اسلاميات

كيف امسح ذنوبي كلها

كيف أتخلص من ذنوبي؟ إليك الطريقة

أنتَ بطبيعتكَ الإنسانيّة لست معصومًا من الوقوع في الذّنوب، فمن نواميس الكون الإلهيّة أن يجتمع في الإنسان الطّاعة والمعصية، والإيمان والذّنوب، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لهمْ]، والأهم من وقوعكَ في الذّنب، أن تُسرع في البُرءِ منه، وأن تتوب توبة نصوح صادقة لله عزَ وجل، وتُجاهد نفسكَ على تركه، وتُكثر من الاستغفار، فطالما أنكَ تستغفر بصدق لخالقكَ يغفر لكَ بإذنه تعالى، فالتوبة وكثرة الاستغفار من أسباب مسح الذّنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يحكي عن ربّه عزّ وجل قال: [أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ، فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ].

ومفاد التّكرار في هذا الحديث أنّ العبد ما دام يستغفر عن ذنبه، ويُسارع بالتّوبة عنه فإنّ الله يقبل توبته، ويغسل حوبته، ويغفر له، ولكن هذا لا يعني أنّ الله أباح للعبد أن يقع بالذّنوب، وإنّما هي صيغة ترغيب للإسراع بالاستغفار، فالإنسان خطّاء، وهي طبيعة بشريّة، ومن رحمته عزّ وجلّ أنّه يغفر لمن يطلب المغفرة، ويتوب توبة صادقة.

وسائل تعينك على الثبات والابتعاد عن المعصية

لا سبيل لكَ لتجنّب الوقوع في المعاصي إلاّ بالصّبر، ومجاهدة النّفس، والاجتهاد في طاعة الله، وإليكَ النّصائح التّالية التي تُعينكَ على هجر الذّنوب والمعاصي، وتجنّب الوقوع بها بعد التّوبة منها:

  • أكثر من الدّعاء والتضرّع لله تبارك وتعالى على أن يعينكَ على ترك المعاصي والذّنوب، وأن يثبّتكَ على الطّريق القويم، ومن الأدعية المأثورة التي ننصحكَ بالإكثار من ترديدها في هذا الخصوص: [اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من شرِّ سمعي ومن شرِّ بصَري ومن شرِّ لِساني ومن شرِّ قلبي ومن شرِّ مَنيِّي].
  • تدبّر القرآن الكريم، وافهم معانيه وتفاسيره، ففيه الحق المبين الذي تستطيع من خلاله التّمييز بين الحق والباطل، فاجعل القرآن الكريم مرافقًا يوميًا لكَ، فهو يزيل الأمراض من القلوب، وفيه من الحكمة والموعظة الحسنة الكثير، وفيه من التّرغيب ما يُعينكَ على الابتعاد عن الذّنوب طمعًا في رحمة الله وجنّته، ومرضاته، وفيه من الوعيد والتّهديد ما يجعلكَ تبتعد عن الذّنوب خوفًا من غضب الله عزّ وجلّ وعذابه.
  • درّب قلبكَ على طاعة الله سبحانه وتعالى، وذكّر نفسكَ بالخوف من عذاب الله بترك الشّهوات والذّنوب، واعتبر هذه النّصحية رياضة للنّفس، وحاول أن تمارسها في كلّ حين، فمثلاً إذا هممت بفعل أو قول ذنب، اعقد مقارنة بين العذاب وغضب الله الذي سيقع عليكَ إن أتيت هذا الذّنب، وبين رحمة الله ورضاه إن تركته لوجهه الكريم، فإن كنتَ عاقلاً واعيًا ستردع نفسكَ عن الإتيان بالذّنب، وهل يستحق هذا الذّنب ذو المتعة الزّائفة الزّائلة غضب الله؟!.
  • ذكّر نفسكَ دائمًا بما توعّد به الله سبحانه وتعالي العاصين، ومقترفي الشّهوات المحرّمة، من أنواع عديدة ومرعبة من العذاب الأليم، والهلاك في الدّنيا والآخرة.
  • أكثر من الاستعاذة بالله من شرّ الشّهوات المحرّمة، واستعن به على محاربة نفسكَ من الوقوع بها، وتوكّل عليه حقّ التوكّل في جلب الخير لكَ، وكل ما يؤول لمنفعة قلبكَ وإحيائه.
  • ابتعد عن كل ما يُغريك لفعل الذّنوب، مثل أماكن اللّهو، أو رفقة السّوء، ومواطن الشّبهات والفتن.
  • حافظ على أداء الفرائض التي أوجبها الله على كل مسلم مثل الصّلوات الخمس، وصيام رمضان، وحاول الاستزادة من صلاة وصوم النّفل ففيهما تزكية للنّفس، وقوّة للقلب على محاربة المعاصي.
  • أكثر من القراءة في أهوال يوم القيامة، وأحوال القبول، وكل ما يخص التّرغيب بالطّاعة، والتّرهيب من المعصية.
  • استشعر دائمًا مراقبة الله سبحانه وتعالى لكَ، ليزيد خوفكَ وخشيتكَ منه، فحري بكَ أن تشعر بالخزي من اقتراف الذّنوب وهو يراكَ ويسمعكَ.
  • قوّي نفسكَ بتثبيتها بنيل أجر الصّابرين على اجتناب المعاصي، وهو ما يهوّن عليكَ مجاهدة النّفس لتركها، ويحل محلّها الطّمأنينة والسّكينة.
  • تقرّب من الله سبحانه وتعالي بالأعمال الصّالحة، وأكثر منها، فالقرب من الله يجعله سبحانه أنيسكَ الذي تأنس به عن معصيته.

