ضيق الخلق
قد يشعر الفرد بالحزن أو ضيق الصدر في كثير من الأحيان، ومن الشائع مرور أي شخص بمثل هذه الحالة، وقد تختلف شدة هذا الشعور ما بين الخفيفة إلى القوية، ويتأثر شعور الشخص بالحزن بمدى قدرته على التأقلم، والموقف الذي أدّى إلى تشكّله منذ البداية، وكغيره من المشاعر العاطفية فإن الحزن شعور بشري طبيعي.
تُستبدَل مشاعر الحزن بأخرى سعيدة بعد زوالها، ومنها ما يستمر مدةً بسيطةً، ومنها ما قد يمتدّ وقتًا أطول، ويجب عدم السماح لمثل هذه المشاعر أن تؤثر على مسار اليوم أو الحالة المزاجية ككل، وللتخلص من ضيق الصدر يمكن ممارسة العديد من الأنشطة الاجتماعية، ومن المهم كخطوة أولية أن يعي الشخص حقيقة مشاعره وأن يتقبلها ليستطيع تخطّيها بوقت أقل، ولمساعدته على إيجاد السبب الرئيس وراء حدوث المشكلة لحلها كذلك.
أسباب ضيق الخلق
قد يُصاب الشّخص بضيق الخلق من فترة إلى أخرى، وعادةً ما يُقاوَم بدلًا من تقبله والتخلص منه بالطريقة الصحيحة، ويُعتَقد أن حالة اليأس المرافقة لشعور الحزن هي نتيجة مقاومته، وعند التوقف عن ذلك يتعلم الشخص كيفية التعامل مع هذا الشّعور بالطريقة الصّحيحة، وقد يُسبّب هذا الشّعور حالةً من الارتباك.وعادةً ما ينتج ضيق الخلق أو الشعور بالكآبة عن عوامل عدة مختلفة، منها ما يأتي:
- خلل في توازن النّواقل العصبية في الدّماغ: قد يحدث عدم اتزان في مستوى النّواقل العصبية في الدّماغ، ممّا ينعكس على تصرفات الشّخص السلوكية وصحته العقلية، ومن هذه النّواقل العصبية المهمة والمسؤولة عن الشعور بالسعادة الدوبامين، والسيرتونين، والأستيل كولين، والجلوتاميت، وغيرها،، وفي حال حدوث اختلال في نسبها فمن الممكن المرور بحالة من الحزن والكآبة نتيجة ذلك.
- اختلال في الإشارات الكهربائية داخل الدماغ: يوجد في الدماغ نوعان من الإشارات الخاصة به، وهما الإشارات الكيميائية والكهربائية، ولكل منهما دور في شعور الحزن والكآبة، ومما توصلت إليه الدراسات أن علاج الشحنات الكهربائية التشنجية من شأنه أن يخفف من أعراض الاكتئاب مؤقتًا، لذا قد يكون لهذه الاختلالات دور في الشعور بمثل هذه المشاعر.
- عَرَض جانبي نتجية تناول أدوية طبية معينة: قد ينتج عن تناول بعض الأدوية الطبية الموصوفة عرض جانبي يتمثل بالشعور بالحزن والاكتئاب، منها دواء الروكتان المُستخدَم لعلاج حب الشباب، وبعض الأدوية قد تزيد من خطر الأفكار الانتحارية، إضافةً إلى أدوية حاصرات مستقبلات بيتا المستخدمة لعلاج المشكلات الصحية المتعلقة بالقلب، وأدوية منع الحمل، وتتصدر الأدوية الطبية أو المشكلات الصحية في تسببها بضيق الخلق أو الاكتئاب بنسبة تصل إلى حوالي أقلّ من 10-15% أو أكثر، وذلك تبعًا لدراسات علمية أُجريت في هذا المجال.
- الهرمونات: بالرغم من تعدد الأسباب وراء الشعور بالضيق والحزن، إلا أن الهرمونات وتغيُّر مستوياتها أحد أهم هذه الأسباب المؤدية إلى الكآبة، وتعدّ احتمالية تشكلها لدى الرجال أقل منها عند النساء بمقدار النصف.
- تغيّر الموسم: يوجد نوع من أنواع الاكتئاب والشعور بالضيق يتعلّق مباشرةً بفترة التغيرات الموسمية خلال السنة، وهو ما يُعرَف بالإضطرابات العاطفية الموسمية.
- الحمية والنظام الغذائي: توجد علاقة واضحة بين طبيعة النظام الغذائي للشخص والشعور بالحزن والاكتئاب؛ إذ تؤثر طبيعة الكعام المتناول على الحالة النفسية، ومن العناصر الغذائية المؤثّرة فيتامين د؛ فقد توصلت دراسة علمية أُجريَت في هذا المجال إلى وجود علاقة بين نقصه والشعور بالاكتئاب، كما تسبّب كثرة تناول السكر زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب خلال خمس سنوات بنسبة 23% للرجال الذين يتناولون أكثر من 67 غرامًا أو أكثر عن ما هو عليه لدى الرجال الذين يلتزمون بتناول 40 غرامًا من السكر أو أقل يوميًا.
الفرق بين الحزن والاكتئاب المرضي
تساعد مشاعر الحزن والضيق على تقدير الشخص لمشاعر السعادة أيضًا، ولا يعني المرور بها أنه مُصاب بالاكتئاب المرضي، لكن من الممكن أن تزداد سوءًا لتصل إلى هذه المرحلة، وممّا قد يساعد الشخص على التخلص من المشكلة هو معرفة الفرق بين كل منهما، والتأكد من حاجته لطلب المساعدة الطّبية في الوقت المناسب، فالاكتئاب يترافق مع أعراض تُؤثر سلبًا على الحياة والمهام اليومية، وتستمر أعراضه أسبوعين أو أكثر، ومنها الشعور الشديد باليأس، وفقدان الشّغف، وعدم الإحساس بالقيمة مع الشعور بالذنب، بالإضافة إلى استمرارية مشاعر الحزن مدّةً طويلةً، وشعور الشخص بالقلق والفراغ العاطفي.
تؤثّر حالة الاكتئاب على الجسم بفقدانه للطاقة والشعور بالتعب العام والإحباط، ويفقد الشخص الاهتمام أو متعة ممارسة الأنشطة والفعاليات الحياتية، مع اضطراب نظام النوم لدى الشخص؛ فقد يمر بحالة الأرق، أو حالة من الإفراط في النوم، أو الاستيقاظ في وقت باكر في الصباح، وقد تراوده أفكار تتعلق بالانتحار أو الموت، أو حتى محاولات انتحارية قد يُقدِم عليها.
إيجابيات الشعور بالضيق والحزن
لمشاعر الضيق والحزن جوانب إيجابية من الممكن للشخص أن يستفيد منها، ومن هذه الإيجابيات هي أن الحزن من شأنه تحسين تركيز الشخص على التفاصيل الخارجية، وزيادة عزيمته، والتقليل من الأحكام العشوائية، كما يحفز سمة المروءة لديه، ويؤثر شعور الحزن إيجابًا بإعطاء الحافز الذي يحتاجه الشخص لأداء المهام الصعبة؛ إذ إن المشاعر الصعبة قد تضع الفرد في مساحة الراحة لديه دون بذله أي جهود إضافية من أجل الحصول على ما يريد، كما قد تتحسن طريقة الحكم على الأمور، وتقل احتمالية إصدار الأحكام الخاطئة نتيجة التفكّر، ويكون تحليل المواقف بطريقة إيجابية.
