اسلاميات

عذاب القبر بسبب عدم الصلاة

القبر

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}،، يُعرف القبر بأنه المكان الضيق الذي لا أنيس فيه ولا جليس، فيبقى العمل الصالح الذي يُقدمه الإنسان في حياته أنيسه في قبره ووحشته.

يُعدّ القبر المكان الذي يضم الميت داخله، فهو مكان العظماء، والسفهاء، والحكماء، ومنزل السعداء والأشقاء، فيكون إمّا روضة من رياض الجنة، وإمّا حفرة من حفر النار، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [كان عُثمانُ رضيَ اللهُ عنه إذا وَقَفَ على قَبرٍ بَكى حتَّى يَبُلَّ لِحيَتَه، فقيل له: تَذكُرُ الجَنَّةَ والنَّارَ فلا تَبكي، وتَبكي مِن هذا؟! فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: القَبرُ أوَّلُ مَنازِلِ الآخِرةِ، فإنْ يَنجُ منه فما بَعدَه أَيْسَرُ منه، وإنْ لمْ يَنجُ منه فما بَعدَه أَشَدُّ منه. قال: وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: واللهِ ما رأيْتُ مَنظَرًا قَطُّ إلَّا والقَبرُ أَفظَعُ منه].

عذاب القبر بسبب عدم الصلاة

بينت السنة النبوية الشريفة بعض أحوال القبر، وما يتعرض له الميت عند دخوله القبر، وأنّ عذاب القبر حق؛ وفي الحديث {عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ، فَقالَتْ لَهَا: أعَاذَكِ اللَّهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَذَابِ القَبْرِ، فَقالَ: نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إلَّا تَعَوَّذَ مِن عَذَابِ القَبْرِ}،

فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، فهي التي تفصل بين الإسلام والكفر، وقد اختلف العلماء بتكفير تارك الصلاة، منهم من قال بأنّ التارك لها جُحودًا وإنكارًا وكسلًا، فهو فاسق ولا يخرج من ملة الإسلام. أمّا من ترك الصلاة عامدًا فهو كافر، واجتمعوا على أنَّ تارك الصلاة يُقتل، ولا يُغسّل، ولا يُكفن، ولا يُدفن في مقابر المسلمين.

ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم يبن عذاب القبر، {أُمِرَ بعبدٍ من عبادِ اللهِ أنْ يُضرَبَ في قَبرِه مِئَةَ جَلدةٍ، فلم يَزَلْ يُسألُ ويَدْعو حتى صارَتْ جَلدةً واحدةً، فجُلِدَ جَلدةً واحدةً، فامْتلأَ قَبرُه عليه نارًا، فلمَّا ارتَفَعَ عنه، قال: عَلامَ جلَدْتُموني؟ قالوا: إنَّكَ صلَّيْتَ صلاةً بغَيرِ طُهورٍ، ومرَرْتَ على مَظلومٍ فلم تَنصُرْه}، فإن كان ذلك عقاب من صلى دون أن يتطهر، فما حال الذي لا يتوضأ ولا يُصلي.

أسباب عذاب القبر

لعذاب القبر أسبابٌ عديدة، منها:

