اسلاميات

طريقة عمل وكالة شرعية

الوكالة الشرعية

إنّكَّ لا بدّ مررت بظروف أجبرتكَ على تفويض بعض أعمالكَ، وتوكيلها إلى غيركَ ليُؤديها أو يُكملها نيابةً عنكَ، وهو ما يُسمى بالوكالة، لذا دعنا نُطلِعُكَ على تعريف الوكالة لغةً وشرعًا، فهي لغةٌ الوَكالة بفتح الواو كما هي في الآية الكريمة {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أيّ الله الحافظ، كما تُطلق على التفويض، أيّ تفويض أمركَ لله تعالى {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ }، أمّا في الشرع، فتُعرف بالوَكالة الشرعيّة، أيَ استنابة جائزِ التصرف مثلَه فيما تُدخِلْهُ النيابة، وهذا يعني أن تُفوّض غيركَ لتأدية عملٍ ما عنكَ في غير العبادات؛ كالصلاة والصوم.

فإن كنتَ لا تمتلك القدرة والكفاءة لتأدية أعمالٍ مهمّةٍ وضروريّةٍ، أو كنتَ أحد أصحاب الحقّ الذين لم يمتلكوا القوّة الكافية لإنجاز أمور معيّنة في حياتهم، فإنّكَ بالطبع تحتاج أن توكل غيركَ من الذين هم أهلٌ لأدائها، وبما أنّ الحاجة للوَكالة في الكثير من الأمور قائمة فيحياتنا فقد أُجيزت،  وأجمع علماء المسلمين على أنّ الوكالة جائزة، لبيان ذلك في القرآن الكريم والسُنة؛ إذ قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه: [وكَّلني النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ في حفظِ زكاةِ رمضانَ] عدا عن

شروط وطريقة عمل وكالة شرعية

قال تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} كما أعلمناكَ سابقًا فإنّ الوكالة عقدٌ جائز، لكنّ هذا العقد لا بدّ أن يكون بين طرفين الموكِّل أنتَ، والوكيل الشخص الذي اخترته نائبًا عنكَ، ويُمكنكَ إنهاء العقد في حال تخلّي أحدكما عنه، إلّا إذا كان في الإنهاء ضرر لأحدكما، وإضافةً إلى ذلك، سنُطلعك على مجموعة من الشروط، انتبِه إليها، وحاول الالتزام بها عند التعامل بالوكالات الشرعية:

  • اجعل الوكالة بشيء مُحدد معروف لجميع الأطراف.
  • كن أنتَ أيّ الموكِل أهلًا للتصرف.
  • اختر توكيلًا تُدخله المحكمة.
  • تأكد من اختياركَ وكيلًا أمينًا، ومعينًا، وأهلًا للتصرف. أمّا طريقة عمل الوكالة، فيُمكنكَ إجراؤها بتعبئة نموذج معيّن حسب نوع الوكالة، خاصّة أو عامّة، فإن كنتَ لا تعلم ذلك، إليك بعض المعلومات والخطوات التي قد تُفيدك:
  • الوكالة الخاصة: وهي أن تُوكّل شخصًا معيّنًا في عمل محدد؛ كالبيع، أو الشراء، أو التقاضي، أو الإجارة، أو المرافعة في دعوى معينة، ففي النموذج، يُذكر في الفراغ الأبيض العلوي اسم الموكل، واسم أبيه، ومحل إقامته، واسم الشهود، واسم الوكيل، أو الوكلاء، كما عليكَ في سند التوكيل كتابة موضوع التوكيل وتخصيصه، وفي آخر النص اكتب الموضوع أمام كلمة وكالة أنّها (خاصّة).
  • الوكالة العامة: وهي أن توكّل شخصًا معيّنًا، وتُعطيه حق حرية التصرف في كل شيء، كأن توكّله في إدارة أعمالكَ وتُعطيه مالكَ، فمثلًا؛ يُمكنك توكيل محامٍ في كل ما قد يحصل من نزاع بينكَ وبين غيركَ وفقًا للقانون، وبما فيه مصلحتكَ، فتكتب في الفراغ الأبيض العلوي اسم الموكّل، واسم أبيه، ومحل إقامته، واسم الوكيل أو الوكلاء.

