زيادة هرمون الحليب عند الرجال

ينتج هرمون الحليب أو ما يُعرف بالبرولاكتين من الغدة النخامية الموجودة في الدماغ، وتُعدّ الوظيفة الأساسية للبرولاكتين مساعدة النساء على إنتاج الحليب أثناء فترة الحمل وبعد الولادة، لذلك تكون مستوياته مرتفعة أكثر عند النساء مقارنة بالرجال، ولكن يوجد هذا الهرمون في الجسم بمستويات منخفضة بالنسبة لمعظم الرجال، ويمكن معرفة ما إذا كانت المستويات منخفضة جدًا أو مرتفعة جدًا من هرمون الحليب في الدم عن طريق إجراء اختبار، ويقيس الأطباء مستويات الهرمون في وحدة نانوجرام لكل مليلتر، إذ يُعدّ المستوى الطبيعي للهرمون عند الذكور ما يقارب 17 نانوغرام لكل ملليلتر.

ومن الجدير بالذكر أن خصوبة الرجل قد تتأثر بمقدار هرمون الحليب الموجود في الدم، وقد يطلب الأطباء فحص هرمون الحليب عند الرّجال عند ظهور أعراض لنمو الورم البرولاكتيني في الغدّة النّخاميّة، أو عند وجود اضطراب آخر في الغدة النخامية، أو عند المُعاناة من العقم، أو عند وجود حالة طبية تؤثر على مقدار الدوبامين المصنّع، وتؤخذ عينة من الدم خلال ما يقارب من 3 إلى 4 ساعات بعد استيقاظ الشخص، وتتغير المستويات الطبيعية للبرولاكتين في الجسم طوال اليوم، إذ ترتفع المستويات تدريجيًا خلال الليل، وتصل إلى أعلى مستوياتها في الصباح.

زيادة هرمون الحليب عند الرجال

يؤثر هرمون الحليب أو البرولاكتين في الجسم على عدة هرمونات أخرى، إذ يوجد هذا الهرمون عند كل من الرجال والنساء، ويُنتج من قبل الغدة النخامية الموجودة في تجويف الدماغ ولكن مستوياته تكون مرتفعة أكثر عند النساء، وذلك نظرًا إلى أنه يلعب دورًا مهمًا في إنتاج الحليب في الثدي بالإضافة إلى عدة وظائف أخرى تشمل تنظيم الجهاز المناعي والتمثيل الغذائي والجهاز التناسلي والعديد من سوائل الجسم المختلفة، وبالرغم من أهميته لكلا الجنسين إلا أن ارتفاع مستوياته عن الحد الطبيعي عند الرجال يؤدي إلى عدة مشاكل جنسية بسبب إيقاف إنتاج هرمون التستوستيرون في الخصيتين، والذي قد يتسبب بالعقم في حالات نادرة.، ومن الأسباب التي يرتفع فيها هرمون الحليب عند الرجال ما يأتي:

• الورم البرولاكتيني: وهو ورم حميد ينشأ في الغدة النخامية ويؤدي إلى إنتاج الكثير من هرمون الحليب.
• قصور الغدة الدرقية: الذي يحدث عندما تعجز الغدة الدرقية عن إنتاج ما يكفي حاجة الجسم من هرمونات الدرقية.
• أمراض ما تحت المهاد: وهي الجزء من الدماغ المسؤول عن السيطرة على وظائف الغدة النخامية.
• فقدان الشهية العصبي (القهم): الذي ينتمي إلى فئة أمراض الأكل النفسية.
• بعض أنواع الأدوية: مثل بعض الأنواع التي تهدف إلى علاج الاكتئاب كدواء الديسيبرامين ودواء الكلوميبرامين، والذهان، وارتفاع ضغط الدم كدواء الفيراباميل، وبعض أنواع الأدوية الخاصة بعلاج أحماض المعدة كدواء الرانيتيدين والسيميتيدين، وبعض الأدوية المضادة للغثيان؛ كدواء الميتوكلوبراميد.
• التعرض لضربات أو تهيج في الصدر: نتيجة للإصابة بالهربس النطاقي أو بسبب ارتداء حمالة صدر ضيقة.
• بعض أنواع الأمراض: مثل أمراض الكبد كتشمع الكبد، أو الكلى، أو متلازمة تكيس المبايض التي تؤثر جميعها على قدرات الجسم على التخلص من الفائض من هرمون الحليب.
• متلازمة كوشينغ: تنشأ الإصابة بما يُعرف بمتلازمة كوشينغ عن ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول.
• بعض الضغوطات: إذ يمكن لبعض الضغوطات الشائعة أن ترفع مستويات هرمون الحليب، ومنها انخفاض نسبة السكر في الدم، وأنشطة التمارين الرياضية الشاقة.
• بعض الأطعمة: إذ يمكن أن تسبب بعض الأطعمة مثل الحلبة أو الشمر ارتفاع مستويات هرمون الحليب، إذ يجب تجنب تناول أي شيء من هذه الأطعمة في حال ارتفاع مستويات هرمون الحليب.

