اسلاميات

لماذا سمي نوح بهذا الاسم

نوح عليه السلام

سيدنا نوح عليه السلام هو من أولي العزم من الرسل، وهو الأب الثاني للبشر بعد سيدنا آدم عليه السلام، وكان بين بعثة سيدنا آدم عليه السلام وبعثة سيدنا نوح ألف سنة، وقد بعث الله سبحانه وتعالى نوح عليه السلام لمّا انتشر الفساد في الأرض وعم فيها الظلم والفجور، وعبد الناس الأصنام والطواغيت، وبدؤوا في الكفر والظلم، فكان نوح عليه السلام أول رسول يبعثه الله تعالى إلى الأرض، فكانت بعثته رحمة بالعباد ورأفة بهم ولإخراجهم من طرق الضلالة والطغيان إلى طريق النور والإيمان، وكان يسمى قومه ببني الرواسب، وقد قالت بعض الروايات أن عمره حين بعثه الله تعالى لقومه كان 50 سنة وبعضها قال أن عمره 350 وقيل 480، وقد ذُكرت قصة سيدنا نوح مع قومه ومقاومتهم وصدّهم له، وإنزال الله العذاب بهم بالطوفان، وكيف نجّاه الله تعالى له مع أصحاب السفينة في الكثير من السور والآيات الكريمة منها سورة الأعراف، ويونس، والأنبياء، والمؤمنون وغيرها من السور، والسبب الرئيسي لرجوع قوم نوح عن دينهم هو وفاة رجال صالحين منهم وهم ودّ وسواع ويعوق ونسرا، فلما ماتوا أوحى الشيطان لقومه أن ينصبوا التماثيل لهؤلاء الرجال ويسموها بأسمائهم، كما أنهم عبدوها من دون الله تعالى، ومن هنا انتشرت عبادة الأصنام والأوثان في كافة الأرجاء، ولما كان ذلك دعا سيدنا نوح قومه إلى الرجوع عن ذلك وعبادة الله وحده بكل السبل والطرق بالسر والجهر، وبالترهيب والترغيب، وبالليل والنهار، ولكن من دون جدوى ولا استجابة منهم.

لماذا سمّي نوح بهذا الاسم

النّوح هو البكاء بشدّة وحرقة كبيرة، وقد ذكر أهل العلم أن نوحًا عليه السلام سمّي بهذا الاسم لكثرة نوحه وبكائه من خشية الله تعالى، ولكثرة ما ناح على نفسه من خوفه منه سبحانه وتعالى، وروى الإمام أحمد عن وصية سيدنا نوح لابنه قبل موته فقال: [أنَّ نوحًا قال لابنِه عند موتِه: آمرُك بلا إلهَ إلا اللهُ؛ فإنَّ السَّمواتِ السبعَ والأرَضين السبعَ لو وُضِعَت في كِفَّةٍ ووُضِعَت لا إلهَ إلا اللهُ في كِفَّة، رجَحَت بهنَّ لا إلهَ إلا الله، ولو أنَّ السَّمواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ كُنَّ في حَلقةٍ مُبهمةٍ فَصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ]، وقد أثنى الله تعالى على عبده نوح وسمّاه بالعبد الشكور، من كثرة شكره لله تعالى، فكان إذا أكل حمد الله وشكره، وإذا شرب حمد الله وشكره، وإذا نام حمد الله وشكره، وكذا في أفعاله وأقواله، وعاش سيدنا نوح 1780 سنة بحسب الروايات، وقد تعددت الروايات عن مكان قبره، فقال بعضها أنه في المسجد الحرام وهو الرأي الأقوى، وقال بعضها أنه في بلدة البقاع، وبعضها قال أنه في الموصل في العراق.

قصة سيدنا نوح

بعد انتشار عبادة الأصنام في كل الأرجاء، ودعاء سيدنا نوح لقومه بإفراد الله تعالى بالعبادة والتوحيد وترك عبادة الأصنام، فقال الله تعالى على لسان سيدنا نوح عن دعوته لقومه: ‏{‏يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً}، فلم تنجح كافة الطرق والوسائل التي دعا بها نوح قومه بل ازدادوا كفرًا وطغانيًا وعنادًا، ولم يكتفوا بذلك فقد نصبوا له العداوات في كل وقت ومكان وحرضوا عليه الناس وأهانوه واستحقروه بكل الوسائل والطرق ما استطاعوا لذلك سبيلًا، وتوعدوه بالرجم والإخراج من قريتهم وبالغوا في ظلمه والإساءة له، فرد عليهم نوح عليه السلام أنه رسول الله وما عليه إلا البلاغ المبين وهو شأن الرسل.

