الامارات

كيف تتغلب على الرهاب الاجتماعي

كيف تتغلب على الرهاب الاجتماعي

الرّهاب الاجتماعي

ينتاب بعض الأشخاص الخوف والقلق من الظهور أمام الآخرين، فيدفعهم ذلك إلى العزلة أو التَّخفي والتّواري عن أنظار الناس، ويطلق على هذه الحالة الشعورية بالرّهاب الاجتماعي Social Anxiety Disorder، الذي يُعرّف بأنه خوف عميق مستمرّ على غير أساس من واقع الخطر أو التّهديد من موقف ما أو شيء معيّن، ويعرف أيضًا باضطراب القلق الاجتماعي، ويجعل هذا القلق الشخص غير مرتاح لإجراء أي محادثة أو تواصل اجتماعي، كما يعاني المصاب من القلق الشديد أو الخوف من أحكام الآخرين بحقه أو رفضهم له في المواقف الاجتماعية المختلفة، ويبدأ غالبًا في مرحلة المراهقة، ويتجنب المصاب كافة أشكال التواصل الاجتماعي، ويتجسد هذا الاضطراب في أعراض نفسية أو سلوكيّة أو فسيولوجيّة، وتظهر في مواقف اجتماعية معيّنة.

تشير الإحصاءات في المملكة المتحدة إلى أن القلق الاجتماعي حالة شائعة، إذ تصيب ما نسبته 40% من عدد السكان، وهي أكثر من مجرد شعور بالخجل وعدم الرغبة بالتحدث في مجموعات كبيرة، إذ يمكن أن يفرض الرهاب السيطرة ويعرقل الحياة اليومية للمصاب، ويعاني المعظم من الرهاب بصمت دون اللجوء للبوح والبحث عن المساعدة،ومع أن الرهاب الاجتماعي مرض نفسي مزمن، فإن الشخص قادر على التكيف معه باستخدام العلاج النفسي والأدوية، مما يعزز ثقته بنفسه ويحسن قدراته في التعامل مع الآخرين.

التغلّب على الرهاب الاجتماعي

إنّ الخوف من التعرض للمناسبات الاجتماعية أو المواقف الاجتماعية يجعل المصاب يتجنبها قدر الإمكان، لكن للتغلب على القلق والرهاب يجب على المريض المواجهة، وتوجد العديد من الخطوات للمساعدة في إعداد شخص للتفاعلات الاجتماعية التي قد تُشعر بالتوتر قبل الاضطرار إلى مواجهته، وتضم كلًا مما يأتي:

  • تحفيز الأفكار الإيجابية قبل الارتباطات الاجتماعية.
  • إعادة صياغة التفكير السلبي، وهذا ما يعتمد عليه العلاج النفسي السلوكي، إذ إن استمرار الشخص بإخبار نفسه بأنه يمتلك صفة الخجل على سبيل المثال سيعزز من مخاوفه في التحدّث إلى الناس.
  • عدم الاعتماد على الأدوية النفسية المهدئة.
  • مواجهة المخاوف، فمن المستحيل التغلب على الرهاب دون مواجهة.
  • يجب على الشخص التركيز على الناس في المواقف الاجتماعية وعدم التركيز على ذاته.

علاج الرهاب الاجتماعي

يختلف علاج الرهاب الاجتماعي المتبع في هذه الحالات باختلاف منشأ المشكلة واختلاف الأشخاص وردود الفعل التي تصدر عنهم وعلى درجة تأثير الرهاب الاجتماعي على أنشطة المصاب ووظائفه الحياتية العادية، وعادةً ما يلجأ الأطباء إلى الأدوية، أو إلى أساليب العلاج النفسي، أو إلى كليهما معًا لعلاج حالات الرهاب الاجتماعي، ومن العلاجات المستخدمة في حالات الرهاب الاجتماعي:

  • العلاج الطّبي والدوائي: مثل استخدام المهدئات ومضادات الاكتئاب ومثبّطات مستقبلات السيروتونين، وذلك كما يأتي:
    • مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRIs: تشكل هذه الأدوية الخيار العلاجي الأول لتخفيف أعراض الرهاب الاجتماعي نظرًا لتأثيراتها الجانبية القليلة، ولكن قد ينطوي استخدامها على احتمال حدوث انسحاب عند المريض، مما يعني ضرورة تخفيض كميتها قبل نهاية مرحلة العلاج، ومن الأمثلة عليها: باروكسيتين، وسيرترالين وغيرهما، وقد تسبب بعض الآثار الجانبية مثل الصداع، والغثيان، والأرق، والضعف الجنسي.
    • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورإيبرفين SNRIs: تنتمي هذه الأدوية إلى فئة مضادات الاكتئاب المستخدمة في علاج مرض القلق، وتكمن آلية عملها في التركيز على الناقلين العصبيين؛ السيروتونين والنورإيبرفين، وتحتاج هذه الأدوية إلى فترة 3 أشهر ليلحظ المصاب تحسّنًا في الأعراض التي يشكو منها.
    • مثبطات الأوكسيداز أحادي الأمين MAOIs: صُنفت هذه الأدوية باعتبارها فعالة في علاج اضطراب القلق الاجتماعي، غير أنها تنطوي على بعض التأثيرات الجانبية الخطيرة إذا أساء الشخص استعمالها.
    • البنزوديازيبينات: مثل كلونازيبام، وألبرازولام، وتنتمي هذه المجموعة الدوائية إلى الأدوية المُضادّة للقلق، ويصفها الطبيب عادةً لفترة قصيرة، إذ إنّ تناولها لفترات طويلة قد يسبب الاعتماد عليها، وقد تسبب بعض الآثار الجانبية مثل الارتباك أو النّعاس، أو الدوار، أو فقدان التوازن، أو فقدان الذاكرة.
    • حاصرات بيتا: تؤخذ أدوية حاصرات بيتا فمويًا قبل مواجهة حدث اجتماعي مثير للقلق لتخفيف أعراضه المحتملة، مثل تسارع دقات القلب ورعاش اليد واضطرابات المعدة.
    • الأدوية المضادة للقلق: تشتهر أدوية البنزوديازيبينات المضادة للقلق مقدرة سريعة على تخفيف حدة القلق، لكنها تبقى من بين الأدوية التي يسهل الإدمان عليها.
  • العلاج النفسي: يستخدم العلاج النفسي مجموعة واسعة من التقنيات لمساعدة الشخص على رؤية نفسه ومشاكله في ضوء أكثر واقعية والتغلب عليها والتعامل معها بشكل فعال، وتوجد العديد من أنواع العلاج النفسي، بما في ذلك العلاج الإدراكي والعلاج الشخصي والعلاج الديناميكي النفسي والعلاج الأسري، ويساعد هذا العلاج على تعلم كيفية التحكم بالقلق من خلال تمارين الاسترخاء والتنفس، وكيفية استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، كما يساعد هذا النوع من العلاج في مواجهة المواقف الاجتماعية تدريجيًّا، بدلًا من تجنبها، ويمكن أن يساعد العلاج وتغيير نمط الحياة والأدوية العديد من الأشخاص في التغلب على قلقهم في المواقف الاجتماعية، ويكون اختيار العلاج حسب تقييم المُعالج وفق ما يراه مناسبًا لحال الشخص، وللحصول على أفضل النتائج يجب اتباع نصائح الأخصائي النفسي، فالرهاب الاجتماعي ليس مشكلة أبدية، بل من الممكن أن تنتهي إذا ما توفرت الإرادة والعزيمة، ويكون العلاج النفسي وسيلة فعالة لتخفيف أعراض الرهاب الاجتماعي عند معظم المرضى، فهم يخضعون إلى جلسات علاجية يتعلمون فيها كيفية مواجهة الأفكار السلبية عن النفس، وتغييرها وتطوير مهاراتهم الذاتية لاكتساب ثقة كبيرة في المواقف الاجتماعية المختلفة. ويمثل العلاج المعرفي السلوكي الأسلوب الأشد فعالية للعلاج النفسي لحالات الرهاب والقلق الاجتماعي، وتكون فعاليته هي ذاتها سواء في جلسات العلاج الفردي أم جلسات العلاج الجماعي. وفي هذا العلاج يعمد الطبيب إلى تعريض المريض إلى بعض المواقف التي تثير في نفسه الرهبة والخوف، مما يحسن مهارات التكيف والتأقلم عنده، ويساهم في تطوير ثقته بنفسه إزاء التعامل مع المواقف المثيرة للقلق. ويمكن للمريض أن يشارك في جلسات تبادل الأدوار لاكتساب المهارات الاجتماعية والثقة حين التعامل مع الآخرين، فهذا الأمر يكون مفيدًا لمواجهة المخاوف المتعلقة بالمواقف الاجتماعية، ويجري العلاج النّفسي وفقًا لمجموعة من التقنيات والأساليب منها:
    • التعرّض: يعتمد هذا الأسلوب على تعريض المريض إلى موقف اجتماعي معين إما عبر التخيل وإما عبر التجربة، فإذا كان المريض مصابًا بحالة شديدة من الرهاب الاجتماعي، يلجأ الطبيب النفسي حينها إلى تعريض المريض إلى موقف متخيّل أولًا، قبل أن يُعرضه إلى تجربة واقعية، وهكذا، سيصبح المريض عبر الممارسة والتجربة أكثر راحة في التصرف مع المواقف التي يحاول تجنبها.
    • إعادة البناء الإدراكي: يهدف هذا الأسلوب إلى التركيز على الأعراض الإدراكية للرهاب الاجتماعي، مثل ضعف الثقة بالنفس، والخوف من تقييم الآخرين وتحيّز العزو السلبي (أي عزو المريض النتائج الإيجابية إلى الصدفة والنتائج السلبية إلى عيوبه). ويتضمن هذا العلاج سلسلة من التمارين المصممة لتحديد الأفكار السلبية وتقييم مدى صحتها وبناء أفكار بديلة عنها.
  • العلاجات البديلة: حاول الباحثون تحري نجاح الكثير من العلاجات العشبية التي من المفروض أن تكون مفيدةً لعلاج القلق، ولقد جاءت نتائج الدراسات بنتائج متضاربة نوعًا ما، كما أن الكثير منها لم تتوصل إلى وجود فائدة كبيرة وراء تناولها، بل إن الباحثين أكدوا على إمكانية الإصابة بمشاكل في الكبد عند تناولها، بما في ذلك عشبة الكافا وعشبة الناردين، وينصح بعض الخبراء بتجربة علاجات بديلة أخرى، مثل؛ اليوغا، والعلاج العطري، وتناول بعض المكملات الغذائية، لكنها تبقى غير مثبتة، ولا يوجد ما يكفي من الأدلة العلمية لتأكيد فاعليتها فيما يخص علاج الرهاب الاجتماعي..

