اسلاميات

من هو لوط

من هو لوط؟

هو نبي الله لوط بن هارون بن تارح، وتارح هو آزر عليه السلام، وعمه نبي الله الخليل إبراهيم عليه السلام، وقد ذُكر في جميع الكُتب السماوية، وتم ذكره في القرآن الكريم 25 مرة في مواضيع وسور مُختلفة. أشهر ما ذُكر عن النبي لوط هو قصة الملائكة الذي نزلوا لإخباره بعذاب قومه، وقبل قدومهم إليه ذهبوا لعمه النبي إبراهيم عليه السلام وبشروه بقدوم صبي له وهو النبي إسحاق عليه السلام، وحينما وصل الملائكة إليه حاول قومه الدخول لبيته والقيام بأعمالهم الفاحشة والقذرة مع الملائكة ظانين بأنهم بشر، فنهاهم لوط عليه السلام وعرض عليهم الزواج ببناته أو النساء عمومًا، ولكن بعد إصرار قومه على فعل الفواحش والبُعد عن الدين والحق، أسر الملائكة لنبي الله لوط أن يخرج من القرية خفية دون امرأته، ووقع العذاب بقرى سدوم وأصبحوا نسيًا منسيًا.

قصة لوط في القرآن

قصةقوم لوط في القرآن من أكثر القصص التي شُرحت بالتفصيل، والهدف من ذلك بيان سنة الله بالتعامل مع العصاة والظلمة، وقد تكرر سرد قصة قوم لوط في عدة سور قرآنية وهي: الأعراف، هود، الحِجر، الأنبياء، الشعراء، النمل، العنكبوت، الصافات، والقمر. وقد سُردت بالتفصيل ببعضها وبالاختصار بالبعض الآخر، وفي كُل سورة كان هناك دلالات وإيحاءات مُختلفة عن الأخرى من أجل توصيل الموعظة للناس. الجدير بالذكر أن أحداث قصة قوم لوط جرت في منطقة سدوم التي هاجر إليها سيدنا لوط، وبعدما استقر بها وجد القوم بعيدين كُل البُعد عن الله، ويقومون بفواحش لم يسبق أن قامت بها أي أمة من قبل، فبدء لوط عليه السلام بدعوته لهم وتُبين الآية الكريمة ذلك {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}، ثم أخبرهم بأنه نبي من الله سبحانه وتعالى وأنه لا يسألهم أجرًا أو جاهًا مقابل دعوته لهم، ثم نهاهم عمّا كانوا يفعلون من فواحش ومُنكرات فقد قال لهم {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ}، ولكن قوم سدوم واجهوا دعوته هذه بالاستخفاف والاستهزاء والنُكات، وتطورت مواجهتهم لنبي الله لوط بالتهديد والوعيد له كما ذكرت الآية الكريمة التالية: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، أي أنهم أصروا على المُجاهرة بالمعاصي.

الإنكار الشديد

تطور موقف قوم لوط واستمروا بالمجاهرة بالمعاصي والفواحش وتحدوا لوط عليه السلام، مما دعاه لإنكار عملهم بشدة والبغض الشديد تجاه كل ما يقومون به {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ}، {رَبِّ نَجِّنِى وَأَهْلِى مِمَّا يَعْمَلُونَ}، ولكن لوط عليه السلام لم ييأس من الدعوة، وأصر عليهم وحثهم على ترك هذه الفواحش وطلب منهم بأن يتزوجوا من النساء وأن يتركوا الفواحش التي يقوموا بها مع الرجال تحقيقًا للطبيعة البشرية التي خلقهم الله بها، ولكنهم قالوا له أنهم لا يشتهون النساء ولم يتركوا هذه العادة {قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّۢ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ}[، والمصيبة أن هذا العمل قاد النساء لفعل الفاحشة مع بعضهن البعض كما الرجال أيضًا.

