا
فخذوا معاول، كلها مثقوب
وأتوا بيوت النّاس من أدبارها
حتى تصير وكلهنّ مجوب
ما نقمتم من ثياب خلفة
ما نقمتم من ثياب خلفة
وعبيد، وإماء، وذهب
قلتم بدّل، فقد بدّلكم
سنةً حرّى، وحرباً كاللّهب
ففريق هالك من عجف
وفريق كان أودى، فذهب
إذ قتلتم ماجداً ذا مرة
واضح السّنّة معروف النّسب
وغبنا فلم تشهد ببطحاء مكة
وغبنا فلم تشهد ببطحاء مكة
رجال بني كعب تحزّ رقابها
بأيدي رجال لم يسلّوا سيوفهم
بحقّ وقتلى لم تجنّ ثيابها
فيا ليت شعري هل تنالنّ نصرتي
سهيل بن عمرو وخزها وعقابها
وصفوان عوداً حزّ من شفر استه
فهذا أوان الحرب شدّ عصابها
فلا تأمننا يا ابن أمّ مجالد
إذا لقحت حرب وأعصل نابها
ولو شهد البطحاء منّا عصابة
لهان علينا يوم ذاك ضرابها
نجى حكيماً يوم بدر ركضه
نجى حكيماً يوم بدر ركضه
كنجاء مهر من بنات الأعوج
ألقى السلاح وفرّ عنها مهملاً
كالهبرزيّ يزلّ فوق المنسج
لما رأى بدراً تسيل جلاهها
بكتائب ملأوس أو ملخزرج
صبر يساقون الكماة حتوفها
يمشون مهيعة الطّريق المنهج
كم فيهم من ماجد ذي سورة
بطل بمكرهة المكان المحرج
ومسود يعطي الجزيل بكفه
حمّال أثقال الدّيات، متوّج
أو كلّ أروع ماجد ذي مرة
أو كلّ مسترخي النجاد مدجج
ونجا ابن حمراء العجان حويرث
يغلي الدماغ به كغلي الزبرج
أغرّ عليه للنّبوّة خاتم
أغرّ، عليه للنّبوّة خاتم
من اللّه مشهود يلوح ويشهد
وضمّ الإله اسم النبيّ إلى إسمه
إذا قال في الخمس المؤذّن أشهد
وشقّ له من إسمه ليجله
فذو العرش محمود، وهذا محمد
نبيّ أتانا بعد يأس وفترة
من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
فأمسى سراجاً مستنيراً وهادياً
يلوح كما لاح الصّقيل المهنّد
وأنذرنا ناراً وبشر جنةً
وعلمنا الإسلام فالله نحمد
وأنت إله الخلق ربي وخالقي
بذلك ما عمرت فيا لناس أشهد
تعاليت ربّ الناس عن قول من دعا
سواك إلهاً أنت أعلى وأمجد
لك الخلق والنعماء والأمر كله
فإيّاك نستهدي وإيّاك نعبد