العلاج الأفضل للرهاب الاجتماعي عند الأطفال

لا تظهر حالات الإصابة بالرهاب الاجتماعي عند البالغين فحسب، وإنما يُمكن لبعض الأطفال أن يُعانوا من الأمر نفسه أحيانًا، وعادةً ما يتعرف الوالدان على إصابة طفلهم بالرهاب الاجتماعي عند ملاحظتهم لكثرة بكائه، وكثرة نوبات غضبه، و محاولته لتجنب الاختلاط بالأطفال الآخرين والبالغين، وخوفه الشديد من الذهاب إلى المدرسة أو المشاركة في الأنشطة الصفية، وعلى العموم فإن علاج الرهاب الاجتماعي لدى الأطفال يُشبه إلى حدٍ كبير علاج نفس المشكلة عند الكبار، لكن غالبًا دون الحاجة إلى وصف الأدوية، ويُمكن للأطباء محاولة دمج الطفل بمجموعة أخرى من الأطفال لمساعدته على التغلب على الرهاب الاجتماعي الذي يُعاني منه.

أساليب لتخفيف الرهاب الاجتماعي

يطرح الخبراء مجموعةً من الأساليب البسيطة التي يُمكن اللجوء إليها لتخفيف حدّة الرهاب الاجتماعي، وفيما يأتي ذكرها:

  • التركيز على الآخرين، وليس على النفس: يُصاب الكثيرون بالقلق أثناء تواجدهم في المواقف الاجتماعية بسبب اعتقادهم أن الآخرين ينظرون إليهم ويراقبونهم، وينبع هذا الشعور من تركيز الشخص على نفسه في تلك المواقف، لذا قد يكون من الأنسب التوقف عن التركيز على النفس والبدء في التركيز على الآخرين والاستماع إليهم بدلًا من الاستماع إلى الأفكار الداخلية المتعلقة بهم داخل النفس.
  • تعلم السيطرة على طريقة التنفس: تبدأ وتيرة التنفس بالتسارع تدريجيًا أثناء الشعور بالقلق، مما يؤدي إلى حصول تغيرات فسيولوجية تزيد من حدّة القلق مثل؛ الدوخة والشعور بالاختناق وتسارع دقات القلب، لذا قد يكون من الأفضل تعلم أساليب السيطرة على طريقة التنفس، مثل؛ الجلوس المريح، واستنشاق الهواء بهدوء، ثم كبت الهواء في الرئتين لثانيتين، ثم إخراجه ببطء والاستمرار بالتنفس بعد ذلك.
  • مواجهة المخاوف: يرى الخبراء أن أفضل طريقة للتغلب على الرهاب الاجتماعي هي مواجهة المواقف الاجتماعية بدلًا من تجنبها، فهذا الأمر قد يكون كافيًا لبناء الثقة في النفس مرة أخرى وخفض مستوى التوتر، لكن يجب عدم المبادرة مباشرةً في مواجهة أعظم المخاوف، إنما يجب التحلي بالصبر ومواجهة المخاوف تدريجيًا.
  • بذل مزيد من الجهد لكسب المهارات الاجتماعية: يُمكن كسب أو تعلم مزيد من المهارات الاجتماعية عبر حضور إحدى الدورات التعليمية الهادفة إلى تعليم المهارات الاجتماعية، أو الانخراط في الأنشطة التطوعية، فضلًا عن إنشاء علاقات صداقة جديدة.
  • اتباع الأنماط الحياتية الصحية: توجد الكثير من الأنماط الاجتماعية الصحية التي يُمكن اتباعها لغرض خفض مستوى القلق، مثل؛ التوقف عن شرب الكافيين، وممارسة الأنشطة البدنية، وتناول الأطعمة الغنية بأحماض أوميغا 3، والإقلاع عن التدخين، والحصول على قسط كافٍ من النوم، إذ وجد أن اتباع أنماط صحية والمحافظة على صحة الجسد يساعد على التخفيف من الاضطرابات النفسية بما فيها الرهاب الاجتماعي.

تشخيص الرهاب الاجتماعي ومُضاعفاته

لا يوجد فحص طبي محدد يكشف عن الإصابة بالرهاب الاجتماعيّ، بل يلجأ الطبيب النفسي لتشخيص الحالة عن طريق سؤال المريض عن الأعراض التي يعاني منها، وملاحظة تصرّفاته وسلوكاته، ويسأل المصاب عن المواقف التي تتسبب في ظهور الأعراض، وعن شعوره بالخوف أو الإحراج عند التواجد في المناسبات الاجتماعية، أو أنّ القلق يبدأ لديه قبل الذهاب للمناسبة الاجتماعية، وإدراكه إن كانت مخاوفه أو قلقه غير منطقية، ويسبب له ذلك تعطيلًا لحياته اليومية، من عمل أو دراسة.[١٤]

وقد يسبب الرهاب الاجتماعي ظهور بعض المضاعفات إذا تُرك دون علاج، فقد يسيطر على الحياة العامّة، ويؤثر سلبًا على العمل، والمدرسة، والعلاقات الاجتماعية، ويُعيق الاستمتاع بالحياة، بالإضافة إلى الآثار والمضاعفات التالية:انخفاض مستوى الثقة بالنفس.

  • التحدّث مع النّفس بكلام سلبيّ.
  • ضعف المهارات الاجتماعية وصعوبة التواصل الاجتماعي.
  • فرط التحسّس لأي نقد يتعرّض له.
  • الانعزال، وعدم الرغبة بالتواجد بالاجتماعات وأماكن التجمّعات.
  • تعاطي المخدرات، أو الإفراط في شرب الكحول.
  • ضعف الإنجاز العلمي أو الأكاديميّ.
  • محاولة الانتحار، أو الانتحار.