قد يُهِمُّكَ: ما تأثير الذنوب على صاحبها؟

نحذّركَ كل الحذر من الاستهانة بالصّغائر من الذّنوب، فلها تأثير مشؤوم في قلبكَ، وعليكَ، تمامًا كما الكبائر منها، وفيما يلي بعض آثارها كما فنّدها ابن القيّم رحمه الله:

  • الذّنوب تحرمكَ من الاستزادة من العلم، فالعلم نورٌ يُلقيه الله في القلوب، والذّنوب سبب لإطفاء هذا النّور. الذّنوب سبب في حرمانكَ من الرّزق، ودليل ذلكَ ما ورد في مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [إنّ الرّجل ليُحرم الرّزق بالذنب يصيبه].
  • الذّنوب تبعدكَ عن الله سبحانه وتعالى، وتحرمكَ استشعار القرب منه جلّ وعلا، ليس هذا فحسب بل قد ترى أثر الذّنوب على الوحشة التي تحصل بينكَ وبين النّاس من حولكَ.
  • الذّنوب سبب في غلق الأبواب في وجهك بكل أمر تعزم القيام به، فتجده عسيرًا كثير العراقيل والصّعوبات، كما أن الذنوب تتكاثر وتزرع أمثالها ما يجعل أمر تركها أصعب عليك.
  • الذّنوب سبب في شعوركَ بالظّلمة في قلبكَ، تمامًا كالظّلمة الحسيّة لبصركَ، وكلّما غرقت أكثر في وحل الذّنوب ازددت تخبّطًا في ظلمة قلبكَ، وزادت حيرتكَ، الأمر الذي يؤول للوقوع في البدع والضّلالات والأمور المُهلكة وأنتَ لا تدري، تمامًا كما لا يعرف الضّرير طريقه.
  • الذّنوب سبب في حرمانكَ من القيام بالطّاعات، وكأنّكَ أنتَ السّبب في حرمان نفسكَ من الإتيان بالصّالحات باقترافكَ الذّنوب، فلا تكن سببًا في هلاك نفسكَ.
  • الإصرار على الذّنوب سبب في صعوبة مفارقتكَ لها، والخروج منها، فتصير لكَ عادة، وقد تُجاهر وتتفاخر بها، فكن سريع التّوبة، وكثير الاستغفار.
  • الذنوب سبب في جعلكَ من الغافلين، إذ إن كثرتها سبب في طبع قلبكَ بالغفلة.
السابق
طريقة الرقية في الماء
التالي
معنى الحب في الاسلام

اترك تعليقاً