الإقلاع عن التدخين
يوصف الإقلاع عن التدخين بأنه أمر صعب بنظر الكثير من المدخنين، ويرجع سبب ذلك إلى احتواء الدخان كما هو معروف على مادة النيكوتين، التي تشتهر بكونها مادة مثيرة للإدمان كما هو حال أنواع العقاقير الأخرى؛ كالهروين والكوكايين، وفي الحقيقة يمتلك النيكوتين تأثيرًا ليس فقط على الدماغ فحسب، وإنما على القلب، والأوعية الدموية، والعمليات الأيضية، والهرمونات أيضًا، لذا ليس من الغريب أن تعاني من أعراضٍ انسحابية متنوعة عند محاولتك ترك عادة التدخين السيئة، بل قد تعاني من معركة طويلة الأمد لإخماد الشهوة نحو التدخين مرة أخرى، وللأسف فإن المعاناة من ظهور الأعراض الإنسحابية لا تتوقف عند الأفراد الذين أدمنوا التدخين لفترة طويلة فحسب، وإنما عند الأفراد الذين بدأوا بالتدخين حديثًا أو لأسابيع فقط، وعلى العموم تتضمن أعراض التدخين الإنسحابية مشاكل بدنية، وذهنية، وعاطفية، ويُعد الأسبوع الأول هو الأسبوع الأكثر تحديًا وسوءًا للمدخنين، خاصة الـ 3-5 أيام الأولى منه تحديدًا.
الأعراض الجانبية الناتجة عن الإقلاع عن التدخين
يُساعد الإلمام والمعرفة المسبقة بأعراض الإقلاع عن التدخين في التحضّر لترك هذه العادة السيئة تحضّرًا أكثر فعالية وسهولة، وعلى أي حال تتضمن أبرز هذه الأعراض ما يأتي:
- الحاجة الملحّة للتدخين: قد تشعر بحاجة ملحة للتدخين من أجل الحصول على حاجة الدماغ التي تعود عليها من النيكوتين، ويرجع سبب ذلك إلى تعود الدماغ على إفراز كمية معينة من هرمون الدوبامين عند تدخين السجائر التي تحتوي على النيكوتين، وهذا هو السبب الأساسي الذي يجعلك تشعر بالصفاء وبعض الراحة عند التدخين ويجعلك تشعر بالأسى والحاجة الماسة للتدخين مرة أخرى عند تركك للتدخين.
- اضطرابات النوم: تتباين هذه الاضطرابات بين شعورٍ عميقٍ بالأرق وعدم النوم إلى شعورٍ بالحاجة الكبيرة للنوم أثناء النهار، وعادة ما ينسب الخبراء حدوث هذه الاضطرابات أيضًا إلى اختلاف مستوى هرمون الدوبامين في الدماغ عن ذي قبل.
- زيادة الوزن: قد تمر بفترة تعاني خلالها من احساسٍ مفاجئ بالجوع الشديد بعد إقلاعك عن التدخين، وهذا يدفعك إلى تناول الكثير من السكريات والكربوهيدرات، ممّا يؤدي إلى زيادة الوزن، ويعود سبب ذلك إلى حقيقة تلاعب النيكوتين الذي تعوّد على أخذه بمستوى الأنسولين وجعلهم بحاجة لكمية أقل من الطعام أثناء إدمانهم عليه.
- السعال المستمر: على عكس ما قد يعتقد به الكثيرون، فإنّ السعال المستمر في هذه المرحلة هو دليلٌ على تحسّن الرئة وعودة خلاياها إلى وظيفتها الطبيعية دون مشاكل وليس علامة على حاجة الرئة للدخان، كما يُعدّ السعال بمثابة علامة مباشرة تشير إلى محاولة الرئة التخلّص من السموم المتراكمة بسبب التدخين.
- أعراض شبيهة بالزكام: قد تظهر لديك أعراضٌ شبيهة بأعراض الزكام، كالحمى، أو التهاب الجيوب الأنفية، أو السعال الشديد، وعادةً ما ينسب المختصون حصول ذلك إلى محاولة الجهاز المناعي للجسم الاستجابة بكفاءة للحالة الجديدة التي وصل إليها الجسم بعد تركه للتدخين.
- تقلبات مزاجية: قد تعاني من شعورٍ بالعصبية والتوتر بسبب إقلاعك عن التدخين، ويرجع سبب ذلك إلى اتخاذ الجسم أثناء هذه الفترة لنمطٍ جديد يتعلق بتنظيم استجابات الجهاز العصبي والغدد الصماء، إلّا أنّك قد تعاني أيضًا من مشاكل في الذاكرة والتركيز أثناء هذه الفترة.
- الإمساك: يُعدّ الإمساك أحد أكثر استجابات الجهاز الهضمي شيوعًا عند الإقلاع عن التدخين، وعادةً ما يحدث ذلك بسبب تعود الجسم على التدخين لتحفيز حركة الأمعاء.
- أعراض أخرى: يشير الخبراء إلى وجود أعراضٍ انساحبية أخرى تظهر عند البعض، مثل:
- تنميل اليدين والقدمين.
- الغثيان وآلام البطن.
- التهاب الحلق.
- التعرّق.
- الصداع.
- الاكتئاب.
- صعوبة في التركيز.
- جفاف الفم.
- التعب والإرهاق.
- المعاناة من التعرق، والشكوى من الاستيقاظ في الليل.
- الشعور ببعض الآلام والتشنجات في البطن.
