الصحة النفسية

مما تتكون الخلية

مما تتكون الخلية

الخلية

تُعدّ الخلية الوحدة الأساسية في تركيبة الكائنات الحية؛ إذ إنّها تُشبه مدينة مستقلة لها القدرة على العمل من تلقاء نفسها، تٌنتج طاقتها الخاصة، وتتكاثر ذاتيًا، ونظرًا لأهمية دراستها وفهمها، نشأ علم خاص بها يدعى علم الخلية الذي ارتبط نشوؤه باختراع المجهر الضوئي، ثم ساعد على تقدمه ما حدث من تطور في وسائل التقانات الخلوية، ومنها اختراع المجهر الالكتروني الذي مكنَّ الباحثين من دراسة مكوناتها الداخلية بدقة ووضوح.

وفي الواقع إنّ أشد الكائنات الحية تعقيدًا، وأكثرها بدائية ما هي إلّا خلايا، فالخلية هي الوحدة الحية الأصغر، وهي حجر الأساس الذي تبنى منه جميع أجسام الكائنات الحية على اختلاف أنواعها، وتُعدّ هذه الخصائص من أولى البنود التي اتفق عليها العالمان شلايدن وشوان قبل مئة وثمانين سنة تقريبًا، عندما وضعا ما يُسمى بنظرية الخلية، التي تنص على ما يأتي:

  • تتألف جميع أجسام الكائنات الحية من الخلايا.
  • تتكاثر الخلايا بالانقسام معطية خلايا جديدة.
  • الخلايا هي الوحدة الأساسية للحياة.
  • تتضمن هذه النظرية جميع الكائنات الحية مهما كبر حجمها أو صغر.

ممَّ تتكون الخلايا؟

تحتوي جميع الخلايا الحية على ثلاثة أجزاء رئيسية هي؛ غشاء البلازما السيتوبلازم والنواة، إلّا أنّه يُمكن تمييز مكوناتها في الكائنات بدائيات النوى عن مكوناتها في الكائنات حقيقيات النوى، بشيء من التفصيل كما الآتي:

  • مكونات الخلايا في بدائيات النوى: تتصف الخلية عند بدائيات النوى بغياب الغشاء النووي، أيّ إنّها لا تمتلك نواة نموذجية، وتتميز بغياب عدد كبير من العضيات الخلوية منها؛ الشبكة السيتوبلازمية الداخلية، وجهاز غولجي والميتاكوندريا ، وهي تحتوي بشكل رئيسيّ على أربعة مكونات :
    • غشاء البلازما؛ وهو الغشاء الخارجي للخلية يفصلها عن الوسط الخارجي.
    • السيتوبلازم.
    • الريبوزومات.
    • الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين اختصاره بالإنجليزية: DNA؛ وهو المادة الوراثية للخلية؛ إذ تمتلك جميع بدائيات النوى حمض نووي دائري، يُوجه اصطناع البروتينات في الخلية وينظم أعمالها، كما يمتلك بعضها ملحقات خلوية؛ كالأهداب والأسواط التي تساعد على الحركة.
  • مكونات الخلايا في حقيقيات النوى: تتميز الخلية عند حقيقيات النوى بامتلاكها نواة نموذجية أيّ أنّها نواة مستقلة ومحاطة بغلاف نووي يفصلها عن محتويات السيتوبلازما، وتكون المادة الوراثية فيها محفوظة داخل النواة، وبشكل عام تتكون الخلية من:
    • الجدار الخلوي (بالإنجليزية : Cell wall) : وهو طبقة صلبة غير حيَّة تحيط بغشاء الخلية من الخارج، ويُحددّ الجدار الخلوي الشكل الثابت للخلايا، كما يوفر الدعم والحماية للخلية، بالإضافة إلى ذلك؛ فإنّه يحتوي على فتحات وثقوب، تسمح بمرور الجزيئات والعناصر الغذائية من خلاله.
    • غشاء البلازما أو غشاء الخلية (بالإنجليزية : Cell membrane) : يُحيط غشاء البلازما بالخلية، ويتألف من طبقة مضاعفة من الدهون الفوسفاتية تتخللها مواد بروتينية وهو بمثابة شرطي السير؛ إذ يتحكم في عبور المواد إلى داخل الخلية، وكذلك في خروجها منها أيّ أنه ينظم مرور الجزيئات من خلاله، ومن أهم وظائفه؛ تحقيق الفصل بين داخل الخلية وخارجها مما يحمي السيتوبلازم والمكونات الداخلية للخلية، كما أنّه يضمن بقاء كل خلية منفصلة عن الخلايا المجاورة ضمن الأنسجة الحية.
    • النواة (بالإنجليزية : Nucleus ): تعدّ النواة أكبر العضيات حجمًا وأهمها على الإطلاق، وذلك لاشتمالها على معظم محتوى الخلية من المادة الوراثية؛ إذ توجد كمية أخرى صغيرة من المادة الوراثية في الميتوكوندريا، كما أنّها بمثابة مقر للتحكم؛ إذ بإمكانها إرسال الأوامر للخلية بالنمو أو الانقسام أوالموت، وتتألف النواة من غلاف نووي يحيط بها ويفصلها عن السيتوبلازم، ممّا يُميزها عن الخلايا بدائية النواة، أمّا الغلاف النووي؛ فيتتضمن ثقوبًا نوويةً تسمح بتبادل المواد بين النواة والسيتوبلازم، وتحتوي النواة أيضًا على البلازما النووية التي تضم نوية أو أكثر، إضافة إلى احتوائها على المادة الكروماتينية؛ وهي خيوط طويلة رفيعة من الحمض النووي والبروتين.
    • السيتوبلازم (بالإنجليزية : Cytoplasm) : يشتمل على السائل داخل الخلوي، وهو سائل شبيه بالهلام تحدث فيه العديد من التفاعلات المهمة في الخلية، يشكل الماء نسبة 80% من السيتوبلازم، كما تنحل فيه السكريات والأملاح المعدنية، والمدخرات الغذائية اللازمة للخلية، والضرورية للحفاظ على سلامتها ونشاطها.يحتوي السيتوبلازم أيضًا على العضيات الخلوية المسؤولة عن الحفاظ على حياة الخلية، واستمرارها، ولكن قد تظهر أو تغيب بعض هذه العضيات من الخلية باختلاف أنواع الكائنات الحية حقيقية النوى على سبيل المثال عند مقارنة الخلايا النباتية بالخلايا الحيوانية، ومن أهم هذه العضيات نذكر:
      • الجسيمات الحالة أو الليزوزومات (بالإنجليزية : lysosomes) : توجد الجسيمات الحالة رئيسيًا في الخلايا الحيوانية؛ وهي حويصلات صغيرة أو أكياس تحتوي على أنزيمات شديدة الفعالية تستخدمها الخلية في عمليات الهضم الخلوي، أو في هدم الأجزاء القديمة من الخلية بهدف تجديدها، كما تُعدّ هذه الجسيمات محطة دفاع عن الخلية ضدّ أيّ مادة غريبة أو سامة تدخل إليها، وعندما تموت الخلية فإنّ الليزوزوم يُطلق أنزيماته ويُهضمها، لذلك تُعرف أيضًا بأكياس الخلية الانتحارية.
      • الهيكل الخلوي (بالإنجليزية :Cytoskeleton) : يُعدّ الهيكل الخلوي كما يُشير إليه اسمه دعامة داخلية تعطي الخلية حقيقية النواة شكلها المميز بالإضافة إلى تحقيق مستوى عالٍ من التنظيم الداخلي، ويلعب دورًا مهمًا في انقسام الخلايا.
      • الشبكة الإندوبلازمية (بالإنجليزية : Endoplasmic reticulum) : هي شبكة من الكييسات الغشائية المسطحة، والأنابيب الغشائية المجوفة، إضافة إلى مجموعة من الحويصلات المقترنة بها، وتمتد هذه الشبكة في كافة أنحاء سيتوبلازم الخلايا حقيقيات النوى، وهي على نوعين؛ شبكة إندوبلازمية خشنة، وشبكة إندوبلازمية ملساء، تعالج الشبكة الإندوبلازمية الجزيئات داخل الخلية وتساعد على نقلها إلى وجهاتها النهائية، كما تقوم بتركيب البروتينات وتعديلها ونقلها من جزء إلى آخر ضمن الخلية الحية.
      • جهاز غولجي (بالإنجليزية : Golgi body) : يتكون جهاز غولجي من عدد من الكييسات أو الصفائح الغشائية المرتبطة بالغشاء، ويوجد بالقرب من النواة والشبكة الإندوبلازمية، كما يعدّ من العضيات المميزة في الخلية؛ إذ يقوم بتعديل، وإفراز، وتعبئة، وتوزيع الجزيئات العضوية المختلفة (البروتينات والدهون) في الخلية.
      • الريبوسومات أو الجسيمات الريبية (بالإنجليزية : Ribosomes): توجد حرة في السيتوبلازم أو مرتبطة إلى الشبكة الإندوبلازمية وتلعب دورًا مهمًا في أثناء عملية تركيب البروتين إذ تقرأ الريبوسومات الحمض النووي الريبي المرسال وتترجمه إلى بروتين حسب الشيفرة الوراثية.
      • الفجوات (بالإنجليزية :Vacuoles) : الفجوات عضيات خلوية غير حية تستخدم لتخزين المياه، والمواد العضوية، وغير العضوية في الخلية، كما تُسهم في هضم وإخراج الفضلات الخلوية، وتمتلك الخلايا النباتية عمومًا فجوةً كبيرةً واحدةً، تُشغل معظم حجم الخلية، بينما تكون صغيرة جدًا أو غائبة تمامًا في الخلايا الحيوانية.
      • الجسيمات المركزية (بالإنجليزية :Centrioles) : تُوجد فقط في الخلايا الحيوانية، وهي هياكل أسطوانية تتكون الواحدة منها من تسعة أنابيب دقيقة مرتبة بطريقة خاصة، ويُشكل اثنان منها مرتبان بالتعامد، بما يُدعى بالجسيم المركزي بالإنجليزية :centrosome الذي يؤدي دورًا مهمًا جدًا في انقسام الخلايا، وتوضُّع الصبغيات في المواقع الصحيحة أثناء الانقسام.
      • الصانعات أو البلاستيدات (بالإنجليزية :Plastids) : تعدّ البلاستيدات من المكونات المميزة للخلايا النباتية كما هو الحال بالنسبة للفجوات والجدار الخلوي، بينما تغيب من الخلايا الحيوانية، ويُمكن تصنيف البلاستيدات حسب نوع الصبغات الموجودة بها إلى ثلاثة أنواع: البلاستيدات البيضاء بالإنجليزية : Leucoplasts، البلاستيدات الخضراء بالإنجليزية : Chloroplasts، البلاستيدات الملونة بالإنجليزية : Chromoplasts. ولعلّ الصانعات الخضراء من أكثر الأنماط أهميةً، لامتلاكها أصباغ الكلوروفيل الذي يلعب الدور الأساسي في عملية التمثيل الضوئي وإنتاج الغذاء.

