اسلاميات

لماذا سمي بعام الفيل

سبب تسمية عام الفيل بهذا الاسم

إن عام الفيل هو العام الذي ولِد فيه خير البشر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وتزامن مع هذا الحدث العظيم محاولة عقيمة غير ناجحة من قِبَل الأحباش للاعتداء على بيت الله الحرام، وقد بائت بالفشل ونصر الله سبحانه وتعالى بيته الحرام والعرب نصرًا عزيزًا، وتبدأ القصة بدخول الأحباش لليمن، وكانوا قد دعوا أهلها لليهودية فرفضوا وأبوا إلا المسيحية، فحفر الأحباش لهم أخدودًا وأحرقوا فيه المسيحين من أهل نجران، وقتل من قتل منهم بالسيف بعد أن خيروهم بين اليهودية أو القتل أو الحرق، ثم هرب منهم رجل إلى قيصر الروم يستنصره، فقال له: سأكتب لملك الحبشة لنصرتكم فهو أقرب مني إلى بلادكم، وكان حينها النجاشي على الحبشة، وكتب قيصر للنجاشي، ثم حمل الرجل كتاب قيصر الروم وقدم للنجاشي، فاستجاب النجاشي وبعث معه سبعين ألفًا من الحبشة، وأمَّر عليهم رجلًا يقال له أرياط، ومعه بين جنده “أبرهة بن الصباح” المعروف بأبرهة الأشرم الذي عزم على هدم الكعبة لاحقًا، وجاؤوا بحرًا حاملين معهم الفيلة، وكان هذا هو السبب لتسمية هذا العام بعام الفيل، وكانوا قد أنزلوا الهزيمة بذي نواس وأصحابه من الأحباش، ودخل أرياط منطقة اليمن فتملكها.

بقي أرياط في أرض اليمن لعدة سنوات يحكم فيها بأمرٍ من ملك الحبشة، ونازعه أبرهة في أمر اليمن وتفرقا عليها، وخرج كل منهما للآخر فتلقّى أبرهة ضربة بحربة من أرياط على حاجبه وأنفه وعينه وشفته، وسمي بعد هذه الضربة أبرهةَ الأشرم، وحمل عتوده -وهو رجلٌ يسير بأمر أبرهة الأشرم- على أرياط من خلف أبرهة فقتله، إلا أن النجاشي غضب كثيرًا، وقال: عدا على أميري فقتله بغير أمري، وحلف بعد ذلك أن لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده، ويريق دمه، ويجزُّ ناصيته، فكان أبرهة الأشرم على قدرٍ كبيرٍ من الذكاء والدهاء، فحلق رأسه كله، وملأ من تراب اليمن في جراب، ووضع القليل من دمه في وعاء، وأرسل مجموعة من الهدايا للنجاشي الحبشة معها، وكتب إليه يعترف له ويقرّ بطاعته له، فأعجب النجاشي به وصفح عنه.

تفسير سورة الفيل

وردت ضمن القرآن الكريم سورةٌ مخصوصة بحادثة الفيل ومحاولة هدم الكعبة المشرّفة وهي سورة الفيل، وفيما يلي تفسيرٌ لهذه السورة وأبرز ما جاء فيها:

  • أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ: أباد الله سبحانه وتعالى وخيّب آمال وأضل سعي من أرادوا هدم الكعبة المشرفة من أبرهة الأشرم وأعوانهم، وهي نعمة منّ الله بها على قريش بأن حمى بلادهم وصرف عنهم شرور أصحاب الفيل.
  • أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ: أهلك الله سبحانه وتعالى ودمّر جيش أبرهة الأشرم بكيدهم وغيظهم ولم ينالوا خيرًا من أفعالهم.
  • وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ: أرسل الله سبحانه وتعالى طيورًا تُدعى طيور الأبابيل من البحر تشبه الخطاطيف والبلسان على جيش أبرهة الأشرم.
  • تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ: كانت هذه الطيور ترمي حجارة على جيش أبرهة الأشرم، وكانت الطيور تحمل في مناقيرها حجرًا وفي كل رجلٍ من أرجلها حجرًا، أي ثلاثة حجارة مع كل طير، وكانت هذه الحجارة تشبه حبات العدس والحمص، وما إن تُصيب أحدهم إلا هلك، ولكن بعضهم هربوا.
  • فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ: قال سعيد بن جبير: “جعلهم الله كعصفٍ مأكول كالتبن المسماة هبور من قِبَل العامة”، وفي رواية قال سعيد: كورق الحنطة.

