الفرق بين التضخم والكساد
في الواقع هناك حالة من الترابط والتشابه الواضح بين كل من التضخم والكساد،حيث أن الفرق بين التضخم والكساد متشابه إذ إنّ التضخم الاقتصادي يتسبب في حالة من الانخفاض في القدرات والقوة الشرائية للمستهلكين، و يتحول الأمر من نقص في العرض، و زيادة الطلب إلى نقص حاد في العرض و نقص الطلب، مما يؤدي إلى حدوث ما يسمى بالكساد الاقتصادي، علمًا أنه يتسبب الكساد أيضًا في حدوث حالة التضخم الاقتصادي، وفي هذا المقال سنناقش كلا المفهومين بالتفصيل.
ومن المؤكد أن النمو السكاني، الذي يعمل على أرض ثابتة (غير مرنة) بالاتحاد مع الموارد الطبيعية الأخرى، مما ينتج عن ذلك تناقص العوائد وارتفاع التكاليف الحدية، وقد يفسر ذلك ارتفاع الأسعار النسبية لبعض السلع المحددة، مثل: الحبوب والأخشاب، لكن العوامل الديموغرافية وحدها لا يمكن أن تفسر ارتفاع مستوى السعر للتضخم، وهو في الأساس على الرغم من أنها ليست نقدية فريدة في الأصل، و المعدل الذي يرتفع فيه المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، وبالتالي تنخفض القوة الشرائية للعملة، يتم تصنيف التضخم إلى ثلاثة أنواع: التضخم عند الطلب، وتضخم التكلفة، والتضخم المدمج.
مؤشرات التضخم
فيما يتعلق بمؤشرات التضخم الأكثر استخدامًا تتمثّل في: مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، وكذلك مؤشر أسعار الجملة والذي يختصر بالرمز (WPI)، ويمكن النظر إلى التضخم من الناحية الإيجابية أو السلبية، وفقًا لوجهة النظر الفردية، وقد يرغب أصحاب الموجودات الملموسة، مثل: الممتلكات، أو السلع المخزنة، وغيرها، علمًا أنّ هناك رؤية تشير إلى أنّ التضخم يزيد من قيمة الأصول، وقد لا يحبذ الأشخاص الذين يحتفظون بالنقود، لأنه يضعف قيمة حيازاتهم النقدية، والأفضل من ذلك، يلزم مستوى أمثل من التضخم لتعزيز الإنفاق إلى حد ما بدلاً من الادخار، وبالتالي رعاية النمو الاقتصادي.
ومع ارتفاع الأسعار، تفقد وحدة واحدة من العملة القيمة، إذ تقلّ قدرتها على شراء عددًا أقل من السلع والخدمات، وهذه الخسارة في القوة الشرائية تؤثر على التكلفة العامة للمعيشة للجمهور العام، مما يؤدي في النهاية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، علمًا أنّ وجهة نظر الإجماع بين الاقتصاديين تنص على أن التضخم المُستمر يحدث عندما يتجاوز نمو عرض النقود في الدولة النمو الاقتصادي
عواقب التضخم
لتضخم الأسعار العديد من العواقب التي تعود على استقرار المجتمعات وأمن الدول، وعلى مستوى الرفاهية لديهم، إذ يعيد التضخم توزيع الدخل من أصحاب الأجور، والأشخاص أصحاب الدخل الثابت، ولا سيما أصحاب الأراضي، أو الأشخاص المستأجرين ضمن نظام عقود طويلة الأمد، وكذلك للتجار والصناعيين، ونظراً للأهمية الحيوية لرأس المال في علم الاقتصاد، إذ استفاد معظم التجار والصناعيين من انخفاض تكاليف الفائدة الحقيقية، والأهم من ذلك هو أن أسعار الفائدة الإسمية، والحقيقية انخفضت خلال هذه الفترة بأكملها في جميع أنحاء أوروبا الغربية، كما ارتفع عدد كبير من الفلاحين أو أصحاب الأراضي الصغيرة، حيث ظلت إيجاراتهم ثابتة، بينما استمرت أسعار المنتجات التي يبيعونها في السوق في الارتفاع، ومن ناحية أخرى، لا شك أن البعض يعاني من عواقب النمو السكاني، على الأقل في مناطق الميراث الجزئي، مما يعني تقسيمًا كبيرًا للممتلكات، سيكون من الصعب بناء ميزانية عمومية للفائزين والخاسرين من التضخم لعصر ثورة الأسعار.
الكساد
لمعرفة الفرق بين التضخم والكساد يجب تعريف الكساد(بالإنجليزية: Depression) وهو حالة من الانكماش أو التراجع الحاد وطويل الأمد في النشاط الاقتصادي في البلدان، ويتم تعريفه اقتصاديًا، بأنه ركود شديد جدًا يدوم ثلاث سنوات أو أكثر، أو يؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بنسبة تصلّ إلى 10% على أقل تقدير، وبالتالي هو جزء طبيعي من دورة الأعمال التي تحدث بشكل عام، وذلك في حالة تقلص الناتج المحلي الإجمالي لمدة جيدة، ومن ناحية ثانية، فإن الكساد هو حالة الانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي الذي يستمر لسنواتِ عدة، علمًا أنه تختلف حالات الركود والكساد من حيث المدة وشدة الانكماش الاقتصادي، ويختلف الاقتصاديون حول المدة الزمنية الخاصة بالكساد، إذ يعتقد البعض أن الكساد لا يشمل سوى الفترة التي يعاني منها التراجع الملحوظ في النشاط الاقتصادي، ولدى الخبراء والمختصين جدل واضح حول هذه المسألة، في الوقت الذي يرى فيه اقتصاديون ومختصون آخرون أنّ الكساد حالة مستمرة حتى يعود معظم النشاط الاقتصادي إلى طبيعته.
نموذج عن الكساد
استمر الكساد العظيم ما يقرب من عقد من الزمان ويعتبر على نطاق واسع أنه أسوأ ركود اقتصادي في تاريخ العالم الصناعي، وقد بدأ بعد فترة قصيرة جدًا من انهيار سوق الأسهم الأمريكي، وذلك في الفترة الممتدة ما بين 24 أكتوبر 1929، والتي تعرف باسم يوم الخميس الأسود، وذلك بعد سنوات من الاستثمار المتهور والمضاربة، إذ انفجرت قنبلة سوق الأسهم، ثم بدأت عمليات البيع الضخمة، حيث تم حينها تداول ما يصلّ إلى 12.9 مليون سهم، وقد تم تكرار الكساد العظيم أمر غير محتمل، يبدو أن صانعي السياسة تعلموا درسهم من الكساد العظيم، وقد تم تطبيق قوانين ولوائح جديدة لمنع تكرار ذلك واضطرت البنوك المركزية إلى إعادة التفكير في أفضل السبل لمعالجة الركود الاقتصادي.
علمًا أنّ حالة الكساد الاقتصادي هي حالة كارثية لدرجة أنه يتطلب حلول مثالية، إذ يؤكد العديد من الخبراء أن السياسة النقدية الانكماشية أدت إلى تفاقم الكساد، وقد سعى مجلس الاحتياطي الفيدرالي بحق إلى إبطاء فقاعة سوق الأسهم في أواخر العشرينات، ولكن بمجرد انهيار سوق الأسهم، وفي ظل بنك الاحتياط الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة عن طريق الخطأ للدفاع عن معيار الذهب، فبدلاً من ضخ الأموال في الاقتصاد، وزيادة المعروض من النقود، وسمح بنك الاحتياطي الفيدرالي لتخفيض عرض النقود بنسبة تصل إلى 30 في المائة.