القرآن الكريم

سبب تسمية سورة الأعراف

سور القرآن الكريم

تختلف سُوَر القرآن الكريم من حيث طولها ومقاصدها ومكان نزولها على سيدنا محمد عليه السلام في المدينة المنورة أو مكة المكرمة، فتصبح بذلك سورة مدنية أو سور مكية، ويمكن تمييز كلّ منهما أيضًا من خلال المواضيع التي تتناولها السورة، فنجد ما يروي قصص الغابرين وأمور العقيدة والإيمان وظلم الكافرين أنفسهم وأحوال الأمم السابقة وغيرها الكثير من شؤون الحياة والدين، ومن شؤون الآخرة التي أثارت فضول الكثير من علماء الدين وغيرهم من المسلمين هي ماهية يوم القيامة والحساب وتبعًا لها الخلود في الجنة أو النار، ولم يكن المسلم ليعلم أكثر مما أتى به القرآن الكريم، ومن ضمن السُوَر التي تناولت أحوال الناس يوم القيامة هي سورة الأعراف، وفي هذا المقال بيان سبب تسميتها بهذا الاسم ومقاصدها وكيف وصفت آياتها صفات أهل الأعراف وحالهم يوم القيامة.

تسمية سورة الأعراف

يبلُغ عدد آيات سورة الأعراف 206 آيات، وبهذا تعد من السُوَر السبعة الطوال، وتأتي في الجزء التاسع من أجزاء القرآن الكريم، وجاء في هذه السورة ذكر قصص الأنبياء منذ خلق آدم عليه السلام، وبينت أيضًا عدوانية الشياطين للإنسان منذ خلق سيدنا آدم عليه السلام وأمر الله تعالى الملائكة بالسجود له، ورفض االشيطان السجود لسيدنا آدم عليه السلام، ومنذ ذلك الوقت بقي الشيطان يوسوس ويكيد للإنسان حتى جعله ينحرف عن الطريق المستقيم وعن منهج الله عز وجل، أما فيما يتعلق بتسميتها فنجد أنَّ فيها ذِكْرًا للأعراف؛ وهو سور يفصل بين الجنة والنار، وجاء وصفه في سورة الأعراف في قوله تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ}، يسير أهل الأعراف على هذا السور الفاصل يوم القيامة، وهم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم فلم يُحدَد مصيرهم بدخولهم الجنة أم النار.

مقاصد سورة الأعراف

توجد أسماء عديدة لهذه السورة أشهرها الأعراف، إذ تعد ثالث أطول سورة بعد سورة البقرة والنساء، والمقصد منها هو الحفاظ على توحيد الله تعالى والإجماع على الخير والنهي عن المنكر والشر، ووصف ما أعده الله تعالى للمؤمنين، والتذكير بالدارين؛ دار الدنيا ودار الآخرة، ومن مقاصد هذه السورة ما يأتي:

  • الله تعالى هو العالم بغيب الدنيا والآخرة، فلا قدرة لنا على معرفة الغيب أو حتى التنبؤ به، وفي ذِكْر الله لأحداث قيام الساعة والجنة والنار مقصد وغاية يجب التنبه لها، وهي عمل الخير والإيمان بالله قبل فوات الآوان، لذلك جاءت سورة الأعراف لتنبيه العباد وصرِف نظرهم إلى الآخرة والمصير الذي يؤول إليه العبد كحصيلة لعمله في الحياة الدُنيا.
  • التنبيه للابتلاء في السّراء والضراء، ففي الضراء يلجأ العبد إلى الله تعالى؛ وذلك لإدراكه مدى ضعفه وحاجته إلى الرحمة والعافية والنجاة، أما السّراء فقد تكون بفرط الرزق والصحة الجيدة والراحة والسلطة، فيغتر العبد بما لديه وينسى ذكر الله، وبهذا إمّا يبتليه الله بضراء فيتذكر بذلك ضعفه وحقيقة الحياة الدنيا، وإما يأخذه غفلة فلا يجد بعد ذلك سبيلًا إلى الدنيا ليُحسن فيها العمل.
  • من مقاصد سورة الأعراف التفصيلية الإشارة إلى حقيقة البعث والحياة ما بعد الموت وضرورة الإيمان بالله وتوحيده وعدم الشرك به، وبيان أنَّ ذلك هو السبيل الوحيد للنجاة، وأتت الآيات أيضًا على ذِكْر ضرورة الإيمان بالأنبياء وصدْق رسالتهم.
  • إقرار الآيات الكريمة بأنَّ الأرض في زوال، ولهذا استنكرت على من ملّكهم الله في الأرض أن يتنازعوا على امتلاكها ويفسدوا فيها، فهي لله، والأصل أن يتوارثها الناس أقوام عديدة ولا ملك لأحد فيها، كما جاءت على ذكر الأمم المستضعفة ودعتهم إلى الإيمان بقدرة الله وقوته، فلا يمكّن الله الظالمين في الأرض ولكن يمهلهم أجلًا.
  • دعت الآيات في سورة الأعراف إلى التفكّر والنظر في الكون بكلّ ما فيه، والنظر إلى الخلق وعظيم صنع الله فيه، ففي الكثير من المواضع نجد آيات القرآن الكريم تحثّ الإنسان على إعمال العقل والتساؤل، فيعلم الله تعالى أن المتفكّرين سيتوصلون إلى حقيقة الوجود والغاية منه، وأنّه ليس من المعقول أن يكون الكون قد أوجد نفسه كما يدّعي منكرو وجود الله.

 مصير أصحاب الأعراف

قيل بأن سبب حال أهل الأعراف وسبب وقوفهم في هذا الموقف أنهم أناس تساوت سيئاتهم مع حسناتهم، فمنعتهم سيئاتهم من دخول الجنة وأيضًا منعتهم حسناتهم من دخول النار، وحسبما جاء في الآيات الكريمة فإنَّ أهل الأعراف يَرون أهل الجنة وأهل النار، فيطمعون في دخول الجنة ويستعيذون بالله من دخول النّار، وفي يوم القيامة وبعد أن يحاسب الله تعالى الناس على أعمالهم، منهم من يدخل الجنة ويتنعم بنعيمها، ومنهم من يدخل النار فيعذب بعذاب شديد، ويضرب الله تعالى بين الجنة والنار بسور يسمى الأعراف، فتوجد مجموعة من الناس ينتظرون حكم الله تعالى عليهم، فإذا صرفت أبصارهم نحو أهل الجنة رأوا حال أهلها ونعيمها وسعادتهم فيها، وإذا صرفت أبصارهم نحو النار رأوا ما يصيبهم من النكال والعذاب فيها، ويقول ابن مسعود في هذا الشأن أنَّ الله تعالى يُعطي العباد نورًا يوم القيامة يسيرون به ويهديهم للطريق، وعند عبورهم الصراط يأخذ الله تعالى نور المنافقين، ويُبقي نور أهل الجنة وأهل الأعراف، وبهذا النور يأمَل أهل الأعراف دخول الجنة ويطمعون بها، فيدخلهم الله الجنة كما جاء في قول الله عز وجل: {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ}.

أصناف أهل الأعراف

مصير أهل الأعراف على الأرجح بأن الله تعالى سوف يمنّ عليهم بفضله وكرمه فيدخلهم الجنة، ولم يجعل الله تعالى الطمع في نفوس هؤلاء الأشخاص من دخول الجنة إلا ليحقق رجاءهم، كقول الله عز وجل: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}، أما أصناف أهل الأعراف كما قيل:

  • هم قوم صالحون من العلماء والفقهاء.
  • هم فضلاء الشهداء والمؤمنين الذين فرغوا من شغل أنفسهم لمطالعة أحوال الناس.
  • هم الذين خرجوا للجهاد في سبيل الله دون إذن آبائهم.
  • هم مساكين أهل الجنة.
  • هم أهل الفترة التي لم يكن فيها نبيًا أو رسولًا.
  • هم أطفال المشركين.
السابق
الاصل البخيل هو
التالي
من هي سناء مبتسم ويكيبيديا

اترك تعليقاً