أسباب الرهاب الاجتماعي

يسري اضطراب الرهاب الاجتماعي أحيانًا بين أفراد العائلة الواحدة، بيد أنه لا يعرف حتى الآن سبب إصابة بعض أفراد الأسرة بهذا الاضطراب دون الآخرين، ووضع علماء النّفس نظريّات عدة لتفسير الرُّهاب الاجتماعي وكيفية حدوثه عند الأشخاص، منها؛ النّظرية السلوكية التي تؤكد على أنّ كلًّا من أنماط السلوك السوية والشّاذة تُكتسب من خلال التّعلم، إذ إنّ السلوك بالنسبة لهم يتحدّد بواسطة البيئة التي يعيش فيها الشخص ويكتسب منها سمات معيّنة، فإذا تعرَّض شخص لموقف أو لحادثة صادمة له، وحفزت فيه القلق والخوف، وكانت ذات طابع سلبي على كيانه الشخصي، أدّى ذلك إلى ابتعاده بهذه الطريقة عن أي موقف مماثل أو مشابه له، وعدم مواجهته، فينشأ بذلك الرهاب الاجتماعي، وينسب بعض الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي تطوّر الحالة إلى سوء المعاملة أو الإحراج أو الإهانة علنًا، مثل التعرض للتخويف في المدرسة والتنمر وسوء معاملة الأهل للشخص منذ الطفولة، كاستخدامهم أسلوب الضرب والتهديد والتخويف، فكلها أسباب تؤدي إلى الوصول لحالة القلق الاجتماعي.

تلعب الوراثة أيضًا دورًا في الإصابة بالرهاب الاجتماعي، وقد ركزت الأبحاث الحديثة على علامات وراثية محددة للقلق الاجتماعي على التغيرات في جين يسمى SLCGA4، والذي يشارك في نقل السيروتونين الناقل العصبي، وهي مادة كيميائية يمكن أن تساعد في تهدئة الأعصاب وتثبيت الحالة المزاجية، وقد ربط نقص السيروتونين وزيادته بأعراض القلق الاجتماعي، ويكافح الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق الاجتماعي لإنتاج السيروتونين باستمرار ودون تقلبات.

بالإضافة لذلك إنّ المواد الكيميائية في الدماغ تلعب دورًا في الرّهاب الاجتماعي، إذ يعكف بعض العلماء حاليًا على تحديد أيّ المواد الكيميائية في الدماغ التي تؤدي إلى تطور الرهاب الاجتماعي عند بعض الناس، فقد يضطلع السيروتونين بدور رئيس في الإصابة بهذه الحالة حينما تكون مستوياته في الدماغ غير متوازنة، ويرى باحثون أن اللوزة الدماغية تقوم بدور معين في استجابة الخوف عند الإنسان، مما يسبب ردود فعل مفرطة ومبالغ فيها، وقد بينت الإحصائيات انخفاض معدلات الإصابة بالرهاب الاجتماعي في بلدان البحر المتوسط مقارنة بالدول الإسكندنافية، وقد يعزى هذا الأمر إلى الطقس الدافئ وارتفاع الكثافة السكانية، في حين يشير بعض الخبراء إلى أن العوامل الثقافية تساهم في ارتفاع معدلات الإصابة بالرهاب الاجتماعي أو انخفاضها.وقد يكون هُناك أسباب أخرى وتتضمّن الآتي:

  • التعرّض لأحداث صادمة: قد يسبب التعرّض لصدمات نفسية تحفيز الإصابة بالرهاب.
  • ضعف المهارات الاجتماعية وفقدان الثقة في النفس.
  • الإصابة بحالات صحية مختلفة: قد تسبب الإصابة بأمراض أخرى آثارًا نفسية، بسبب الوضع الصحي أو المظهر العام غير المرغوب به.
  • ممارسات الوالدين السلبية مع أطفالهم: إذ أشارت الأبحاث أنّ الوالدين الذين يمارسون ممارسات سلبية مع أبنائهم، مثل الإفراط في الحماية، أو القلق المفرط وغير ذلك، يزيد من فرصة إصابة الأطفال في المستقبل بالرهاب الاجتماعي.

