العطش الكثير
يحتاج كل إنسان بصورة يوميّة إلى كمية مناسبة من الماء تكفي حاجاته الجسميَّة، وتختلف تلك الحاجات من جسم لآخر حسب العمر أيضًا، فالتّوازن في شرب الماء من الأمور المهمّة التي يجب على الشخص الانتباه إليها حتى يروي عطشه الذي يعاني منه، ويعدّ العطش طريقة استجابة الجسم الطبيعية لاحتوائه على مستويات قليلة من الماء، ومن الطبيعي زيادة الشعور بالعطش عند القيام بمجهود جسدي كبير، مثل ممارسة التمارين الرياضية، أو حتى خلال الأيام الحارة التي يكثر فيها التعرق، ولكن في بعض الأحيان قد يحدث أن يشعر الفرد بالعطش الشَّديد رغم شربه كميّات كبيرة من الماء، أو إحساسه المستمر بالرغبة بشرب الماء، ومثل هذه الحالات لا بد لأسباب صحية من الوقوف وراءها، ويتوجب على كل فرد أن يعرفها لمعالجتِها بالطريقة الصحيحة.
أسباب العطش الكثير
لا تعدّ مشكلة العطش الكثير في معظم الحالات حالة صحية خطيرة، إذ يتوجّب على الشخص تقييم الظروف الراهنة والمحيطة به من أجل ربط حالة العطش الشديد بأي من العوامل المحيطة به، أو غيرها من الظروف التي تُفسّر هذه المشكلة دون وجود أي داعٍ للخوف منها، ففي معظم الحالات تشكّل حالات العطش الشديد مُنبِّهًا من الجسم لفقدانه كميّات كبيرة من السوائل، أو حاجته لها نتيجة تناول أطعمة تحوي كمية عالية من الملح، أو نتيجة المرور بأيام حارة، ولكن قد يكون شعور العطش الشديد عَرَضًا للإصابة بمشكلة صحية أخرى، مثل ارتفاع نسبة السّكر في الدّم، وقد تساعد هذه العلامة على تشخيص مرض السكري لدى الشخص، أو قد تكون نتيجة وجود مرض نفسي، أو عاطفي، ويقف وراء حالة الإحساس بالعطش الشديد العديد من الأسباب الواجب أخذها بعين الاعتبار ومتابعتها، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
- اضطرابات في الصحة النفسية: قد يعاني العديد من الأشخاص من اضطرابات في الصحة العقلية، وإصابتهم بأمراض تؤثر على الجانب النفسي لديهم، ومن أجل علاج هذه الحالات الصحية يتوجّب على الطبيب صرف مجموعة من الأدوية الطبية للتحسين من صحة الشخص النفسية، ومن هذه الأدوية ما يحمل أعراض جانبية من شأنها زيادة الشعور بالعطش الشديد، وقد يرافق العطش الشديد إصابة الشخص بأمراض نفسية معينة، مثل مرض اضطراب الوسواس القهري، إذ إن الشخص لا يعي فكرة شربه الزائد عن حاجة جسمه للماء، وعادةً ما تُصاحب حالة العطش الشديد العديد من الأمراض النفسية، وذلك نتيجة تكوّن حالة جفاف في الفم، أو ظنًا من المصاب أن شرب الماء يبقي جسمه نظيف في هذه الحالة، أو قد ينجم شرب الماء الكثير عن عامل نفسي يشعر الشخص من خلاله بالعطش الكثير، وهذا بدوره قد يؤدي للإصابة بتسمم الماء، الأمر الذي يستدعي الرعاية الطبية الفورية.
- مرض السّكري: ينجم شعور العطش الشديد لدى مرضى السّكري نتيجة استجابة الجسم، والجهاز البولي للتخلص من نسبة السّكر الزائدة في مجرى الدم خارج الجسم، وأخذها لكميات ماء أكثر معها من أجل إخراجه، ويحدث ذلك نتيجة عدم قدرة الجسم لدى هؤلاء الأشخاص على إنتاج هرمون الإنسولين الكافي لإدخال سكر الجلوكوز داخل الخلايا، أو عدم قدرة الخلايا على استخدامه، لذلك تعدّ حالة العطش الشديد إحدى الأعراض الشائعة للإصابة بمرض السكري، ومن الأعراض الأخرى التي تدلّ على هذا المرض؛ كثرة التبول، والجوع الشديد، وفقدان الوزن غير المُبرَّر أو اكتسابه، بالإضافة لغباش الرؤية، وإعياء عام، وفقدان طاقة الجسم.
