أسباب ظهور الدم في البول

يُسمّى ظهور الدم في البول طبيًا باسم البيلة الدموية، وهي خروج الدم مع البول سواء أكان بكمية قليلة غير مرئية للعين أو بكميات كبيرة يمكن للشخص ملاحظتها، ويعدّ ظهور الدم في البول أمرًا مثيرًا للقلق حتى ولو ظهر لمرة واحدة، إذ يمكن أن يدل على وجود حالة أو مشكلة صحية كامنة؛ مثل أمراض الكلى، أو السرطانات، أو أمراض الدم، وغير ذلك، وينبغي استشارة الطبيب حال ظهور أيّ كمية من الدم ولو قليلة في البول لمعرفة سبب ذلك وبدء العلاج، وفي هذا المقال تفصيل لأهم الأسباب المحتملة لظهور الدم في البول، إذ يشير مصطلح البيلة الدموية، أو تبول الدم، إلى وجود كريات الدم الحمراء في البول، وهو يكون إما ظاهرًا ومرئيًا، وإما مجهريًا فلا يرى إلا تحت عدسة المجهر، فأما البيلة الدموية فتختلف في الشكل، ويتراوح لونها بين اللون الوريد الفاتح واللون الأحمر القاني، ومع أن كمية الدم في البول تختلف أحيانًا، فإن جميع أنواع هذه الحالة تسبب المشكلة ذاتها للمريض كما ذُكر سابقًا، وتتطلب العلاج والتشخيص ذاتهما، فالمرضى المصابون بالبيلة الدموية العيانية سيكونون مطالبين بزيارة الطبيب الاختصاصي، أما الأفراد المصابون بالبيلة الدموية المجهرية فلن يستطيعوا اكتشاف الإصابة بأنفسهم، وإنما ستشخص حالتهم حين يجرون فحص دوريًا عرضيًا عند الطبيب.

أسباب ظهور الدم في البول

تتضمّن الأسباب الشائعة لظهور الدم في البول ما يلي:

• تناول أدوية معينة: قد تسبب بعض الأدوية ظهور الدم في البول؛ مثل الوارفارين، وهو دواء مُميّع للدم يصفه الطبيب في حال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، أو في حال نقص التروية الدماغية وغير ذلك.
• تناول أطعمة معينة: قد يسبب تناول بعض الأطعمة في تغير لون البول وظهوره باللول الأحمر؛ مثل تناول كميات كبيرة من الشمندر، وهنا لا وجود للدم في البول بل هو لون أحمر فقط.
• انخفاض عدد الصفائح الدموية: إذا كان الشخص يعاني من قلة الصفائح الدموية، فإنّ القدرة على التجلّط وإيقاف النّزيف قد تتعطل، ممّا يسبب ظهور الدم في البول.
• حصى الكلى أو المثانة: قد تسبب حصى الكلى أو المثانة الألم الشديد والنزيف عند مرورها في الجسم مع البول، فذلك قد يسبب ظهور الدم مع البول، وقد لا يظهر ذلك إلا في الفحوصات المخبرية للبول.
• إجراء عملية جراحية للمسالك البولية: قد يجري الطبيب إحدى العمليات الجراحية للكلى أو المثانة أو الإحليل لعدّة أسباب مرضية، وقد يسبب ذلك آثارًا جانبية منها ظهور الدم في البول بعد انتهاء العملية.
• عدوى المسالك البولية: وهي عدوى بكتيرية تصيب الجهاز البولي بالعدوى، وهو شائع عند النساء، وقد يسبب ظهور الدم في البول.
• إصابة القناة البولية: قد يتعرض الشخص لحادث ما أو سقوط أو ممارسة التمارين الشاقة أو حتى أثناء الجراحة، ما يتسبب بأذى القناة البولية، وظهور الدم مع البول حينها.
• تكوّن الخثرات الدموية في الكلى: وهو انسداد للأوردة في الكلى التي تنقل الدم من الكلى؛ وذلك بسبب التخثرات الدموية، وينتج عن ذلك تلف شديد للكلى.
• أمراض الدم: مثل الهيموفيليا وهو المرض الذي لا يتجلط فيه الدم بصورة طبيعية، فعندما تحدث إصابة ما أو التهاب في الجهاز البولي، فإنّ الأشخاص المصابين بالهيموفيليا لا يستطيعون السيطرة على النزيف، فيظهر الدم في البول.
• مرض الكلى متعدد الكيسات: وهو مرض وراثي يسبب ظهور عدّة أعراض؛ مثل ارتفاع ضغط الدم، وألم الظهر والجوانب، وانتفاخ البطن، وظهور الدم في البول.
• تضخم البروستاتا: قد يتسبب تضخم البروستاتا لدى الرجال بالضغط على مجرى البول، وإعاقة تدفق البول جزئيًا، وقد يظهر الدم مع البول، بالإضافة إلى أعراض أخرى؛ مثل الحاجة المُلحّة للتبول، أو صعوبة التبول، وغير ذلك.
• السرطانات: قد يكون ظهور الدم في البول علامة على الإصابة بسرطان المثانة أو البروستاتا أو الكلى في المراحل المتقدمة.
• النزيف المهبليّ: قد يظهر الدم عند النّساء في البول بسبب فترة نزول الحيض، وقد يظهر الدم بسبب النزيف المهبلي في أوقات غير الحيض، ويجري الطبيب الفحوصات اللازمة لمعرفة سبب النزيف المهبلي.
• بعض أمراض الكلية عند الإنسان: مثل التهاب كبيبات الكلى.
• تضخم البروستات (ورم البروستات الحميد)، أو سرطان البروستات.
• بعض الأمراض: مثل فقر الدم المنجلي.
• الأورام الحاصلة في الكليتين أو المثانة أو البروستات.
• إصابات الكلى: جرّاء حادث أو تمرين رياضي.

