اسلاميات

ما الفرق بين الكفر والشرك

مفهوم الكفر

دلت جميع النصوص في الكتاب والسنة على أن الإيمان لا يصح ولا يقبل إلا بأمرين وهما شهادة أن لا إله إلا الله، والاستسلام لله بالتوحيد، والبراءة من الكفر والشرك بجميع أنواعه، والكفر في اللغة يعني ستر الشيء وتغطيته، وأما معنى الكفر في الاصطلاح الشرعي فهو عدم الإيمان بالله ورسله، سواء رافق عدم الإيمان تكذيب أو لم يرافقه أي تكذيب، حتى لو رافق الإنسان شك وريب أو إعراض عن الإيمان حسدًا أو كبرًا، أو حتى اتباع الأهواء التي تصرف الإنسان عن اتباع الرسالة، فالكفر هو صفة لكل شخص جحد شيئًا مما افترض الله تعالى عن الإيمان به، سواء أكان جحوده بقلبه دون لسانه، أو كان بلسانه دون قلبه، أو كان بهما معًا، أو عمل عملًا أخرجه عن الإيمان.

مفهوم الشرك

إن من أعظم المعاصي التي يمكن للإنسان أن يرتكبها منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا هو الشرك بالله سبحانه وتعالى، حتى وصف الله هذا الذنب الكبير بالظلم العظيم؛ وذلك لأن الشرك بالله فيه جناية عظيمة في حق الخالق جلَّ جلاله، فالله هو الذي خلق الإنسان، وهو الذي رزقه، وهو الذي يحيي الموتى، وهو الذي يميت، ومع كل هذه النعم التي أنعمها الله تعالى على الإنسان، ومع كل هذه المنن، إلا أن المشرك يجحد فضل الله عليه وينكره، بل ويصرف عبادته وتعظيمه لغير الله سبحانه وتعالى، لذلك فرض الله تعالى عقوبة على المشرك تعد من أقسى العقوبات وأشدها، ألا وهي الخلود الدائم والأبدي في نار جهنم، قال تعالى في بيان ذلك: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}، وكل ذنب مات العبد عليه من غير أن يتوب منه في الحياة الدنيا، فإمكانية العفو والمغفرة في هذا الذنب يوم القيامة واردة إلا الشرك بالله؛ لأن الله قد قطع رجاء صاحبه في المغفرة طالما مات على شركه، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}،وتوجد ثلاثة أنواع للشرك الأكبر في الله تعالى والتي تخرج الإنسان من الملّة، وهذه الأنواع هي:

  • الشرك في الربوبية: ومعناه أن يعتقد الإنسان بوجود متصرف في الخلق والكون غير الله تعالى.
  • الشرك في الألوهية: وهي أن يصرف الإنسان أي عبادة لغير وجه الله تعالى.
  • الشرك في أسماء وصفات الله سبحانه وتعالى: وهي اعتقاد أن ثمة مخلوق يتصف بصفات الله تعالى.

الفرق بين المشرك والكافر

بعد التعرف على معنى الكفر والشرك، لا بد من التطرق الآن إلى معرفة الفرق بين المشرك والكافر، فالمشرك هو الذي يؤمن بوجود الله تعالى ولكنه يشرك معه إلهًا آخر، وللشرك درجات؛ الشرك الأكبر والشرك الأصغر، أمّا الشرك الأكبر؛ فهو الشرك الذي يُخرج من الملّة، فصاحبه يعبد إلهًا آخر مع الله عز وجل، وثانيهما الشرك الأصغر الّذي لا يُخرِجُ من الملة، والشرك الأصغر هو ما يطغى على القلوب كالرياء، فصاحبه يصلّي ويقرأ ويسبّح لله تعالى حتى ينال المدح من الناس، ويتصدّق حتى يُقال عنه كريم، ويسمى أيضًا بالشرك الخفي الّذي لا يُخرجُ عن ملّة الإسلام، أمّا الكافر، فنوعان؛ النوع الأول هو الّذي يؤمن بوجود الله الواحد الأحد مع رفضه لعبادته وتصديق ما بعث به الرسل، والنوع الثاني هو من لا يؤمن بأركان الإيمان الّتي أوجبها الله عز وجل.

والكفر بالله عبارة عن جحد الحق وستره، كالشخص الذي يجحد وينكر وجوب الصلاة، أو ينكر وجوب الزكاة، أو ينكر وجوب صوم رمضان، أو ينكر وجوب الحج مع الاستطاعة، أو حتى إنكار وجوب بر الوالدين، وإنكار تحريم الزنا، وإنكار تحريم شرب المسكر وغيرها الكثير من الأمور، أما الشرك فهو أن يصرف الإنسان بعض عبادته لغير الله تعالى كالشخص الذي يستغيث بالأموات، أو الذي يستغيث بالغائبين، أو الذي يطلب المساعدة من الجن أو الأصنام أو النجوم ظنًا منه أنهم قادرون على مساعدته، أو كالذي يذبح للجن، أو الأصنام، أو ينذر لهم، ويطلق على الإنسان الكافر أنه مشرك، ويطلق على الكافر أنه مشرك كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، وقال سبحانه وتعالى في آية اخرى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}،وقال رسولنا الكريم في الكفر والشرك بالله: [بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ].

