الصحة النفسية

اسباب كثرة الجاثوم

اسباب كثرة الجاثوم

الجاثوم

عرف الناس الجاثوم -أو ما يُعرف علميًا بشلل النوم- منذ قرون طويلة، وقد اصطبغ الجاثوم بصفات الشر والشياطين، بل إن البعض ربطوه بزيارة الفضائيين واستحضار الكائنات الخيالية، لكن هذا الأمر لم يمنع العلماء من البحث جديًا في ماهية الجاثوم واكتشاف ألغازه وخفاياه، وقد اتفق العلماء حاليًا على تعريف الجاثوم أو شلل النوم بأنه الشعور بالوعي لكن مع فقدان القدرة على الحركة، وعادةً ما يحدث ذلك أثناء مرور الفرد بين مراحل النوم واليقظة، وقد يشعر الفرد أثناء ذلك بالضغط والضيق الشديد أو حتى بالاختناق، فضلًا عن الرعب الشديد أيضًا، ويُمكن للجاثوم أن يحدث أثناء لحظات النوم الأولى أو أثناء لحظات الاستيقاظ من النوم، وعلى أي حال استنتج العلماء في النهاية بأن شلل النوم أو الجاثوم هو علامة دالة على فشل الجسم في الانتقال بين مراحل النوم المختلفة، ومن النادر أن يكون الجاثوم هو علامة على الإصابة بمشاكل نفسية حقيقية أو جدية.

أسباب كثرة الجاثوم

أصدرت المجلة الدولية للبحوث الطبية التطبيقية والأساسية مقالًا في عام 2018 أكدت فيه على حقيقة أن موضوع الجاثوم أو شلل النوم قد حاز على اهتمام العامة والأفراد العاديين أكثر من اهتمام العلماء والباحثين، وهذا أدى إلى ضبابية كبيرة فيما يخص العوامل والأسباب والآثار المرتبطة بالجاثوم، كما لعبت المعتقدات الشعبية دورًا كبيرًا في محاولات إيجاد أسباب وعلاجات الجاثوم؛ فمثلًا يؤمن بعض سكان كمبوديا بأن الجاثوم ناجم عن هجمات روحانية، بينما يؤمن بعض الصينين بضرورة إحضار شخص مختص بالروحانيات للتعامل مع الجاثوم، أما في إيطاليا فإن البعض يؤمنون بإمكانية علاج الجاثوم ببساطة عبر النوم على البطن ووضع كومة من التراب على السرير ومكنسة عند باب الغرفة، لكن ولحسن الحظ فقد أجريت الكثير من الأبحاث العلمية لتقصي الأسباب الحقيقة لظهور الجاثوم لدى البعض، وكانت النتيجة هي التأكيد على وجود الكثير من العوامل المرتبطة بظهور الجاثوم، منها:

  • وجود قابلية جينية أو وراثية.
  • يمكن أن يكون شلل النوم عرض من أعراض بعض المشاكل الطبية؛ كالاكتئاب، والصداع النصفي، وارتفاع ضغط الدم، وانقطاع النفس أثناء النوم.
  • الإصابة ببعض اضطرابات النوم التي تؤثر على جودة النوم؛ كالأرق أو عدم انتظام مواعيد النوم نتيجة لأخذ نوبات عمل ليلية مثلًا.
  • التعرض للمواقف المثيرة للتوتر أو المعاناة أصلًا من صدمات نفسية أو اضطراب ما بعد الصدمة.
  • المعاناة من اضطراب الذعر أو الهلع.
  • الإصابة بما يُعرف بمرض النوم الانتيابي-أو الخدار النومي- الذي يُعاني صاحبه من الحاجة إلى النوم فجأة في مواعيد غير مناسبة.
  • الإدمان على المخدرات.
  • النوم على الظهر.
  • استعمال بعض أنواع الأدوية؛ كتلك التي تُستخدم لعلاج اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