على الرغم مما سبق، يرى بعض الناس بقعًا حمراء في البول ويظنون فورًا أنها بيلة دموية، إلا أنها ترجع في الواقع إلى مصادر أخرى، مثل الأصباغ الموجودة في الطعام أو الأدوية، وقد يعود أيضًا إلى تناول كميات كبيرة من الشمندر، وهو ما يعرف بالبول الشمندري beeturia، وعلى العموم يزداد خطر الإصابة بالبيلة الدموية نتيجة عوامل عديدة، فالأشخاص الذين يتناولون المضادات الحيوية ومسكنات الآلام يكونون أكثر عرضة من غيرهم لحدوث البيلة الدموية، كذلك، يشيع هذا الأمر عند المرضى المصابين بعدوى فيروسية أو جرثومية، أو المرضى المصابين بمرض يؤثر على وظيفة أكثر من جهاز في أجسامهم، ويوجد أيضًا لدى الناس الذين تسري في عائلاتهم أمراض الكلى المختلفة.

عوامل ظهور دم في البول

يتعرّض بعض الأشخاص والفئات إلى خطر الإصابة بالبيلة الدموية أكثر من غيرهم، وفيما يلي أهم عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة:

• العمر؛ يزداد خطر الإصابة مع التقدم في العمر خاصةً لدى الرجال بعد سنّ الخمسين؛ وذلك بسبب تضخم البروستاتا.
• الإصابة بالعدوى حديثًا؛ فمثلًا بعد الإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية، يزداد خطر ظهور الدم في البول خاصة عند الأطفال.
• التاريخ العائلي؛ يزداد خطر الإصابة عند وجود تاريخ عائلي للإصابة بمرض الكلى أو حصوات الكلى.
• تناول أدوية معينة؛ يزداد الخطر لدى الأشخاص الذين يتناولون الأسبرين، ومسكنات الألم غير الستيرويدية المضادة للالتهاب، والمضادات الحيوية مثل البنسلين.
• التدريبات الشاقة؛ يعدّ الأشخاص العدّائون الذي يركضون لمسافات طويلة أكثر عرضةً للإصابة بالنزيف البولي الناتج عن ممارسة التمارين الشاقة، وقد يصاب أيّ شخص يمارس تمارينًا شاقًا بظهور الدم في البول.

أعراض ظهور دم في البول

تعدّ رؤية الدم مع البول من أهم الأعراض الشائعة، إذ يبدو البول بلون ورديّ أو أحمر أو قد يميل إلى اللون البنيّ، وقد لا يكون البول مرئيًا للشخص بل يظهر في نتيجة التحليل المخبريّ، وقد يترافق مع الدم في البول أعراض أخرى تبعًا للسبب الكامن وراء الإصابة به، فمثلًا في حال كان السبب هو عدوى المثانة، فإنّ الأعراض المترافقة تتضمن الألم والحرقة مع التبول، أو الحمّى، وعند الإصابة بعدوى الكلى فإنّ الأعراض المرافقة هي الحمّى وآلام أسفل الظهر، وفي حال حصى الكلى فإنّ الشخص يعاني من ألم شديد في البطن ومنطقة الحوض، وإذا أصيب الشخص بهذا النوع من البيلة الدموية، كان عرضة لتشكل الخثرات الدموية في البول، مما يشكل أمر مؤلمًا بالنسبة إليه، لذلك، ينصح الإنسان بضرورة استشارة الطبيب فورًا عند ظهور الدم في البول أو شعوره بالألم عند التبول، فهذا الأمر كفيل بتحديد السبب الكامن واختيار العلاج الأنسب.