أنواع الكفر

يوجد نوعان للكفر؛ النوع الأول هو الكفر الأكبر، والنوع الثاني هو الكفر الأصغر، وفيما يلي توضيح مختصر لكلا النوعين:

  • الكفر الأكبر: هو الكفر الذي يخرج صاحبه من الإسلام، ويكون جزاء صاحبه الخلود الدائم في النار، ولا تناله شفاعة الشافعين، ويكون الكفر الأكبر بالاعتقاد أو بالقول أو بالفعل أو بالشك والريب أو بالترك والإعراض والاستكبار عن أوامر الله سبحانه وتعالى، وللكفر الأكبر خمسة أنواع، إذا ما لقي الإنسان الله تعالى بواحد منها فإنه لا يغفر له، ولا تنفعه الشفاعة يوم القيامة، وهذه الأنواع الخمسة هي:
  • كفر التكذيب: وهو تكذيب الرسل عليهم السلام، فمن كذب الرسل فيما جاؤوا به علنًا أو سرًّا فقد كفر.
  • كفر الإباء والاستكبار: وهو أن يكون الإنسان عالمًا أتم العلم بصدق الرسول، وأن ما جاء به هو الحق من عند الله، لكن لا ينقاد لحكمه ولا يذعن لأمره استكبارًا وعنادًا.
  • كفر الشك: ويعني التردد، وعدم الجزم الكامل بصدق الرسل، ويقال له كفر الظن، وهو ضد الجزم واليقين.
  • كفر الإعراض: ويعني الإعراض الكلي عن الدين بأن يعرض الإنسان بسمعه وقلبه وعلمه، عما أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • كفر النفاق: ويعني النفاق الاعتقادي بأن يظهر الإنسان الإيمان ويبطن الكفر في قلبه.
  • الكفر الأصغر: لا يعد مخرجًا من الملة، وهو الكفر الذي لا يناقض أصل الإيمان، بل ينقص الإيمان ويضعفه، ولا تسحب صفة الإسلام وحصانته من صاحب الكفر الأصغر، ويكون الإنسان صاحب الكفر الأصغر في خطر عظيم من غضب الله عز وجل إذا لم يتب منه، ويستحق صاحبه العذاب لكن دون الخلود في النار، وتناله شفاعة الشافعين، ولهذا النوع من الكفر صور كثيرة، منها:
  • كفر النعمة، وذلك بأن ينسب النعمة إلى غير الله تعالى بلسانه دون اعتقاده.
  • كفران العشير والإحسان.
  • الانتساب إلى غير الأب.

وللكفر الأصغر أنواع كثيرة يتعذر حصرها، فكل ما جاءت به النصوص الشرعية وسمته كفرًا ولكن لم يصل إلى حد الكفر الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو الفسق الأكبر، أو الظلم الأكبر؛ فهو كفر أصغر.

تعريف الإسلام

يُعرّف الإسلام بأنه القيام بالعبادات التي شرعها الله عز وجل تعبدًا له سبحانه، وهذه العبادات تشمل كل ما جاء به الرسل عليهم السلام بدءًا من نوح عليه السلام الّذي جاء بالهدى والحق، وموسى وعيسى، وما جاء به إمام الحنفاء إبراهيم عليه السلام، وهذا دليل قاطع على أنّ الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل، أمّا ما جاء به سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم فهو الإسلام بمعناه الخاص الّذي قد نسخ جميع ما سبقه من أديان، إذ إنّ من اتّبع دين محمد عليه السلام، فهو مسلم، وأمّا من خالفه فليس بمسلم؛ لأنّ إسلامهم كان لأزمان معيّنة مع أنبياء معيّنين، فاليهود في زمن موسى عليه السلام هم مسلمون، والنصارى في زمن عيسى عليه السلام مسلمون، ومع بِعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أصبح دينه هو السائد ومن لم يتّبعه يعدّ كافرًا بالإسلام، فالدين الذي يدينون له اليهود والنصارى اليوم ليس مقبولًا ولا يساوي دين الإسلام، وقد أشارت الكثير من آيات القرآن الكريم إلى أنّ الإسلام هو ما امتن به الله عز وجل على سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًااً}، فلا ينفعهم يوم القيامة إلّا دين سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، وهذا الإسلام يشمل الدين كله، والعقيدة عملًا وقولًا، والتعبد لله تعالى بما شرع.

السابق
كيفية الحساب يوم القيامة
التالي
مفهوم السعادة في الاسلام

اترك تعليقاً