إنّ العنصر البشري هو المؤثر الرئيسي في تقدم المجتمعات وازدهارها، وهذا ما أكد عليه بناء الحضارات عبر التاريخ، حيث تتوالى الأدلة لتثبت أن المورد البشري، هو المورد الأهم من بين الموارد الأخرى والتي تقرر مدى تقدم وتفاضل الأمم في ميادين العلم والرفاه، فكلما تميزت نوعية المورد البشري وارتقت كفاءته في الأداء الاقتصادي في مجتمع ما وهنالك العديد من اقسام الموارد البشرية، التي تعاظمت فرص تطور منشآت المجتمع وازدهارها بين المجتمعات الأخرى، إذ ظهر جلياً أهمية الموارد البشرية كونها تعد حجر الزاوية و القلب النابض لأي منشأه فهي ركن أساسي لاستمرارية المنشأة وتطورها ولتحقيق أهدافها المخطط لها، كما تعد زيادة الكفاءة والفعالية للعناصر البشرية في المنشأة من أهم الأمور التي ستعطي قيمة مضافة لها، وتميزها، وتزيد قدرتها التنافسية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وبالتالي تتمحور إدارة الموارد البشرية حول زيادة الاهتمام بالموارد البشرية بما يضمن الاستخدام الأمثل لهذا المورد، وبالتالي نجاح المنشأة، كما أن إدارة الموارد البشرية تسعى لتحقيق أكبر معدل ممكن من الكفاءة في أداء الموظفين في المنشأة، وذلك من خلال تحقيق الأهداف السابقة وذلك لما يصب بالنهاية لتحقيق أهداف المنشأة وتحقيق استمرارية الأداء الفعال لعملها
إدارة الموارد البشرية
إن ادارة الموارد البشرية أو كما في الإنجليزية وفي ميدان إدارة الأعمال (Human Resources Management) ويختصر بالرمز (HR)، ومتطلباتها الحديثة وتسابق المنشآت على امتلاك المعلومة، هي نتيجة حتمية من النظريات التي حدثت على العالم الاقتصادي الحديث وعصر المعلومات، لذا يتطلب من المنشآت المختلفة الاهتمام بمواردها البشرية بأقصى درجة ممكنة من خـلال تطويرها مما ينعكس في النهاية على جودة أداء الأفراد نحو الأفضل، وبالتالي يحقق أهداف المنشأة وأهداف الأفراد ومن ثم تلبية رغباتهم وطموحاتهم وتقدمهم.
كما تلعب الموارد البشرية دوراً مهماً في تحقيق متطلبات التميز والإبداع والابتكار والريادة في الأعمال مما أدى إلى جعل إدارة الموارد البشرية ذات أهمية كبرى وذلك نابع من طبيعة هيكل إدارة الموارد البشرية وعملياتها؛ كما أن تطور تقنية وطبيعة المعلومات المطلوبة لكل إدارة موارد بشرية للمنشآت العصرية أدى إلى التغير في آلية استقطاب المهن والمؤهلات والمهارات التقليدية، فقد أصبحت المؤهلات والمهارات المطلوبة في هذا العصر الحديث والذي يتصف بالسرعة والتقنية التكنولوجية المتقدمة من المواصفات الجديدة التي تتلاءم وتنسجم مع التقدم التكنولوجي والتقنيات الحديثة.
اقسام الموارد البشرية
جاءت ادارة الموارد البشرية بشكلها الحديث نتيجة العديد من التطورات في علم الإدارة إدارة الموارد البشرية بالذات، حيث يرجع ظهورها إلى قرنين من الزمن تقريباً وذلك كان خلال الثورة الصناعية، إذ ظهرت ضرورة وجود إدارة متخصصة ترعى شؤون الموارد البشرية في المؤسسة وتحدد مهامها، وتجزأ العمل في أقسام عديدة، وبالتالي فإن اقسام الموارد البشرية هي
قسم التوظيف
يعد هذا القسم مسؤولاً بصورة مباشرة عن عملية التوظيف في كافة مراحلها، ابتداءً بالإعلان عن وجود الشاغر الوظيفي في المؤسسة عبر الوسائل المخصصة لذلك، بما في ذلك مواقع التوظيف الإلكترونية، والصحف، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن الإعلان على الصفحة أو الموقع الإلكتروني الخاص بالمؤسسة أيضًا، ثم اختيار المتقدمين الأفضل حسب الطلبات المقدمة، واختيار الأنسب منهم بما يتوافق مع شروط الوظيفة، ثم إجراء المقابلات، واعتماد الشخص المناسب لملأ الشاغر.
قسم التدريب
ويطلق عليه أيضًا اسم قسم التطوير والتأهيل، إذ يتم تعريف الموظف الجديد على بيئة العمل داخل المؤسسة، ثم تدريبه على المهام المطلوبة منه، وتأهيله للقيام بها على أكمل وجه، ولا تقتصر وظيفة قسم التدريب على تدريب الموظفين الجدد، بل تمتد لتطوير قدرات ومهارات الموظفين القدامى، من خلال ورشات العمل، والدورات التدريبية، وكذلك عن طريق دعوتهم لحضور المؤتمرات المختلفة ذات العلاقة والصلّة الوثيقة بعملهم.