أنواع الخلايا

تقسم الخلايا استنادًا إلى بنيتها الخلوية إلى نوعين رئيسيين، صُنفت وفقهما جميع أنواع الكائنات الحية، وهما:

  • الخلايا بدائيات النوى (بالإنجليزية : prokaryotic cells) : يتراوح قطر هذه الخلايا بين 0.1-0.5 ميكرومتر، وتضم الكائنات بدائيات النوى (Prokaryotes)؛ كالبكتيريا bacteria وcyanobacteria والآركيا Archaea، وجميعها كائنات وحيدة خلية، أيّ تتألف أجسامها من خلية واحدة.
  • الخلايا حقيقيات النوى (بالإنجليزية : eukaryotic cells) : يتراوح قطرها بين 10-100 ميكرومتر، وتضم الكائنات حقيقيات النوى (Eukaryotes)؛ كالفطريات، والطفيليات، ومختلف الكائنات النباتية والحيوانية، وهي كائنات كثيرات خلايا، أيّ تتألف أجسامها من أعداد كبيرة من الخلايا التي تنشأ جميعها من خلية واحدة.

ونظرًا إلى تعقيد هذه الكائنات؛ فمن الطبيعي أن نمتلك في أجسامها أنواعًا مختلفة وعديدة من الخلايا التي تُخصص لأداء وظائف مختلفة، ومن أنواع الخلايا البشرية على سبيل المثال :