المسار الزمني لظهور أعراض الإقلاع عن التدخين
يُمكن شرح أعراض التدخين الإنسحابية حسب موعد ظهورها بعد تناول آخر سيجارة كما يأتي:
- 30 دقيقة إلى 4 ساعات: يبدأ تأثير النيكوتين على جسمك بالنفاذ وتشعر بالرغبة مرة أخرى بالتدخين.
- 10 ساعات: تشعر بالإضطراب وتزداد رغبتك أكثر بالتدخين، كما تبدأ بالتفكير بأمور أخرى لقضاء الوقت بدلًا عن التدخين، وقد يُصاحب هذا الأمر الشعور بالحزن وربما باليأس أيضًا.
- 24 ساعة: تصل حدة الطباع إلى ذروتها وتحصل زيادة كبيرة في الشهية نحو الطعام.
- يومان: المعاناة من الصداع بسبب تخلص الجسم من النيكوتين.
- 3 أيام: يختفي النيكوتين نهائيًا من الجسم وتنخفض الرغبة كثيرًا بالتدخين، لكن القلق يزداد نوعًا ما.
- أسبوع واحد: يُصبح من الضروري الآن تجنب كل الأمور التي تحفز على التدخين قدر المستطاع.
- 2-4 أسابيع: تبقى مستوى الطاقة منخفضة في الجسم، لكن الدماغ قد بدأ باستعادة عافيته، كما تبدأ الشهية بالرجوع إلى وضعها الطبيعي، ويشعر الفرد بانخفاض مستوى الإكتئاب والسعال أيضًا.
- 5 أسابيع وأكثر: يُصبح من الضروري الآن الابتعاد عن جميع الأمور الذهنية التي قد تدفعك إلى التدخين مرة أخرى.
علاج أعراض الإقلاع عن التدخين
تتوفر العديد من الخيارات العلاجية التي بالإمكان اللجوء إليها لتخفيف حدة أعراض الإقلاع عن التدخين، منها:
- العلاج بالنيكوتين: يقوم مبدأ هذا العلاج ببساطة على التوقّف عن تدخين السجائر واستبدالها مباشرةً بمنتجاتٍ تحتوي على كميات أقل من النيكوتين، مثل علكة النيكوتين، وحبوب النيكوتين، والرقع الجلدية التي تحتوي على النيكوتين.
- وصف الأدوية: يصف الأطباء دواء الفارينكلين لتخفيف حاجة الجسم للنيكوتين، كما يُمكنهم أن يصفوا دواءً آخر يُدعى ببوبروبيون، الذي يستخدمه الناس عادةً لغرض تخفيف حدة الاكتئاب.
- السجائر الالكترونيّة: يرى البعض أنّ الخطر المترتب على السجائر الإلكترونية هو أقل من الخطر المترتب على السجائر العادية، وهذا دفع كثيرون إلى الاستعانة بها كبديل عن السجائر العادية أثناء فترة الإقلاع عن التدخين.
- الاستشارات النفسيّة: لا يجد الأطباء عيبًا في تحويل مرضاهم إلى أخصائيين نفسيين للحصول على الاستشارات النفسية المناسبة للتعامل مع المحفزات الذهنية التي تدفع بهم إلى التدخين.
- التأقلم: يشير الخبراء إلى أهمية توعية الأفراد بان الرغبة الملحة بالتدخين لا تدوم لأكثر من 20 دقيقة عند التفكير فيها ذهنيًا، وهذا يعني أنّ بإمكان الفرد تشتيت هذه الفكرة بأي شيء آخر حتى زوالها، وينصح بعض الخبراء باتباع بعض الخطوات للتأقلم من أعراض الإقلاع عن التدخين، مثل:
- أخذ الوقت في التفكير لتحضير النفس على مواجهة أعراض الإقلاع عن التدخين.
- كتابة قائمة بالفوائد الصحية والمادية التي جعلت الفرد يترك عادة التدخين وقراءة هذه القائمة عند مجيء الرغبة الملحة بالتدخين مرة أخرى.
- التركيز على ممارسة التمارين الرياضيّة أثناء ظهور الأعراض الانسحابيّة.
- الحديث مع الآخرين عن فوائد الإقلاع عن التدخين.
- الحرص على تعبئة الجدول اليومي وممارسة هوايات جديدة.
- قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء غير المدخنين.
- تجنب حمل قداحة أو أعواد ثقاب.
- شرب السوائل: شرب كميات كبيرة من السوائل وتجنب شرب الكحول والكافيين.
- الأنظمة الغذائية الصحية: تناول غذاء صحي وقليل السعرات الحرارية.
فوائد الإقلاع عن التدخين
فوائد الإقلاع عن التدخين على صحتك وحياتك:
- تحسن حاسة الشم والتذوق وبالتالي الاستمتاع أكثر بتناول الطعام.
- التخلص من من متاعب التدخين؛ مثل رائحة الدخان أو أن عليك دائمًا التأكد من أنه لديك ما يكفي من السجائر.
- تحسن مستوى الخصوبة.
- انخفاض خطر الإصابة بسرطان الرئة وبأنواع أخرى من السرطانات.
- انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكتات الدماغية، وأمراض الأوعية الدموية الطرفية.
- توفير المال.
- انخفاض حدة الشكوى من الأعراض التنفسية؛ كالسعال، والصفير، وضيق التنفس.
- انخفاض خطر الإصابة بالكثير من أمراض الرئة، التي على رأسها مرض الإنسداد الرئوي المزمن، الذي يُعد أحد أبرز أسباب الوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية.
