متلازمة داون المنغولية
متلازمة داون المنغولية (Down syndrome) هي حالة ناجمة عن وجود نسخة إضافية من كروموسوم رقم 21 في جسم الطفل، إذ إن الكروموسومات هي المسؤولة عن تشكل جسم الطفل أثناء الحمل وكيفية عمل جسم الطفل أثناء نموه في الرحم وبعد الولادة،لذلك عند حدوث اضطراب في عدد الكروموسومات فيؤدي ذلك إلى تغيرات في النمو والملامح الجسدية للطفل، وتؤثر متلازمة داون على قدرة الشخص المعرفية إذ تتسبب في إعاقة ذهنية وتأخر في النمو لمدى الحياة، وتختلف حدة متلازمة داون بين المصابين، إذ تسبب صعوبة في التعلم لديهم، وتشكل خطورة أكبر لبعض المشكلات الصحية؛ مثل اضطرابات في القلب، فالأطفال المصابون بمتلازمة داون قد يتشابهون لكن لكلّ منهم قدرات مختلفة، كما يكون معدل ذكائهم من المستوى الخفيف إلى المستوى المتوسط، أما بالنسبة للتكلم فإنهم يكونون أبطأ من الأطفال الآخرين، لكن إذا فُهمت متلازمة داون جيدًا وتدخل الأهل بسرعة يمكن أن تتحسن حياة المصاب بدرجة كبيرة، ولا يوجد علاج للمصابين بمتلازمة داون، ولكن لمساعدة الأشخاص المصابين توجد مجموعة واسعة من برامج الدعم والتعليم، لكن يجب البدء بها في مرحلة الطفولة، كما توجد مدارس للتعليم الخاص، وبإمكانهم مساعدة الطفل على تعلم المهارات الحسية والاجتماعية، ومهارات القيادة، واللغة، والقدرات المعرفية، ومهارات المساعدة الذاتية.
أسباب الإصابة بمتلازمة داون
تبلغ نسبة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون هي 1 من بين 700 امرأة حامل، ولكن يعتمد ذلك على عدة أسباب، وتوجد فرصة كبيرة لإنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون إذا كان عمر الأم أكبر من 35 عامًا، أما بالنسبة لسنّ قبل 30 عامًا فإن نسبة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون هو 1 من بين 1000 حالة حمل، أما بالنسبة إلى سنّ 40 فترتفع نسبة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون إلى 12 لكلّ 1000 حالة حمل، ويمكن للطبيب أو الأخصائي اكتشاف متلازمة داون قبل الولادة أو بعدها وذلك بإجراء مجموعة من الفحوصات والاختبارات.
يعرف السبب الدقيق وراء حدوث متلازمة داون بوجود خلل في انقسام الخلايا الذي ينتج عنه خلل في عدد الكروموسومات، مما يتسبب بوجود الكروموسوم الإضافي 21، إذ تنقسم كلّ خلية إلى قسمين مشكلة خليتين، كما ينقسم الكروموسوم إلى زوجين ليكوّن كلّ زوج منهما في خلية واحدة، ولكن في بعض الحالات يحدث خلل ما عشوائيًا أثناء تكون البويضة أو الحيوان المنوي ينتج عنه وجود الكروموسوم الكامل في خلية واحدة وبقاء إحدى الخلايا دون زوج من الكروموسوم، مما يسبب متلازمة داون لدى الجنين، وبعد إجراء الكثير من الأبحاث حول الأخطاء الممكنة أثناء انقسام الخلايا توصل الباحثون إلى ما يأتي:
- كانت النسخة الإضافية من الكروموسوم 21 تأتي من الأم في البويضة في معظم الحالات.
- كانت نسبة قدوم النسخة الإضافية من الكروموسوم 21 من الأب في الحيوانات المنوية صغيرة، وتبلغ أقل من 5% من الحالات.
- نشكل النسبة المتبقية بحدوث الخلل بعد عملية الإخصاب عند نمو الجنين.