- حالة جفاف في الجسم: تظهر العديد من الأعراض على الشخص أحيانًا مشيرة لوجود حالة جفاف في الجسم، ونقصان كميّة الماء عن الوضع الطبيعي، ومن هذه الأعراض؛ العطش الشديد، وجفاف الفم، وجفاف في الجلد، واغمقاق لون البول، بالإضافة إلى قلة عدد مرات التبول، والإحساس بصداع في الرأس، وشعور بالدوخة، أو التعب العام، وقد تظهر بعض هذه الأعراض أو كلها في حالة تعرض الشخص لحالة صحية أدت لفقدان جسمه للسوائل، مثل ممارسة التمارين الرياضية الشديدة، أو التعرّق الزائد، أو الإصابة بالإسهال أو التقيؤ، إذ تكمن أهمية الماء بحاجة كل أعضاء الجسم إليه من أجل أداء وظائفها على أكمل وجه.
- فقر الدم: قد يكون مرض فقر الدم وراثيًا يُكتَسب عن طريق العائلة، أو يحدث نتيجة وجود عدة عوامل تؤثر على مدى إنتاج الجسم لكريات الدم الحمراء، مثل سوء التغذية، أو النزيف الشديد، أو أمراض أخرى من شأنها التسبب بفقر الدّم، ومن أعراض الإصابة بفقر الدم ظهور لون الجلد شاحب أو أصفر، والشعور بالتعب، والضعف، والتعرق، وتسارع بالنبض، بالإضافة لشعور بالدوار، أو الدوخة، ولا تتسبب حالة فقر الدم الخفيفة بحدوث العطش الشديد، ولكن قد تبدأ هذه المشكلة في الظهور مع زيادة مشكلة فقر الدم سوءًا.
تشخيص العطش الكثير
إمن الطبيعي الشعور بالعطش بعد تناول الأطعمة الحارة، أو ممارسة التمارين الرياضية، وخاصةً في الأجواء الحارة التي يكثر فيها معدل تبخر الماء من الجسم، ولكن استمرار العطش بعد شرب الماء الكافي، وزيادة هذا الشعور شدةً من شأنه الإشارة لوجود مشكلة صحية تتطلب التشخيص الصحيح لها ومعالجتها كي لا تزداد شدة الأعراض سوءًا مثل احتمالية حدوث غباش في الرؤية، أو تعب عام، ويتطلب تشخيص الطبيب لحالة العطش الشديد لدى أي شخص إجراء عدة فحوصات جسدية، ومخبرية، بالإضافة لأهمية معرفة الطبيب بالتاريخ المرضي للشخص، وأي مشاكل صحية أخرى قد يعاني منها، بالإضافة لقائمة بكامل الأدوية التي يتناولها الشخص من مكملات غذائية، وأدوية بوصفة أو دون وصفة طبية.
وقد يستلزم الأمر إجراء الطبيب فحصًا للبول، أو فحصًا للدم لمساعدته في التشخيص الصحيح، ومن هذه الفحوصات؛ فحص سكّر الدم، وفحوصات كهارل البول، وأُسْمُولالِيَّة البول، وفحص تعداد الدم الكامل.
علاج العطش الكثير
بناءً على نتائج الفحوصات المخبرية، أو تشخيص الطبيب الجسدي للمريض مع مراجعة ملفه الطبي يتمكّن الطبيب من الوصول لسبب المشكلة، ووصف العلاج المناسب لها للتخلص من العطش الشديد الذي قد يؤدي لمشاكل صحية أخرى جديّة ناجمة عن استهلاك كميات من الماء أكبر من حاجة الجسم وقدرته على التخلص منها، ومن هذه العلاجات مثلًا التحكم بمستويات سكر الدم في حالة تبيّن إصابة الشخص بمرض السكري، أو تعديل الطبيب لأدوية معينة يتناولها المريض في حالة تسببها بالعطش الشديد كعَرَض جانبي لتناولها، ويفيد تقديم المشورة الطبية للشخص في حالة إصابته بأمراض نفسية تسبب زيادة استهلاكه للماء.
