اسلاميات

تعريف صلة الرحم لغة واصطلاحا

تعريف صلة الرحم لغة واصطلاحًا

الرّحم في اللغة هو موضع تكوين الوَلَد، واصطلاحًا الرّحم هو القرابة التي تجمع بني الأب، والرّحم أي القرابة القريبة، فالأرحام هم الأقارب وكل ما يجمع بينك وبينهم نسب، وأما الرحم اصطلاحًا هو نوعان الرّحم المحرّم والرّحم غير المُحرَّم، وأما الرّحم المحرّم هو الرّحم القريب والذي يُحرَّم الزواج منه أبدًا وتقع عليه حرمة دائمة كالأمهات والأخوات والعمات والجدات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وأما الرّحم غير المحرّم هم كل الأقارب ما عدا الرّحم المحرّم ويشمل بنات العمات وبنات الأعمام وبنات الخالات وبنات الأخوال، وأعظم الأرحام هم الوالدان وعقوقهما قطيعة للرّحم، وصلة الرّحم لها شأن عظيم عند الله تعالى، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى في الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بصلة الرّحم، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام}، فيجب على المسلم الحرص على بر الوالدين وصلة الأرحام ويبتعد عن عقوقهما وقطع الرحم لأن قطع الرّحم هو نوع من عقوق الوالدين، وقد وعد الله سبحانه وتعالى واصل رحمه بالأجر الكبير والثواب العظيم والسعة في الرزق، وواصل الرّحم الحقيقي هو الذي يصل أقاربه وإن قطعوه ويُحسن إليهم ولو أساؤوا إليه، فالمسلم واجب عليه صلة رحمه سواء كان الرّحم قاطعًا أم واصلاً.

أهميّة صلة الرَّحم

حثت السنّة النبوية الشريفة والآيات القرأنية على صلة الرّحم لما لها من فضل كبير في الدنيا والآخرة، ومن أهميّة وفضل صلة الرحم:

  • صلة الرّحم من الإيمان: فقد عدّ الله سبحانه وتعالى صلة الرّحم من الإيمان، وقد قرن الرسول صلى الله عليه وسلم بين صلة الرّحم وإكرام الضيف والكلمة الطيبة، فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه، وصلة الرّحم علامة الإيمان.
  • صلة الرّحم سبب للبركة في العمر والرزق: فمن أراد أن يزيد الله في عمره ويبارك له في رزقه ما عليه سوى صلة رحمه.
  • صلة الرّحم سبب لصلة الله تعالى وإكرامه: فالرحم متعلّقة بالعرش ومن قطعها قطعه الله، ومن وصلها وصله الله، فمن وصل أرحامه وصله الله تعالى بالخير والإحسان، ومن قطعها تعرّض لقطع الله.
  • صلة الرّحم من أسباب دخول الجنة: ففي الحديث النبوي الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {يا أَيُّها الناسُ ! أَفْشُوا السلامَ ، و أطْعِمُوا الطعامَ ، وصِلُوا الأرحامَ ، وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلامٍ}.
  • المجتمع المتراحم هو حصن منيع: فالمجتمع الحريص على التواصل والتراحم هو حصن منيع، وقلعة صامدة، وتنشأ عنه أُسر متماسكة وبناء اجتماعي متين يمد العالم بالقادة والمفكرين والعلماء والدّعاة.

