سجود السهو
شرع الله سبحانه وتعالى سجود السهو للمُصلّي تفاديًا للنسيان أو الذهول، وإرغامًا للشيطان، وجبرًا للنقصان، فالإنسان عُرضة للنسيان للامور الحياتية والدينية بشكل مستمر، بسبب انشغال ذهنه بالعديد من الأمور التي تمنعه عن التركيز، ولكن يجب على المُصلّى التركيز في الصلاة والخشوع فيها وتصفية ذهنه من كل المشاغل الحياتية لملاقاة خالقه، فقد سهى الرسول عليه السلام، وكان سهوه من تمام نعمة الله على أمته وإكمال دينهم ليقتدوا به فيما شرع لهم عند السهو، فعن عبد الله بن مسعود: [صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَزَادَ، أوْ نَقَصَ، قالَ إبْرَاهِيمُ: والْوَهْمُ مِنِّي، فقِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أزِيدَ في الصَّلَاةِ شيءٌ؟ فَقالَ: إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أنْسَى كما تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيَ أحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وهو جَالِسٌ، ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ]، ويشرع سجود السهو في؛ الزيادة في الصلاة، أو النقصان في الصلاة، أو إذا حصل شك في الزيادة أو النقصان.
القول في سجود السهو
يُعامل سجود السهو كمعاملة السجود في الصلاة فيقول المصلي فيه: (سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبّوحٌ قدّوسٌ ربُّ الملائكة والروح، اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشقّ سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أسن الخالقين)، كل هذا يقال في سجود الصلاة، وفي سجود التلاوة وفي سجود الشكر، وفي سجود السهو أيضًا، ويجوز في السجود أن يدعي المُصلي ربه بما تيسر من الدعاء، أمّا الركوع فيكون لتعظيم الرب، والسجود يُستحب فيه الدعاء.
موجبات سجود السهو
توجد عدة موجبات لسجود السهو، هي:
- من قام من جلسة التشهد الأول في الرباعية أو الثلاثية دون قول التشهد، فإنه يسجد سجدة السهو، عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال: [إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذلكَ].
- من سلّم سهوًا من قبل تمام صلاته ثم رجع فأكملها فإنه يسجد سجدتي السهو، فعن أبي هريرة قال: [أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقالَ له ذُو اليَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَقالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ].
- أن يزيد في الصلاة ركعة سهوًا، فعن عبد الله بن مسعود قال: [صَلَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقالوا: أزِيدَ في الصَّلَاةِ؟ قالَ: وما ذَاكَ قالوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ وسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ].
- من شك في صلاته فلم يدر كم صلّى فإنه يبني على ما تيقن ويسجد السهو، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ له صَلاتَهُ، وإنْ كانَ صَلَّى إتْمامًا لأَرْبَعٍ كانَتا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطانِ].
سجود السهو القبلي والبعدي
يكون لسجود السهو موضعين؛ السجود قبل السلام، والسجود بعد السلام:
- إذا كان سجود السهو عن نقص؛ مثل أن ينسى التشهد الأول، أو ينسى قول سبحان ربي العظيم في الركوع، أو سبحان ربي الأعلى في السجود، أو ينسى أن يكبر غير تكبيرة الإحرام، أو ينسى أن يقول سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع، فإن في هذه الأمور يكون سجود السهو قبل السلام.
- إذا شك المُصلّي في عدد الركعات فلم يدر كم صلى ولم يترجح عنده شيء، فإنه يبني على الأقل ويسجد قبل السلام، فإذا شك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا ولم يترجح أنها ثلاث أو أربع فليجعلها ثلاثًا ويصلي الرابعة، ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم.
- إذا نسي المُصلي عن زيادة؛ مثل الركع مرتين، أو السجد ثلاث مرات، أو نسى فزاد ركعة، فإذا فعل هذه الأمور يكون السجود بعد السلام.
- إذا شك المُصلي في عدد الركعات، فلم يدر كم صلى وترجح عنده أحد الطرفين فإنه يبني على ما ترجح عنده فيتم صلاته عليه ويسلم ثم يسجد سجدتين ويسلم، وإذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً وترجح عنده أنها ثلاث، فليصل الرابعة ويسلم ثم يسجد سجدتين، ويسلم، وإذا شك هل صلى ثلاثاً أم اثنتين وترجح عنده أنها ثلاث، جعلها ثلاثاً وصلى الرابعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ويُسلّم.
