الصحة النفسية

الهرمون المسؤول عن الخوف

الهرمون المسؤول عن الخوف

 

الهرمون المسؤول عن الخوف

لا يوجد إنسان في هذا العالم لم يجرب شعور الخوف مرةً واحدةً على الأقل في حياته، فخوف الأم على أطفالها، أو الخوف من الحيوانات المفترسة أو شيء ما، أو التعرض لحادثة مميتة؛ كالسّقوط أو الدهس من قبل مركبة، أو مواجهة خطر الغرق في مياه البحر، أو التّعرض لحرق من النار هي في مجملها مواقف تؤدي إلى شعور بعض البشر بالخوف أو الرعب الشديد وظهور علامات واستجابات جسمية دالة على ذلك، ومما لا شكَّ فيه أن هذه التصرفات هي نتيجةً لهرمون معين يفرزه الجسم لكي يتأقلم مع طبيعة المواقف المثيرة للخوف، وهذا الهرمون يسمى الأدرينالين أو هرمون الخوف، فكما أنه يوجد هرمون للسعادة فإنه يوجد هرمون للشعور بالخوف أيضًا، والعضو المسؤول عن إفراز هذا الهرمون هو الغدّة الكظرية الواقعة أعلى الكليتين، لكن يُمكن لبعض العصبونات التابعة للجهاز العصبي المركزي أن تُفرز هذا الهرمون أيضًا.

تأثير هرمون الخوف

يفرز الجسم هرمون الخوف أو الأدرينالين خلال ثوانٍ معدودة بعد التعرض لمواقف مخيفة أو مفاجئة، ويؤثر هذا الهرمون على الجهاز العصبي والقلب والأوعية والرئتين، وأعضاء أخرى من الجسم، كما يتسبب في حدوث الكثير من التغيرات الفسيولوجية خلال ساعة كاملة بعد إفرازها داخل الجسم، ومن بين هذه التغيرات ما يأتي:

  • زيادة معدل نبضات القلب وجعل الفرد يشعر وكأن دقات قلبه تتسارع.
  • ضخ مزيدٍ من الدم نحو العضلات لإمدادها بقوة أو طاقة أكبر، مما يؤدي إلى الشعور برجفة في العضلات.
  • انخفاض شعور الفرد بالألم.
  • استرخاء المسالك التنفسية من أجل السماح للرئتين باستقبال المزيد من الأكسجين.
  • تسريع وتيرة الوظائف العصبية داخل الدماغ من أجل الوصول إلى حلول أو مخارج سريعة من الأزمات أو المواقف المخيفة.
  • اتساع بؤبؤ العين من أجل السماح لمزيد من الأشعة الضوئية بالولوج داخل العينين.
  • الشعور بالتعرق والدوخة وتغير درجة حرارة الجسم؛ نتيجة للتغيرات الحاصلة على توزيع الدم والأكسجين في الجسم.

استخدامات هرمون الخوف في الطب

تُعرف حقن الأدرينالين بين الأطباء والعاملين في المهن الطبية باسم حقن الإبينيفرين، وقد تمكّن العلماء من استغلال هذه الحقن في علاج بعض الأمراض، مثل انخفاض ضغط الدم، والحكة الشديدة، وصفير الرئة، وأعراض الحساسية الشديدة التي تنجم عن التعرض لمثيرات الحساسية البيئية، أو للسعات الحشرات، أو تناول بعض الأطعمة، أو العقاقير الطبية، وقد أصبح بإمكان بعض الأفراد المصابين بالحساسية الحصول على حقن طبية من الأدرينالين بهدف حقن أنفسهم ذاتيًا عند احساسهم بظهور بوادر أعراض الحساسية لديهم، وعادةً ما يُحقن الأدرينالين في الجلد أو في عضلات الفخذ، كما يُمكن لبعض الأطباء إعطاء الأدرينالين عبر الوريد في حال لزم الأمر ذلك، لكن قديؤدي إعطاء جرعات عالية من الأدرينالين إلى ظهور أعراضٍ سيئة للغاية على المريض؛ كالخدر، والصداع الشديد، وعدم وضوح الرؤية، والتعرق، وتسارع أو تباطؤ نبضات القلب، والسعال المصحوب بالبلغم الرغوي، بالإضافة إلى الإحساس بنبض القلب في العنق والأذنين.

وعلى أي حال، يبقى هرمون الأدرينالين أو الإبينيفرين من بين الأدوية أو العقاقير الطبية التي تنتمي إلى فئة دوائية مشهورة تُدعى بناهضات أو المنبهات الأدرينالية ألفا وبيتا، التي تريح العضلات الموجودة داخل المسالك التنفسية بالتزامن مع تضييق الأوعية الدموية، وكثيرًا ما يلجأ الأطباء إلى إعطاء حقن الإبينيفرين لعلاج الحالات الطارئة أو الخطيرة الناجمة عن التعرض للحساسية، وبالطبع سيكون من الأفضل استشارة الطبيب قبل البدء باستخدام حقن الإبينيفرين لأغراض علاج أعراض الحساسية.

