كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ الاعتكاف هو عبارة عن لزوم المسجد لطاعة الله -عزَّ وجلَّ- والتفرغ لعبادته، في الليل أو النهار ساعةً أو ساعتين أو ليلةً أو ليالي، وقد ورد مشروعيته في قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}، وقد جاءت السنة النبوية تبيِّن اعتكاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن هنا سيتمُّ تخصيص هذا المقال للإجابة على سؤال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في، كما يستمُّ ذكر شروط الاعتكاف وبيان مبطلاته، وفيما يأتي ذلك:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ودليل ذلك ما ورد عن أمِّ المؤمنين عائشة -رشي الله عنها- حيث قالت: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ، حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ”، وقد ترك الاعتكاف في بعض السنوات من شهر رمضان فاعتكف حينها في أوائل شهر شوال.
شروط الاعتكاف
بعد بالإجابة على سؤال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في ؟ سيتمُّ في هذه الفقرة ذكر شروط الاعتكاف، حيث هناكَ شروطًا لا بدَّ من توفرها لصحة الاعتكاف، منها ما يتعلق بالمعتكف ومنها ما يتعلق بالمكان المعتكف فيه، وفيما يأتي تفصي ذلك:
- شروط المعتكف: لا بدَّ للمعتكف أن تتحقق به عددًا من الشروط ليصحَّ اعتكافه، وفيما يأتي ذكرها:
-
- الإسلام: وبناءً على ذلك فلا يصحُّ الاعتكاف من الكافر.
- العقل: كذلك لا يصحُّ الاعتكاف من المجنون.
- التمييز: كذلك لا يصحُّ الاعتكاف من غير المميز، لكنَّه يصحُّ من غير البالغ.
- الطهارة: فلا يصح اعتكاف الجنب، ولا الحائض، ولا النفساء؛ لعدم جواز مكث هؤلاء في المسجد.
- النية: ويكون ذلك بأن ينوي المعتكف لزوم معتكفه طاعةً وقربةً لله -عزَّ وجلَّ- إذ أنَّ مدار الأعمال تعود إلى النية.
- شروط المكان المتكف فيه: كذلك المكان الذي سيعتكف في المسلم لا بدَّ أن يتوفر فيه بعض الشروط، وفيما يأتي ذكرها:
- أن يكون الاعتكاف في المسجد: ودليل ذلك قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد}، ولأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف في المسجد، ولم يُنقل أنَّه اعتكف في غيره.
- أن يكون المسجد تُقام في الجماعة: وذلك إذا كانت مدة الاعتكاف تتخللها صلاة مفروضة، وكان المعتكف ممن تجب عليه الجماعة، لأن الاعتكاف. في مسجد لا تقام فيه صلاة الجماعة يقتضي ترك الجماعة وهي واجبة عليه، أو تكرار خروج المعتكف كل وقت، وهذا ينافي المقصود من الاعتكاف، وبالطبع تُستنى المرأة من هذا الشرط؛ إذ أنَّ الجماعة في حقِّها غير واجبة.
مدة البقاء في المسجد
اتفق الأئمة الأربعة على أنَّ مدة البقاء في المسجد تعدُّ شرطًا من شروط الاعتكاف، لكن محل الخلاف بينهم كان في مقدار هذه المدة، ومن هنا يتوجب علينا ذكرة مدة البقاء في المسجد في مقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في وفيما يأتي ذكر أقوالهم في ذلك:
- الحنفية: إذا كان الاعتكاف مندوباً، فإنّه يُعَّد عندهم اعتكافاً بمُجرَّد المُكث في المسجد مع النيّة ولو لفترة قصيرة غير محدودة.
- المالكية: أن يبقى المعتكف في المسجد مدّة يوم وليلة، والمختار عندهم في المذهب أن لا ينقص الاعتكاف عن عشرة أيام.
- الشافعية: أن يبقى المعتكف في المسجد مدّةً أكثر من زمن الطمأنينة في الركوع، ونحوه؛ حتى ينطبق عليه وصف الإقامة.
- الحنابلة: أن يبقى المعتكف في المسجد مدّة ساعة، أو حتى لحظة، فالمهمّ عندهم أن تنطبق عليه صفة اللُّبث في المسجد.
مبطلات الاعتكاف
في ختام مقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في سيتمُّ ذكر مبطلات الاعتكاف حيث أنَّ هناكَ بعضًا من الأمور التي يجب على المعتكف تجنبها، إذ أنَّ الإتيان بها يبطل اعتكافه، وفيما يأتي مبطلات الاعتكاف:
- الخروج من المعتكف لغير حاجة: إذا لم يشترط الخروج أثناء اعتكافه، ثمَّ خرج بطل اعتكافه، وبالطبع يجوز الرجوع إلى الاعتكاف بنيةٍ جديدة.
- الجماع والإنزال: لا يجوز للمعتكف مجامعة زوجته، ودليله قوله تعالى: {لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}، وإن كان مباشرته لها في بيته.
- السكر والردة: فإذا ارتدَّ المعتكف أو شرب ما يُسكره بطل اعتكاف.
وبذلك نكون قد وصلنا إلى ختام مقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في، والذي تمَّ فيه بيان وقت اعتكاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما تمَّ بيان شروط المعتكف والمكان المعتَكف فيه، ومدة الاعتكاف عند الأئمة الأربعة، وفي الختام تمَّ ذكر مبطلات الاعتكاف.
