اسلاميات

كيف نظم الاسلام العلاقة بين الاباء والابناء

كيف نظم الإسلام العلاقة بين الآباء والأبناء؟

كانت الأسرة قبل الإسلام قائمة على الظلم والتعسّف والجور، ولم يكن هناك حقوق تذكر لا للبنت ولا للمرأة ولا للابن، ولمّا جاء الإسلام نظّم كل ذلك وأرسى العدل وأعطى لكل فرد في الأسرة حقه حتى الطفل الرضيع، وجعل الإسلام على الأب والأم مسؤولية كبيرة وعظيمة في تربية أبنائهم وتعليمهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية صالحة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف عن عبدالله بن عمر قال: [كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، قالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَحْسِبُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: والرَّجُلُ في مَالِ أبِيهِ رَاعٍ وهو مَسْؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ].

وقد حرص الإسلام في الوقت ذاته على غرس مبدأ التقدير والاحترام للآباء، والحرص على رعايتهم وطاعة أوامرهم والإنفاق عليهم من قِبل الأبناء، وجعل لكل فرد من أفراد الأسرة دور فعّال ومهم، فالآباء والأمهات موكلون بدور رعاية وتربية الأبناء التربية الإسلامية الصحيحة، والأبناء عليهم واجب السمع والطاعة ورعاية الآباء عند كبرهم وحفظ حقوقهم وخفض جناح الذل لهم، والتقدير والتعظيم لدورهم الكبير الذي قاموا به في حياة أبنائهم.

حقوق الآباء على أبنائهم في الإسلام

فكما أن للأبناء حقوقًا على آبائهم، فإن للآباء أيضًا الكثير من الحقوق والواجبات التي يجب أن يؤديها الأبناء ولا يتهاونوا في ذلك لئلا يتعرضوا لغضب الله وسخطه، ومن أهم حقوق الآباء على الأبناء:

  • بر الوالدين والإحسان إليهما: ويكون ذلك عن طريق خدمتهما والإحسان إليهما والتودد لهما ومعاملتهما بخلق وأدب، وبر الوالدين من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد من ربه.
  • طاعة الوالدين وتلبية ندائهما: فمن واجب الأبناء أن يطيعوا والديهما ويلبوا أوامرهما بالمعروف وفي غير معصية الله تعالى، وأن يستجيبوا لطلباتهما بكل حب، وأن يتطلّعوا لخدمتهما في كل ما يرضيهما دون تردد أو ضجر أو تكاسل أو تهاون، ومن طاعة الوالدين التخلي عن بعض الأمور الدنيوية للتفرغ لخدمتهما.
  • الإنفاق عليهما بالمعروف: إذ أوجب الإسلام على الأبناء أن ينفقوا على والديهم إذا كانوا محتاجين لذلك، وأن يسدوا حاجاتهم من مأكل ومشرب وملبس ودواء ما استطاعوا لذلك سبيلًا، وعليهم الابتعاد عن البخل أو المِنَّة بالإنفاق على الوالدين، فالإنفاق على الوالدين واجب وليس تطوّع، لما ورد عن حديث عائشة أم المؤمنين قالت: [أنَّ رجلًا أتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخاصِمُ أباه في دَينٍ له عليه فقال نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنتَ ومالُكَ لأبيك].
  • احترام الآباء والأخذ بمشورتهم: فمن واجب الأبناء أن يستأذنوا آباءهم وأن يحترموا رأيهم وأن لا يرفعوا صوتهم فوق صوت والديهم ولا يتقدموا عليهم لا في مجلس ولا في طعام ولا شراب، وأن يقدّموهم على أنفسهم في كل شيء، وأن يأخذوا بمشورتهم فيما يحتاج لمشورة واستئذان وأن يشركوهم في شؤون الأسرة، كما عليهم الاستئذان عند الدخول عليهم حماية للعورات ودرءًا للإزعاج.
  • الاهتمام بهما عند الكِبَر: فمن حق الوالدين على الأبناء الاهتمام بهما عند الكبر ورعايتهما، وبرّهما بعد الموت من خلال الدعاء لهما والتصدّق عنهما، واجتناب عقوقهما والإساءة إليهما.

