اسلاميات

من علامات الساعة التي تحتمل الحدث الكوني – خروج أهل المدينة

من علامات الساعة التي تحتمل الحدث الكوني – خروج أهل المدينة:

أولاً: عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فنَزلنا ذَا الحُليفة فتعجلّت رجالٌ إلى المدينة وبات رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبِتنا معهُ فلمّا أصبح سأل عنهم فقيل تعجّلوا إلى المدينة فقال: “تعجّلوا إلى المدينة والنساءِ أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت ثم قال: ليت شِعري متى تخرجُ نارٌ من اليمن من جبل الوراق تُضيءُ منها أعناق الإبل بُروكا ببصرى كضوء النهار”. أخرجه أحمد في مسند الأنصار.
ثانياً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم للمدينة: “لتتركنّها على خير ما كانت مُذللةً للعوافي يعني السّباع والطير”. أخرجه مسلم.
ثالثاً:
 عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:“عُمران بَيتِ المَقدِسِ: خرابُ يَثربَ، وخراب يَثربَ: خُروجُ المَلحَمة، وخروجُ المَلحَمةِ: فتحُ قُسطنطينيَّةَ، وفتحُ القُسطنطينيَّةِ: خروجُ الدَّجَّالِ، ثمَّ ضرَب بيدِهِ على فخِذِ الَّذي حَدَّث أو مَنْكِبِهِ، ثمَّ قال: إنَّ هذا لحَقٌّ كما أنَّكَ هنا، أو كما أنَّكَ قاعدٌ. يعني: مُعاذَ بن جَبَلٍ” أخرجه البخاري.
رابعاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى قال:” لتتركنّ المدينة على أحسنُ ما كانت حتى يدخلُ الكلب أو الذئب فيُغذي على بعضِ سواري المسجد أو على المنبر فقالوا: يا رسول الله! فلمن تكونُ الثّمار ذلك الزمان؟ قال: للعوافي الطّير والسّباع”. أخرجه مالك في الموطأ.
خامساً:
 عن حذيفة رضي الله عنه أنّه قال:” أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أنّ تقوم السّاعة، فما منهُ شيءٌ إلا قد سألتهُ، إلّا أنّي لم أسألهُ ما يخرجُ أهل المدينة من المدينة” أخرجه مسلم في الفتن.
شرح الأحاديث:
إنّ جميع هذه الأحاديث الخمسة تتكلم عن خراب المدينةِ، وهناك أحاديثٌ أخرى تتحدث عن مثل هذا الخراب، والذي يتبينُ هنا أنّ تركُ المدينة إنما يقعُ عدة مرات، وليست مرةً واحدة، وهذه الأحاديث تُشير إلى أحد هذه الخرجات. فالشاهدُ في الأحاديث السابقة هو أنّ أهل المدينة سيتركونَ المدينة وهي أينع ما تكون، وهذا الترك لا بدّ أنّ يكون وراءه سبب قاهر، وقد جاء في بعض روايات الأحاديث عن أبي هريرة أنّ الذي يخرجُ أهل المدينة أمراء السوء، وهذا التوضيح إنما هو لأحد الخرجات، وقد حصل مثله في عهد يزيد في وقعة وقَعة الحرّة.
إنّ في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، جاء الربط بين أمرين وهما: أنّ خراب المدينة له علاقة زمنيةً بعمرانِ بيت المقدس، وعمران بيت المقدس كما يدلُ سياق الحديث الذي يُراد به نزول الخلافة في عهد المهدي، لارتباطِ العمران بخروج الملحمة، وهذا يكون في آخر الزمان.
إنّ في حديث أبي ذر إشارة إلى أنّ خروج أهل المدينة ناجم عن خروج نار عظيمة من جبل الوراق باليمن تضيء أعناق الإبل في الشام، وذلك كنايةً عن عظم هذه النار.
حديث حذيفة الأخير فيه دلالة على أنّ هذا الخروج لا يُراد به ما يقع عند فناء الدنيا، إنما هو حدث مستقل يطرأ على المدينة المنورة.

نتائج الأحاديث السابقة:

  • خروج أهل المدينة وهي أينع ما تكون، ويكون هذا الخروج شاملٌ لكل أهلها؛ وذلك لدرجة أنّ ما يبقى فيها من ثمار يكون من نصيب العوافي والسّباع، ويخلو المسجد النبوي من أهله فتسرحُ فيه الكلاب والذئاب وتبوّل حتى على المنبر، وهذا لا يتصور إلا عند حصول ظرف قاهر يمنع أهل المدينة من البقاء فيها منعاً باتاً.
  • إنّ هذا الخروج يقع بعد نزول الخلافة بيت المقدس قبل الملحمة العظمى، وبالتالي جاء تحديد وقت هذا الخروج، فلا يُراد به ما وقع على أيدي أمراء السوء كما حصل في وقعة الحرة، ولا يُراد به ما يقع في اللحظات الأخيرة للدنيا عند الحشر كما صرحت الأحاديث لبعض الخرجات، وحديث حذيفة الأخير قرينة واضحة في أنّ هذا الخروج لا يُراد به الخروج النهائي عند فناء الدنيا. وإنما يُراد به هنا تلك الخرجة التي تكون عند بداية نزول الخلافة، وقبيل الملحمة العظمى، والتي دلّ عليها حديث معاذ رضي الله عنه، وهذا التوقيت بالذات يجعلنا نربط بينه وبين الأحاديث التي ربطت بين نزول الخلافة بيت المقدس وسنوات الزلازل والأمور العظام، وما يقع في المدينة هو أحد الأمور العظام.
  • وجاء التصريحُ أيضاً في أحد الآثار بخروج نار من جبل الوراق، ودلائل السياق تشير إلى أنّ هناك علاقة بين خروج أهل المدينة، وبين تلك الحمم التي يقذفها هذا الجبل وغيره من الفوهات البركانية حول المدينة المنورة، وجاءت الإشارة إلى عِظم تلك الحمم لدرجة أنّ لهيبها يُضيء ليل بادية الشام، وهذه الثورة البركانية النشطة، فكيف بمنطقة بركانيةٍ خامدةٍ مثل تلك القرينة من اليمن.
السابق
ما هي أنواع الفتن العظام؟
التالي
أسباب بهتان الوجه

اترك تعليقاً