دروس وعبر من حادثة الفيل

حوت حادثة الفيل مجموعة من الدروس والعبر الهامة، ويمكن إجمال بعض هذه الدروس فيما يلي:

  • ظهر من خلال حادثة الفيل شرف الكعبة العظيم ورفعتها عند الله سبحانه وتعالى، وكان هذا البيت مُعظمًا لدى مشركي العرب قديمًا ومقدّسًا لا يُقدّم عليه أحد، وجاءت هذه الرفعة تعظيمًا لبقايا شريعة سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام.
  • تبين من حادثة الفيل حسد النصارى وكرههم وحقدهم على بيت الله الحرام، كما تبيّن حقدهم على العرب المعظمين للبيت الحرام.
  • أبدت الحادثة درسًا هامًا في تقديم التضحيات فداءً للمقدّسات، وظهر هذا الأمر من خلال مقاومة أبرهة الأشرم من قِبَل ملك من ملوك حميَر، وبعض القبائل اليمنية ولكنهم هُزِموا، وُعد الدفاع عن المقدّسات وبذل الدماء أمرًا فطريًا يولد مع الإنسان.
  • يخذل الله خونة الأمة، وقد فضح الله وأخزى من تعاونوا مع أبرهة الأشرم وقادوه لبيت الله الحرام، بل لعنهم في الدنيا والآخرة.
  • يتولى الله تعالى مقاومة أعدائه، وظهر ذلك من خلال قول عبد المطلب زعيم مكَّة: (سنخلِّي بينه وبين البيت؛ فإن خلَّى الله بينه وبينه؛ فو الله ما لنا به قوَّة)، ويتّضح من ذلك أن الله تعالى يقهر ويُذّل من تجرّأ أن يقاومه مهما بلغت قوته.
  • تعظيم النَّاس للبيت وأهله، فقد ارتفع تعظيم الناس لبيت الله الحرام عقب حماية الله له من عبث العابثين وإفساد المفسدين.
  • تُعد قصة أصحاب الفيل من دلائل نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، قال الماورديُّ رحمه الله: (آيات الملك باهرةٌ، وشواهد النُّبوَّة ظاهرةٌ، تشهد مباديها بالعواقب، فلا يلتبس فيها كذبٌ بصدقٍ، ولا منتحلٌ بحقٍّ، وبحسب قوَّتها، وانتشارها تكون بشائرها، وإنذارها، ولـمَّا دنا مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم تعاطرت آيات نبوَّته، وظهرت آيات بركتـه، فكان من أعظمها شأنًا، وأشهرهـا عيانًا، وبيانًا أصحاب الفيل..).
  • يتكفل الله تعالى بحفظ بيته العتيق، وكان تقديرًا من الله تعالى أن لا يُدمّر البيت أو يُسيطر على الأرض المقدّسة، وأن لا تُدنّس بالشرك.
  • جعلت حادثة الفيل هذه تاريخًا للعرب يصدح في كل مكان، وكان من العرب أن استعظموا ما حدث لأصحاب الفيل في ذلك العام، وأصبحوا يقولون ولد فلان في عام الفيل، ووقع ذلك في عام الفيل، ووقع كذا بعد عام الفيل بكذا سنةٍ، وصادف عام الفيل سنة 570 للميلاد، وغيرها من الأقوال.

ولادة النبي محمد في عام الفيل

هو رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، رسول الله للإنس والجن، وهو رسول الإسلام، وُلد هذا النبي العربي في مكة المكرّمة في يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الأول في عام الفيل، وقد ولد عليه الصلاة والسلم بعد خمسين يومًا فقط من حادث الفيل الشهيرة، وقد كانت في شهر أغسطس من عام 570 ميلاديًا، كان قد بلـَّغ رسالة الإسلام وأدّاها حقها، وأرسل في الأرض رسله ليصبح الدين الإسلامي ثاني أكبر الديانات والشرائع على وجه الأرض، وهو الدين الذي وحّد الأعراق والأجناس ولم يفرّق بينهم، كما أنه وحّد العرب وأرسى دولتهم.

السابق
سجدة السهو وماذا يقال فيها
التالي
عدد المهاجرين الى الحبشة

اترك تعليقاً