الصحة النفسية

أعراض الوسواس القهري عند الأطفال

أعراض الوسواس القهري عند الأطفال

الوسواس القهري عند الأطفال

يعرف اضطراب الوسواس القهري OCD بأنه اضطراب يصيب الأشخاص من جميع الأعمار ويلازمهم طوال مدة حياتهم، ويتسم بنمط من الأفكار غير المعقولة ولا المرغوبة التي تثير مشاعر مؤلمة عند الشخص (الوساوس)، وتدفعه إلى أداء سلوكيات معينة للتخلص من تلك الهواجس (السلوكيات القهرية)، ومن المعلوم أن معظم الناس يصابون بأفكار وهواجس وسواسية ويعانون من سلوكات قهرية خلال مرحلة معينة من حياتهم، بيد أن هذا الأمر لا يعني أنهم سيصابون جميعًا بهذا الاضطراب؛ فتشخيص الإصابة به يتطلب معاناة الشخص من أعراض الوسواس القهري الشديدة التي تبلغ مبلغًا يؤثر على أنشطته اليومية وتستهلك وقتًا طويلًا من يومه.

أعراض الوسواس القهري عند الأطفال

يعاني الأطفال المصابون بالوسواس القهري من أعراض الوساوس والسلوكيات القهرية، وتتجلى أبرز الأمثلة على هذه السلوكيات في الأمور التالية:

  • معاناة الطفل من أفكار أو تصورات غير مرغوب فيها، تحدث مرارًا وتكرارًا لديه، وتسبب له مشاعر الضيق أو القلق.
  • معاناة الطفل من رغبة قاهرة في التفكير بأمر معين وقوله مرارًا وتكرارًا؛ فعلى سبيل المثال قول بعض الكلمات وتكرارها مرات عديدة بصمت أو بصوت عالٍ.
  • حاجة الطفل إلى أداء بعض الأمور وتكرارها، فعلى سبيل المثال يشعر برغبة ملحة في غسل يديه، أو تنظيم الأغراض والأشياء وفق ترتيب معين، أو التأكد المستمر من الأشياء والأجهزة الكهربائية مثل التأكد من إغلاق باب المنزل.
  • حاجة الطفل إلى تكرار الأمور ذاتها وفقًا لقواعد معينة يتبعونها في كل مرة حتى تختفي أعراض الوسواس لديه.

وعلى العموم، ينبع إقبال الأطفال على ممارسة هذه السلوكيات من شعورهم بأنها ستقيهم من حدوث أمور سيئة وستجعلهم يشعرون بالتحسن، وبطبيعة الحال لا ترتبط هذه السلوكيات بخطر فعلي حول حدوث أمر سيء، ومن الأمور الخاطئة حول اضطراب الوسواس القهري القول إن الطفل المريض يكون حريصًا دائمًا على الترتيب والنظافة طوال الوقت؛ ففي بعض الأحيان تنطوي أعراض الوسواس القهري على سلوكيات قهرية مرتبطة بالتنظيف، بيد أنه في حالات كثيرة يركز الطفل المريض على أمر واحد بعينه دون غيره.

أسباب الوسواس القهري عند الأطفال

ما تزال الأسباب الدقيقة الكامنة وراء الإصابة بالوسواس القهري غير واضحة المعالم، بيد أن النظريات الرئيسة حول هذا الأمر تشير إلى بعض العوامل مثل:

  • العوامل البيولوجية: يحتمل أن ترجع الإصابة بالوسواس القهري إلى بعض العوامل البيولوجية، مثل التغير الحاصل في الطبيعة الكيميائية للجسم أو وظائف الدماغ.
  • العوامل الوراثية: يحتمل وجود مكون وراثي وراء الإصابة باضطراب الوسواس القهري، بيد أن الجينات المسؤولة عن هذا الأمر لم تُحدد حتى الآن.
  • العوامل البيئية: أشار بعض الباحثين إلى دور محتمل للعوامل البيئية، مثل حالات العدوى المختلفة في تحفيز اضطراب الوسواس القهري عند بعض الأشخاص.

العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالوسواس القهري عند الأطفال

ثمة بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض الوسواس القهري، وهذا يشمل كًلا مما يلي:

  • التاريخ العائلي: يزداد خطر الإصابة بالوسواس القهري إذا كان أحد الأبوين أو أحد أفراد العائلة من المصابين سابقًا بهذا الاضطراب.
  • أحداث الحياة المسببة للتوتر: يتعرض بعض الأفراد خلال حياتهم إلى أحداث مؤلمة أو محزنة تسبب التوتر النفسي، فيزداد لديهم خطر الإصابة بهذا المرض، فرد الفعل الذي يبديه المرء نتيجة أمر معين قد تحفز السلوكيات والأفكار المرتبطة بالوسواس القهري.
  • الاضطرابات النفسية الأخرى: ترتبط الإصابة باضطراب الوسواس القهري أحيانًا باضطرابات الصحة النفسية الأخرى، مثل اضطرابات القلق أو الاكتئاب أو الإدمان على المخدرات.

