اسلاميات

خطب عن الاستغفار

خطب عن الاستغفار

إنِّ الاستغفار من أعظم الطاعات وأنفع الُقرُبات، وخِتام الأعمال الصالحات، فَتُختَم الصلوات بالاستغفار، وقيام الليل بالاستغفار، وكذلك في الحَجّ يُسَنُ الاِسْتِغْفَارُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَةَ وَالْفَرَاغِ مِنَ الْوُقُوفِ بِهَا، وخِتام المجالس الاستغفار، كَمَا شُرِعَ الاِسْتِغْفَارُ فِي خِتَامِ صَلاَةِ اللَّيْلِ، ويكون الاستغفار في كُلّ حالات المُسلم وليس في المعاصي فقط؛ قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لكم انهارا} [نوح: 10] والاستغفارُ فيه تكفيرٌ للذنوب ومن اتّصَفَ بهذه الصفة يَسّرَّ اللّه عليه رزقه وَسَهّلَ عليه أمره وحَفِظَ شأنه.

سَمَّى الله سبحانه وتعالى نَفْسَهُ الْغَفَّارَ، وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِغَافِرِ الذَّنْبِ وَذِي الْمَغْفِرَةِ، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ لِلنَّاسِ وَحَثٌّ لَهُمْ عَلَى الاسْتِغَفارِ، وقد أمرنا الله تعالى به، وهكذا أمر الأنبياء أقوامهم، إنَّ مغفرة الله عظيمة؛ لأنّ الله لا يُعْجِزه شيءٌ؛ لأنّ الله لا يثقل عليه شيء، ولا يَصّعُب على الله شيء.

الاستغفار لُجُوْءُ العبد إلى الله، وطَلَبُ الْعَبْدِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَغْفِرَةَ وَالسَّتْرَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فالاستغفار يَقّشَع الهُمّوم، ويُزِيل الغُموم، والله يُريد من العباد أن يستغفروه، يريدُ منهم أن يَلّجأِوا إليه، يُريدهم أن يَطلبوا منه المغفرة، فالاستغفار دفعٌِ للكروب، ومحوٌِ للذنوب، ونيلٌ للمطلوب، وشفاءٌ للأسقام، وذّهابٌِ للآلام، وحلولٌ للبركة، وصلاحٌ للنفس والأهلِ والذرية، وإنزالٌِ للغيث، وكَسّبٌِ للحسنات.

إنَّ الاستغفارَ شأنُ أهل التقوى، والاستغفار سفينةُ الصالحين، فإن الله تعالى هو اللّطِيفُ الخَبير وقد عَلِمَ ما في الخَلّق من ضَعْفٍ، وما هم عليه من قُصورٍ ونقصٍ قد يَحملهم على ارتكابِ الذنوب، واقتراف المَعاصي، ففتح لهم سبحانهُ بابُ الأملِ والرجاء في العفو والمغفرة، وأمرهم أن يَلجأوا إلى ساحات كَرَمِه وخزائنِ فضله، والخطأ والتقصير مما جُبِلَ عليه البشر، والسلامة من ذلك مما لا مَطّمَع فيه لأحد، فالاستغفار من أعظم ما يُكفر الله به الذنوب، فمن أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنبـًا لم يَرّجُ مغفرةً من غير ربه، ويعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا الله تعالى. الاستغفارُ تحقيقٌ للمغفرة، وسِعَةٌ في الرزق، وأمانٌ من العذاب، وتفريجٌ للهموم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، (من لزم الاستغفار جعل الله له من كُلِّ ضيقٍ مَخرجا، ومن كلّ همٍ فرجا، ورزقه من حيثُ لا يحتسب) [سنن أبي داود | خلاصة حكم المحدث: سكت عنه؛ وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]، والاستغفارمفتاح التوبة، وطريق العودة، وسبيل المغفرة، وهو مطهرٌ للبدن من الذنوب، وسببٌ لعدم تكديس المعاصي على العبد، وهو أقرب طريق لجلب رحمة الله تعالى.

ربّ اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المُقدم، وأنت المُؤخر، وأنت على كلّ شيءٍ قدير اللهم اغفر وارحم، واهدِ للسبيلِ الأقوم، وتجاوز عما نعلمُ وما لا نعلم، إنك أنت الأعزُّ الأكرم.

السابق
طرق الصدقة
التالي
كم عدد الصحابة واسمائهم

اترك تعليقاً