إصابة الحبل الشوكي
يشيرُ مفهوم إصابة الحبل الشوكي إلى حدوث ضررٍ يمسُّ أحد أجزاء الحبل الشّوكي أو النّخاعي، وقد يُشيرُ هذا المفهوم أحيانًا إلى تضرّر الأعصاب الواقعة في الجزء السّفلي بالتّحديد من الحبل الشوكي، وهذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى حدوث تغيرات تتعلّقُ بوظائف أجزاء الجسم الواقعة تحت مستوى مكان الإصابة[١]. ومن المعروف علميًا أنَّ الحبلَ الشّوكيَّ هو عبارة عن حزم من الأعصاب المسؤولة عن نقل الإشارات العصبيّة من الدّماغ إلى باقي أنحاء الجسم، لذلك فإنّ التّعرضَ لضربة، أو كدمة، أو تمزّق في الأعصاب يُمكنه أن يؤدي إلى حدوث مشاكل بالحركة والإحساس بأعضاء الجسم التابعة لهذه الأعصاب بالتّحديد، ويُشيرُ الخبراءُ إلى أنّ إصابات الحبل الشّوكي الحادّة هي شائعة أكثر بين الرّجال والشّباب، كما أنّه يوجدُ حوالي 12 ألف حالة إصابة تمسُّ الحبلَ الشّوكيَّ سنويًا وأكثر من 250 ألف فرد يتعايش مع إصابات الحبل الشوكي في الولايات المتحدة الأمريكيّة وحدها، ولا يُخفى عن أحد أنّ إصابات الحبل الشوكي هي من أبرز أسباب الإعاقة الدائمة والموت عند البالغين والأطفال على حدٍ سواء.
أسباب إصابة الحبل الشوكي
يُعدُّ الحبلُ الشّوكيُّ حساسًا للإصابة، كما أنّ خلاياه العصبيّة غير قادرة على إصلاح نفسها كباقي خلايا الجسم، وينسبُ الخبراءُ سببَ حدوث نصف حالات إصابة الحبل الشوكي إلى التّعرّض إلى حوادث السّيارات، لكن قد تنجم الإصابة أيضًا عن أمور أخرى، مثل:
- السّقوط من المرتفعات.
- التّعرّض للطعن أو لإطلاق النار.
- التّعرّضُ للإصابات الرّياضيّة، كتلك الناجمة عن ممارسة لعبة كرة القدم الامريكية.
- الإصابة بأورام أو التهابات لها القدرة على التأثير على الحبل الشوكي.
- الإصابة بمشاكل الأوعية الدّمويّة المسؤولة عن إمداد الحبل الشوكي بالدم.
أنواع وأعراض إصابة الحبل الشوكي
تعتمدُ نوعية الأعراض والعلامات المصاحبة لإصابة الحبل الشّوكي على مكان إصابة الحبل الشوكي وعلى درجة الإصابة، وعادةً ما يُصنِّف الخبراء درجة شدّة إصابة الحبل الشوكي إلى:
- إصابة الحبل الشوكي الكاملة: يُطلق الخبراء هذه التسمية على إصابة الحبل الشوكي في حال تسببت بتعطيلٍ كامل لوظائف وحركة الأعضاء الواقعة تحت مكان إصابة الحبل الشوكي.
- إصابة الحبل الشوكي غير الكاملة: يُعاني المصاب بهذا النوع من فقدان جزئي وليس كامل لوظائف وحركة الأعضاء الواقعة تحت مكان إصابة الحبل الشوكي.
وعلى العموم، يُمكن لإصابة الحبل الشّوكي أن تجعلَ الفرد عرضةً للمعاناة من الشّلل وأشكال أخرى من الأعراض والعلامات، منها:
- فقدان القدرة على الإحساس بالحرارة، أو البرودة، أو اللمس.
- فقدان السيطرة على وظائف المثانة والأمعاء.
- تشنجات وردة فعل انعكاسيّة مفرطة للعضلات.
- تغيرات تمسُّ القدرات الجنسية والخصوبة.
- الآلام الشديدة الناجمة عن تضرر أعصاب الحبل الشوكي.
- فقدان القدرة على الحركة.
- صعوبة التنفس أو السعال.
علاج إصابة الحبل الشوكي
يبدأُ علاج إصابة الحبل الشوكي مباشرةً بعد جلب المصاب إلى غرفة الطّوارئ في المستشفى، وتهدف العلاجات المقدّمة في الطوارئ إلى تقليل حجم الضّرر الواقع على الحبل الشوكي، وعادةً ما يشيرُ وجود مضاعفات تنفسيّة عند المريض إلى شدّة وخطورة إصابة الحبل الشوكي، ويؤكّدُ الخبراءُ على أنّ إعطاءَ دواء ميثيل بريدنيزولون يُمكّنه تخفيف الضّرر الواقع على الخلايا العصبية في حال إعطائه خلال ال8 ساعات الأولى بعد إصابة الحبل الشوكي، ولن يكون بوسع الأطباء بعد تخطي المرحلة الحرجة من علاج إصابة الحبل الشوكي إلا تحويل المصاب إلى برامج العلاج الطّبيعي لمحاولة استعادة الوظائف الحركية لأعضاء جسده، كما قد يُحاول الأطباء أيضًا استعادة القدرات الوظيفية للأعصاب الخاصة بالتّنفس والتّبول عبر استخدام أجهزة عصبيّة اصطناعيّة ذات قدرة كهربائية، وهذا كلُّه يعتمدُ على درجة ونوع إصابة الحبل الشوكي.
الوقاية من إصابة الحبل الشوكي
تشيرُ منظمة الصّحة العالمية إلى أنّه يوجدُ حوالي ما بين 250-500 ألف حالة إصابة تمسُّ الحبلَ الشّوكي سنويًا حول العالم، وتشيرُ المنظمة أيضًا إلى أنّ الأفراد المصابين بإصابة الحبل الشوكي هم أكثر عرضةً ب2-5 مرات للموت قبل الأوان مقارنةً بالأفراد الأصحاء، وتزيد نسب الوفاة كثيرًا بين البلدان قليلة ومتوسطة الدّخل أيضًا، كما أنّ إصاباتِ الحبل الشّوكي تُلقي بضلالها على الحياة الاجتماعية والاقتصاديّة للأفراد وتجعلهم أكثر اعتمادًا على مساعدة الآخرين في قضاء حاجاتهم، كما أنّ نسب العاطلين عن العمل بين هؤلاء الأفراد تصل إلى حوالي 60% تقريبًا، لذلك لن يكون من المستغرب أن 20-30% من الأفراد المصابين بإصابة الحبل الشّوكي هم أيضًا يُعانون من علامات الاكتئاب. تنجم أغلب حالات إصابة الحبل الشوكي عن حوادث من الصّعب التنبؤ بحدوثها، لذلك لن يكون بالإمكان فعل الكثير للوقاية من إصابة الحبل الشوكي باستثناء أخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل خطر إصابة الحبل الشوكي، مثل:
- الالتزام باستعمال حزام الأمان عند قيادة السيارة.
- ارتداء الملابس الواقية المناسبة عند ممارسة الألعاب الرياضيّة المختلفة.
- تفحص عمق الماء عند الرّغبة بالغوص للتأكد من كونها عميقة بما يكفي وخالية من الحجارة أو النتوءات المؤذية.