اسلاميات

خطبة عن شكر النعم

النِّعم

أنعَمَ الله تعالى علينا بنعمٍ لا تُعد ولا تُحصى، لتتجه المشاعر والقلوب لربها بحمده وشكره؛ إذ توجد من الأسباب ما يدفعكَ لشكر الله تعالى، منها إدراككَ قيمة هذه النّعم، وقد حث الله تعالى عباده ودعاهم في الكثير من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة أن يكثروا من الشكر لهذه، لأنّ النعم لا تدوم إلا به، فبممارسة هذه العبادة العظيمة، ستسير على طريق الفلاح والخير.

حاول استحضار نعم الله تعالى عليك، وجعلها ماثلة أمامك في كل دقيقة وفي كل خطوة تخطوها، فالعبد المُوَفّق لا يغيب عن قلبه وإحساسه نعمة الله عليه ويستذكرها في كل حدث وموقف يحصل له، فيظل دائمًا في حالة شكر وثناء على الله تعالى، فإذا كنت قد أصبحت بعافية وصحة فأنت في نعمة عظيمة، وإذا لم تتجرع طعم الحروب والمجاعات فأنت في نعمة عظيمة، وإذا كان لديك مال في جيبك تستطيع إدخار ولو القليل منه فأنت بنعمة عظيمة، وإذا كنت تصلي في مسجدك بأمن وطمأنينة وسلام فأنت بنعمة عظيمة، ومن أجمل ما قيل من حكم عن النّعم، قول أبي الدرداء: (من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قلّ علمه وحضر عذابه).

خطبة عن شكر النِّعم

إنّ أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هو هدي النبي الأُمي المصطفى، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، فإن نعم الله تعالى على الإنسان لا تُعد ولا تُحصى، بل إنّها متوالية ومتتابعة بتتابع الليل والنهار والشمس والقمر، قال تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}.

من أعظم ما أنعم به الله تعالى على الإنسان نعمة الهداية لهذا الدّين الذي اكتملت به كل أنواع الهداية والفلاح والصلاح، فالعبد دائمًا يكون حاله ما بين نعمة من الله تحتاج إلى شكرًا، وذنب يحتاج استغفارًا، وكل ذلك من الأمور اللازمة للعبد في كل أحواله وظروفه وأوقاته، فالعبد لا يزال يتقلّب في نعم الله تعالى ما دام حيًا يتنفس.

من الأسباب التي قد تُعينك على شكر نعم الله وفضائله؛ التفكّر في نعم الله عليك واستحضارها في كل دقيقة وكل ثانية وكل يوم وعدم الغفلة عنها، فالكثير من الناس يتقلبون في أنعم الله تعالى من مأكل، ومشرب، وصحة، ومال، وجاه، وسلطان، ومساكن، لكنهم لا يستشعرون عظم تلك النّعم وفوائدها، وأنه لربما يأتي يومٌ عليهم ويفتقدون لتلك النّعم فيندمون حيث لا ينفع الندم على غفلتهم عن شكرهم لها.

ومن الأسباب المُعينة على الشكر؛ نظر المسلم لمن هو أقل منه وعدم النظر لمن هو أكثر منه، فإن ذلك أجدر بأن لا يزدري المسلم نعم الله عليه، فإذا نظر إلى من هو دونه ظهرت أنعم الله جليًا عليه فشكرها وتواضع لربه، ومن أهم الأسباب التي تعينك على شكر النّعم، أن الله تعالى سيسألك عن شكرك لهذه النّعم يوم القيامة، هل شكرت أم قصرت في ذلك؟.

يشكر العبد ربه بقلبه باستشعاره قيمة أنعم الله تعالى عليه، ويشكره بلسانه؛ إذ يحمد الله ويشكره، ويشكره بترك المعاصي وتجنبّها والبعد عنها، نفعنا الله وإياكم من الآيات والذكر الحكيم وجعلنا من عباده الشاكرين الذاكرين لأنعمه وفضائله.