  • الخلايا العصبية (بالإنجليزية : Nerve cells) : توجد في النسيج العصبي، وهي وسيلة التواصل الأهم في جسم الإنسان؛ إذ إنّها تُولِّد وتنقل الإشارات الكهربائية ما بين الجهاز العصبي المركزي وبقية أنحاء الجسم.
  • الخلايا العضلية (بالإنجليزية : Muscle cells) : توجد ضمن النسيج العضلي، ولها أشكال عديدة، لكل منها خواص معينة، وتنسب إليها مجموعة من الوظائف المهمة، بما فيها؛ تحريك عظام الهيكل العظمي ومختلف الحركات اللإرادية التي تتم داخل الجسم لا سيما في الجهاز الهضمي.
  • خلايا العظم (بالإنجليزية : Bone Cells ) : مهمتها تكوين عظام الجسم وترميمه، وتنقسم الخلايا العظمية إلى ثلاثة أنواع أساسية، هي؛ الخلايا البانية للعظم ( بالإنجليزية : Osteoblasts ) الخلايا الهادمة للعظم ( بالإنجليزية : Osteoclasts ) الخلايا العظمية ( بالإنجليزية : Osteocytes ).
  • خلايا الجلد ( بالإنجليزية : Skin Cells) : تشكل الأنسجة الجلدية في الجسم حاجزًا، يمنع دخول الجراثيم والعوامل الممرضة إليه، وتحميه من الجفاف والأذى.
  • الخلايا المبطنة (بالإنجليزية : Endothelial Cells ) : تُبطن هذه الخلايا معظم الأعضاء الداخلية في جسم الإنسان، ولها عدة وظائف أخرى.
  • الخلايا الدهنية أو الشحمية (بالإنجليزية : Fat cells) : توجد في النسيج الدهني، وتُخزن الدهون الثلاثية التي تستخدم مصدرًا للطاقة في الجسم عند الضرورة، كما تنتج بعض الحاثات أو الهرمونات
  • خلايا الدّم (بالإنجليزية : Blood cells) : بما فيها خلايا الدم الحمراء المسؤولة عن نقل الغازات التنفسية في الجسم، وخلايا الدم البيضاء، وهي ذات وظيفة دفاعية مناعية، بالإضافة إلى الصفيحات الدموية التي تتولى مهمة تشكيل الخثرات في مكان الجروح لإيقاف النزيف الدموي.
  • الخلايا الجنسية : تُعدّ الحيوانات المنوية أو النطاف (بالإنجليزية : Sperm cells) أصغر الخلايا البشرية، وهي خلايا متحركة لامتلاكها ذيل يساعدها على ذلك، وتحتوي على أعداد وافرة من الميتاكوندريا التي تمدها بالطاقة اللازمة، أما البويضات (بالإنجليزية : Female egg cell) فتعد أكبر الخلايا البشرية، وتحتوي كل من النطاف والبويضات على نسخة واحدة من المادة الوراثية على عكس باقي خلايا الجسم التي تمتلك نسختين، ممّا يُحافظ على الصيغة الصبغية المضاعفة في البيضة الملقحة الناتجة عن اندماج الرجل والمرأة عند الإخصاب.
  • الخلايا الجذعية (بالإنجليزية : Stem cells ) : على خلاف جميع أنواع الخلايا في الجسم؛ فإنّ الخلايا الجذعية لا تختص بأداء وظائف محددة، ولكنّها خلايا فريدة قادرة على الانقسام وتوليد خلايا جديدة، كما بإمكانها أن تتحول إلى خلايا متخصصة، فهي بمثابة المواد الخام للجسم، تنتج منها جميع الخلايا الأخرى ذات الوظائف المتخصصة، تُصنف الخلايا الجذعية إلى ثلاثة أنواع رئيسية : الخلايا الجذعية الجنينية ( بالإنجليزية : Embryonic stem cells ) : وهي خلايا مستمدة من أجنة الإنسان وتستطيع أن تتمايز لإعطاء أيّ نوع من الخلايا الموجودة في جسم الإنسان البالغ، والخلايا الجذعية البالغة ( بالإنجليزية : Adult stem cells ) : وتوجد في بعض الأنسجة عند الإنسان البالغ محتفظة بقدرتها على إعطاء خلايا جديدة متخصصة، وفق النسيج الذي توجد فيه، بالتالي؛ فإنّها تعمل كجهاز إصلاح داخلي في أنسجة الجسم، كما بإمكانها تعويض الخلايا التالفة، والخلايا الجذعية المحفزة ( بالإنجليزية : induced pluripotent stem cells ) : وهي خلايا جذعية يطورها العلماء في المختبر لتصبح تمامًا مثل؛ الخلايا الجذعية الجنينية؛ إذ يمكن أن تتحول إلى أيّ نوع من الخلايا.

مَعْلُومَة

يُعدّ العلاج بالخلايا الجذعية أملًا طِبِيًّا واعدًا؛ إذ تستخدم الخلايا الجذعية في علاج العديد من الأمراض والمشكلات الصحية، منها؛ أمراض الدم، والعيون، والإصابات في النخاع الشوكي، ومرض السكري من النوع الأول، واضطراب الجهاز العصبي المركزي أو ما يُعرف بالشلل الرعاشي (مرض باركِنْسُون)، وكذلك التصلب الجانبي الضموري، ومرض الزهايمر، والسكتة الدماغية، وحالات الحروق الشديدة، وهشاشة العظام، ويبدو أنّ نجاح الباحثين في استخدام الخلايا الجذعية نوعًا من العلاج سيُمكنهم من إيجاد حلول لكثير من الحالات المستعصية؛ كأمراض القلب وحتى علاج السرطان.

السابق
خطوات الولاده الطبيعيه بالتفصيل
التالي
أسباب نزول الضغط عند الشباب

اترك تعليقاً