القرآن الكريم

سبب نزول سورة الكافرون باختصار

ما سبب نزول سورة الكافرون؟

نزلت سورة الكافرون في رهطٍ من مشركي قريش، إذ قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم أنّهم سيعبدون الله مُقابل أن يُشاركهم الرّسول في عبادة آلتهم الباطلة، كما بيّنت بعض الأقاويل أنّ الكُفار وعدوه بأن يصبح أغنى رجل في مكّة، وأن يزوّجوه لمن أراد من النّساء، بشرط أن يعبد آلهتهم ويكفّ عن شتمها لمدّة سنةٍ كاملة، فنزلت سورة الكافرون تقطع وتنفي كل تلك المفاوضات التي لا تؤدّي إلى توحيد الله عزّ وجل، ووردت أقوال وتفاصيل عدّة لعلماء الدّين في سبب النزول، وبالرّغم من أنّ إسنادها ضعيف، إلا أنّها تتقوّى بإجماع أقاويل العلماء والصّحابة عليها، نذكر لك بعضًا منها:

  • قال السيوطيّ رحمه الله: “أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن وهب قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : إن سرك أن نتبعك عامًا وترجع إلى ديننا عامًا، فأنزل الله : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} إلى آخر السورة”.
  • قال ابن جرير الطبري رحمه الله: “يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم – وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة، على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة”.
  • وقال سعيد بن مينا مولى البَختري: “لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، وأميَّة بن خلف، رسولَ الله، فقالوا : يا محمد! هلمّ فلنعبد ما تعبد، وتعبدْ ما نعبد، ونُشركك في أمرنا كله، فإن كان الذي جئت به خيرًا مما بأيدينا كنا قد شَرِكناك فيه، وأخذنا بحظنا منه؛ وإن كان الذي بأيدينا خيرًا مما في يديك كنت قد شَرِكتنا في أمرنا، وأخذت منه بحظك، فأنزل الله: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حتى انقضت السورة”.

تأملات في سورة الكافرون

نزلت سورة الكافرون بمنهج مُعيّن، وعلى كلّ مُسلم ومُسلمة اتّباعه في حياته، فإمّا أن تتبّع رسول الله محمدًا، وإمّا أن تتبع السبيل الحرام، لأنّ الله تعالى يغضب على من يتّخذ من دون الله نِدًا، فاستنتج العُلماء من سورة الكافرون عدّة تأملات منها اتباع المنهج الحق الذي أتى من الله سبحانه وتعالى ووجوب اتباع نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلّم، كما أنّ السورة وضّحت أنواع الكفر وقسّمتها إلى جزئين:

  • الكُفر الأكبر: والكفر الأكبر يُخرج صاحبه من الملّة، وقُسّم إلى خمسة أقسام كما يلي:
  • كُفر التكذيب: قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}.
  • كُفر الاستكبار على التّصديق والإباء: قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.
  • كُفر الشّك والظّن بالله: قال تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا}.
  • كفر الإعراض: قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}.
  • كُفر النّفاق: قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}.
  • الكُفر الأصغر: وهو الكُفر الذي لا يُخرج المسلم من الملّة، كالذّنوب التي ذكرتها السُنة النبوية الشريفة والقرآن الكريم على أنّها كُفرًا، مثل قوله تعالى في سورة النّحل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّه}، ومثل قتال المسلم ويدلّ على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ]، ومثل الحلف بغير الله تعالى، فقال عليه الصلاة والسلام: [مَن حلَف بغيرِ اللهِ فقد كفرَ أو أشركَ].

قد يُهِمُّكَ: أسماء سورة الكافرون وفضلها

سُميّت سورة الكافرون بعدّة أسماء؛ كسورة الإخلاص، وسورة المنابذة، وسورة المقشقشة،ففيها أمرنا الله تعالى بالبُعد عن المُحرّمات والتقرّب من المأمورات، ومن فضائل سورة الكافرون ما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة:

  • قال صلّى الله عليه وسلّم: [إِذَا زُلْزلَتُ تَعدِلُ نصفَ القُرآنِ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبْعَ القُرْآنَ، وَ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنَ]، وهذا دليل من السُنّة الشّريفة على أنّ فضل قراءة سورة الكافرون تعدل قراءة رُبع القرآن الكريم.
  • وروي عن فروة بن نوفل رضي الله عنه: [أنَّهُ أتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ علِّمني شيئًا أقولُهُ إذا أوَيتُ إلى فِراشي ، فقالَ : اقرأ : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فإنَّها براءةٌ منَ الشِّركِ قالَ شُعبةُ : أحيانًا يقولُ مرَّةً وأحيانًا لا يقولُها]، ويعني هذا أن قراءة سورة الكافرون قبل النوم تُسلمك من الشرك بالله تعالى.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قرأَ في رَكعتيِ الفجرِ قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ]، يبيّن هذا الحديث فضل قراءة سورة الكافرون في ركعتي صلاة الفجر، فهذا ما كان يفعله الرسول عليه الصلاة والسلام.
  • عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: [كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ ( نِعم السُّورتانِ هما تُقرَآنِ في الرَّكعتَيْنِ قبْلَ الفجرِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
السابق
خصائص وصفات السور المكية
التالي
شرح سورة الكهف باختصار

اترك تعليقاً