اسلاميات

ما هي شهادة الزور

شهادة الزور

إن من أعظم الذنوب عند الله عز وجل بعد الشرك به هي شهادة الزور، فقد قرنها الله عز وجل بعبادة الأوثان في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور}، وذلك لما فيها من فساد للدين والدنيا وللفرد والمجتمع والكذب والبهتان وأكل المال بالباطل، والشهادة لغة هي الإخبار بما قد شوهد، أما الشهادة اصطلاحًا فهي قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر، والزور لغةً هو الميل عن الحق ويقال للكذب زورًا، أما الزور اصطلاحًا فهو الكذب الذي قد حسُن في الظاهر ليُحسب أنه صدق، وشهادة الزور اصطلاحًا هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل من إتلاف النفس أو أخذ المال أو تحليل حرام أو تحريم حلال.

وقد حذرنا الله عز وجل ورسوله من شهادة الزور لما فيها من ضياع الحقوق، وطمس معالم العدل، وإعانة الظالم، وإعطاء المال أو الحقوق لغير مستحقيها، إذ إن شهادة الزور تجعل الإنسان جريئًا على ارتكاب الجرائم واقتراف الآثام متّكلًا على وجود أولئك الفسقة العصاة الذين يشهدون زورًا لمصلحته، وجاء التحذير في القرآن والسنة في الكثير من المواضع، منها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، وعن النبي عليه السلام لما سُئل عن الكبائر قال: [الكبائرُ: الشِّركُ بِاللهِ، وقتلُ النفسِ، وعُقوقُ الوالِديْنِ، ألا أُنَبِّئُكمْ بِأكبرِ الكبائِرِ؟ قَولُ الزُّورِ]،وتأتي خطورة شهادة الزور بأنها تشمل الكذب والافتراء، والظلم الذي شهد عليه، وإباحة ما حرم الله، فاحرص على تجنب الزور حتى لا تنال غضب الله.

عقوبة شهادة الزور

إذا أقرّ الإنسان على نفسه بأنه شهد زورًا عند القاضي فهو فاسق ترد شهادته، وينبغي أن يُردَع إن كان بالضرب أو الحبس أو التوبيخ أو بأن يشهر به في الأسواق أو بين قومه؛ وذلك ليعرفه الناس ويحذروه، فللقاضي أن يفعل ما يحقق المصلحة بحسب الناس وحجم القضية، وخلاصة الأمر أن عقوبة شهادة الزور ليس لها حدّ شرعي معين في الإسلام، بل يعود الأمر للقاضي بما يراه مناسبًا في تحقيق ردع شاهد الزور وتحذير الناس منه، أما عقوبة شهادة الزور في الآخرة فإن مات شاهد الزور ولم يتب عن شهادته فإنه يعذب في نار جهنم بقدر جرمه وكذبه، وأنه يكتب عند الله كذابا، وذلك لحديث نبينا صلى الله عليه وسلم [إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ كَذّابًا].

كفّارة شهادة الزور وكيفية التوبة منها

شهادة الزور هي واحدة من أكبر الكبائر ولا بد لفاعلها من التوبة، فإذا كنت قد شهدت زورًا في حياتك وندمت على ما فعلت وأردت أن تكفر عن خطئك هذا ولا تعلم كيف، فاعلم أنه ليس لشهادة الزور كفارة إلا التوبة وإرجاع الحقوق إلى أهلها إذا ترتب على شهادتك الزور أخذ حقوق الآخرين، فإذا شهدت زورًا في قضية ما وترتب عليها أخذ حقوق شخص آخر، فإن عليك أن ترد حق الشخص إليه، وإن لم تستطع فيلزمك أن تذهب إلى المحكمة وتكذّب نفسك هنالك وتتحمل ما يترتب عليك بسبب معصيتك، وبذلك يرجع الحق إلى أهله، ويلزمك أيضًا التوبة النصوحة، وللتوبة شروط لا تصح إلا بها وهي؛ الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليها.

خطورة شهادة الزور

شدد الله تعالى في التحذير من شهادة الزور لما يترتب عليها من عواقب وخيمة تعود على الفرد والمجتمع بالضرر الكبير، ومن عواقب شهادة الزور:

  • تضليل الحاكم عن الحق والتسبب في الحكم الباطل؛ وذلك لأنّ الحُكم يبنى على عدة أمور منها أن البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر، فإذا كانت البينة كذب أثرت على الحكم.
  • ظلم المشهود له؛ وذلك لأن شهادة الزور ساقت إليه ما ليس من حقه، فوجبت له النار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنَّما أنَا بَشَرٌ، وإنَّه يَأْتِينِي الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضًا أنْ يَكونَ أبْلَغَ مِن بَعْضٍ أقْضِي له بذلكَ، وأَحْسِبُ أنَّه صَادِقٌ، فمَن قَضَيْتُ له بحَقِّ مُسْلِمٍ فإنَّما هي قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أوْ لِيَدَعْهَا] .
  • ظلمٌ لمن شُهد عليه، إذ أُخذ ماله وحقه بشهادة الزور، واحذر من دعوة المظلوم فهي مستجابة لا ترد وليس بينها وبين الله حجاب.
  • تخليص المجرمين من عقوبة الجريمة بشهادة الزور يسبب رغبة في ارتكاب الجرائم متكلين على وجود من يشهد الزور لصالحهم، وهذا يؤدي إلى فساد المجتمع وزعزعة استقراره.
  • انتهاك المحرمات وأكل الأموال بالباطل، ويكون الحاكم والمحكوم عليه بالباطل خصماء لشاهد الزور يوم القيامة أمام الله.
  • تزكية المشهود له بالزور وهو ليس أهلًا لذلك، وجرح المشهود عليه بالباطل، وهذا من الظلم إذ فيه ظلم للإنسان.
  • القول في دين الله بغير حق وبغير علم، وذلك من أعظم الفتن ومن أخطر أسباب الصد عن سبيل الله، ومن أفحش عوامل الضلال للناس، وهو أيضًا من الجرأة على الله، ومن الأدلة على جهل شاهد الزور خصوصًا إذا تبين له الحق ولم يرجع إليه.

مَعْلُومَة

الفرق بين قول الزور وشهادة الزور أن قول الزور أعَمّ وشهادة الزور أخَصّ، فقول الزور يشمل شهادة الزور وغير الشهادة وهو الكذب، وقول الزور هو الكذب كون الشخص يكذب على الناس؛ كأن يقول حدث كذا وكذا، أو بعت كذا وكذا، أو سافر فلان أو قدم فلان وهو يكذب، ونحو ذلك من الكذب، أما شهادة الزور تكون بشهادة الشخص لشخص آخر وهو يكذب، كأن يشهد لشخص ما أنه باع كذا أو اشترى كذا أو أن عليه دين لكذا أو أن عنده مال لفلان، أي أن يشهد بشيء وهو يكذب، فكل هذا يعد من شهادة الزور، قال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}، فاجتنب قول الزور وشهادة الزور حتى لا توقع نفسك في المحظور.

السابق
من هو لوط
التالي
أعراض قصور الغدة الدرقية وعلاجه

اترك تعليقاً