أهميّة شكر النِّعم

ولشكر نعم الله تعالى أهميّة كبيرة وفضل عظيم تجنيها، منها:

  • استثارة مشاعر الحب والامتنان لله تعالى: فعند ذكر العبد لأنعم الله تعالى وشكره لها فإن ذلك يستثير في نفسه حب خالقه والامتنان له، وباستثارة هذه المشاعر تتولّد داخل الإنسان طاقة تدفعه للتعبير عن الحب بانكسار القلب، وحمد اللسان، وطاعة الجوارح.
  • تُعلمُكَ النعم حق الله تعالى وواجبكَ تجاهه: فالله تعالى أنعم علينا بالكثير من النّعم، ومقابل هذه النّعم يجب أن يكون هناك شكر وحمد من العبد عليها، فالعبد يستشعر عظم هذه النّعم ويتأمل ما يقدّمه من طاعات، فيجدها صغيرة أمام كل هذه النّعم، فيجدّ ويجتهد بمزيد من الشكر لله تعالى.
  • شكر النّعم يدفع المسالم لدوام الستغفار: فشكر النّعم يدفع العبد للاستغفار بعد القيام بالطاعة، لأنّ العبد يدرك حق ربه عليه، فيستصغر ما يقدّمه من طاعات، ويستغفر الله بعد القيام بها، فهي مهما عظمت فإنها لا تليق بجلال الله وعظمته ولن توفي له ولو بجزءٍ بسيط من حقه علينا.
  • شكر النّعم علاج للطغيان والكِبَر: ومن أهم فوائد شكر النّعم أنّها تعالج الكبر والتعالي والطغيان الذي قد يعانيه بعض العباد، فعندما تتوالى نعم الله تعالى على العبد فإن ذلك يدفعه للتكبّر على العباد والشعور بالأفضليّة والغرور، ومن هنا كان شكر النّعم علاج للكبر والغرور الذي قد يراود الشخص.
  • شكر النّعم علاج فعّال لجحود العبد وعدم رضاه: فعندما ينسى المرء ما أعطاه الله تعالى وما أنعم عليه به، وينظر إلى ما أعطى للآخرين، فإن ذلك من شأنه أن يجعله عبدًا ساخطًا جاحدًا غير راضٍ عن ربه، وعلاج ذلك بذكر وشكر أنعم الله تعالى وعدم النظر إلى ما في أيدي الخير ونسيان ما أنت فيه من نعيم.
  • شكر النّعم يورث حب الله تعالى: فكلما تذكّر الإنسان أنعم الله عليه زادت مشاعر الحب وتأججت في القلب، ثم زاد الشوق إليه سبحانه وتعالى، والمسلم يترجم ذلك كله بكثرة الحمد، والثناء، ومناجاة ربه على هذه النّعم، فتزداد مشاعر الحب في القلب تجاهه عز وجل مما يدفعنا لطاعته وطاعة نبيه بيسر وسهولة من دون مجاهدة للنفس على ذلك.

قد يُهِمُّكَ

لشكر الله على أنعمه وفضائله العديد من الثمرات والفضائل التي قد تجنيها، إليكَ منها:

  • شكر النِّعم من صفات المؤمنين: فشكر أنعم الله تعالى هي أهم صفة يتسم فيها المؤمن في كل وقت وزمان، فالمؤمن لا يشكر الله في السراء فقط بل في السرّاء والضرّاء.
  • الشكر سبب لرضى الله تعالى عن العبد: فشكر نعم الله تعالى وفضائله هي من أهم أسباب رضى الله عن عبده وعدم سخطه وإنزال غضبه عليه.
  • الشكر أمان من العذاب: فمن شكر الله واستمر يذكره بلسانه، فإن الله تعالى يأمنه من العذاب أو نزول العقاب، فالعذاب لا يقع على عبدٍ شاكرٍ حامدٍ لأنعم الله وفضائله.
  • الشكر سبب في الزيادة: فشكر الله تعالى على فضائله وأنعمه، سبب رئيسي لزيادة هذه النّعم واستمرارها وديمومتها ومنعها من النفاذ أو الانتهاء، قال تعالى في محكم كتابه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
  • بالشكر يحصل الأجر والثواب: فقد وعد الله تعالى عبادة الشاكرين بالأجر الكبير والثواب العظيم في الدنيا والآخرة، ووعدهم أن يجزيهم على شكرهم أحسن الجزاء.
السابق
اعراض الجلطة عند الشباب
التالي
الكلاب الألمانية

اترك تعليقاً