وظائف هرمون الحليب عند الرجال

يُنتج هرمون الحليب عند الرجال أيضًا بكميات محددة ويلعب دورًا في العديد من الوظائف والتي تشمل ما يلي:

• تنظيم عملية تناول الطعام والتمثيل الغذائي إذ تحتوي الأنسجة الدهنية والكبد والبنكرياس على مستقبلات البرولاكتين مما يشير إلى دوره في استخدام الطاقة، لذا فإن ارتفاع مستوياته يؤدي إلى زيادة الشهية وبالتالي زياة الوزن، كما يساعد هرمون الحليب في إفراز الأنسولين وزيادة حساسية الجسم اتجاه سكر الدم (الجلوكوز) .
• حماية الدماغ والأعصاب: إذ أظهرت دراسات أجريت على الحيوانات قدرة البرولاكتين في حماية الدماغ من الآثار المدمرة للصرع أو القلق .
• يعزز إفراز التستوستيرون وإنتاج السائل المنوي: لذا فإنه يؤثر مباشرةً على إنتاج هرمون التستوستيرون ويتسبب انخفاض مستويات هرمون الحليب في عدة مشكلات عند الرجل مثل ضعف الانتصاب وسرعة القذف، وقد أظهرت دراسة أجريت على 20 رجلًا ممن يعانون من العقم أن نسبة الحيوانات المنوية غير الطبيعية قد انخفضت إلى 42 بالمئة وقد أكد الأطباء العلاقة الوثيقة بين انخفاض هرمون الحليب والعقم عند الرجال، في حين أن ارتقاع مستويات هذا الهرمون تؤدي أيضًا إلى خلل في الهرمونات الجنسية وخلل وظيفي في الوظائف الجنسية.
• ينظم نقل السوائل والصوديوم والبوتاسيوم: عبر غشاء الأمعاء بالإضافة إلى عملية التخلص منها في الكليتين.
• تنظيم عمل الجهاز المناعي ومساعدة الخلايا المناعية على النضج والانقسام: وبالتالي تقوية جهاز المناعة ودفاعاته ضد العوامل الخارجية مثل الالتهابات الميكروبية، وقد أظهرت دراسة أجريت على الحيوانات قدرة هرمون الحليب في مقاومة السرطان، والجدير بالذكر أن ارتفاع مستوى هرمون الحليب عن المستوى الطبيعي قد يلعب دورًا في أمراض المناعة الذاتية .
• احتمالية المساهمة في الحماية من أمراض تجلط الدم .

الهرمونات التي تتحكم في هرمون الحليب

يوجد عدة هرمونات تتحكم بإنتاج هرمون الحليب أو البرولاكتين إذ يخضع البرولاكتين لسيطرة غدة ما تحت المهاد كما هو الحال في هرمونات الغدة النخامية الأخرى، إذ تفرز غدة ما تحت المهاد هرمونات تحفز أو تمنع إفراز البرولاكتين، وتشمل هذه الهرمونات ما يلي:

