لماذا لا أستطيع البكاء

البكاء

يُعدّ البكاء استجابة طبيعية من جسمكَ لمجموعة من العواطف، بما في ذلك؛ الحزن والفرح والإحباط، كما قد تبكي أكثر مما تتوقع، إذ وجد أن الرجال يبكون بمعدل ما يقارب 1.9 مرة في الشهر، ويوجد ثلاث أنواع للدموع؛ دموع ردة الفعل، ودموع العاطفية، ودموع القاعدية، وعادة ما ينتج البكاء عن الدموع العاطفية، التي تكون عادةً ردًا على مجموعة من العواطف التي حصلت لك، والتي تحتوي على مستوى أعلى من هرمونات التوتر مقارنة بالأنواع الأخرى من الدموع، وقد تستغرب ذلك إلا أن البكاء له عدد من الفوائد الصحية والاجتماعية، بما في ذلك؛ تخفيف الألم وتهدئة الذات.

ورغم ذلك إلا أنّ تكرار البكاء، دون سبب أو بطريقة لا يستطيع الشخص التحكم بها، فقد يكون ذلك علامة على إصابتك بالاكتئاب، فحاول عندها التحدث إلى طبيبك، وفي المقابل قد تتساءل عن سبب عدم قدرتكَ على البكاء، وهذا ما سنتعرف عليه الآن

أسباب عدم البكاء

قد تصادف أحيانًا في حياتك مواقف عاطفية أو مؤثرة أو ظروفًا مزعجة، وترى الكثير من حولكَ قد تأثر وبدأ بالبكاء ولكن لا تستطيع أنت ذلك، رغم تأثرك ورغبتك بالبكاء، فقد تتساءل عن سبب ذلك، ولمعرفة عن الأسباب الطبية والعاطفية وراء عدم قدرتكَ على البكاء، وكيف يمكنكَ التعامل معها، قد يُساعدك ما يأتي:

• الأسباب الطبية: يمكن أن تؤثر بعض الحالات الطبية على قدرتك على إنتاج الدموع، ومنها ما يأتي:
  • التهاب القرنية والملتحمة الجاف: تُعرف أيضًا بمتلازمة العين الجافة، ويحدث فيها انخفاضًا في إنتاج الدموع، وعادةً ما تحدث أكثر تكرارًا مع بعض الاضطرابات والحالات الصحية منها العمر، إذ يُعدّ جفاف العين شائع إلى حد ما في مرحلة البلوغ، بالإضافة إلى الإصابة بداء السكري، أو مشاكل في الغدة الدرقية، أو التهاب المفصل الروماتويدي، أو استخدام العدسات اللاصقة، أو التهاب الجفن أو اضطرابات الجفن.
  • مرض متلازمة شوغرن: تُعدّ مرض متلازمة شوغرن حالة مناعية ذاتية، غالبًا ما تتطور مع عدوى فيروسية أو بكتيرية، الذي يسبب مهاجمة خلايا الدم البيضاء في الجسم للغدد التي تنتج الرطوبة في جسمكَ، مثل القنوات الدمعية والأغشية المخاطية، وهذا قد يسبب جفاف العين وجفاف الفم، وتظهر متلازمة شوغرن عادةً عند النساء فوق سن الأربعين.
  • العوامل البيئية: قد يسبب عيشكَ في مناخ جاف أو عاصف جدًا في عدم إنتاجكَ الكثير من الدموع، ويعود سبب ذلك، إلى أن الهواء الجاف يتسبب في تبخر دموعك بسرعة، ويمكن أن يحدث هذا أيضًا إذا أصبح الهواء كثير الدخان بسبب حرائق الغابات أو أسباب أخرى.
  • الأدوية: يمكن أن تسبب بعض الأدوية أيضًا إلى انخفاض نسبة إنتاج الدموع، لذا قد تلاحظ صعوبة في البكاء عند تناول بعض الأدوية، مثل؛ مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، أو مضادات الهيستامين أو مزيلات الاحتقان، أو أدوية ضغط الدم، كما أن قد يؤثر جراحة الليزك أيضًا على إنتاج الدموع، لذلك يُعدّ من المألوف حدوث جفاف في العيون بعد إجراء هذه الجراحة.
• أسباب أخرى: قد تنتج حالة عدم القدرة على إنتاج الدموع، نتيجة أسباب أخرى منها ما يأتي:
  • الاكتئاب السوداوي: توجد العديد من الأنواع للاكتئاب، التي تختلف في شدتها، لذا لن يعاني جميع المصابون بالاكتئاب بنفس الأعراض، ومن أنواع الاكتئاب الاكتئاب السوداوي الذي يُعد اضطرابًا اكتئابيًا، يُسبب ظهور أعراض شديدة مثل؛ الشعور بأنك غير عاطفي، أو بالتباطؤ في عمل الأمور، وباليأس، وأنّك غير مهتم بالعالم من حولك، بالإضافة إلى أنك قد لا تتفاعل مع الأحداث خاصة بالطريقة المعتادة، وخاصةً مع الأحداث الإيجابية منها؛ إذ في الواقع، قد تشعر كما لو كان لديك القليل من العاطفة أو قد تشعر بأنك لا تملكها على الإطلاق، وربما لا يمكنك إنتاج الكثير من الاستجابة العاطفية، ممّا يمكن أن يؤدي إلى عدم قدرتكَ على البكاء.
  • انعدام التلذذ: يوصف انعدام التلذذ بأنه الشعور بفقدان الاهتمام والمتعة في الأنشطة الاجتماعية أو الأحاسيس الجسدية، ويُعدّ انعدام التلذذ غالبًا من أعراض الإصابة بالاكتئاب، إلا أنّه قد يتطور أيضًا كعرض من أعراض حالات الصحة العقلية الأخرى أو قد يظهر من تلقاء نفسه، فهو ليس فقط الشعور بانعدام السعادة؛ إذ قد تلاحظ أيضًا ضعف القدرة على التعبير عن مشاعركَ، كما يلاحظ بعض الأشخاص المصابين به، وخاصةً المصابين بانعدام الاكتئاب التلذذي، أنهم لم يعودوا قادرين على البكاء بسهولة أو البكاء على الإطلاق.
  • العواطف المكبوتة: يجد بعض الناس صعوبة في إدارة العواطف، لذلك قد يدفعونها جانبًا أو يدفنوها من أجل التغلب عليهم، وبالرغم من أن هذا يبدأ عمدًا، ولكن مع مرور الوقت يمكن أن تصبح أكثر تلقائية لذلك، وفي نهاية المطاف، قد تواجه معظم مشاعرك مواجهة عادية، بمعنى إذا حدث شيء مزعج جدًا، قد لا يسبب ذلك بظهور الكثير من رد الفعل، فعلى الرغم من أنه لا يوجد شيء يؤثر على قدرتك الجسدية على البكاء، لكن الدموع لا تأتي في النهاية.
  • المعتقدات الشخصية حول البكاء: قد يعتقد البعض أن البكاء يظهر ضعفك، لذا قد تمنع دموعك من النزول عن عمد، ممّا قد يؤدي في النهاية إلى عدم اضطراركَ حتى إلى بذل جهد لمنع نفسك من البكاء، وتحدث هذه الحالة غالبًا عندما ما يبدأ الناس ما في ذلك الآباء والأشقاء والأقران في إخبارك بأن البكاء علامة ضعف وعيب عندما كنت تبكي في مرحلة الطفولة، ومن الجدير بالذكر أنه أن عدم قدرتكَ على البكاء أيضًا قد يتطور كسلوك مكتسب، فمثلًا إذا لم يبكِ أفراد عائلتك وأحبائك أبدًا، فقد لا تتعلم أبدًا رؤية البكاء طبيعيًا من أشكال التعبير العاطفي.

علاج عدم القدرة على البكاء

يُمكنك علاج عدم قدرتكَ على البكاء عن طريق البحث أولًا على مكان جيد للبكاء، أيّ مكان ترتاح بالوجود فيه، ثانيًا لا تسمح لنفسك بتشتيت رأسك بأمور لمنع نفسك بالبكاء، فكّر بعمق بالسبب الذي يدفعك بالبكاء، ولا تكتم مشاعرك ودع مشاعرك تظهر حتى تبكي؛ إذ بعد أن تنتهي من البكاء ستشعر بتحسن، قد لا تشعر بالبهجة على الفور، لكنّكَ على الأغلب تشعر بالهدوء، وتكون أقل قلقًا وجاهزًا للتعامل مع مشاكلك فيما بعد، وتساعدك هذه الأمور على التخلص من عدم قدرتكَ على البكاء، لكن إذا كنت تواجه حالة طبية أو حالة نفسية حاول مراجعة الطبيب أو المختص ولا تكتفي بهذه الخطوات.

مَعْلُومَة

يُعدّ البكاء مفيد لصحتك وتوجد له فوائد عديدة؛ إذ إنّ البكاء يخفف من التوتر، ويساعد على تحسين من مزاجك السيء، والحفاظ على صحة حالتك العقلية، إذ تحتوي الدموع العاطفية أيضًا على المزيد من المنغنيز المنظم للمزاج أكثر من الأنواع الأخرى من الدموع، كما أنّ الإجهاد والتوتر يشد العضلات، ويزيد من الجهد، لذلك عندما تبكي تحرر بعضًا من ذلك، كما أنّ البكاء ينشط الجهاز العصبي اللاودي، ويعيد جسمك إلى حالة التوازن.