ومن ناحية أخرى توصل الباحثون أيضًا إلى العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث خلل أثناء انقسام الخلايا وظهور جنين مصاب بمتلازمة داون، وتشمل هذه العوامل:
- عمر الأم: إذ تزداد فرصة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون مع التقدم في العمر نظرًا لزيادة فرصة حدوث خلل في انقسام البويضات الأكبر سنًا، وبهذا تزداد فرصة حدوث متلازمة داون لدى الأمهات اللواتي تزداد أعمارهن عن 35 عامًا، ولكن بالرغم من هذا فإن معظم الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون يولدون من النساء تحت عمر الـ 35 عامًا.
- النقل الوراثي لمتلازمة داون: إذ يمكن لأحد الوالدين الذين يحملان الخلل الكروموسومي دون ظهور أعراضه أن ينقله إلى أطفاله.
- إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون: تزداد فرصة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون لدى الآباء والأمهات الذين لديهم طفل واحد مصاب، ويمكن معرفة فرصة إنجاب طفل آخر مصاب بمساعدة المستشار الوراثي.
أعراض متلازمة داون
الأشخاص المصابون بمتلازمة داون هم أشخاص يعانون من مشاكل عقلية ومشاكل في النمو قد تكون خفيفة أو معتدلة أو شديدة، بالإضافة إلى مشكلات صحية كبيرة، مثل: قد يعاني البعض من تشوهات في القلب، كما يتميز الأطفال والبالغون المصابون بمتلازمة داون بملامح وجه خاصة، مع العلم أنهم قد لا يمتلكون نفس الملامح، والرضع المصابون بمتلازمة داون قد يمتلكون جسمًا طبيعيًا ولكن النمو لديهم يكون أبطأ، ويبقون أقصر من غيرهم مقارنة بالأطفال بنفس عمرهم، ومن أبرز هذه الملامح ما يأتي:
- الوجه المسطح.
- الرأس الصغير.
- قصر الرقبة.
- بروز اللسان.
- عيون مائلة للأعلى ولديها شقوق مائلة.
- صغر الأذنين.
- ضعف العضلات أو مفاصل رخوة.
- يدان عريضتان قصيرتان بتجعيد واحد في كف اليد.
- صغر اليدين والقدمين، وتكون الأصابع قصيرة نسبيًا.
- يمتلكون مرونة مفرطة.
- وجود نقاط بيضاء صغيرة على الجزء الملون (القزحية) من العين تدعى بقع بروشفيلد.
- قصر القامة.
- وجود فراغ عميق بين إصبع القدم الأول والثاني.
وبالإضافة إلى الملامح الجسدية فإن المصابين بمتلازمة داون يعانون من العديد من المشاكل الصحية مثل تأخر النمو، إذ تكون لديهم ملامح نمو معرفية تشير إلى وجود إعاقة ذهنية خفيفة إلى متوسطة مع تقلب التطور المعرفي لديهم بصورة كبيرة، فقد يعانون من تأخر في الكلام وتعلم المهارات الحركية الدقيقة، ففي المتوسط يقوم الأطفال المصابون بمتلازمة داون بـ:
- الجلوس في عمر الـ 11 شهرًا.
- الزحف في عمر الـ 17 شهرًا.
- المشي في عمر الـ 26 شهرًا.
- قصر مدى الانتباه.
- ضعف المحاكمة العقلانية.
- السلوك الاندفاعي.
- بطء عملية التعلم.
- تأخر تطور اللغة والكلام عند الطفل.
بالإضافة إلى المشاكل المعرفية والسلوكية فإن المصابين بمتلازمة داون لديهم مشاكل صحية يمكن أن تؤثر على أيّ عضو أو وظيفة جسدية، كما يزداد خطر إصابتهم بالمشاكل الصحية الآتية:
- مشاكل في الجهاز التنفسي.
- صعوبات السمع.
- مرض الزهايمر.
- سرطان الدم في مرحلة الطفولة.
- الصرع.
- اضطرابات الغدة الدرقية.
ومع ذلك، فيمكن لمعظم الأشخاص المصابين بمتلازمة داون ممارسة حياتهم الطبيعية والالتحاق بالمدرسة، كما يمكنهم أن يكونوا أعضاء نشطين وقيمين في المجتمع، ويستطيع الأطفال المرضى بمتلازمة داون أن يطوروا مهارات التواصل الاجتماعي التي يحتاجون إليها، بيد أن هذه العملية قد تستغرق عادة وقتًا أطول مقارنة بالأطفال الآخرين الأصحاء، وهكذا يكون الكلام المستمر والتدخلات اللغوية المبكرة وسيلة فعّالة لتشجيع اللغة التعبيرية وتحسين مهارات الكلام عند الطفل المصاب.