  • عدم التنزه من البول: ففي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقبْرَيْنِ، فَقَالَ: {إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ واحِدَةً، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هذا؟ قالَ: لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسَا}،؛ فالنميمة ونشر العداوة والبهتان بين الناس من موجبات عذاب القبر؛ لما فيها من إفساد بين الناس كبير، وكذلك ترك الاستبراء من البول، يُوجب عذاب القبر؛ لأنّ الطهارة من شروط الصلاة، ولا تصح صلاة بغير طهارة؛ وعليه استحق عذاب القبر.
  • النميمة والغيبة: قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: ” وأخرج أحمد، والطبراني بإسناد صحيح عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: {بينَما أنا أُماشي رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ آخذٌ بيدي ورجلٌ على يسارِهِ فإذا نحنُ بقبرينِ أمامَنا فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّهما ليعذَّبانِ وما يعذَّبانِ في كبيرٍ وبَكى فأيُّكُم يأتيني بجريدةٍ فاستَبقْنا فسبقتُهُ فأتيتُهُ بجريدةٍ فَكسرَها نِصفينِ فألقى على ذا القبرِ قطعةً وعلى ذا القبرِ قطعةً قالَ إنَّهُ يُهوَّنُ عليهما ما كانتا رَطبتينِ وما يعذَّبانِ إلَّا في الغيبةِ والبولِ}.
  • أكل الربا: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: {رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيانِي، فأخْرَجانِي إلى أرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فانْطَلَقْنا حتَّى أتَيْنا علَى نَهَرٍ مِن دَمٍ فيه رَجُلٌ قائِمٌ وعلَى وسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بيْنَ يَدَيْهِ حِجارَةٌ، فأقْبَلَ الرَّجُلُ الذي في النَّهَرِ، فإذا أرادَ الرَّجُلُ أنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بحَجَرٍ في فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كانَ، فَجَعَلَ كُلَّما جاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى في فيه بحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كما كانَ، فَقُلتُ ما هذا؟ فقالَ: الذي رَأَيْتَهُ في النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا}.
  • الغلول: وهو أخذ قسمة من الغنائم خفية دون علم أحد؛ فكان الغلول سببًا موجبًا لعذاب القبر.

أدلة على عذاب القبر

ثبت عذاب القبر في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن هذه الأدلة:

  • قال الله تعالى: {وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}.
  • قال الله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}.
  • وقوله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.
  • ورد في صحيح مسلم: {إنَّ هذه الأمةَ تُبتَلَى في قبورِها ، فلولا أن لا تَدافَنوا لدعوتُ اللهَ أن يُسمِعَكم من عذابِ القبرِ الذي أسمعُ منه ، تعوَّذوا باللهِ من عذابِ النَّارِ ، تعوَّذوا باللهِ من عذابِ القبرِ ، تعوَّذوا باللهِ من الفِتَنِ ما ظهر منها وما بطنَ ، تعوَّذوا باللهِ من فتنةِ الدَّجَّالِ}.
  • قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا فرغَ أحدُكُم مِنَ التَّشَهُّدِ الأخيرِ، فليتَعوَّذ باللَّهِ من أربعٍ: مِن عَذابِ جَهَنَّمَ، ومِن عَذابِ القبرِ، ومِن فِتنةِ المَحيا والمَماتِ، ومن فِتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ}.
  • عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {سألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن عَذابِ القبرِ ؟ فقالَ : نعَم ! عذابُ القبرِ حقٌّ قالَت عائشةُ فما رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يصلِّي صلاةً بعدُ إلَّا تعوَّذَ مِن عذابِ القبرِ}.

مَعْلُومَة

تختلف حياة الميت في قبره عن حياته الدنيوية، فهي حياة برزخية، لا تحتاج لطعام أو شراب، بل هي سؤال وجواب؛ إذ تُردُّ للميت روحه في قبره، فيُسأل من قِبل ملكان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟؛ فيقول المؤمن ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، هكذا تكون إجابة المؤمن والمؤمنة، ويُقال له: ما علمك بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: بأنّه رسول الله جاء بالهدى وآمنّا وصدقنّا به، واتبعناه، فيقال له: قد علمنا إن كنت من المؤمنين، فيفتح له بابًا إلى الجنة، فيأتي عليه من نعيمها، فَيُقال له: هذا مكانك فيرى مقعده في الجنة، وهو الذي يبعثك الله تعالى له.

أمّا لو كان كافرًا فيرى معقده من النار، ويُقال له: هذا مكانك لو كفرت بالله، فالآن صرت إلى الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: [إن روحَ المؤمنِ طائرٌ يعلقُ في شجرِ الجنَّةِ].

السابق
كيفية بر الوالدين في حياتهما
التالي
خطبة دينية قصيرة عن الصدق

اترك تعليقاً