علاج الوسواس القهري عند الأطفال

يعتمد علاج الوسواس القهري عند الأطفال على العلاج المعرفي السلوكي وتناول الأدوية كما هو الحال في الوسواس القهري عند الكبار:

العلاج المعرفي السلوكي

يعرف العلاج المعرفي السلوكي بأنه من أنواع العلاج النفسي، وهو يشكل وسيلة فعالة لعلاج الوسواس القهري عند الأطفال، فهو يهدف في المقام الأول إلى تغيير طريقة تفكير الطفل ومشاعره وتصرفاته، وهو يعتمد على طريقتين هما العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة ERP والعلاج المعرفي، وقد بينت بعض الدراسات فائدة هذه العلاج عند ما نسبته 75% من المرضى المصابين بالوسواس القهري، وعمومًا تتضمن تقنيات العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة ما يلي:

  • التعرّض: تعتمد هذه الطريقة على تعريض المريض إلى المواقف والأمور المثيرة للخوف والقلق لديه، وهكذا، ستقلّ أعراض القلق الناجمة عن هذه الأمور مع مرور الوقت، حتى ينتهي المطاف بانعدامها أو تحولها إلى أعراض بسيطة وخفيفة، وهو ما يطلق عليه بتقنية التعوّد.
  • الاستجابة: يشير مصطلح الاستجابة إلى السلوكيات التي ينخرط فيها مرضى الوسواس القهري بهدف الحد من أعراض القلق الناجمة عن الاضطراب، بيد أن هذا يعلم المرضى كيفية مقاومة الحاجة القهرية إلى أداء تلك السلوكيات والتصرفات.

ثمة تقنيات أخرى قائمة على العلاج المعرفي، إذ يتعلم المرضى في حالات كهذه كيفية التخلص من السلوكيات القهرية، ويجري ذلك عبر تحديد أفكارهم ومعتقداتهم وإعادة تقييمها فيما يتعلق بنتائج الانخراط في تلك السلوكيات القهرية أو عدم الانخراط فيها، مثل السلوكيات المتعلقة بالتفقد الدائم للأجهزة الكهربائية في المنزل، وهكذا، حالما يقر المريض بالأفكار المتسلطة والمعاني التي يُضفِيها عليها، فإن الطبيب سيشجعه على فحص الأدلة المرتبطة بأفكار الوساوس لديه، والتعرف على التشوهات المعرفية في تقييمها، ومحاولة العثور على استجابة بديلة أقل تهديدًا لتلك الأفكار والوساوس المتسلطة، وما تزال الدراسات العلمية بشأن فعالية العلاج المعرفي السلوكي في حالات الوسواس القهري قليلة جدًا، بيد أن نتائجها أشارت إلى فعاليته في تخفيف الأعراض.

الأدوية

تستخدم الأدوية لتخفيف أعراض الوسواس القهري عند المرضى، ويأتي في مقدمتها مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRI التي تفيد في السيطرة على أعراض الوسواس القهري، ويستغرق مفعول هذه الأدوية 3 أشهر حتى تظهر نتائجه على المريض، ولمّا كان عدد كبير من مرضى الوسواس القهري لا يستجيبون إلى العلاج بأدوية SSRI وحده، فإن الطبيب قد يوصي بضرورة تناول الأدوية المضادة للذهان جنبًا إلى جنب مع مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، وعمومًا يعتمد قرار إعطاء الأدوية إلى الأطفال الصغار أو المراهقين على مجموعة من العوامل التي تتضمن ما يلي:

  • عمر الطفل وأنواع الوساوس والسلوكيات القهرية وشدة أعراض الوسواس القهري.
  • معاناة الطفل من اضطرابات أخرى متزامنة مع الوسواس القهري، مثل الاكتئاب أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ADHD.
  • شخصية الطفل وطبيعته ورغبته في الخضوع إلى العلاج والتقيّد بالخطوات المطلوبة في أثناء العلاج المعرفي السلوكي.
السابق
علاج كثرة التفكير قبل النوم
التالي
أنواع البواسير وطرق علاجها

اترك تعليقاً