مضاعفات متلازمة داون
توجد مجموعة من المضاعفات التي يمكن أن يعاني منها المصابون بمتلازمة داون، وكلما تقدموا بالعمر تصبح هذه المضاعفات بارزة وواضحة، ومنها:
- مشاكل في القلب: يولد نصف الأطفال المصابين بمتلازمة داون وهم يعانون من أمراض القلب الخلقية، والتي يمكن أن تهدد حياتهم وتتطلب تدخل جراحي في مراحل الطفولة المبكرة، وولعل أكثر تلك العيوب شيوعًا هي عيب الحاجز septal defect، وهو ثقب داخل أحد الجدران التي تفصل بين الحجرات القلبية الأربعة.
- عيوب الجهاز الهضمي: قد يحدث للأطفال المصابين بمتلازمة داون تشوهات في الجهاز الهضمي؛ مثل تشوهات في الأمعاء، والمريء، والقصبة الهوائية، والشرج، ويأتي في مقدمتها الإمساك والإسهال وعسر الهضم، ويمكن أن تتفاقم المشاكل ويزداد خطر الإصابة بمشكلات هضمية؛ مثل انسداد الجهاز الهضمي، أو الارتجاع المعدي المريئي، الداء البطني.
- اضطرابات المناعة: إن الأشخاص المصابين بمتلازمة داون يصبحون عرضة للإصابة باضطرابات المناعة الذاتية، وبعض أنواع السرطان والأمراض المعدية، مثل الالتهاب الرئوي؛ وذلك بسبب وجود تشوهات في الأجهزة المناعية.
- انقطاع النفس أثناء النوم: الأطفال المصابون بمتلازمة داون عرضة للإصابة بانسداد المجاري التنفسية؛ وذلك بسبب التغيرات التي تحدث في الأنسجة الرخوة التي تؤدي إلى إعاقة مجرى الهواء.
- السمنة: الأشخاص المصابون بمتلازمة داون هم عرضة للإصابة بالسمنة أكثر من العامة.
- مشكلات الحبل الشوكي: الأشخاص المصابون بمتلازمة داون هم عرضة للإصابة بالحبل الشوكي؛ وذلك بسبب عدم اتساق الفقرتين العلويتين في الرقبة.
- ابيضاض الدم: المصابون بمتلازمة داون هم عرضة أيضًا للإصابة بابيضاض الدم.
- الخرف: قد تبدأ أعراض مرض الخرف على الأشخاص المصابين بمتلازمة داون في سنّ 50 تقريبًا؛ وذلك لأنهم عرضة لهذا المرض، أو يمكن أن تزداد الإصابة ويتطور المرض إلى الزهايمر.
- مشاكل صحية أخرى: كمشاكل الغدد الصماء، والأسنان، والتهاب الأذن، ومشكلات مرتبطة بالسمع والبصر، وللحفاظ على حياة صحية للأشخاص المصابين بمتلازمة داون يجب المحافظة على الرعاية الطبية الروتينية وعلاج الأنسجة.
أنواع متلازمة داون
توجد ثلاثة أنواع لمتلازمة داون، فيما يلي تزضيح للاختلافات فيما بينها:
- التثلث الصبغي: ويعني وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21 في كلّ خلية، أيّ وجود 3 كروموسومات في كلّ خلية بدلًا من النسختين المعتادتين، وهذا هو الشكل الأكثر شيوعًا لمتلازمة داون، إذ إن نسبة 95% من المصابين بمتلازمة داون من نوع التثلث الصبغي.
- متلازمة داون بالتبدل الصبغي: نسبة الأشخاص المصابين بهذا النوع من متلازمة داون قليلة جدًا تقدر بـ 3%، وهذا النوع نادر جدًا، وفيه يكون لدى الشخص المصاب جزء من الكروموسوم أو كروموسوم كامل، وتحتوي على نسخ إضافية من كروموسوم 21.
- متلازمة داون الفسيفسائي: نسبة المصابين بهذا النوع من متلازمة داون 2% تقريبًا.