أركان الوكالة الشرعية

للوكالة الشرعية أربعة أركان، وهي؛ الموكِّل، والوكيل، والموكَّل فيه، والصيغة، ولكل ركن منها شروط معيّنة، إليكَ شروطها مع شرح تفصيلي:

  • الموكِّل: وهو الشخص الذي يستعين بشخصٍ آخر، لكن يشترط به أن يكون له حق شرعيّ في التصرف بالعمل الذي أذن لغيره أن يقوم به، فلا يجوز توكيل المجنون أو الصبي الصغير، أو حتى الُمغمى عليه أبدًا، لأنّ وكالتهم لا تصح شرعًا، كما لا يجوز توكيل المحجور عليه بالتصرف في الأمور المالية، لأنّه لا يمتلك القدرة على مباشرتها.
  • الوكيل: وهو الشخص الذي يؤدي التصرفات نيابة عن أحد غيره بإذن منه وبتوكيله، يُشترط به أن يكون بالغًا عاقلًا راشدًا، يعني أن تصح مباشرته للتصرف المأذون فيه، كما يُشترط فيه أن يكون مُعَيَّنًا، فلو قال الموكِّل لاثنين من الناس: وكَّلت أحدكما بيع داري، فهذا لا يجوز، أو أن يقول: وكّلتُ بيع داري لكل من أراد بيعها.
  • الموكَّل فيه: وهو العمل الذي يؤديّه الوكيل بدلًا من الموكِل، والشرط الأول في هذا العمل، أن يكون العمل الموكَّل فيه ملكًا للموكِّل، وأن يكون الموكَّل فيه شيء معلوم ومُبيّن أمام الجميع، فلا يجوز أن يقول الموكِّل وكلتكَ ببعض مالي، كما يجب أن يكون الموكَّل فيه قابلًا ليُؤديه شخص آخر عن الموكِّل، فلا يجوز التوكيل في العبادات؛ كالصوم والصلاة، كما لا يحق للموكِل التوكيل في الأمور المباحة، فلا يصح أن يوكّله بالاحتطاب أو الاحتشاش عند الآخرين، فإذا حصل في شيء من ذلك فهو للوكيل، وليس للموكِّل فيه شيء.
  • الصّيغة (الإيجاب والقُبول): وفيه يكون شرطان، الأول أن يكون الموكِّل في لفظه دالًا على رضاه عن التوكيل، كنايةً أو صراحةَ، كأن يقول: وكَّلتُك ببيع داري هذا، أو أقمتك مقامي في بيعه، ويكفي أن يُبيّن على الوكيل أنّه موافق حتى لو لم يتلفظ بشيء، والشرط الثاني، لا يجب أن يعلَّق العمل بشرط معيّن، كأن يقول: إذا أتى محمّد فأنت وكيلي، أو إذا جاء شهر رمضان سأكون وكّلتك بكذا وكذا.

قد يُهِمُّكَ

إن كنت ترغب في البدء بعمليات الوكالة الشرعية، فحاول أن تعرف مزيدًا من المعلومات والتفاصيل الدقيقة التي تتعلق بها عمومًا، ولنُسهلَ عليكَ ذلك، أدرجنا لكَ في الأسفل أبرزها وأهمّا:

  • إن كنتَ الموكل يجب عليكَ أن تُسمي الشيء الذي تُريد توكيله في عمليات البيع والشراء، كأن تُحدد ثمنه، وجنسه، وصفته؛ إلّا إذا كانت الوكالة مُطلقة، ويُراعى فيها ذلك الإطلاق، كأن تقول بِع لي بيتي بما فيه، أو اشترِ لي هذا المعمل بما فيه.
  • إذا خالف الوكيل بالبيع أمركَ توقّفَ بيعُه على إجازتكَ بالشراء وإجازته أيضًا، فإذا خالف أمركَ يكون مُشترياً لنفسه، إلّا إذا كان خلافاً إلى خير فتُلزم به.
  • عن عروة بن أبي الجعد البارقي: [أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي له به شَاةً، فَاشْتَرَى له به شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُما بدِينَارٍ، وجَاءَهُ بدِينَارٍ وشَاةٍ، فَدَعَا له بالبَرَكَةِ في بَيْعِهِ، وكانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ. قال سفيان : كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه ، قال : سمعه شبيب من عروة ، فأتيته ، فقال شبيب : إني لم أسمعه من عروة . قال : سمعت الحي يخبرونه عنه قال سفيان : يشتري له شاة ، كأنها أضحية] وهذا دليل على أن النبّي عليه السلام وكّل عروة بالشراء، عدا عن أنّ عروة كسب للنبيّ دينارًا آخر فوق الشاة، فدعا له عليه السلام بالبركة.
  • لا يجوز للوكيل أن يتصرف بشيء فاسد وخاطئ؛ إذ إنّه مردودٌ عليه، فعن ابي سعد الخدري: [جَاءَ بلَالٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : مِن أيْنَ هذا؟، قَالَ بلَالٌ: كانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ منه صَاعَيْنِ بصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ: أوَّهْ أوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَلْ، ولَكِنْ إذَا أرَدْتَ أنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ ببَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ].
السابق
عدد المهاجرين الى الحبشة
التالي
مفهوم الحد في الإسلام

اترك تعليقاً