أنواع البيلة الدموية

يمكن تقسيم أنواع البيلة الدموية إلى نوعين رئيسيين، كما يلي:

• البيلة الدموية المرئية؛ وهي أن يلاحظ الشخص تغير لون البول إلى الورديّ أو الأحمر؛ بسبب وجود كميات كافية من الدم للظهور في البول بالعين المجرّدة.
• البيلة الدموية المجهرية؛ وتكون كمية الدم هنا قليلة جدًا ولا تظهر بالعين المجردة، بل يكتشف الطبيب وجودها عبر الفحص المخبري لعينة من البول.

علاج ظهور الدم في البول

يختلف العلاج باختلاف المسبب للإصابة بالبيلة الدموية، وتتضمن العلاجات الخيارات التالية:

• المضادّات الحيوية؛ لعلاج العدوى البكتيرية.
• الإجراءات الجراحية؛ لإزالة حصى الكلى الكبيرة.
• المرخيات العضلية أو الخيارات الجراحية؛ لعلاج مشاكل البروستاتا.
• تصفية الدم أو الأدوية؛ لعلاج التهاب كبيبات الكلى.
• العلاج الكيميائي أو الجراحي أو الإشعاعي؛ لعلاج السرطانات.

مضاعفات ظهور الدم في البول

قد تكون بعض أسباب ظهور الدم في البول خطيرة، وتسبب ظهور عدّة مضاعفات، فمثلًا يتسبب عدم علاج عدوى الكلى بحدوق الفشل الكلوي، ويتسبب عدم علاج تضخم البروستاتا بكثرة التبول، والشعور بألم شديد، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بسرطان البروستاتا، ومن مضاعفات عدم علاج السرطانات في حال كانت هي السبب في ظهور الدم في البول، أن الأورام ستتطور وسيصبح العلاج أكثر صعوبة، لذا من المهم استشارة الطبيب ومعرفة السبب الحقيقي لمشكلة ظهور الدم في البول، لبدء العلاج، ومنع حدوث العديد من المضاعفات.

تشخيص تبول الدم

يسأل الطبيب المريض أولًا عن سجله الطبي والمرضي، ويحاول تحديد سبب ظهور الدم في البول، ويلي ذلك إجراء تحليل للبول قائم على أخذ عينة منه لإجراء اختبارات عليها، وقد تشمل تحاليل البول أيضًا فحص العينة تحت المجهر بحثًا عن خلايا غير طبيعية فيها، وربما يستدعي الأمر أحيانًا إجراء تحاليل للدم؛ فالمستويات المرتفعة من الفضلات في الدم تنبئ بمعاناة الكليتين من أحد الأمراض، إذ من المفترض أن تتخلص الكليتين من تلك الفضلات، وبالإضافة إلى ما سبق، يحتمل أن يطلب الطبيب إجراء فحوص تصوير أخرى مثل:

• التصوير المقطعي CT: تقوم هذه الوسيلة على فحس الأشعة السينية لتحديد وجود حصى الكلى أو المثانة من عدمه، فضلًا عن تحديد وجود الأورام أو التشوهات في المثانة والكليتين والحالب.
• الموجات فوق الصوتية: تستخدم هذه التقنية لالتقاط صور لمنطقة الكليتين عند المريض.
• خزعة الكلى: يقوم هذا الأمر على استئصال عينة صغيرة من أنسجة الكلى ومن ثم فحصها تحت عدسة المجهر.
• تنظير المثانة: يتطلب هذا الإجراء إدخال أنبوب صغير محمل بكاميرا في مثانة المريض لفحصها، وقد تؤخذ خزعة صغيرة لتحديد وجود خلايا غير طبيعية أو سرطانية.

الوقاية من خروج الدم في البول

للوقاية من البيلة الدموية أو خروج الدم في البول ينبغي منع وقوع الأسباب، وذلك باتباع النصائح التالية:

• للوقاية من الالتهابات: الحرص على شرب كمية كافية من الماء، والتبول مباشرة بعد الانتهاء من العلاقة الجنسية، والحفاظ على نظافة المنطقة التناسلية.
• للوقاية من تكوّن الحصى: الحرص على شرب كميات كافية من الماء، وتقليل الملح في الطعام.
• للوقاية من السرطان: الامتناع عن التدخين، وتجنب التعرّض للمواد الكيميائية، وشرب كميات كافية من الماء أيضًا.