حكم صلة الرَّحم

اتفق جميع العلماء بأن صلة الرّحم واجبة على جميع المسلمين حسب القدرة والطاقة الأقرب فالأقرب، وقطيعة الرّحم من كبائر الذنوب والمعاصي التي قد يرتكبها العبد، قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}والرحم التي تجب صلتها وتُحرّم قطيعتها هي كل رحم محرّم، وأما بقية الأقارب فتُستَحَب صلتهم ولا تجب، وإساءة الأقارب ليست سببًا كافيًا لقطيعتهم وعدم زيارتهم أو التواصل معهم بل يحاول المسلم بكل الطرق والسبل لإصلاح ذات البَيْن وعودة العلاقات لمجاريها، فالواصل الحقيقي للرحم هو واصلها رغم قطيعتها وإساءتها له، ولكن إن كانت صلة الرّحم يترتب عليها مضرّة كبيرة فليست واجبة حيئذٍ،فصلة الرّحم من أعظم وسائل القُرب من الله تعالى، وهو امتثالٌ لأوامر الله تعالى ورسوله الكريم، والانقياد لعبادة الله وطاعته وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلة الرّحم يجب أن تكون بالقول والفعل من خلال أداء جميع حقوق الأرحام الدنيويّة والدينيّة كاملة من دون انتقاص منها، والسبب الذي يجعل العبد واصلاً لرحمه هو خشية الله تعالى والخوف من يوم الحساب والعذاب، فيمنعهم خوفهم من الله تعالى أن يعصوه أو أن يُقصّروا بشيء مما أمر الله تعالى خوفًا من العقاب وطمعًا بالثواب.

قد يُهِمُّك

إنّ طرق صلة الرّحم من الأمور الهامة التي يجب على المسلم معرفتها لتفعيل صلة الرّحم وجني ثمارها في الدنيا والآخرة، ومن أهم طرق صلة الرّحم:

  • صلة الرّحم مع مَن قطعها: فقد حثت الكثير من الأحاديث النبوية على صلة الرّحم حتى لو كان هذا الرّحم قاطعًا ولا يصل رحمه، وهذه أهم قاعدة في صلة الرّحم، فمن وصل مَن وصله فهو مكافئ، اما مَن وصل رحمه على الرغم من قطيعتها له فهو يعرف حقًا فضل صلة الرّحم وثوابها وأجرها، فالمسلم يصل أرحامه دون اعتبار لنزعات النفس أو موقف الغير تجاه صلته أو عدم صلته.
  • الصدقة على ذوي الأرحام: فالصدقة على ذوي الرحم من أفضل أنواع الصدقة التي يمكن أن يقدمها الإنسان، كما ورد في الحديث الشريف: [إنَّ أفضَلَ الصَّدَقةِ الصَّدَقةُ على ذي الرَّحِمِ الكاشِحِ].
  • الدعاء لهم بظهر الغيب: فمن أفضل أنواع صلة الرّحم هو الدعاء لهم بظهر الغيب وبالأخص الوالدين، فدعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجاب بإذن الله تعالى، لذلك على المسلم المثابرة بالدعاء لأقاربه ورحمه بظهر الغيب لينال الوعد العظيم بالاستجابة.
  • الدلالة على الطاعات: فمن أفضل أنواع صلة الرحم دلالتهم على الطاعات وحثهم عليها، وذلك بنصحهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد يكون دلالتهم على الطاعات عن طريق إيصال معلومة شرعيّة من القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة لهم، وهناك عدد من الطرق لذلك منها، بيان لحكم شرعي، أو توضيح لأجرِ سنَّة نبوية، أو الحث على اغتنام فضائل ذِكر من الأذكار الشرعيّة.
  • التواصي مع الغير بصلة الرّحم: إنّ التواصي مع الغير بصلة الرّحم هي من أبواب صلة الرّحم العظيمة، من خلال بث الخير في نفوس الناس فيتصل ببعض أقاربه لحثهم على زيارة أرحامهم، وحثّ الأقارب على صلة الأرحام من الآباء والأمهات والأخوات.
  • حل النزاعات بين ذوي الأرحام: فمن صلة الرّحم حل النزاعات بين ذوي الأقارب، وإشاعة الطمأنينة في نفوسهم ونبذ العداوة.
  • توثيق صلة الرّحم بكل السبل: فيمكن توثيق صلة الرحم بكل الطرق المتاحة منها، الزيارة، الدّعم المالي، الدّعم المعنوي، وبالخدمة لكبير السن أو غير القادر منهم، والسلام عليهم، وتفقّد أحوالهم والتغاضي عن زلاتهم، والمكالمة الهاتفيّة نوع من صلة الرّحم، وكسوة مَن يحتاج كسوة ومساعدة الفقير الذي يحتاج للمال.
السابق
ماذا كان يفعل قوم لوط
التالي
صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب

اترك تعليقاً