اسلاميات

صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب

الجنة

المقصود بالجنة لغًة؛ البستان والمكان الذي يوجد فيه أشجار وزرع وثمار، أمّا اصطلاحًا فهي الدار التي وعد الله تعالى بها المؤمنون في الآخرة، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}،.

تُعدّ الجنة المرحلة الأخيرة لرحلة الإنسان، فهي دار القرار التي لا زوال لها، فهي غاية المؤمن التي يسعى إليها في حياته الدنيا، ففيها الأنهار، والحدائق، والطعام، والشراب، وحور العين، وغيرها، قال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ}،

وللجنة عدة أنواع، منها؛ جنَّات عدن، جنَّات الفردوس، جنَّة المأوى، جنَّات نعيم. ولها غرف فوق بعضها البعض، قال الله تعالى: {لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}.

صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب

أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فقال: [عُرِضَتْ عليَّ الأُممُ، فرأيتُ النبيَّ ومَعهُ الرَّهْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرجُلَ والرَّجُلانِ، والنبيَّ وليسَ مَعهُ أحَدٌ، إذْ رُفِعَ لِي سَوادٌ عظيمٌ، فظنَنْتُ أنَّهمْ أُمَّتِي، فقِيلَ لِي : هذا مُوسى وقومُهُ، ولكِنِ انْظُرِ إلى الأُفُقِ، فإذا سَوادٌ عظيمٌ، فقِيلَ لِِي : انْظرْ إلى الأُفقِ الآخَرِ، فإذا سوادٌ عظيمٌ، فقِيلَ لِي : هذه أُمَّتُكَ، ومَعهمْ سَبعونَ ألْفًا يَدخُلُونَ الجنةَ بِغيرِ حِسابٍ ولا عذابٍ، هُمُ الذينَ لا يَرقُونَ، ولا يَسترقُونَ، ولا يَتطيَّرُونَ، ولا يَكتَوُونَ، وعلى ربِّهمْ يَتوكَّلُونَ]،، والمقصود بهذا أنّ المؤمن الذي ترك كل ما حرمه الله، واستقام على أمره؛ فإنّه يدخل الجنة بلا حساب أو عذاب.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ منهم الذين لا يَستَرْقُون؛ أيّ هم الذين لا يطلبون الرقية من الناس، أمّا أن يرقون غيرهم فلا بأس، فالرقي محسن، فلا بأس إذا رقى ودعا له بالشفاء والعافية، وفي الحديث الصحيح: [أنَّ رَجلًا منَ الأنصارِ قال: أفي العَقرَبِ رُقيَةٌ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَنِ استَطاعَ منكم أنْ ينفَعَ أخاهُ فلْيَفعَلْ]، أما الاسترقاء فالمقصود به طلب الرقية، بأن يقول: يا فلان اقرأ علي، فإذا كان بحاجة لذلك فلا بأس بأن يطلبها، وقد ثبت بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس، أن تسترقي لأولاد جعفر عندما أصيبوا بالعين.

والمقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يسترقون ولا يكتوون ليس التحريم، إنّما يدلّ على أنّه الأفضل، فعدم الاستقراء وعدم الكي هو الأفضل، فإذا دعت الحاجة فلا حرج في ذلك، أمّا قول لا يتطيرون فالمقصود به التشاؤم من المرئيات والمسموعات، أما الطيرة فهي شرك من عمل الجاهلية، فالسبعون الذين يدخلون الجنة بغير حساب، يتركون كل ما حرمه الله من الطيرة، فهم يتوكلون على الل،ه وكل ذلك بسبب ثقتهم بالله واعتمادهم عليه طلبًا لمرضاته.

من الأعمال التي تدخل الجنة

توجد أسباب عديدة لدخول الجنة، منها:

  • الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح: ربط الله تعالى الإيمان بالأعمال الصالحة لتكون سببًا لدخول الجنة، والفوز برضوان الله تعالى، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
  • التقوى والمراقبة: من طرق الفوز بجنان الخلد؛ تقوى الله تعالى ومراقبة النفس، قال الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)}.
  • طاعة الله تعالى ورسوله: قال الله تعالى: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}.
  • الجهاد في سبيل الله: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
  • التوبة: قال الله تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}
  •  طلب العلم لوجه الله تعالى: قال الله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}.
  • أعمال الخير والبر: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

أحاديث نبوية في وصف الجنة

لا يوجد أبقى من دار الآخرة، والنظر إلى وجه الله الكريم؛ فمن الأحاديث التي تصف نعيم الجنة وسرورها:

  • عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قُلْنَا: يا رسولَ الله حدِّثنَا عن الجنةِ ما بناؤُهَا قال: {لبِنةُ ذهبٍ ولبِنةُ فضَّةٍ ومِلاطُها المِسكُ وحصْباؤُها اللُّؤلؤُ والياقوتُ وتُرابُها الزَّعفرانُ من يدخُلُها ينعَمُ ولا يبأسُ، ويخلُدُ لا يموتُ، لا تبلَى ثيابُه، ولا يفنَى شبابُه}.
  • عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: {فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لا يَدْخُلُهُ إلَّا الصَّائِمُونَ}.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: {إنَّ في الجنةِ مِائةَ درجةٍ أعدَّهَا اللهُ للمجاهدِينَ في سبيلِ اللهِ، ما بين الدَّرجتيْنِ كمَا بين السماءِ و الأرضِ، فإذا سألتُمُ اللهَ فسَلُوهُ الفِردوْسَ، فإنَّهُ أوسَطُ الجنةِ وأعلى الجنةِ، و فوْقَهُ عرشُ الرحمنِ، و مِنهُ تفَجَّرُ أنْهارُ الجنةِ}.
  • عن أبي موسى رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: {إنَّ لِلْمُؤْمِنِ في الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِن لُؤْلُؤَةٍ واحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُها سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فيها أهْلُونَ، يَطُوفُ عليهمِ المُؤْمِنُ فلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا}.
  • عن جابر رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: {يَأْكُلُ أهْلُ الجَنَّةِ فيها ويَشْرَبُونَ، ولا يَتَغَوَّطُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ ولا يَبُولونَ، ولَكِنْ طَعامُهُمْ ذلكَ جُشاءٌ كَرَشْحِ المِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ والْحَمْدَ، كما تُلْهَمُونَ النَّفَسَ قالَ وفي حَديثِ حَجَّاجٍ طَعامُهُمْ ذلكَ. وفي رواية : عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، بمِثْلِهِ غَيْرَ، أنَّه قالَ: ويُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ والتَّكْبِيرَ كما تُلْهَمُونَ النَّفَسَ}.

مَعْلُومَة

للجنة أسماء عديدة، منها:

  • الحسنى، قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى}.
  • دار السلام، قال الله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
  • جنات عدن، قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ}.
  • جنات النعيم، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
  • دار المتقين، قال الله تعالى: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}.
  • جنات الفردوس، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً}.
  • جنة الخلد، قال الله تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً}.
  • دار المُقامة، قال الله تعالى: {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}.
  • دار القرار، قال الله تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}.

 

السابق
تعريف صلة الرحم لغة واصطلاحا
التالي
عدد الاستغفار في اليوم

اترك تعليقاً