أعراض الرّهاب الاجتماعي

تشير تقارير الباحثين إلى معاناة حوالي 7% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية من الرهاب الاجتماعي خلال عام 2017، وعادةً ما يظهر الرهاب الاجتماعي لأول مرة أثناء فترة الطفولة كجزء من النمو الاجتماعي الطبيعي للطفل، وقد يعجز الوالدان عن تمييز الرهاب الاجتماعي عن الحرج العادي عند طفلهم، مما يؤدي إلى انتقال الرهاب الاجتماعي إلى مرحلة البلوغ فيما بعد، لكن يبقى من المعروف أن معظم الناس يشعرون ببعض الحرج والقلق عند قيامهم بأداء بعض الأنشطة الاجتماعية؛ كالتحدث على الملأ أو الخروج في موعد لأول مرة، وهذه الأمور بالمجمل هي أمورٌ طبيعية ويصعب القول بانها جزء من الرهاب الاجتماعي، إلا في حال أدت إلى التسبب بخوفٍ أو حرجٍ شديدين للغاية، ويمكن تقسيم أعراض الرهاب الاجتماعي إلى قسمين رئيسين، وهما؛ أعراض جسدية، وأعراض نفسية، وتحدث هذه الأعراض وقت حدوث المواقف الاجتماعية المختلفة كتقديم عرض أمام الزملاء مثلًا، أو إلقاء كلمة أمام حشد من النّاس مثلًا، أو المناسبات الاجتماعية، كالأفراح وغيرها، وأيضًا في المقابلات الشخصية والامتحانات الشفوية وغيرها الكثير، وفيما يأتي أبرز الأعراض الجسدية والنفسية التي تصيب الأشخاص المصابين بالرهاب الاجتماعي:

الأعراض الجسدية للرهاب الاجتماعي

توجد العديد من الأعراض الجسدية التي تظهر على المصابين بالرهاب الاجتماعي، ومن أبرزها ما يأتي:

  • تسارع دقات القلب واضطراب التنفس.
  • التعرق الشديد.
  • احمرار الوجه.
  • رعشة في اليدين.
  • رجفان الأطراف وشد العضلات.
  • جفاف الفم والتلعثم في الحديث.
  • الغثيان.
  • الشعور بالدوار.
  • المغص أو الإحساس بآلام في البطن.
  • تجنب التواصل مع الآخرين بالعينين.
  • كثرة البكاء أو الغضب أو البقاء مع الأهل عند الأطفال المصابين بالرهاب الاجتماعي.
  • الإسهال.
  • الإصابة بشد عضلي جراء التوتر.
  • ملاقاة صعوبة كبيرة في التكلم مع الآخرين.

الأعراض النفسية للرهاب الاجتماعي

توجد العديد من الأعراض النفسية التي تظهر على المصابين بالرهاب الاجتماعي، ومن أبرزها ما يأتي:

  • تجنب المواقف المفضية للقلق والتي يشعر فيها المريض بأنه مركز اهتمام الآخرين.
  • الارتباك والخوف من المواقف الاجتماعية التي يجتمع فيها المريض مع غرباء.
  • الشعور بالرهبة من تقديم المريض إلى الآخرين.
  • الخوف المفرط من التعرض إلى الإهانة أو الإذلال أو الانتقاد من الآخرين، مما يجعل المريض في حالة قلق وخوف دائمين في أثناء المواقف الاجتماعية.
  • الخوف من لقاء الأشخاص المهمين أو الذين يتقلدون مناصب ووظائف مهمة.
  • الشعور بالقلق الشديد والإصابة بنوبات الهلع عند مواجهة مواقف مخفية.
  • الامتناع عن بعض الأنشطة أو مخالطة الناس جراء الخوف من الإحراج.
  • نزوع الأطفال المصابين بالرهاب الاجتماعي إلى القلق والخوف من تعرضهم إلى الإحراج أمام أقرانهم.
  • الحساسية المفرطة.
  • صعوبة واضحة في التواصل مع الآخرين.
  • كثرة نقد الذات بطريقة سلبية.
  • تدني احترام الذات وانعدام الثقة بالنفس، والتي يعززها النقد الذاتي المستمر.
    • التغيّب عن المدرسة أو العمل، بسبب القلق من الذهاب ومواجهة الآخرين.

التعامل مع أعراض الرهاب الاجتماعي

يمكن للتنفس البطيء أن يخفف من أعراض الرهاب الاجتماعي، وتعلم إبطاء معدل التنفس في حالة القلق يمكن أن يحل بعض الأحاسيس الأخرى المثيرة للقلق، بالإضافة للمساعدة على تركيز الأفكار في العقل، وتكون تمارين التنفس البطيء باتباع الخطوات الآتية:

  • تنفس ببطء قدر الإمكان، أي شهيق مقابل زفير.
  • اجلس جلسة مريحة.
  • تنفس من أنفك بانتظام.
  • حاول أن تتنفس باستخدام أسفل المعدة عند الحجاب الحاجز وليس عضلات الصدر، فذلك يسمح بالاسترخاء.
  • كرر هذه العملية ثلاث مرات في اليوم، وقبل أي موقف يمكن أن يسبب القلق.