• هرمون الدوبامين: وهو عامل تثبيط البرولاكتين الأساسي (PIF) وأهم منظم لإفرازه، إذ يعزز البرولاكتين الدوبامين في منطقة ما تحت المهاد وهو ما يحول دون إفراز كميات فائضة من البرولاكتين وهي آلية تعرف باسم حلقة التغذية السلبية، وتشمل العوامل التي تعزز إفراز البرولاكتين من خلال قمع هرمون الدوبامين في المخ كلًا من تحفيز الثدي، الرضاعة، هرمون الإستروجين، ومضادات الذهان.
• الهُرْمونُ المُطْلِقُ لمُوَجِّهَةِ الدَّرَقِيَّة (TRH): يؤدي هذا الهرمون في منطقة ما تحت المهاد إلى تحفيز الغدة النخامية الأمامية لإطلاق هرمونات الغدة الدرقية والبرولاكتين.
• هرمون الإستروجين: يعزز هذا الهرمون من نمو الخلايا المنتجة للبرولاكتين ويعزز إفرازها بالإضافة إلى تثبيط الدوبامين، لذا ترتفع مستويات البرولاكتين تدريجيًا أثناء الحمل مواكبة ارتفاع هرمون الإستروجين.
• هرمون الأوكسيتوسين: يعمل هذا الهرمون إلى جانب البرولاكتين أثناء الرضاعة للحصول على الحليب، إذ تحتوي الخلايا التي تنتج البرولاكتين على مستقبلات الأوكسيتوسين وبالتالي فإنها تحفز إنتاج بعضها.

أعراض ارتفاع هرمون الحليب عند الرجال

يحدث ارتفاع هرمون الحليب عادةً بسبب الإصابة بالورم البرولاكتيني الذي لا يؤدي إلى ظهور أي أعراض أو علامات أحيانًا، لكن العلامات والأعراض قد تبدأ بالظهور تدريجيًا عندما يرتفع مستوى هرمون الحليب إلى مستويات كبيرة في الدم أو بسبب الضغط الذي يحدثه الورم على الأنسجة المحيطة به. ويؤدي ارتفاع هرمون الحليب عند الرجال إلى عدة أعراض تشمل:

• تضخّم حجم الثديين.
• ضعف الانتصاب عند الإيلاج.
• انخفاض في كتلة العضلات.
• قلة ظهور شعر الجسم.
• التأثير على جودة الحيوانات المنوية بما في ذلك حركتها.
• العقم.
• انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون في الدم.
• انخفاض الرغبة الجنسيّة.
• الصداع الحاد أو المزمن دون سبب مبرر.
• حدوث ضعف البصر وتشويش في الرؤية.
• نزول بعض الحليب من الثدي.

مخاطر ارتفاع هرمون الحليب عند الرجال

إنّ ارتفاع نسبة البرولاكتين أو هرمون الحليب عند الرجال قد تُسبّب مجموعة من المخاطر، وتشمل هذه المخاطر كلًا مما يأتي:

• فقدان البصر: يؤدي ارتفاع هرمون البرولاكتين الناتج عن وجود ورم إلى الضغط على العصب البصري والذي قد يتسبب بفقدان البصر في حال عدم علاج الورم.
• قصور الغدة النخامية: تسبب الأورام البرولاكتينية الكبيرة المتواجدة على الغدة النخامية زيادة الضغط على الغدة وبالتالي إحداث خلل في الهرمونات الأخرى التي تنتجها، مثل حالات قصور الغدة الدرقية، كما يمكن أن يتسبب ذلك أيضًا في قصور الغدة الكظرية ونقص هرمون النمو.
• هشاشة العظام: يؤدي ارتفاع مستويات البرولاكتين إلى تقليل إنتاج هرمون التستوستيرون وهو ما يتسبب في حدوث خلل في وظائف هذه الهرمونات بما في ذلك كثافة العظام، فتنخفض الكثافة مسببة خطر الإصابة بهشاشة العظام.
• مخاطر مختلفة: ومن الأمثلة على ذلك:
• ظهور حب الشباب.
• الإصابة بالعقم في بعض الحالات.
• زيادة في حجم الثّدي عند الرّجال.
• الشعور بآلام الصداع وتشوش الرؤية في حال نمو ورمٍ في الغدة النخامية لتسببه بالضغط على العصب البصري.
• ضعف العضلات وانخفاض كتلتها لدى الرجال.
• زيادة معدلات نمو الشعر في الوجه والجسم أو انخفاضها انخفاضًا ملحوظًا.