آلية حصول الجاثوم

يرجع سبب شلل العضلات أثناء النوم إلى حقيقة أن الأحلام تحدث أصلًا أثناء وصول الدماغ إلى مرحلة من النوم التي تُدعى بالنوم الريمي أو حركة العين السريعة، التي تتميز الصور والأحلام فيها بواقعية كبيرة، وفي حال جرى تحرير الحركة الجسدية أثناء هذه المرحلة فإن ذلك قد يؤدي إلى إيذاء النفس دون قصد، لذا يضطر الدماغ إلى شل الإشارات العصبية القادمة من الأطراف أثناء هذه المرحلة بالذات والتسبب بحدوث الشلل، لكن في حال استيقظ الإنسان قبل انتهاء الـ 90 دقيقة الخاصة بهذه المرحلة من النوم، فإن الشخص قد يشعر بشلل النوم، وسيكون من الواجب الانتظار حتى يُرسل الدماغ إشارات عصبية لتحرير العضلات بعد انتهاء مرحلة النوم الريمي، وهذا الأمر يُفسر سبب حدوث الجاثوم وينفي وجود أي علاقة للأشباح أو الشياطين في حدوث هذه الحالة، ومن الجدير بالذكر أن بعض الدراسات قد حاولت تحري انتشار الجاثوم أو شلل النوم في المجتمعات، وكانت النتيجة هي التأكيد على كون الجاثوم مشكلة شائعة بين الكثير من الناس؛ إذ تُقدر نسبة الأفراد الذين عانوا من الجاثوم لمرة واحدة على الأقل أثناء حياتهم بحوالي 7.6 تقريبًا، وقد وجد الباحثون ارتفاع في نسب انتشار هذه المشكلة عند الطلاب والأفراد الذين يُعانون من مشاكل نفسية على وجه التحديد، كما وجدوا أن نسب انتشار الجاثوم عند النساء تفوق ما لدى الرجال، لكن تنتشر هذه المشكلة بنسبة أقل بين أصحاب البشرة البيضاء.

علاج الجاثوم

لا يحتاج معظم الناس إلى علاج طبي للتعامل مع مشكلة الجاثوم لكونها أصلًا مشكلة نادرة الحدوث لدى معظمهم، ويُمكن التغلب على فرص حدوث الجاثوم عبر الحرص دائمًا على أخذ قسطٍ كافٍ من النوم لمدة 6-8 ساعات أثناء الليل، فضلَا عن الالتزام بالذهاب إلى السرير للنوم في أوقات محددة وتحسين جودة النوم عبر الالتزام ببعض الخطوات الأخرى، مثل:

  • التقليل من شرب القهوة والمشروبات الأخرى التي تحتوي على الكافيين.
  • ممارسة الأنشطة البدنية، لكن ليس أثناء الساعات القريبة من موعد النوم.
  • التوقف عن شرب الكحوليات والامتناع عن تناول الوجبات الكبيرة قبل النوم.
  • خلق بيئة نوم مناسبة للنوم عبر إطفاء الأنوار والتلفاز، وترك الهواتف المحمولة خارج غرفة النوم.

وعلى العموم قد يتمكن معظم الناس فعلًا من التغلب على مشكلة الجاثوم عبر الاستعانة بالخطوات المذكورة سابقًا لتحسين جودة النوم، لكن أحيانًا يضطر المصابون بكثرة الجاثوم إلى الذهاب لأطباء النفس من أجل الخضوع لجلسات العلاج السلوكي المعرفي، كما قد يُصبح من الضروري تزويد المريض بأنواع محددة من الأدوية بهدف تخفيف حدة المشاكل النفسية الأخرى المرتبطة بالجاثوم.

الجاثوم والكوابيس

يخلط الكثيرون بين الإصابة بالجاثوم وبين رؤية الكوابيس المرعبة التي تتسبب في جلب الكثير من الخوف والرعب إلى مضاجع البعض منهم، وفي الحقيقة يُمكن للبعض أن يُعانوا فعلًا من كثرة رؤية الكوابيس لدرجة الإصابة باضطرابات في النوم بسببها؛ وذلك لأن البعض قد يخشون من الذهاب إلى النوم أو يُصابون بالقلق من النوم نتيجة لخوفهم من رؤية الكوابيس والأحلام المزعجة مرة أخرى، وللأسف قد يؤدي هذا في النهاية إلى قلة النوم أو الأرق، مما يزيد أكثر من حدة الكوابيس، وعادةً ما يشعر الإنسان بأن الكابوس الذي شاهده هو شبه حقيقي أو واقعي، وقد يؤدي ذلك إلى جعله يستيقظ من نومه بسبب عمق تأثره بما يراه، وغالبًا ما تحمل الكوابيس أفكارًا ومواضيع سوداوية أو مشاعر سلبية؛ كالقلق الشديد، والغضب، والرعب الشديد، والحرج، والقرف، وغيرها من المشاعر السيئة، وتتميز معظم الكوابيس بإمكانية تذكر تفاصيلها بعد الاستيقاظ من النوم، وعلى أي حال ترتبط الكوابيس غالبًا بالصدمات النفسية التي تعرض لها الشخص من قبل، وهي تحدث غالبًا في المرحلة الأخيرة من دورة النوم.

السابق
طبيعة الخدمات التكافلية في البنوك الإسلامية
التالي
طبيعة الخدمات المصرفية في البنوك الإسلامية

اترك تعليقاً