ما هو البرزخ من الأسئلة المهمة التي تستوقف الكثير من الناس، حيث يتساءل الكثير من أفراد المجتمع عن الحقيقة الشرعية غير المرئية التي تأتي للإنسان بعد وفاته عن صدق إيمانه من خلال ملكين مكلفين من الله العظيم؛ حيث العديد من الروايات الصحيحة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جاءت لتبلغ ذلك، ومنها قوله -عليه السلام-: “إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِهِ وتولَّى عنهُ أصحابُهُ، إنَّهُ ليسمَعُ قرعَ نعالِهِم، فيَأتيه ملَكانِ فيُقْعِدانِهِ، فيقولانِ لهُ ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ محمَّدٍ رسولِ اللَّهِ، فأمَّا المؤمنُ، فيقولُ: أشهَدُ أنَّهُ عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ، فيقول لَهُ: انظُر إلى مقعدِكَ منَ النَّارِ أبدلَكَ اللَّهُ بهِ مقعداً منَ الجنَّةِ، فيراهُما جميعاً”، وفي هذا المقال سيتم التعرّف على المعنى التفصيلي للبرزخ.
ما هو البرزخ
وقبل الإجابة عن سؤال: ما هو البرزخ ؟ لا بُدّ من معرفة أنّ العلماء أقرّوا أنّ الحياة بعد خروج الروح حياةً تختلف تمامًا بطبيعتها عن حياة الإنسان الدنيوية وهذا ما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية، ابتدءًا بحياة القبر فإمّا روضةٌ ونعيم من رياض الجنة، وإمّا حفرةٌ وعذاب من حفر النار، ويقرّر العلماء أنّ العذاب أو النعيم يكونان للروح والجسد معًا في القبر، وأمّا بالنّسبة لتعريف البرزخ، هو: الحاجز والحائل بين كلّ شيئين، وتسمّى قطعة الأرض التي بين بحرين وتصل أرضًا بأرضٍ برزخًا، وهذا بالنسبة للمعنى اللغوي، ويدخل في ذلك قوله سبحانه: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ*بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ}، وأما بالنسبة للمعنى الاصطلاحي للبرزخ، فهو لا يختلف كثيرًا عن معناه اللغوي؛ إذ يعرّف البرزخ اصطلاحًا بأنّه: المرحلة الواقعة بين دار الدنيا ودار الآخرة، وتحدّد بأنّها ما بين أن يموت الإنسان إلى أن يُبعث يوم القيامة، فهي الدار التي تأتي بعد موت الإنسان وحتى يوم البعث، وصولًا إلى دخول الجنة أو النّار.
ما هو عذاب البرزخ
وبعد أن تمت الإجابة على سؤال: ما هو البرزخ ؟ لا بُدّ من الإجابة على سؤال: ما هو عذاب البرزخ؟ فقد تبيّن سابقًا أنّ عالم البرزخ هو الذي يحدث بعد موت الإنسان حيث تغادر الروح جسده إلى حيث أراد الله لها أن تخرج، وبعدها تكون الحياة في القبر، وهذا هو عالم البرزخ، أيْ هي حياة الإنسان من حين القبر إلى البعث، ويمكن أن تنعم هذه الحياة الانتقالية فيها بنوع من النعيم الذي يرغب فيه الله لعباده الأتقياء والمؤمنين، أو أن تكون مليئة بالعذاب الشديد، وقد ذكرت الآيات الشريفة الدليل القاطع على وجود العذاب في البرزخ الذي يسبق عذاب الآخرة وهو عذاب القبر كما قال الله سبحانه باسم فرعون وعائلته: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}.
هل يلتقي الزوجان في حياة البرزخ
إنّ الزوجان المسلمان اللذان ماتا على الدّين الإسلامي وعلى إقامة عقد الزوجية لا ينفسخ هذا العقد بموتهما، ممّا يعني أنّه من الممكن أن تلتقي أرواحهما في حياة البرزخ كما تلتقي سائر أرواح المؤمنين ويتعارفان ويتحدثان، وهذه المسألة في محلّ خلاف كبير بين العلماء.
البرزخ في القرآن الكريم
وردت العديد من الآيات الدّالة على وجود البرزخ بعد الموت، وفيما يأتي بيانها:
- قوله تعالى في سورة الرحمن: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ*بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ*فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
- قوله تعالى في سورة الفرقان: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}.
- جاء في سورة المؤمنين أنّ الإنسان يُسأل فور نزوله إلى القبر، فإمّا أن ينعم وإمّا يندم على ما فعله في حياته الدّنيا، ودليل ذلك قوله تعالى: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
إلى هنا نكون قد أجبنا على سؤال: ما هو البرزخ ؟ وقد تبيّن أنّه الحياة التي تعقب الدخول إلى القبر وتسبق البعث، ويكون فيه حساب، فإما أن ينعم الإنسان وإما أن يُعذب، وهذا كله جراء أفعاله في الحياة الدنيا.