عذاب قوم لوط

لبث نبي الله لوط في قومه قرابة 30 عام وهو يدعوهم لله تعالى، ولكن هذه الدعوة زادتهم عنادًا وتجبر وقسوة، لدرجة أنهم أصدروا قرارًا بطرد نبي الله من ديارهم، والسبب أن لوط وأهله كانوا أُناس يتطهرون! كما ورد في قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}، وبل زادتهم خطاياهم واتسعت دائرة شذوذهم بشكل أكبر. تأكد نبي الله لوط بأن قوم سدوم لن يصلح حالهم، وفي هذا الوقت نزلت ملائكة من السماء زارت نبي الله إبراهيم عليه السلام وأخبرته بهلاك قوم سدوم، ودارت بينهم قصة ذكرها القرآن الكريم. وبعد ذلك حضرت الملائكة التي أرسلهم الله تعالى للوط عليه السلام، وأصر الملائكة على الدخول للقرية رُغم خوف لوط عليه السلام من قومه وأن يمسوهم بسوء، إذ دعاهم لوط عليه السلام للدخول لبيته خِلسة دون أن يراهم أحد، ولما علم القوم بوجودهم سارعوا لبيته للقيام بالفاحشة مع الضيوف، ولما وصلوا لبيته وقرعوا الباب رفض دخولهم، ولكنهم أصروا على الدخول والقيام بالفاحشة. خرج لوط عليه السلام مع بناته وممن آمنوا معه من قومه إلا زوجته، وأخبر جبريل عليه السلام لوط أن موعدهم الصباح في العذاب، وفي الصباح رفع جبريل عليه السلام قُراهم وأُمطر من السماء حجارة قاتلة لهم.

قد يُهِمَُكَ: مكان قوم لوط

حضارتي سدوم وعمورة أو قوم لوط كاللفظ القرآني هو مكان تواجُد النبي لوط عليه السلام والمكان الذي نزل فيه العذاب والدمار على القوم الذين دعاهم للإسلام، وفي السنوات الماضية أثبتت الدراسات والبحوث وجود انفجار سماوي هائل أزال مُدن وقُرى ومستوطنات زراعية شمال البحر الميت حوالي عام 3700 قبل الميلاد، وقد استُخدمت تقنية التأريخ بالكربون المُشع وفق أحد الباحثين الرئيسيين فيليب سيلفيا عالم الآثار من جامعة ترينيتي ساوث وست البريطانية، وهذا الكربون يتم إضافة المعادن التي اكتشفوها والتي تبلورت عند درجات حرارة عالية، وهذه المعادن جاءت من انفجار هائل ناجم عن نيزك تفجر على قُطر 25 كم في منطقة الغور الأوسط وفق قولهم، ولكن القرآن الكريم أثبت أن هذه القرى والمُدن حصل فيها العذاب وفق الآية.

وقد أثبتت الحفريات والبحوث التي قاربت الخمسة في غور الأرْدُنّ أن هذه المناطق كانت مسكونة وحدث انهيار مُفاجئ للحضارة في نهاية العصر البرونزي بما لا يقل عن 2500 عام، وقد حددت الدراسات الاستقصائية حوالي 120 مستوطنة كانت موجودة في تلك المنطقة، وأن حوالي 40-65 ألف شخص كانوا يعيشون في تلك المنطقة قبل حدوث الانهيار المفاجئ واختفائهم من الوجود. تُشير الحفريات كذلك بأن الجدران الطينية والهياكل اختفت كُلها قبل حوالي 3700 عام تاركة الحجارة والأساسات فقط، بجانب بعض القطع الفخارية، وقال علماء الآثار بعد حوالي 13 عام من التنقيب أن هنالك رياح قوية هبت على المنطقة تسببت بتكوين حبيبات معدنية صغيرة كُرَوِيّة تشكلت على التلال المجاورة خاصة تل الحمام.

السابق
من اسهامات علم الفراسة في الفن الأوروبي
التالي
ما هي شهادة الزور

اترك تعليقاً