الرهاب الاجتماعي ونوبات الهلع

يخلط الكثيرون بين الرهاب الاجتماعي وبين الإصابة بنوبات الهلع أو الذعر، إلا أن المصابين بالرهاب الاجتماعي لا يُصابون بنوبات الهلع إنما بنوبات من القلق، لأن نوبات الهلع تجعل المصاب يشعر كأنه يُعاني من نوبة قلبية أو مشكلة صحية أخرى، بينما يبقى المصاب بالرهاب الاجتماعي على يقين بأنه يشعر بالقلق فحسب وليس بالذعر أو بالنوبة القلبية، ومن المعروف أن المصابين بنوبات الهلع يترددون على الطوارئ والمستشفيات أحيانًا لاعتقادهم أنهم مصابون بنوبة قلبية، بينما لا يحدث هذا الأمر غالبًا عند المصابين بالرهاب الاجتماعي.

دور الأب في مُساعدة طفله على تخطّي الرّهاب الاجتماعي

يُعاني بعض الأطفال من مُشكلة الرّهاب الاجتماعي، وقد يتمكّن الآباء عادةً من التّعامل مع أبنائهم بسهولة أكثر من غيرهم، لذلك قد تحتاج لإلقاء نظرة على بعض الطّرق التي ستُمكّنك من السّيطرة على التفاعلات الاجتماعية اليومية عند طفلك، بدلاً من تجنبها أو التغاضي عنها، إذ يمكن للآباء أن يكونوا حساسين وقلقين تجاه هذه المواقف، لذلك يُمكنك اللجوء لاستشارة بعض الأخصائيين بهدف أخذ بعض الأفكار التي ستُمكنّك من مُساعدة طفلك بشكل تشجيعي وداعم، وذلك يكون بدعمه ومُساعدته خلال المواقف الاجتماعية التي تسبب القلق له، ويُمكن القول بأن هناك طرق فعالة للتحكّم بمُشكلة الرّهاب الاجتماعي، إذ إنّ القلق هو عاطفة طبيعية ولدينا جميعًا القدرة على تسخيرها؛ ولكن يحتاج بعض الأطفال إلى مساعدة إضافية لتطوير مهاراتهم الاجتماعية والتّغلب على مشاعر القلق، لذلك بإمكانكَ مُساعدة طفلك وتشجيعه ودعمه لينفتح عالمه وتتحسن حياته.

ومن الأمثلة التّوضيحيّة لدور الأب في مُساعدة طفله على تخطّي الرّهاب الإجتماعي؛ مثلًا إذا قال المعلم “مرحبًا” وسأل الطفل عن اسمه، فيتدخّل الأب ويقول للمعلّم اسم ابنه ويصفه بأنّه خجول، وذلك يكون من غير قصد وإنّما من أجل أنّ يُخفّف التّوتر عن طفله، لكن تصرفًا بسيطًا كهذا قد يؤدي إلى تفاقم الاضطراب لدى الطّفل، لأنه لا يساعد الطفل على تعلم كيفية إدارة مشاعر القلق التي تُثار في مثل هذه المواقف، إذ يحتاج الآباء لإلقاء نظرة على أنفسهم وكيف يساعدون أطفالهم على التعامل في مثل هذه الأنواع من التفاعلات الاجتماعية اليومية، بدلًا من تجنبها، ولكن بمساعدة الأخصائيين، يمكن للآباء أن يتعلموا أن يشجعوا الأطفال من خلال المواقف الاجتماعية التي تسبب القلق.

معلومة

يُعدّ الرّهاب الاجتماعي من الظّواهر المُنتشرة بين بعض الفنّانين والشّخصيات المشهورة من دول الغرب، ومن ضمنهم:

  • جوني ديب؛ ممثل أمريكي.
  • ريكي وليامز؛ وهو لاعب كرة قدم أمريكي.
  • دوني أوزمند؛ ممثل ومغني أمريكي.
  • باربرا سترايساند؛ الممثلة والمغنية الأمريكية.
  • جينيفر لورنس؛ ممثلة الأمريكية.
السابق
تشخيص مرض الصدفية وكيفية علاجه
التالي
ما هو مرض الصدفية – Psoriasis؟

اترك تعليقاً