حقوق الأبناء على آبائهم في الإسلام

يوجد العديد من الحقوق التي يجب على الآباء تقديمها لأبنائهم، ومن أهم هذه الحقوق ما يأتي:

  • تخيّر الزوجة الصالحة: فقد طالب الإسلام الآباء أن يقدّروا الأبوة حق قدرها حتى قبل الزواج من خلال تخيّر الزوجة الصالحة والتي ستكون أمًا ومربية لأبنائهم، فالجنين تنحدر فيه الكثير من الصفات الخلقيّة والنفسيّة من والديه، كما طالب الإسلام في الوقت ذاته بالبحث عن الزوجة التقيّة ذات الدّين والتي ستُحسن تربية الأبناء مستقبلًا.
  • المحافظة على حياته بعد أن يولد: فقد أوجب الشرع المحافظة على حياة الابن سواء أكان ذكرًا أو أنثى، وحرّم قتل الولد خشية الفقر الحالي أو الفقر المتوقّع لأن الله سبحانه وتعالى قد تكفّل برزق هذا الولد ورزق أبويه.
  • إحسان اختيار الاسم: فقد أمر الإسلام الآباء باختيار الاسم الحَسَن ذو المعنى الحسن، والابتعاد عن الأسماء التي فيها إهانة أو قد يخجل الولد من ذكرها مستقبلًا أو قد تسبب له الإحراج، والأفضل تسمية الأبناء بالأسماء الإسلامية ذات المعنى والمنطق الحسن والجميل.
  • الإنفاق على الابن: فقد أوجب الإسلام على الأب رعاية أبنائه والإنفاق عليهم، وتوفير المأكل والمشرب والملبس والكسوة والتعليم لهم، وكل ما يحتاج له الولد حتى يكبر ويتمكن من أن ينفق على نفسه بنفسه وينفق على أبويه إذا احتاجوا للنفقة.
  • التربيّة الإسلاميّة الصحيحة: فقد أوجب الشرع على الآباء أن يربوا أبناءهم التربية الإسلاميّة الصحيحة، وأن يعلموهم أمور دينهم وهم في سن صغيرة مثل الصيام والصلاة وغيرها من الواجبات الشرعية، وأيضًا الأبناء لهم حق التفريق في المضاجع حفظًا لحقوقهم وخصوصياتهم، ففي الحديث الشريف عن أنس بن مالك قال:[ إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استَرعاهُ، حفِظَ أم ضيَّعَ، حتَّى يسألَ الرَّجلَ عن أهلِ بيتِهِ].

قد يُهِمُّك

التربية الصحيحة هي أن تكون قادرًا على تثبيت الأخلاق الحَسَنة في نفس طفلك تثبيتًا قويًا يمكنه من خلالها مغالبة الشهوات والسيطرة على الذات ومَقت كل ما يعارض هذه الأخلاق الحَسَنة، وسنقدم لك أهم القواعد التي يمكنك اتباعها لتربية أبنائك تربية إسلامية سليمة:

  • احرص على الرفق والّلين في معاملتهم: فتثبيت الأخلاق الحسنة في نفس طفلك لا يحتاج للشدّة والقهر وإنما للرفق واللّين، فمن طبع الأبناء أنهم يحبون الوالد الرفيق بهم والمعين لهم والمهتم لمصالحهم من غير صراخ أو غضب، فالطفل في مرحلة من عمره يحتاج إلى اللهو واللعب، وفي مرحلة أخرى يحتاج للتأديب والتعليم وفقًا لسنه، فعليك إعطاء كل مرحلة حقها باعتدال وتوسّط.
  • استخدم العقوبة وقت الحاجة: فمعاملة الأطفال برفق ولين لا يعني عدم استخدام العقوبة عند الحاجة، ولكن يجب استخدامها بحكمة، والابتعاد عن معاقبة الابن على كل كبيرة وصغيرة يفعلها، بل تكون العقوبة في حال لم يجدِ الرّفق واللين نفعًا ولم يؤدبه النصح والنهي، والعقوبة يجب أن تكون مفيدة وفعالة كحرمانه من شيء يحبه إذا أساء التعامل.
  • أن تكون لهم القدوة الحَسَنَة: فبداية تأديب الأبناء تكون بإلزام الأهل أنفسهم بعدم ارتكاب فعل منكر أمام أبنائهم، فلا تنهى عن خُلُق ثم تفعله أمام أبنائك، فهذا يدفعهم للتمرد والتمادي على القوانين التي وضعتها لهم بحجة أنك تفعل نقيضها.
  • تهيئة البيئة الصالحة: فعليك تهيئة بيئة صالحة لأبنائك يستطيعون من خلالها تعلّم كل ما هو مفيد لهم في حياتهم، وأن تكثر من الدعاء لأبنائك خاصة في الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء.
السابق
حماية البيئة في الاسلام
التالي
مفهوم العقيدة الصحيحة

اترك تعليقاً