علاج ارتفاع هرمون الحليب عند الرجال

يسعى الطبيب في البداية إلى إجراء الفحوصات اللازمة من أجل التأكد من زيادة هرمون الحليب لدى المريض، وقد يرغب الطبيب بإعادة إجراء الفحوصات لأكثر من مرة بهدف التأكد تمامًا من زيادة هرمون الحليب، كما قد يحاول الطبيب الاستعانة بتقنية الرنين المغناطيسي من أجل الكشف عن وجود أورام الغدة النخامية التي تؤدي إلى زيادة هرمون الحليب كما ورد مسبقًا. يهدف العلاج إلى إعادة مستويات هرمون البرولاكتين إلى طبيعتها وإعادة عمل الغدة النخامية عملًا طبيعيًا بالإضافة إلى التخلص من الأورام التي تضغط على الغدة مسببةً بعض الأعراض مثل الصداع ومشاكل الرؤية، وتشمل خيارات علاج ارتفاع هرمون الحليب عند الرجال على ما يأتي:

• العلاجات الدوائية: تساعد بعض العلاجات الدوائية في خفض مستويات هرمون الحليب، وهي مجموعة تسمى محفزات الدوبامين الذي يعد مسؤولًا عن تنظيم المستوى الطبيعي لهرمون الحليب، وبالتالي إعادة مستويات هرمون التستوستيرون المُفرز من الخصيتين إلى طبيعته، وتشمل هذه الأدوية البروموكربتين وكابرغولين التي تعد من أفضل العلاجات الناجحة والتي تؤدي إلى استعادة الرجل لقدرته الجنسية وتحسين إنتاج الحيوانات المنوية مما يزيد من فرص الحمل والإخصاب، كما تتميز هذه الأدوية بقدرتها على تقليل حجم الأورام المتعلقة بهذا المرض .
• العلاج الجراحي: تحتاج بعض الحالات إلى التدخل الجراحي عند وجود الأورام في الغدة النخامية أو الأورام التي تضغط على العصب البصري، والتي تؤثر على وظائف الأعضاء تأثيرً كاملًا أو جزئيًا، لذا يكون الخيار الجراحي هو الأفضل باستئصال الورم من خلال تجويف الأنف أو من خلال الجمجمة.
• العلاج الإشعاعي: يلجأ الطبيب إلى العلاج الإشعاعي في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات السابقة من الأدوية والجراحة، وذلك لتقليص حجم الورم في الغدة النحامية.
• علاجات مختلفة: تشمل خيارات العلاج الأخرى لحالات ارتفاع مستوى هرمون البرولاكتين عند الرجال كلًا من الإجراءات التالية:
  • تغيير عادات النظام الغذائي.
  • التخلص من التوتر وتعلم أساليب التحكم به.
  • التوقف عن أداء التمارين الرياضية العنيفة.
  • تجنّب الملابس التي تؤدي إلى عدم الراحة في الصدر مثل الملابس الضيقة.
  • الحصول على مكملات فيتامين ب 6 وفيتامين هـ، إذ يعد فيتامين ب6 جزءًا مهمًا من عملية إنتاج الدوبامين وبالتالي فإن الحصول على هذا الفيتامين يساعد في خفض مستويات هرمون البرولاكتين، في حين يمنع فيتامين هـ ارتفاع مستويات البرولاكيتن طبيعيًا، ومن المهم التحدث إلى الطبيب قبل الحصول على أي من المكملات الغذائية أو تغيير كمياتها.
  • علاج المشكلات والأمراض الأخرى التي أدت إلى زيادة هرمون الحليب.
  • قد يساعد علاج قصور الغدة الدرقية بأخذ هرمون الغدة الدرقية المُصنّع، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون الحليب.
  • قد يعود سبب ارتفاع مستويات هرمون الحليب إلى الأدوية التي يصفها الطبيب للمصاب، ففي هذه الحالة يمكن وصف الأدوية البديلة لها.