اسلاميات

متى تكون ليلة الاسراء والمعراج

الإسراء والمعراج

لم تكن رحلة الإسراء والمعراج مجرد حدث عادي بل كانت معجزة من الله، أيد الله بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونصر بها الدعوة وجعلها معجزة جديدة للنبي يعجز عنها البشر، وأسري بالنبي محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في القدس ليخفف عنه ما لقيه من أهل الطائف ومن موت عمه وزوجته خديجة، ثم عرج الله به إلى السماوات العلى ليريه الله من آياته الكبرى، قال تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}، وقد أسري بالنبي من مكة على البراق وهو دابة فوق الحمار ودون البغل، ركبه هو وجبريل عليه السلام حتى وصل بيت المقدس وصلى هناك بالأنبياء، ثم عرج بالنبي إلى السماء واستأذن له جبريل عند كل سماء فيؤذن له ووجد في السماء الدنيا آدم عليه الصلاة والسلام، فرحب به وقال: مرحبًا بالنبي الصالح، والابن الصالح، ثم لما أتى السماء الثانية وجد فيها عيسى ويحيى، فرحبا به، وقالا: مرحبًا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الثالثة فوجد فيها يوسف عليه الصلاة والسلام، فرحب به، وقال: مرحبًا بالنبي الصالح، والأخ الصالح.

ثم عرج به إلى السماء الرابعة فوجد فيها إدريس، فرحب به، وقال: مرحبًا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فوجد فيها هارون عليه الصلاة والسلام، فرحب به، قال: مرحبًا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السادسة فوجد فيها موسى عليه الصلاة والسلام، فرحب به، وقال: مرحبًا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم أباه عليه الصلاة والسلام؛ فرحب به إبراهيم، وقال: مرحبًا بالنبي الصالح، والابن الصالح، مثلما قال آدم، مرحبًا بالنبي الصالح، والابن الصالح، ثم عرج به إلى مستوى رفيع فوق السماء السابعة سمع فيهن من صريف الأقلام التي يكتب بها القضاء والقدر فكلمه الله وفرض عليه الصلوات الخمس خمسين، ثم لم يزل يسأل ربه التخفيف حتى جعلها الله خمس صلوات فقط لكنهن بأجر خمسين صلاة وهذا من فضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

متى تكون ليلة الإسراء والمعراج؟

شاع عند الكثير من المسلمين أن حادثة الإسراء والمعراج قد حدثت في يوم 27 من شهر رجب وهذا من الأخطاء الكبيرة؛ إذ لم يرد أي حديث نبوي صحيح عن موعد الإسراء والمعراج، ولم يرد أيضًا أي أثر عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أو أهل القرون الأولى، كما لم يتفق أهل السير والتاريخ، وقد اختلف المؤرخون وكتاب السير حول السنة التي حدث فيها الإسراء والمعراج على عدة أقوال فمنهم من قال أنها حدثت قبل الهجرة بعام ومنهم من قال أنها حدثت قبل الهجرة بخمس سنين ومنهم من قال أنها وقعت قبل الهجرة بشهر، كما اختلف العلماء حول الشهر الذي وقعت فيه الحادثة هل هو في شهر رجب أم في ربيع الأول أم في ذي القعدة، وخلاصة القول في اليوم الذي حدثت فيه الإسراء والمعراج أنه لم يثبت الشهر ولا السنة التي وقعت فيها، وفي النهاية فإن تحديد اليوم الذي وقعت فيه حادثة الإسراء والمعراج ليس بالشيء المهم عند المسلمين فهو لا يترتب عليه أي حكم فقهي في ديننا وإنما يكفي للمسلم أن يؤمن بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج إلى السماوات.

فضل ليلة الإسراء والمعراج

حملت رحلة الإسراء والمعراج في طياتها فضلًا كبيرًا لنبينا محمد صلى الله عايه وسلم خصوصًا وللأمة الأسلامية عمومًا وكان من فضلها إثبات نبوة سيدنا محمد وصدقها وأنه خاتم وآخر الأنبياء بعدما صلى عليه السلام بهم إمامًا، وكان هذا تقديس ورفع لمكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، إثبات لصلابة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومدى ثقته بقائده محمد صلى الله عليه وسلم فقد صدقه ودعمه بينما كذبه أهل مكة، وإثبات تواضع النبي محمد فهو وبرغم مكانته العالية التي حصل عليها بوصوله إلى سدرة المنتهى إلا أنه كان متواضعًا وعبدًا لله، أما في ما يتعلق بتخصيص ليلة الإسراء والمعراج بالصيام أو القيام عتقادًا بأن لها فضيلة معينه فهذا لا يجب ولا يستحب ولا يسن لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صامه أو أمر بصيامه ولو كان صومه مندوبًا أو مسنونًا لبينه النبي عليه السلام، أما في حال وافقت ليلة الإسراء والمعراج سنة أخرى كيوم الإثنين أو الخميس أو وافق عادة مسلم في الصيام كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا؛ فعندها يجوز صيامه لكونه يوم الإثنين أو الخميس لا لكونه يوم الإسراء والمعراج.

دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج

توجد الكثير من الدروس والعبر المستفادة من رحلة النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء ومنها:

  • بعد كل محنة هناك من الله منحة، فبعد أن تعرض النبي عليه السلام للكثير من المحن العظيمة فهذه قريش قد سدت طريق دعوة النبي في مكة وفي ثقيف وفي قبائل العرب وحاصرت الدعوة ورجالاتها وأصبح النبي بعد موت عمه أبي طالب في خطر، وقد كان النبي برغم ذلك صابرًا على الأذى فجاءت حادثة الإسراء والمعراج من الله ليكرمه على صبره وجهاده في الدعوة.
  • كان النبي صلى الله عليه وسلم مقبلًا على مرحلة جديدة في الدعوة وهي الهجرة إلى المدينة لبناء دولة الإسلام فأراد الله أن يختبر المسلمين ليعلم النبي من منهم سيصدق ومن سيكذب وبذلك يكون قد تخلص النبي من الضعاف والمترددين والذين في قلوبهم مرض ويثبت المؤمنين الأقوياء المخلصين.
  • دلت هذه الرحلة على شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين بما تستنكره عقولهم، وضرب للمسلمين مثالًا على الجهر بالحق أمام أهل الباطل، كما كان فيها حجة للنبي أمام المشركين تلزمهم بتصديق النبي عليه السلام ومنها وصف النبي لبيت المقدس، وبعض المشركين قد سافروا إلى بيت المقدس ورأوا المسجد الأقصى وقد أقروا بصدق وصف النبي للمسجد الأقصى وأيضا إخبار النبي عن العير التي في الروحاء، وكذلك البعير الذي ضل والكثير من الدلائل الأخرى.
  • إظهار إيمان أبي بكر الصديق القوي في هذا الحدث الجلل فعندما أخبره الكفار بالخبر قال: “لئن كان قال ذلك لقد صدق!”.

ماذا شاهد النبي عليه السلام في رحلة الإسراء والمعراج؟

رحلة الإسراء والمعراج تلك المعجزة العظيمة التي خص بها الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وكانت بمثابة منحه للنبي محمد عليه السلام، شاهد النبي محمد في معراجه إلى السماء العديد من الأمور منها نهر الكوثر الذي اختصه الله للنبي محمد وأكرمه الله به عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ، الذي أعْطاكَ رَبُّكَ، فإذا طِينُهُ – أوْ طِيبُهُ – مِسْكٌ أذْفَرُ شَكَّ هُدْبَةُ]، وشاهد النبي في رحلته الجنة ونعيمها وشاهد أيضًا أحوال الناس التي تعذب في النار عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله عليه السلام [لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ ، ويقعون في أعراضِهم]،كما قال النبي [أتيتُ على سماءِ الدنيا ليلةَ أُسرِيَ بي فرأيتُ فيها رجالًا تُقطَّعُ ألسنتُهم وشفاهُهم بمَقاريضَ من نارٍ فقلتُ : يا جبريلُ ما هؤلاءِ ؟ قال : هؤلاءِ خُطباءٌ من أمَّتِك]،، وشاهد النبي عليه السلام سدرة المنتهى وهي شجرة عظيمة في الجنة.

مَعْلومَة

إن الاحتفال بليلة الأسراء والمعراج بدعة ليست من الدين الإسلامي في شيء وذلك لعدة أسباب منها أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة المسلمين لم يحتفلوا بهذه الليلة ولو كان الاحتفال بها جائزًا لسبقونا إليه وذلك لحرصهم على الخير والثواب العظيم وإنما حدثت هذه البدعة في عهد العبيديين في مصر قال صلى الله عليه وسلم : [من أحدَث في أمرِنا – أو دينِنا – هذا ما ليس فيه فهو رَدٌّ . وفي لفظٍ من عمل عملًا ليس عليه غيرُ أمرِنا فهو رَدٌّ]،أما السبب الثاني فهو أن ليلة الإسراء والمعراج لا يعرف وقتها بالتحديد في أي يوم أو أي شهر فقد اختلف العلماء في وقت حدوثها، وبناء على ما سبق فإن الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بدعة أحدثها قوم يعبدون الله بأهوائهم لا كما يريد الله.

السابق
مقال عن عيد الأضحى
التالي
طرق الصدقة

اترك تعليقاً