قسم التحفيز
وهو القسم الخاص بتحفيز الموظفين وتقديم المزايا المختلفة لهم، مما يزيد من ولائهم للمؤسسة وللعمل، ويزيد من رضاهم الوظيفي، وينعكس ذلك إيجابًا على الإنتاجية لديهم، علمًا أنّ التحفيز له أشكالٌ عدة، منها: التحفيز المادي، وذلك بصرف المستحقات المالية والمكافآت، والتحفيز غير المادي، عبر الترقيات، وتسليم شهادات التقدير وغيرها.
قسم العلاقات العامة
إذ ينقسم هذا القسم إلى جزئين رئيسيين، هما العلاقات الداخلية، والعلاقات الخارجية، أي يشمل العلاقات داخل المؤسسة أو منظمة العمل، والعلاقات الخارجية تشمل المجتمع الخارجي.
قسم التعويضات المالية
إذ يرتبط بقسم المالية في المؤسسات، ويكون مسؤولاً عن كافة الحوافز المالية التي تقدم للموظفين مقابل تقديم مستوى وأداء عالي في نطاق مسؤولياتهم الوظيفية، علمًا أنّ التحفيزات المالية هي العوامل والمؤثرات التي تثير قدرات ومهارات الفرد ليؤدي الأعمال الموكل بها على أكمل وجه، وذلك عن طريق إشباع رغباته المادية خلال فترة زمنية معينة، سواء من خلال الرواتب، أو الأجور والمكافآت والحوافز المادية الأخرى.
وظائف الموارد البشرية
تندرج تحت خانة الموارد البشرية في المؤسسات والشركات العديد من المهام والوظائف، ويتمثّل أبرزها فيما يلي:
التخطيط
إنّ عملية التخطيط للموارد البشرية هي نشاط رئيسي لا بدّ منه تقوم به المنظمة بتقدير احتياجاتها من الموارد البشرية المستقبلية من حيث أعدادها ونوعياتها اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة الاستراتيجية، وتنفيذ أنشطتها وأعمالها وذلك بوضع خطة مستقبلية من أجل تحقيق كل ذلك في الوقت المناسب، وهو عبارة عن حلقة وصل بين الاستراتيجية العامة للمنظمة وإدارة الموارد البشرية، وتعد كذلك عملية للتنبؤ بعدد ونوعية العاملين اللازمين للعمل ومدى إمكانية تلبية هذه الاحتياجات في المكان والوقت المناسب، وذلك لتمكين المنظمة من تنفيذ وظائفها بكفاءة وفعالية، بينما تنتهي عملية التخطيط للموارد البشرية بإعداد خطة موارد بشرية تتواءم مع متطلبات التطبيق الفعال للخطة الاستراتيجية والهيكل التنظيمي.
التنظيم، والتوجيه، والرقابة
فبالنظر لمهام إدارة الموارد البشرية نجد أن لها مهمتين أساسيتين الأولى إدارية تشترك إدارة الموارد البشرية في تنفيذها مع مختلف الوحدات التنظيمية في المنشأة وتتمثل في وظائف التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وتخصيص الموارد.
المتابعة وتقييم الأداء
أن عملية تقييم الأداء هي عملية لقياس كفاءة الأداء الوظيفي الحالي للموظف، والحكم على قدرته، واستعداده للتقدم وتحمل المسؤولية في المستقبل، فهو عملية دورية هدفها قياس نقاط القوة والضعف في الجهود التي يبذلها الأفراد والسلوكيات التي تمارسها في وقت معين من أجل تحقيق هدف محدد خططت له المنظمة مسبقاً.
تحليل بيئة العمل
إنّ هذه الوظيفة تعنى بشكل رئيسي بدراسة وجمع الحقائق والمعلومات المتعلقة بالعمليات والمسؤوليات لعمل ما، لغرض تحديد وتوضيح مواصفات العمل ومحدداته أو شروطه وتقويمه، فهي تشكل أساساً موضوعياً لأسس الاختيار والتعيين، وتساعد على خلق مناخ تنظيمي جيد يعتمد عليه، للابتعاد عن الخلافات والصراعات الناتجة عن عدم تحديد الوظائف تحديداً دقيقاً.
ختامًا يتضح لنا مما سبق، أن الموارد البشرية هي وظائف ذات أبعاد معرفية ومسلكية وإنمائية وإنسانية متناسقة مكملة لبعضها البعض، تأتي في قمة الهرم الوظيفي، والذي تهدف لإكساب الفرد معارف ومهارات وقدرات تخدمه وتخدم المجتمع ككل، وتساعده في تحسين الأداء الوظيفي والرقي الاجتماعي وذلك من خلال الاستثمار في الإنسان وليس البنيان وهو ما يعني توفير الموارد البشرية اللازمة للتنمية، ورفع مستوى معارفها وقدراتها ومهاراتها باستمرار.