اسلاميات

مفهوم الحد في الإسلام

ما مفهوم الحد في الإسلام؟

الحدّ في اللغة هو المَنع، وهو محارم الله سبحانه وتعالى التي نهى عن ارتكابها وانتهاكها وتعدّيها، فقال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}، وسمّي الحدّ حدًّا؛ لأنه يمنع المسلم من الاقدام عليه، وأما الحدّ في الشرع فهو عقوبة قدّرها الشرع لأجل حق الله تعالى، وقد وردت مشروعيّة الحدود في الكتاب والسنّة وإجماع العلماء، ووضع القرآن الكريم عقوبات محددة لبعض الجرائم والكبائر المحددة كالزنا، والقتل وغيرها من المعاصي، وهذه الحدود هي مُحققة لمصلحة العباد، وفيها الكثير من العدل والإنصاف لكي يلزم كل شخص حقّه ولا يتعدّى على حقوق الآخرين. والحدود من الواجب إقامتها وتُحرّم الشفاعة في أيّ حدّ من حدود الله تعالى، ففي الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [إقامةُ حدٍّ في الأَرضِ ؛ خَيرٌ لأهلِها مِن مَطرِ أربَعين ليلةً].

ويُحرّم الشفاعة في أي حدَ من حدود الله تعالى أو إسقاط الحدّ وعدم إقامته، وإذا ثبتت المعصية على الشخص، فلا تهاون ولا تنازل عن حدود الله تعالى الثابتة بأي حال من الأحوال، حتى لا نتعرّض لغضب الله تعالى وعذابه وسخطه. ويحرّم على ولي الأمر قبول الشفاعة فقال رسول اله صلى الله عليه وسلّم: [مَن حالَتْ شَفاعَتُهُ دونَ حَدٍّ من حُدودِ اللهِ ، فَقدْ ضَادَّ اللهَ في أمْرِهِ]، والشخص الموكّل بإقامة الحدّ هو القاضي أو نائبه، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُقيم الحدود في حياته، وبعد موته كان الخلفاء يقيمون الحدود من بعده، ويُقام الحدّ في أي مكان غير المسجد، ضمانًا للعدالة، ومنعًا للجور والظلم.

ما أنواع الحدود في الإسلام؟

تنقسم الحدود في الإسلام إلى ستة أقسام هي، حدّ الزنا، وحدّ القذف، وحدّ الخمر، وحدّ السرقة، وحدّ قطع الطريق، وحدّ البغاة، ولكل جريمة من هذه الجرائم عُقوبة مُقدّرة شرعًا، وأما الحدود فهي عدّة أنواع، وهذه الأنواع هي:

  • حدود الله تعالى التي نهى عن تعدّيها: وهي كل ما أذن الله تعالى بفعله على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، والاعتداء على هذه الحدود يكون بمخالفتها وتجاوزها، وهذه الحدود هي التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه، قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
  • المحارم التي نهى الله تعالى عنها: وهي المحرّمات التي نهاكَ الله تعالى عن فعلها كالزنا، والسرقة، والقذف، وهي التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في في قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.
  • الحدود المُقدّرة الرّادعة عن محارم الله تعالى: مثل عقوبة الرّجم، وعقوبة الجَّلد، وعقوبة القطع، وغيرها من العقوبات التي يجب تطبيقها بلا زيادة أو نقصان.

شروط إقامة الحدود؟

هناك عدد من الشروط من أجل تطبيق وإقامة الحدّ، وأهم هذه الشروط هي: شروط إقامة حدّ القذف: هناك شرط للقاذف وشروط للمقذوف وهي:

  • شروط القاذف: يجب أن يكون القاذف، بالغًا، عاقلاً، عالمًا بالتحريم، ملتزمًا بأحكام الشريعة، وأضاف المذهب الشافعي على ذلك أن لا يكون المقذوف أذن له بقذفه فإذا أذن له لا حدّ عليه.
  • شروط المقذوف: أن يكون المقذوف محصنًا، والمقصود بالإحصان هو أن يكون، بالغ، عاقل، يتمتّع بالحريّة، و يعتنق دين الإسلام، وبعيد عن الزنا.
  • وأخيرًا يُشترط في القذف أن يكون صريحًا، واختلف بعض العلماء فيما إذا مكان مبطنًا غير صريح.
  • شروط إقامة حدّ السّرقة: أن يكون السارق بالغ، عاقل، وأن يكون المسروق نصابًا فأكثر، أن يؤخذ المسروق من حِرز معتاد، أن يؤخذ على وجه السرقة وبالخفاء لا على وجه النهب أو بالغصب.
  • شروط إقامة حدّ شرب الخمر: البلوغ، العقل، الاختيار، العلم بأنه خمر، ويُجلد شارب الخمر سواء كان مسلمًا أو كافرًا، حرًا أو عبدًا.
  • شروط إقامة حد الزنا: أن يكون الزاني بالغ، عاقل، مختار، عالم بتحريم الزنا، وأما ثبوت الزنا فيثبت بالإقرار، والشهادة وهي شهود 4 أشخاص على واقعة الزنا، والحمل أي أن تحمل المرأة دون أن تتزوج.
  • شروط إقامة حدّ الحرابة: أو قطع الطريق، هو التكليف، والبعد عن العمران، والمجاهرة، ووجود السلاح.

مَعْلومَة: الحكمة من تشريع الحدود في الإسلام

الحدود في الإسلام هي جزء من نظام إلهي عظيم أنزله رب العالمين على خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله تعالى الحدود لعدد من الحكم الإلهيّة منها:

  • الحدود هي ضمان للسعادة والأمن والاستقرار للبشر إلى يوم القيامة.
  • الحدود هي ضابط يحفظ التوازن بين حقوق الفرد والجماعة في المجتمع، فمن حق الفرد على الجماعة تحقيق مصالحه وحفظها، وصيانة حياته ومقوماتها، والعمل على حمايته من غيره ومن نفسه.
  • صيانة المجتمع من أيّ اعتداء أو مساس في كيانه، وللحصول على حياة آمنة تتسم بالطّهر والعِفّة، فجميع الجرائم التي حرّمها الإسلام هي من نوع الجرائم التي لو تُركت لاضطراب المجتمع وشاعت الفوضى والقلق فيه، لذلك جاءت هذه الحدود كرادع للبشر.
  • العقوبات هي دليل على عدل الله تعالى وحكمته، لأن بعض الناس قد اعترضوا على حدود الله تعالى ووصفوها بالوحشيّة وهذا يدل على قصور تفكيرهم.
  • العقوبات من القصاص وغيرها من العقوبات فيها حياة للناس، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، فعلى الرّغم من الحكم على الجاني بالموت إلا أن موته فيه حياة لغيره من الأشخاص، فلو أن شخصًا قتل أباك أو أخاك فإنك لن تقبل إلاّ أن تقتل عشرة أشخاص أو مائة شخص مقابل شخص واحد، لذلك فموت القاتل فيه حياة لغيره، وهذا ما أقره الله تعالى وأنزله في كتابه.
  • العقوبات والحدود التي وضعها الله تعالى إلى جانب تحقيقها للمصلحة العامة، وحافظة لأمن المجتمع فهي عقوبات عادلة، فبعض الجرائم كالزنا فيها اعتداء صارخ على شرف وعِرض وكرامة الآخرين، وهي أيضًا مقوّضة لمقومات وكيان الأمة بأكملها.
  • لم تكن الغاية من فرض العقوبات تطبيقها على الناس، ولكن الغاية منها زجرهم عن ارتكاب الجريمة، فالإسلام لا يقيم حدّه على متهم لمعصية إلا بعد التثبّت من ارتكابه لهذه المعصية.
  • إصلاح الناس عن طريق الوعظ والإرشاد، والقدوة الحسنة لزرع الوازع الديني في نفوسهم وجعلهم يبتعدون عن الشرّ من تلقاء أنفسهم.
  • إقامة الحدود هي نوع من التكفير عن الذنب، فالذي يقام عليه الحد لجريمة اقترفها في الدنيا فإنه لا يُعذّب عليها في الآخرة.
السابق
طريقة عمل وكالة شرعية
التالي
عجائب مخلوقات الله في الكون

اترك تعليقاً