القرآن الكريم

تعريف سورة عبس

القرآن الكريم

القرآن الكريم معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الخالدة، يعد دليل صدقه وصدق رسالته عليه السلام، وهو دليل للأمة جمعاء يدعوها إلى الرشد والسعادة في الدنيا والآخرة، فالقرآن الكريم علاج وسكينة للنفس؛ لا سيما إذا كانت قراءة تدبر وتفكر وفهم لمعاني الآيات ومدلول الكلمات، إضافة إلى معرفة أسباب نزول بعض السور التي تعين القارئ على الفهم الصحيح والتدبر في المغزى المطلوب من وراء هذه الآيات، وفي هذا المقال سنبين تعريف بسورة عبس، وسبب نزولها، وما فيها من عبر.

سورة عبس

سورة عبس سورة مكية نزلت قبل الهجرة النبوية للمدينة، تُعد من قصار السور، تقع في الجزء الثلاثين من المصحف الشريف في الحزب التاسع والخمسين، وهي السورة رقم 80 في ترتيب المصحف، وعدد آياتها 42 آية، وعدد كلماتها 133 كلمة، وحروفها 538 حرف، ترتيبها الزمني للنزول بعد سورة النجم، وترتيبها في المصحف بعد سورة النازعات وقبل سورة التكوير، تتمتع السورة بقصر آياتها وسهولة حفظها، كانت السورة بمثابة خطاب لأهل مكة، وبدأت بعتاب للنبي محمد عليه السلام، وتحمل سورة عبس الكثير من المضامين والمعاني القرآنية العظيمة؛ منها ما يأتي:

  • جاء الإسلام للناس كافة؛ ولم يضع فروقًا بين الناس إلا بالتقوى، وهم سواسية في تبليغ الدعوة وحصولهم على الهداية والمعرفة.
  • جميع آيات القرآن الكريم موعظة وفيها تذكير بنعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، وهذه التذكرة وصفتها سورة عبس أنها واضحة ميسرة يمكن للعقل إدراكها وفهمها، وأنها محفوظة في صحف مكرمة عند الله تعالى لا يمسها الشياطين والكفار، تحفظها الملائكة الذين يفعلون ما يؤمرون به، فهم كرام على ربهم لا يعصون الله أبدًا.
  • ذكرت الآيات في سورة عبس بعض النعم التي سخرها الله تعالى للإنسان ويحتاجها في حياته؛ نزول الماء الذي هو أساس الحياة، وتشقق الأرض لتخرج ما لذ وطاب من النباتات مختلفة الأصناف والأنواع، كالحنطة، والزيتون، والنخيل، والفواكه، جميعها أوجدها الله تعالى للإنسان ليسعد بها في حياته ويذكر الله ويشكره عليها.
  • تعرضت بعض الآيات من سورة عبس لذكر أهوال يوم القيامة التي تفزع منها القلوب، وبينت أحوال الناس بين الشقاء والسعادة، فالسعيد من حسن عمله في الحياة الدنيا فيأتي يوم القيامة مشرق الوجه ينعم بما أعده الله له من نعيم أبدي مقيم، أما الشقي من خبث عمله ويأتي مسودًا مغبر الوجه من سوء ما بشر به من وعيد وعذاب أليم.

سبب نزول سورة عبس

نزلت سورة عبس في عبد الله بن أم مكتوم، وهو الصحابي عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي، عندما أقبل على النبي عليه السلام وهو منشغل بدعوة كبار وأعيان المشركين من قريش للإسلام وعبادة الله وحده لا شريك له؛ وهم عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأبيًّا وأمية ابني خلف، إذ أقبل ابن أم مكتوم يسأل النبي عليه السلام أن يعلمه ويقرأ عليه من القرآن الكريم، فصدّ عنه النبي ملتفتًا لمن كان يدعوهم من كبار قريش، وظل ابن أم مكتوم يكرر السؤال والنداء على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم أن النبي منشغل بغيره من أهل قريش، فعبس النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه لأنه لم يتفهم انشغال النبي في هذا الوقت، فنزلت سورة عبس كاملة يعاتب فيها الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على عبوسه في وجه الصحابي ابن أم مكتوم، فبدأت السورة بقوله تعالى:{عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عبس: 1-2]، ومن حينها والنبي عليه السلام يكرمه ويتلطف معه ويقول عند رؤيته مرحبا بمن عاتبني فيه ربي.

فوائد وعبر من سورة عبس

جاءت سورة عبس بباقة جميلة طيبة من الفوائد والعبر؛ وهي كالآتي:

  • صدق دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهي دعوة صادقة صافية واضحة لا تشوبها شائبة، كلها نور وهداية وموعظة وبشرى للمتقين، فكان النبي عليه السلام شديد الحرص على أن يبلغ الرسالة للجمع خشية عليهم من النار.
  • التلطف مع العباد في نصحهم وتبليغهم كلام الله، والبعد عن العنف والتخريب حتى وإن كان من باب نشر الدين، فالدين الإسلامي ينتشر بالهداية والمحبة والقدوة الحسنة.
  • الإسلام نور وهداية، والدعوة إلى الله وإخراج الناس من الظلمات إلى النور هو نهج الأنبياء والمرسلين الذين كانت دعوتهم واضحة بينة أمام الجميع لا خفية فيها ولا غموض.
  • عتاب الله تعالى للنبي عليه السلام لانشغاله عن الصحابي الأعمى، لاعتقاد النبي الكريم أن هؤلاء القوم أهم وأنفع للإسلام من ذاك الأعمى، فجاء العتاب من باب الحرص على مشاعر الرجل الأعمى والتأكيد على أن لا يترك المسلم أمرًا معلومًا لأمرٍ موهومٍ، ومصلحة متحققة حاصلة لمصلحة مرجوة غير متحققة، والإقبال على طالب العلم والحرص عليه مهما دنا شأنه.
  • العمى الحقيقي هو عمى البصيرة وليس عمى البصر، فذلك الرجل الأعمى الذي فقد بصره جاء يريد أن يبصر الحق وينهل منه، ومن أعرض عن الحق يريد الدنيا هو الأعمى الحقيقي لأنه فقد بصيرته وضل طريقه.
  • العناية والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة الذين منهم ابن أم مكتوم، وإظهار العطف والتلطف لهم والبعد عن العبوس والإعراض عنهم.
  • عدالة الإسلام في التعامل مع البشر كافة وهدايتهم، فليس الغني بأحق من الفقير في الدعوة والاهتمام، وليس الصحيح بأولى من السقيم ولا الشريف أحق بالدعوة والهداية من الوضيع؛ لأن الإسلام جاء للناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور.

 

السابق
أعراض خمول الغدة الدرقية
التالي
أسباب ضعف عضلات الجسم

اترك تعليقاً