اكتشاف هرمون الخوف

يرجع فضل اكتشاف هرمون الخوف إلى طبيبين بريطانيين اثنين، هما الطبيب جورج أوليفر، الذي عاش بين عامي 1841-1915، والطبيب إدوارد ألبرت شاربي شافر، الذي عاش بين عامي 1850-1935، وقد تمكّن هذان الطبيبان من الكشف عن وجود هرمون الأدرينالين بعد أن لاحظا ارتفاعًا في مستوى ضغط الدم بعد حقن مستخلصات من الغدة الكظرية داخل مجرى الدم عند أحد الحيوانات، ومع حلول عام 1901، عزل أحد علماء الكيمياء اليابانيين الأدرينالين من الغدة الكظرية وأخذ براءة اختراع عن هذا العمل، لكن تسمية هرمون الخوف باسم هرمون الأدرينالين يعود في الاصل إلى الصيدلاني البريطاني هنري ديل، الذي عاش بين عامي 1875-1968.

مشكلات هرمون الخوف

يُمكن لبعض الأفراد أن يُعانوا إما من زيادة أو نقصان في إفراز أجسامهم هرمون الخوف أو الأدرينالين، ويُمكن شرح هذه المشكلات كما يأتي:

  • زيادة إفراز هرمون الخوف: تُعد مشكلة زيادة إفراز الجسم لهرمون الخوف من بين المشكلات الشائعة بين الناس، خاصة عند الأفراد المصابين بالسمنة أو المصابين بما يُعرف بانقطاع النفس الانسدادي النومي؛ فهؤلاء الأفراد يُعانون من ارتفاع مستوى الأدرينالين في أجسامهم في كل ليلة تقريبًا، وهذا يجعلهم يشعرون بضيق النفس ويُساهم في زيادة خطر إصابتهم بارتفاع ضغط الدم، ويُمكن لارتفاع مستوى هرمون الأدرينالين أن يكون ناجمًا في أحوال نادرة عن نمو الأورام داخل الغدة الكظرية أيضًا.
  • نقص هرمون الخوف: من النادر أن يُصاب الناس بنقص في مستوى إفراز اأجسامهم لهرمون الخوف، حتى ولو خضعوا لعملية جراحية لاستئصال الغدة الكظرية؛ لأن 90% من مركبات الأدرينالين تأتي أصلًا من الجهاز العصبي، وهذا الأمر يجعل من الصعب على الأطباء تصنيف نقص الأدرينالين ضمن الأمراض البدنية.

استغلال هرمون الخوف

يُعد الخوف من بين المشاعر المعقدة من الناحية الفسيولوجية والعملية، كما تتنوع أسبابه والظروف المحيطة به؛ إذ يُمكن للخوف أن ينشأ عن التعرض لتجارب صادمة أو بسبب الشعور بفقدان السيطرة على مجريات الحياة أو البيئية المحيطة، كما قد يشعر البعض بالخوف لتمكين أنفسهم من الهروب من المواقف الخطرة التي من المحتمل أن تؤذيهم من الناحية البدنية؛ فمثلًا قد يشعر البعض بالخوف عند وقوفهم فوق المرتفعات العالية أو حتى بعد مشاهدتهم لصورة أو فيديو يحتوي على مشاهد مأخوذة لجبال أو مرتفعات عالية، وقد يظهر الخوف عليهم على شكل شعور بالغثيان أو الدوخة على الرغم من عدم وجود خطر وشيك على حياتهم، لكن يبقى من المعروف أن التعرض للمواقف المثيرة للخوف يساعد في النهاية على التغلب على الشعور بالخوف وتقليل حدة الاستجابات الجسدية المصاحبة للخوف، بما في ذلك إفراز هرمون الأدرينالين، وهذا الأمر يظهر بوضوح عند الأفراد الذين يتحلون بالرغبة في الانخراط في المغامرات الخطيرة أو الرياضات؛ فأجسام هؤلاء الأفراد غالبًا ما تتعود تلقائيًا على إفراز الأدرينالين بمستويات محددة مترافقة مع شعور بالمتعة، وهذا الأمر يدفع بهم إلى تجربة أمور ومغامرات جديدة لرفع مستويات هرمون الأدرينالين مرة أخرى لديهم واستغلال الاستجابات البدنية الناجمة عن هذه الهرمون.

السابق
ما هو أفضل طول للرجل
التالي
الفطريات في الأمعاء

اترك تعليقاً