اسلاميات

الحوار في القرآن

الآية:

(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

من محاسن الدين الإسلامي أنّه يقوم على الحق والعدل، ويحرر القضايا وينصف الخصوم، ويقيم الحجة، وقد أرسل الله لعباده رسلاً مبشرين ومنذرين، ودعاةً إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالأحسن، ولم يطلب إكراه أحد على الأيمان به: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وطلب من كل محُاور حجته (قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ).

ومن أهم ما يميز المسلم دعوته إلى الله بقوله وفعله، وسمته، فحياته كلها دعوة، قال تعالى ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِی وَنُسُكِی وَمَحۡیَایَ وَمَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الأنعام ١٦٢] لذا كان على المسلم معرفة منهج الحوار وطرقه وآدابه الشرعية لقوله تعالى﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ ﴾ [النحل ١٢٥].

وقد أولى الله تعالى الحوار اهتماما في كتابه العزيز، فذكر حوار الأنبياء- عليهم السلام- مع أقوامهم، وبين لنبيه صلى الله عليه وسلم كيف يحاور ثناء تبليغه دعوة ربه، كما حفلت السُنة بنماذج من حواره صلى الله عليه وسلم مع الآخرين على تنوعهم.

وقد ورد في القرآن ذكر المحاورة، وهي المفاعلة من الحوار، قال تعالى   ﴿قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِی تُجَـٰدِلُكَ فِی زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ یَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَاۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ﴾ [المجادلة ١] تَحَاوُرَكُمَاۤ).

وفي القرآن آيات تحكي طرق الأنبياء والمرسلين- عليهم السلام- في دعوة أقوامهم بالمحاورة، ثم بين كيف رد عليهم وناقشهم، وناقش الحجة بالحجة، دون تشهير، أو تعزير، بل الحجة بالحجة، والمنطق بالمنطق.

ومن الحوارات الدعوية التي وردت في القرآن الكريم حوار يوسف عليه ىالسلام مع السجينين عندما سألاه عن تعبير رؤياهما، فابتدأهما بالدعوة إلى الله تعالى، ثم عبّر لهما رؤياهما.

كما تكررفي القرآن نقل حوارات دارت بين موسى عليه السلام وبين فرعون، ومنها حوار موسى عليه السلام وهو يعرض حججه الدامغة عندما سأله فرعون  ﴿قَالَ فِرۡعَوۡنُ وَمَا رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الشعراء ٢٣] فبين له وقال ﴿قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَاۤۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِینَ﴾ [الشعراء ٢٤] فعارضه فرعون وقال له ﴿قَالَ لِمَنۡ حَوۡلَهُۥۤ أَلَا تَسۡتَمِعُونَ﴾ [الشعراء ٢٥] فلم يعبأ به موسى عليه السلام واستمر ﴿قَالَ رَبُّكُمۡ وَرَبُّ ءَابَاۤىِٕكُمُ ٱلۡأَوَّلِینَ﴾ [الشعراء ٢٦].

وهناك حوارات دعوية كثيرة جداً منقولة في كتاب الله تعالى، فليجتهد المسلم في تأملها وتدبرها؛ ليستمد منها منهجاً دعوياً متيناً مؤثراً، نسأل تالله تعالى أن يهدينا سبيل الرشاد.

السابق
القرآن من دلائل صدق النبوة
التالي
نشأة التفسير

اترك تعليقاً