وقد طال زمن المجادلة بينه وبين قومه، ولكن لم يؤمن منهم إلا القليل، ولشدّة كفرهم كانوا كلما مات لهم جيل أوصوا الجيل الذي بعده بعدم الإيمان ومحاربة الرسول بكل الطرق والسبل والبقاء على ما عبد آباؤهم وأجدادهم، فكان إذا بلغ الولد أوصاه والده بأن لا يؤمن مع نوح أبدًا ما دام حيًا فكانت طبيعتهم تأبى الحق وترفض الاستماع له، فأوحى الله تعالى لنوح أنه لن يؤمن معه إلا من قد آمن من الناس وأن النصر قريب بإذن الله، فلما يئس سيدنا نوح من قومه دعا عليهم دعوة غضب، فاستجاب الله تعالى لدعوته، فاجتمع على قومه خطاياهم وكفرهم وتعذيبهم لنبيهم ودعوته عليه، فأمر الله نبيه أن يصنع الفُلك وهي سفينة عظيمة لا مثيل لها، وأمره بأن لا تأخذه الشفقة بهم إذا وقع عليهم العقاب، فسخروا من سيدنا نوح وهو يصنع الفلك فقال لهم سيدنا نوح أنه هو من سيسخر منهم بعد وقوع العذاب عليهم، فلما انتهى سيدنا نوح من صنع سفينته كانت سفينة عظيمة لا مثيل لها وكانت 3 طبقات: السفلى للدواب والوحوش، والوسطى للناس، والعليا للطيور، فأمره الله أن يحمل من كل الحيوانات من كل نوع زوجين اثنين للحفاظ على نسلها، وأن يحمل أهل بيته إلا من قد كفر، ففاضت الأرض بالماء وسارت السفينة بإذن الله ووحيه ورست بجبل الجودي، وأنزل الله تعالى بقومه الطوفان فأغرقهم جميعًا وكان ابنه معهم لأنه كافر وهلك مع من هلك، فلما ماتوا جميعًا وأغرقهم الله بالطوفان أمر الله الأرض أن تبلع ماءها وتعود الحياة الطبيعيّة، وهكذا انتهت قصة سيدنا نوح مع قومه بهلاكهم جميعًا إلا من كان في السفينة فقد أنجاه الله بقدرته.

قد يُهِمُّكَ

إنّ قصة سيدنا نوح من أكثر القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم لكثرة ما ورد فيها من عبر وحكم يستفاد منها للأجيال القادمة والسابقة، ومن أهم العبر والدروس التي يمكنك أخذها من قصة سيدنا نوح:

  • اصبر: فعليك الصبر على التكاليف التي كلفك الله تعالى بها ولا تيأس من رحمة الله تعالى، وتدرك أن الفرج قريب وآتٍ لا محالة، والصبر على أذى السفهاء والجهلاء من الناس، والصبر في مواجهة الأعداء وفي كل صعاب الحياة، فقد دعا سيدنا نوح قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، وعاش بعد غرقهم 60 سنة قضاها في الدعوة والصبر على الأذى ولنا ولك في الرسل أسوة حسنة.
  • رجّح عقلك: فالإنسان العاقل الحكيم هو الذي يتلقّى شبهات قومه بقلب سليم مليء بالإيمان والثقة بالله تعالى، ثم يدحضها بدليل ثابت وبرهان واضح ويكون النصرة له في النهاية.
  • كن شجاعًا: فالإنسان يجب أن يكون شجاعًا في دعوته وإبداء رأيه مهما واجه من عقبات وصعاب، وأن يكون غيورًا على الحق، ويُفهم المعترضين أنه سيمشي في طريقه مهما واجهه من عقبات، ولن يثنيه شيء عن طريقه مهما واجه من تهديدٍ ووعيد.
  • قدّم النصائح: فالإنسان العاقل والداعية الحكيم هو الذي يسوق النصائح لغيره بأساليب متنوعة ليجذبهم لخطابه وما يدعو له، فتارة يستخدم أسلوب الترهيب وتارة الترغيب، وتارة التأمل والتدبر في خلق الله تعالى، ومرة عن طريق بيان نعم الله على عباده.
  • آثر ما عند الله تعالى: فالعفاف عما في أيدي الناس، والتطلّع إلى ما عند الله تعالى وإيثاره بدا واضحًا في قصة سيدنا نوح مع قومه بأنه لا يريد منهم أجرًا وإنما همّه دعوتهم إلى الله تعالى وصلاحهم، وأن العاقبة للمتقين المؤمنين ولا عدوان إلا على الظالمين الكافرين.
  • اعتبر من الخواتيم: فالمال الوفير والولد الكثير لن يغني من الله شيئًا، ولا حتى الجاه والسلطان، فكلها لا اعتبار لها في الشرع، والعبرة في نهاية الإنسان وعمله الصالح وعلاقته مع ربه.
السابق
أسباب عقوق الوالدين وعلاجه
التالي
أين تقع الكعبة

اترك تعليقاً